القطاع السياحى أبرز ضحايا مرسى

يشكك بعض خبراء فى تأثير القرارات التحفيزية التى يتم اتخاذها من قبل الحكومة

القطاع السياحى أبرز ضحايا مرسى
أحمد عاشور

أحمد عاشور

3:11 م, الأثنين, 1 أبريل 13

رغم التصريحات الإيجابية التى أدلت بها مؤسسات الدولة الرسمية لطمأنة القطاع السياحى قبل انتخابات الرئاسة فى يونيو من العام الماضي، لكن المتابع للقرارات التى تم اتخاذها مؤخراً، يكشف أنها تعكس تناقضاً واضحاً لتلك الوعود بدعم ذلك القطاع وأهم هذه القرارات إعلان الحكومة فى يناير الماضى عن رفع دعم السولار عن القطاع السياحى لتحصل عليه بسعر التكلفة من مايو المقبل، إلا أن وزير السياحة هشام زعزوع تقدم بطلب إلى مجلس الوزراء لتأجيل القرار إلى نوفمبر وهو ما لم يطبق حتى الآن.

وفى مؤشر آخر يتناقض والتصريحات التى أدلى بها رئيس الجمهورية فى أكثر من مناسبة وكان آخرها فى ألمانيا عندما تعهد بعدم المساس بحريات السائحين فى مصر، أعلن المهندس نبيل عباس، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية، أن الهيئة المسئولة عن منح تراخيص للمحال التجارية لن تجدد تراخيص محال بيع الخمور داخل المناطق السكنية فضلاً عن عدم منح أى تراخيص جديدة، وكان وزير الطيران وائل المعداوى فى تصريحات سابقة لـ«المال»، قال إن وزارة الطيران تدرس حظر بيع الخمور فى الأسواق الحرة بالمطارات ولم يحدد موعداً معيناً لإصدار القرار إلا أن العاملين بالقطاع السياحى أبدوا استياءهم من تطبيق القرار معتبرين أنه نذير شؤم للسياحة المصرية وحذروا من تفعيله.

ويشكك بعض خبراء القطاع السياحى فى تأثير القرارات التحفيزية التى يتم اتخاذها من قبل الحكومة من نوعية التعويل على السياحة القادمة من بعض الدول مثل الهند وآسيا ومنحها تأشيرات فورية وهو ما يتعارض مع الإحصائيات التى تؤكد أن الفئة التى يجب اجتذابها هى الأوروبيون والأمريكيون باعتبارهم الأكثر إنفاقاً وتوافداً على السوق قبل الثورة فضلاً عن تسيير رحلات سياحية من إيران إلى مصر مع قصرها على شرم الشيخ والغردقة.

ويرى آخرون أن إهمال القطاع السياحى كان أبرز الأسباب التى أدت إلى أزمة نقص العملات الأجنبية على اعتبار أن إيرادات القطاع تمثل نحو 30% من إجمالى الدخل الأجنبى للدولة سنويا.

القرارات التى اتخذتها الحكومة أثرت بشكل سلبى على القطاع

فيما قال عادل عبدالرازق، عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف السياحية، إن القرارات التى اتخذتها الحكومة على مدار الـ7 شهور الماضية أثرت بشكل سلبى على القطاع السياحى وتعارضت بوضوح مع الرسائل الإيجابية التى بعث بها الدكتور محمد مرسى لطمأنة المجتمع الدولى قبل تولى سدة الرئاسة.

واعتبر أن قرارات من نوعية رفع الدعم عن الوقود للمنشآت السياحية وزيادة أسعار المواد الغذائية التى تباع للفنادق فضلاً عن زيادة تحصيل ضريبة جمركية بواقع 20% على ما تستورده المنشآت السياحية من آلات ومعدات وأجهزة، فيما عدا سيارات الركوب، من شأنها زيادة معاناة القطاع بصورة كبيرة كما أن القرار الأخير من شأنه تعطيل إحلال وتجديد مفردات المنشآت السياحية ومنها الأثاث والآلات والمعدات والأجهزة فى الوقت الحالى ما ينذر بانهيار الاستثمارات السياحية.

