رغم توسع البنوك فى رقمنة جميع خدماتها المصرفية، فإنها لا تزال مستمرة فى تدشين الفروع التقليدية ومواصلة انتشارها الجغرافي، بحسب ما قال مصرفيون فى تصريحات خاصة لـ”المال”.
وأضافوا أن فروع البنوك الحالية لم تكن كافية بالقدر الذى يناسب الزيادة السكنية وتضخم الكثافة المصرفية، وبالتالى سيكون من الصعب الاعتماد على الخدمات الإلكترونية فى سد هذه الفجوة خلال الفترة الراهنة.
وأشاروا إلى أنه فى حال وصول البنوك إلى تحقيق الشمول المالى بنسب تتخطى %80، عندئذ سيصل القطاع إلى نقطة الصفر فيما يتعلق بالفروع التقليدية، وسيعتمد بشكل أكبر على تقديم الخدمات إلكترونيًا، فيما ستقوم الفروع بدور توعوى للتعريف بأهمية التعامل مع القطاع المصرفي، بالإضافة إلى تقديم الخدمات المصرفية للشركات الكبرى.
قال أحمد صبري، رئيس قطاع الشمول المالى بالبنك العربي، إن التحول الرقمى السريع الذى يشهده القطاع المصرفى يسير بشكل متوازٍ مع التوسع فى الفروع التلقيدية، لأنه ببساطة لاتزال الكثافة المصرفية تشهد تضخمًا كبيرا، كما أن الفروع التقليدية غير قادرة على تغطية الزيادة الكبيرة فى حجم المتعاملين ، مشيرًا إلى عدد الفروع بالقطاع لم يتجاوز 4500 مقارنة مع أكثر من 100 مليون مواطن، وأكبر من 40 مليون عميل فى السوق المصرية.
وأشار إلى إن الطفرة الرقمية التى نشهدها حاليا خاصة مع حصول 5 بنوك بالقطاع المصرفى على رخصة بنك رقمى إلى جانب السماح بفتح الحسابات عن بعد وتفعيل خدمة الادخار والإقراض عبر محفظة الهاتف المحمول وغيرها من الخدمات الإلكترونية، كلها تؤكد مدى النشاط الكبير الذى تشهده عملية التحول الرقمى بالقطاع المصرفى المصري.
وأوضح أن عدد المتعاملين مع القطاع المصرفى مازال فى مستوى أقل من النسب التى تطمح إليها البنوك، حيث تقدر نسبة المتعاملين مع القطاع بنحو %50 فقط، وهى نسبة أقل من العالمية، وبالتالى ستستمر فى تعزيز تواجدها داخل محافظات مصر عبر الفروع التقليدية جنبا إلى جنب مع التوسع فى الخدمات المصرفية الرقمية.
وأوضح أن البنوك ستتجه إلى تقليل انتشارها الجغرافى عندما تصل إلى مرحلة إشباع أو تغطية السوق والوصول بنسب الشمول المالى إلى %80، وإثبات جدارة ونجاح عملية التحول الرقمى والتأكد من كونة آمن للمواطن والمؤسسة المصرفية، مؤكدًا أن التعامل المباشر مع العملاء من خلال الفروع سيتستمر ولكن ستكون له وظائف جديدة تقوم على توعية الأفراد بشكل أكبر.
وكان إيهاب نصر، وكيل المحافظ المساعد لقطاع العمليات المصرفية ونظم الدفع بالبنك المركزي، قد قال فى تصريحات سابقة لـ”المال” إن “المركزي” يعمل على إعداد القواعد الخاصة بالبنوك الرقمية والبنوك الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأن هناك 5 بنوك تسعى لتدشين بنوك رقمية فى الوقت الحالي.
وأضاف وكيل المحافظ المساعد لقطاع العمليات المصرفية ونظم الدفع بالبنك المركزى المصري، أن البنك المركزى والقطاع المصرفى أنفقا نحو 8 مليارات جنيه لتشجيع المعاملات الإلكترونية خلال جائحة فيروس كورونا، بما أسهم فى رفع العبء عن المواطنين وموظفى القطاع.
