القطاعات الدفاعية تستحوذ على صفقات العام لغياب «شهية المخاطرة»

يرى مجموعة من خبراء سوق المال والاستثمار، أن مصر بدأت استعادة مكانتها الاستثمارية خلال النصف الثانى من العام المنقضى، مستفيدة من قرارات الحكومة الجريئة بشأن ملف الاصلاح الاقتصادى وتقليص قيمة الدعم، علاوة على النجاح الكبير فى تغطية طروحات شهادات استثمار قناة السويس الجديدة.

القطاعات الدفاعية تستحوذ على صفقات العام لغياب «شهية المخاطرة»
جريدة المال

المال - خاص

3:24 م, الأحد, 11 يناير 15

شريف عمر

يرى مجموعة من خبراء سوق المال والاستثمار، أن مصر بدأت استعادة مكانتها الاستثمارية خلال النصف الثانى من العام المنقضى، مستفيدة من قرارات الحكومة الجريئة بشأن ملف الاصلاح الاقتصادى وتقليص قيمة الدعم، علاوة على النجاح الكبير فى تغطية طروحات شهادات استثمار قناة السويس الجديدة.

ومالت بعض الآراء إلى اعتبار أن 2014 لم يشهد أى جديد على صعيد توافر الفرص الاستثمارية، واتجهت آراء هذا الفريق لتوضيح أن أغلبية الصفقات التى تمت خلال العام ما هى إلا محاولات لتخارج بعض المساهمين، بسبب انتهاء مدة الاستثمار، أو الرغبة فى الخروج من السوق المصرية، وأشاروا إلى أن كل المهتمين بالاستثمار فى مصر ينتظرون إجراء الانتخابات البرلمانية، للتحرك الفعلى، إلا أن بعضهم لجأ للاستثمار فى القطاعات الدفاعية، مثل الأغذية والأدوية لرفضهم تحمل أى مخاطر من الاستثمار مرتفع رأس المال.

جدير بالذكر أن 2014 شهد تنفيذ العديد من صفقات الاستحواذ على بعض الشركات المحلية، وعلى صعيد الشركات المقيدة فى البورصة، فقد تم تنفيذ صفقات استحواذ شركة «إم تى إم باكدجينج 2»، إحدى شركات مجموعة «جلف كابيتال»، بعرض إجبارى على %100 من رأسمال شركة الشرق الأوسط لصناعة الزجاج، بسعر 27.81 دولار للسهم الواحد، كما نجحت شركة tvm المحدودة الإماراتية فى شراء %45 من أسهم شركة اميكو ميديكال بسعر 17 جنيهاً للسهم.

واستطاعت شركة أبراج، شراء كامل أسهم مستشفى القاهرة التخصصى، واتجهت لشطب الشركة من البورصة، كما قدمت الشركة الإماراتية عرضاً لشراء حصة من شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية، إلا أن عرضها لم يلق قبولاً من حملة الأسهم، وهو ما دفع «أبراج» للدخول فى شراكة استراتيجية مع المؤسسين.

كما شهدت شركة بسكو مصر، صراعاً عنيفاً بين شركتى أبراج الإماراتية وكيللوج الأمريكية لشراء كامل الأسهم، وقامت الشركتان برفع السعر 4 مرات لتنسحب «الإماراتية» فى النهاية، فيما تشهد شركة العربية لمنتجات الألبان صراعاً بين بايونيرز المصرية ولاكتاليس الفرنسية لشراء كامل أسهم الشركة بسعر 56 جنيهاً للشركة الأولى و58 جنيهاً للشركة الثانية، وأعلنت «مينا فارم» للأدوية والصناعات الكيماوية، أنها تلقت خطاباً من شركة تريكويرا بى. فى الهولندية «triquera b .v » بشأن رغبة الأخيرة فى الاستحواذ على نسبة حتى %100 من رأسمال مينا فارم بسعر 37.5 جنيه لكل سهم.

وفشل تحالف رجل الأعمال نجيب ساويرس وشركة بلتون المالية القابضة فى شراء حصة %20 من رأسمال شركة هيرمس المالية القابضة بعد الاستجابة الضعيفة من حملة الأسهم للعرض المقدم بسعر 16 جنيهاً.

وشهد 2014 إعلان عدد من الشركات المحلية والعربية رغبتها فى إنشاء شركات جديدة تعمل فى مجال توليد الطاقة، وتصنيع السكر، بالإضافة للاستثمار العقارى.

2014.. الأفضل مقارنة بالسنوات التالية لثورة يناير

وقال محمد ماهر، نائب رئيس مجلس إدارة شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن 2014 كان أفضل بكثير من الأعوام التى تلت ثورة يناير، فيما يخص توافر الفرص الاستثمارية الجيدة، إلا أن البلاد لم ترجع بعد لمعدلات الاستثمار نفسها التى كانت تسجلها فى الفترات السابقة، مستشهداً فى ذلك بصعود عمليات زيادة رؤوس الأموال للشركات المقيدة بالبورصة، بالإضافة لتنفيذ عدد من عمليات الاستحواذ على الشركات المقيدة من رؤوس أموال خارجية.