كان الرئيس محمد مرسى قد أصدر الأسبوع الماضى قراراً جمهوريا، حمل رقم 184 لسنة 2013 بزيادة التعريفة الجمركية على 100 سلعة من السلع الاستهلاكية غير الضرورية ومنها تحصيل ضريبة جمركية بواقع 20% على مستوردات المنشآت السياحية، على أن تبدأ المنافذ الجمركية تطبيق القرار من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.

وأبدى عبدالرازق استياءه من قرار حظر إصدار تراخيص لمحال بيع الخمور فى المناطق السكنية الجديدة فضلاً عن دراسة وزارة الطيران منع بيعها فى الأسواق الحرة بجانب المطارات، مشيراً إلى أن قرارات من هذه النوعية تعتبر رسائل سلبية للمجتمع الدولى.

وأضاف عبدالرازق أن ما يزيد الأمر سوءًا هو انخفاض أعداد الوفود السياحية نظراً للتوترات الأمنية والسياسية خاصة من الأوروبيين القادمين من ألمانيا وإيطاليا وبلدان أخرى ما يضطر العاملين بالقطاع إلى تخفيض الأسعار لجذب السياح غير أن المستفيد من ذلك هم شرائح أخرى من السياح أهمهم السياح الروس وتابع أن توفير ثمن وجبتين فى روسيا يتيح لك الإقامة لمدة أسبوع كامل فى شرم الشيخ أو الغردقة شاملة الـ3 وجبات.

عادل عبدالرازق: القرارات التى يعتبرها النظام الحالى تحفيزية للقطاع تضره أكثر مما تنفعه

وأشار إلى أن القرارات التى يعتبرها النظام الحالى تحفيزية للقطاع السياحى، تضره أكثر مما تنفعه ومنها الترويج لفكرة الاعتماد على أنواع أخرى من السياحة بخلاف «الشاطئية» مثل السياحة العلاجية والثقافية وغيرهما مؤكداً أن 84% من السياحة حول العالم تعتمد على الشاطئية وذلك حسب إحصائيات منظمة السياحة العالمية، بالإضافة إلى عدم تنفيذ أى من التوصيات التى أرسلها الاتحاد للرئاسة متضمنة 18 فكرة لإنعاش القطاع رغم وعد مرسى له بدراستها.

ورغم أن البنك المركزى المصرى أصدر مؤخراً مبادرة لدعم القطاع السياحى وﺗﻘﻮم اﻟﺒﻨﻮك ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺪراﺳﺔ كل حالة ﻋﻠﻰ ﺣﺪة، واﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ من خلال ﻣﻨﺢ ﻓﺘﺮة ﺳﻤﺎح ﺑﺤﺪ أﻗﺼﻰ ﻋﺎم ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻪ، ﻳﺘﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺮﺣﻴﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻦ ﺗﺴﻬﻴﻼت ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﺟﻞ أو ﻗﺼﻴﺮة اﻷﺟﻞ أو اﻟﺠﺎرى ﻣﺪﻳﻦ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ رﺳﻤﻠﺔ ﻋﺎﺋﺪ اﻟﺘﺴﻬﻴﻼت ﻋﻠﻰ أﺻﻞ اﻟﺪﻳﻦ، وﻋﺪم ﺣﺴﺎب ﻓﻮاﺋﺪ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺴﺎط اﻟﻤﺆﺟﻠﺔ، وفى ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﻮال ﻳﺮاﻋﻰ ﻋﺪم اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﺴﻬﻴﻼت اﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ – وﻓﻘًﺎ ﻟﻤﺎ هو ﻣﺪرج ﺑﺴﺠﻼت اﻟﺒﻨﻮك فى ﺗﺎرﻳﺨﻪ – ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﻃﻮال ﻓﺘﺮة اﻟﺴﻤﺎح.

