القطاع المصرفي والتأمين.. رؤية موضوعية

وائل بدران

2:11 ص, الأحد, 4 مارس 18

وائل بدران

وائل بدران

2:11 ص, الأحد, 4 مارس 18

بنظرة موضوعية فاحصة للعلاقات والارتباط الوثيق بين القطاع المصرفى وقطاع التأمين فى مصر نجد أن هذه العلاقة تمتد إلى زمن بعيد، وهذا الارتباط يقترب أو يتباعد بحسب الظروف الاقتصادية والمناخ الاستثمارى داخل الأسواق المختلفة ومنها السوق المصـــرية ولكن تظـــل فى كل الأحوال العلاقة قائمة، فنجد أن البنوك أحيانا قد أسست أوساهمت فى تأسيس شركات تأمين والعكس صحيح فقد أسست شركات التأمين أوساهمت فى تأسيس بنوك فى كثير من دول العالم ومنها مصـــــر.

وفى الوقـــت ذاته تمنح البنوك الائتمان لمختلف الأنشطة الصناعية والتجارية والسياحية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية بناء على دراسات ائتمانية لا يتسع المجال للحديث عنها ولكن فى أغلب الأحوال يكون أحد الشروط منح الائتمان هووثيقة التأمين، وكذلك تبرم شركات التأمين الكثير من العقود والتغطيات التأمينية بمختلف أنواعهــا لصالح البنوك وقد امتـــدت أواصر التعاون بين هذين القطاعين لدرجة أصبحت ظاهرة التأمين البنكى Bank assurance أحد الأهداف الإستراتيجية التى تسعى شركات التأمين لتحقيقها لاعتبارات عديدة منها المتعلق بالحجم الكبير المتوقع لأقساط التأمين فى بعض الأنواع، أولسهولة تسويقه عن طريق البنك فى بعض الأحيان دون الاحتياج لجهود وبرامج الترويج التقليدية والمكلفة فى بعض وسائلها المؤثرة، وقد يكون الهدف هو تحقيق حجم مبيعات معقول بتكلفة تسويقية منخفضة، خاصة أن شركات التأمين وبصفة خاصة فى السوق المصرية أصبحت تشكومن الارتفاع المستمر فى تكاليف التسويق، وخاصة مع التدنى المستمر فى أسعار الخدمات التأمينية وعمولات إعادة التأمين العالمية.

وبالرغم من هذه الصلة الوثيقة والمصالح المتشابكة والمتشعبة بين القطاع المصرفى وقطاع التأمين فلا يزال هناك حلقة مفقودة فى تلك المنظومة الاقتصادية العملاقة والتى باكتمال عقدها تعم الفائدة على كافة الأنشطة الاقتصادية، وبإمعان النظر فى المصالح المتشابكة والمشاركات السابقة المشار إليها بين القطاع المصرفى وقطاع التأمين فى مصر بصورها المختلفة نجد أن المحور الرئيسى لها هوالعملية الاستثمارية، فقد ساهمت البنوك فى تأسيس شركات تأمين لاستغلال الأموال الطائلة والمعطلة فى تحقيق حركة استثمارية فى ظروف اقتصادية ندرت فيها فرص الاستثمار المربح والآمن.

ومما لا شك فيه أنه مطلب مشروع، وقد ساهمت شركات التأمين فى تأسيس بنوك لنفس الغرض ولها ذات المشروعية، ولكن يبقى السؤال هل كان الغرض الأساسى لقيام النشاط المصرفى هو الاستثمار بغرض تحقيق المزيد من الأرباح حتى ولوكان مطلبا مشروعا لاستمرار وزيادة قدرة القطاع المصرفى للقيام بالدور الهام والحيوى الذى أنشئ من أجله ألا وهوتمويل الأنشطة المختلفة لأغراض متعددة للمساهمة فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وكذلك أنشئ قطاع التأمين لتغطية أخطار وتفتيتها وتوزيعها عن طريق منظومة متكاملة من الإجراءات، ومنها الاستثمار لحماية المقومات الاقتصادية لأى مجتمع لتحقيق المزيد من النموالاقتصادى للمجتمع، وهنا ينبغى تحليل الموقف برؤية موضوعية، فعلى الرغم من الشراكة طويلة الأمد بين قطاع التأمين فلا تزال اللغة السائدة بينهما هى لغة الاستثمار، والتى يقودها بجدارة القطاع المصرفى!

وأبسط صور التعاون المنشود والذى يحقق المشاركة الفعلية على سبيل المثال لا الحصر أن تكون التغطيات التأمينية أحد المواد الأساسية فى الدراسات الائتمانية للقطاع المصرفى وليس مجرد إجراء شكلى بغرض استكمال أوراق لمنح الائتمان، فطبيعة النشاط الاقتصادى تفرض التغطية التأمينية التى قد لا تناسب نشاطا اقتصاديا آخر وهذا الدور الحيوى والهام ليس أقدر على القيام به من شركات التأمين سواء كانوا شركاء أو مستشارين للقطاع المصرفى.