وأوضح أن البنك المركزى أخذ على عاتقه إطلاق العديد من المبادرات لنشر الخدمات الرقمية مثل مبادرة نشر ماكينات نقاط البيع POS، مع تحمل البنك المركزى التكلفة بالنيابة عن البنوك، والموافقة للبنوك على استخدام الدفع بالموبايل، وإتاحة خدمة QR code.
وفيما يخص الجانب العالمي، شهدت البنوك الأمريكية إقبالا استثنائيا على تطبيقاتها الإلكترونية على الإنترنت، ما دفعها إلى اتخاذ قرار بإغلاق العديد من فروعها والرهان على تحول كلى للعملاء إلى الاعتماد مستقبلا على المعاملات الرقمية.
ولجأت مصارف “ويلز فارجو”، و”جى بى مورجان”، و”سيتى جروب” إلى إغلاق نحو 250 فرعا خلال النصف الأول من العام الجاري، ما يوازى نحو 1 من كل 5 فروع لتلك البنوك المنتشرة فى الولايات المتحدة، بحسب تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز”.
قال وليد ناجي، نائب رئيس البنك العقارى المصري، إن الفروع التقليدية فى طريقها للزوال، لكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت، وقد لاحظنا تراجع عدد الفروع التقليدية خلال العشر سنوات الماضية فى أمريكا وأوروبا.
وأكد أن ارتفاع الكثافة المصرفية سيفرض على البنوك عدم التخلى عن الفروع التقليدية حالياً وإن كان التراجع عن تدشين فروع جديدة سيتم بشكل تدريجي، لاسيما أن البنوك تسعى فى الوقت الحالى إلى الانتشار داخل السوق المحلية لتغطية جميع العملاء، ومع تحقيق ذلك سنكون وصلنا إلى ما يعرف بـ”النقطة صفر”، وهى المرحلة التى ستبدأ فيها البنوك ترجيح الخدمات الرقمية المصرفية على حساب الفروع التقليدية.
وأوضح أن الكثافة المصرفية داخل السوق المحلية تقترب من 23 ألف عميل لكل وحدة مصرفية (فرع أو ATM)، مقارنة مع الدول المتقدمة، والتى تبلغ فيها 5 آلاف بعد أن اتخذت منذ فترة مسار تخفيف الفروع التقليدية.
وأشار إلى أنه كلما تعاظم دور الخدمات الإلكترونية المصرفية داخل السوق المحلية، انخفض دور الفروع التقليدية، ومن هنا تبدأ البنوك فى تقليل أعدادها، على أن يقتصر دورها فقط على الشركات الكبرى.
من ناحية أخرى، قال أيمن جمجوم، مدير الفروع بالبنك الأهلى المصرى، إن البنوك ستواصل التوسع فى انتشارها الجغرافى عبر الفروع التقليدية خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن التحول الرقمى ووصوله إلى كل شرائح المجتمع لن يتم إلا عبر الانتشار الجغرافى عبر الفروع التقليدية والتواجد بجانب العميل لتوعيته بالخدمات المصرفية الرقمية، وهذا لن يحدث عبر شبكة فروع البنوك المتواجدة بالوقت الراهن، بشكل خاص أن استراتيجية البنك المركزى المصرى تتمثل فى الوصول إلى كل شرائح المجتمع وجميع أنحاء مصر.
وأشار جمجوم إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين لا يتعاملون مع القطاع المصرفي، وتحتاج البنوك إلى جذب هؤلاء العملاء إلى القطاع الرسمى المصرفي، وذلك يكون فى المرحلة الراهنة عبر الانتشار عبر الفروع التقليدية التى يتم من خلالها تأهيل العملاء على المعاملات المصرفية والخدمات، إضافة إلى كسر حاجز عدم الثقة مع التعامل المصرفي، ثم فى المرحلة القادمة يتم تأهيل العملاء للتعامل مع البنوك الإلكترونية.
وأضاف أن بعض الدراسات العالمية تشير إلى أن عدد الفروع فى السوق المصرية يقل عن المستويات العالمية بما يزيد على 2500 فرع.