وﻳﺴﻤﺢ للبنوك بحسب المبادرة ﺑﺈﻋﺎدة ﺗﺼﻨيف اﻟﻌﻤﻼء الذين ﺗﻢ إدراﺟﻬﻢ ﺿﻤﻦ ﻓﺌﺔ اﻟﻌﻤﻼء ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨتظمﻴﻦ ﺑﺄﺛﺮ رجعى اﻋﺘﺒﺎرًا ﻣﻦ أول ﻳﻨﺎﻳﺮ، وﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ رد اﻟﻌﻮاﺋﺪ اﻟﻬﺎمشية، وﻋﺪم اﻟﻤﺴﺎس ﺑﺎﻟﻤﺨﺼﺼﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ، ﻋﻠﻰ أن تكون ﻟﻜﻞ ﺑﻨﻚ اﻟﺤﺮﻳﺔ فى ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻤﺨﺼﺼﺎت اﻟﻼزﻣﺔ وﺗﺠﻨﻴﺐ اﻟﻌﻮاﺋﺪ لعدة ﺷﻬﻮر ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺴﻤﺎح، واﺗﺨﺎذ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻣﻦ إﺟﺮاءات وﻓﻘًﺎ ﻟﻤﺎ ﻳﺘﺮاءى ﻟﻠﺒﻨﻚ.

إلا أن عدداً من البنوك الأجنبية العاملة فى السوق أرجأت تفعيل المبادرة لحين تلقى ردود من مراكزها فى الخارج، فيما تفاعلت بقية البنوك الأخرى وفى مقدمتها، الأهلى ومصر والمصرى الخليجى مع المبادرة وذلك حسب مصادر بالاتحاد العام للغرف السياحية.

شركة ماك: القرارات العشوائية التى يفرضها المسئولون ستكون لها تأثيرات سلبية

وقال عماد مرقص، رئيس مجلس إدارة شركة ماك 24 للاستثمار السياحى، عضو اتحاد الغرف السياحية، إن القرارات العشوائية غير المدروسة التى يفرضها المسئولون ستكون لها تأثيرات سلبية كبيرة خلال الفترة المقبلة على صناعة السياحة، خاصةً مع وجود أسواق منافسة قريبة جغرافياً من مصر ومنها تونس وتركيا وكلاهما يمتلكان الامكانيات المصرية نفسها، كما ان الاستقرار الموجود فى السوق التركية يمنحها ميزة اضافية.

وأكد أن تحرير أسعار السولار للمنشآت السياحية سيدفع الفنادق لرفع سعر تكلفة الليلة للفرد بما يساوى 10 يورو يوميا وهو الأمر الذى لا يستقيم مع انخفاض الطلب الذى يجبرها على تخفيض الاسعار الى نحو 15 دولاراً للفرد فى الليلة مقارنةً بنحو 60 دولاراً لليلة قبل الثورة.

وأوضح مرقص أن معدلات الاشغال من المتوقع أن ترتفع وفق تصريحات محافظ جنوب سيناء بين 30 و35% خاصة مع زيادة معدلات الحجوزات مع بدء التوافد الايرانى عليها غير أن معدلات الإشغال فى القاهرة والأقصر وأسوان متدنية للغاية.

وتوقع ألا تدخل مبادرة البنك المركزى لمساندة القطاع السياحى حيز التنفيذ الفعلى من جانب البنوك خلال الفترة الحالية خاصة فيما يتعلق بجزئية ايقاف الفوائد على القروض متعللة بالحفاظ على أموال مودعيها وتابع أن القرار جاء متأخراً لأكثر من عامين ولم يتجاوب مع معاناة القطاع أحد طيلة تلك الفترة.

ووفقاً للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، انخفضت نسبة الأمريكيين فى الوفود السياحية القادمة للبلاد إلى 2.3% خلال يناير الماضى مقارنة بـ2.7% خلال يوليو 2012 وتراجعت السياحة العربية إلى 21.1% خلال يناير 2013 مقارنة بـ21.5% خلال يوليو الماضى.

تقلصت أعداد السياح الأوروبيين إلى 71.4% خلال يناير الماضى

كما تقلصت أعداد السياح الأوروبيين إلى 71.4% خلال يناير الماضى بـ71.9% من إجمالى أعداد السياحة الوافدة غير أن نسبة السياحة من الجنسيات الأخرى ومنها الآسيوية ومنها الهندية والصينية ارتفعت إلى 5.2% مقارنةً بـ3.8% خلال يوليو الماضى.

وأضاف أن قرار إيقاف بيع الخمور من شأنه التأثير بشكل سلبى على القطاع واصفاً القرار بأنه غير قانونى و يندرج تحت بند التدخل فى الحريات مرجعاً السبب من ورائه إلى أن النظام السياسى يحاول إرضاء أتباعه على حساب قطاع السياحة مشيراً إلى أن الخمور تعتبر أحد منتجات المصانع المصرية التى سيساهم حظر بيعها فى التأثير سلبياً على الاستثمارات والعمالة فضلاً عن تراجع حجم الحصيلة الضريبية التى تدفعها هذه المصانع.

ولفت إلى أن شركة الاهرام للمشروبات دفعت العام الماضى ضرائب للدولة بقيمة 55 مليون دولار مضيفاً أن أكثر من 20 الف عامل موظفين بالشركة ويعرضهم القرار بذلك إلى دخول حيز البطالة حال ايقاف الشركة الاجنبية المستحوذة عليها استثماراتها المقدرة بـ20 مليار دولار.

غير أنه طالب بوضع ضوابط وقوانين لتداول المشروبات الكحولية عموما وليس حظرها وفرض غرامات وعقوبات للمخالفين لافتاً إلى أن السائح الأجنبى لا يعتبر تلك المشروبات من أساسيات حياته بالضرورة.

وقال محمد شعبان، رئيس مجلس إدارة شركة الأمريكتين للسياحة، إن قرار إيقاف تراخيص بيع الخمور غير قانونى ويسبب أزمة للقطاع خاصة ان السائح يعتبرها مشروبا عاديا وليس كما نراه نحن وتوقع أن يفتح القرار باب التهريب لأن السوق الحرة تعد المورد الرئيسى للخمور فى الفنادق وتابع أن ليس من المتصور أن يسير المجتمع المصرى بأكمله وفقا لرغبة البعض.

شركة الأمريكتين: متفق مع تحرير اسعار السولار للقطاع من منطلق عدم جواز دعم السائح الاجنبى

وأضاف أنه متفق مع تحرير اسعار السولار للقطاع السياحى من منطلق عدم جواز دعم السائح الاجنبى، الا ان الاعتراض الوحيد علي توقيت القرار وعدم إعلام العاملين بالقطاع قبل التطبيق لإتاحة الفرصة لهم لاتخاذ إجراءات وقائية من نوعية رفع الأسعار خاصة في خضم الموسم السياحى.

وتابع: لقد خفضنا الأسعار للحد الادنى الذى يضمن تجنب الخسائر والاستمرار فى العمل فقط دون تحقيق أى أرباح.

مشيرا إلى أن أى زيادة ستدفعنا لرفع السعر خاصةً مع الوضع السياسى غير المستقر والذى نعانى معه فى جلب الوفود من الخارج على حد قوله.

وأشار رئيس مجلس إدارة شركة الأمريكتين للسياحة إلى أن قرار زيادة رسوم المغادرة يعد نوعاً من الجباية التى تفرضها الدولة على القطاعات التى توفر عملات صعبة للبلاد، لزيادة الحصيلة من النقد الأجنبى وهو ما سيدفع شركات السياحة إلى رفع الأسعار على العملاء عند التعاقد متوقعاً أن تتراوح معدلات الاشغال السياحى خلال الفترة المقبلة بين 5 و10% خلال موسم الشتاء.

ومن حيث القرارات التى اتخذها البنك المركزى يرى شعبان انها قرارات غير ملزمة للبنوك فى التعامل مع شركات القطاع مطالباً بإزالة العوائق فى منح التمويل وسداد التزاماتهم خلال الفترة الحالية.

واستبعد حسام العكاوى رئيس شركة ماجيك لايف للسياحة ومنسق الائتلاف العام للسياحيين تفاعل البنوك مع قرار البنك المركزى لتأجيل أقساط الديون على القطاع السياحى، مشيراً إلى أنه لا يمكن ان تنصاع البنوك لهذا النوع من القرارات التى ترى انها تضيع حقوقها وحقوق مودعيها.

وأضاف ان البنوك حتى هذه اللحظة ترى أن القطاع السياحى من القطاعات عالية المخاطر ولا تمنحه أى تسهيلات، بالإضافة إلى أن ايقاف الفوائد جاء متأخراً للغاية بعد عامين من تراكم الفائدة المركبة على الديون حتى كادت ان تصل الى نفس معدلات الدين الاصلي.

إعداد: علاء مدبولى – أحمد عاشور – هاجر عمران