وأشار إلى أن منظومة الاستثمار فى البورصة استفادت بقوة من تعديلات لائحة سوق المال، التى اتجهت لتقليل الإجراءات اللازمة لزيادة رأس المال، داعياً الحكومة ممثلة فى وزارة الاستثمار للاعتماد على تلك النوعية من التسهيلات لضمان خلق أكبر حركة فى منظومة الاستثمار القادمة، خاصة أن السوق المصرية من أبرز الأسواق العالمية المرشحة والمؤهلة لجذب أكبر قدر من الاستثمارات ورؤوس الأموال.

ولفت إلى أن التحدى الأكبر أمام الحكومة فى العام المقبل، ينحصر فى إقرار مجلس النواب المقبل كل القوانين المنتظر صدورها لإنعاش حركة الاستثمار، وتتعلق بتخصيص الأراضى، وتعريفات الطاقة، وإنشاء المناطق الاستثمارية الموحدة، والمجلس الأعلى للاستثمار.

رفع الدعم له مفعول السحر على جاذبية السوق

وقال محمود سليم، رئيس قطاع بنوك الاستثمار بشركة اتش سى للأوراق المالية والاستثمار، إن النصف الثانى من العام الحالى يمكن اعتباره بأنه بوابة الانطلاقة لعودة الاستثمار الأجنبى والمحلى للسوق المصرية خلال العام المقبل، موضحاً أن البلاد شهدت تنفيذ العديد من صفقات الاستحواذ ودخول رؤوس أموال جديدة بالبورصة، وهوما اعتبره دليلاً واضحاً على إيمان المستثمرين بتحسن مناخ الاستثمار.

وأضاف أن ارتفاع مؤشرات البورصة لمستويات تقارب مستوياتها فى فترة ما قبل ثورة يناير، بالإضافة إلى التغطية التاريخية لشهادات استثمار قناة السويس من أبرز الشواهد التى تؤكد جاذبية بيئة الاستثمار خلال 2014.

وأكد أن جميع القطاعات المحلية من الأغذية والأدوية والطاقة شهدت تدفق استثمارات أجنبية عبر الاستثمار المباشر خلال 2014، وهو الأمر الذى يؤكد تنوع حركة رؤوس الأموال الواردة، والبحث عن الفرص الاستثمارية الجيدة دون النظر لطبيعة القطاع، أو حجم المخاطر التى يتحملها.

وتابع: تأكد المستثمرين من تحسن عوامل الاستثمار فى مصر لن يتم فى ليلة وضحاها، وإنما تحتاج تلك الأمور إلى فترة زمنية طويلة للتأكد من التحسن الحقيقى للأوضاع السياسية والأمنية، وما تم خلال النصف الثانى فقط من 2014 يؤكد للجميع أن مصر على الطريق الصحيح لاستعادة بريقها الاستثمارى.

وقال إن القرار الجريء للحكومة بالمضى قدماً فى الرفع التدريجى للدعم، كان من أبرز القرارات التى لها مفعول السحر فى زيادة جاذبية بيئة الاستثمار المحلية أمام المستثمرين، موضحاً أن القرار أكد للجميع على بدء مرحلة الإصلاح الاقتصادى، بالاعتماد على آلية تقليص النفقات دون الاعتماد فقط على ارتفاع الإيرادات عبر زيادة الضرائب، وهو التخوف الأكبر الذى واجه المستثمرين المهتمين بدخول السوق المصرية.

تحسن «التصنيف» وشهادات قناة السويس عززت ثقة المستثمرين

وقالت مينوش عبدالمجيد، العضو المنتدب لشركة يونيون كابيتال للاستثمار المباشر، إن مناخ الاستثمار فى مصر، شهد تحسنًا ملحوظاً بعد ظهور بوادر الاستقرار السياسى، التى تجسدت فى الإقبال الشعبى لتغطية اكتتاب شهادات استثمار مشروع قناة السويس الجديدة، وهو الأمر الذى عكس ثقة شريحة كبيرة من المواطنين فى قدرة الرئيس والحكومة على إنقاذ البلاد.

ولفتت إلى أن السوق المحلية استفادت من الانحصار الملحوظ للأحداث الإرهابية، بالإضافة لتحسن التصنيف الائتمانى لمصر من جانب وكالات التصنيف العالمية، بشكل ساهم فى زيادة اهتمام رؤوس الأموال الراغبة فى الاستثمار، لأخذ خطوات فعلية فى هذا الاتجاه، علاوة على بدء الشركات الداخلية التوسع الفعلى وزيادة رأس المال.

وأكدت أن البيروقراطية الحكومية فى منح موافقات إنشاء الشركات الجديدة وتمرير زيادات رؤوس الأموال مازالت التحدى الأكبر الذى يعرقل انطلاقة الاستثمار سواء فى الفترة الماضية أو المقبلة، موضحة أن الأولى للحكومة العمل الجاد والسعى لتقليل حدة البيروقراطية لضمان تحقيق أقصى استفادة من التحسن النسبى فى الأوضاع السياسية والاقتصادية.

واعتبرت أن اهتمام الاستثمارات الواردة لمصر خلال العام الحالى بصفقات الاستحواذ بقطاعى الأغذية والأدوية، يعكس بقوة وجود فرص استثمارية جيدة بالسوق، إلا أن استمرار وجود بعض المخاطر السياسية والأمنية يدفع المستثمرين لتفضيل الاستثمار فى القطاعات المصرية، التى تتسم بانخفاض حدة تأثرها بالأوضاع السياسية المفاجئة، وهى القطاعات التى يطلق عليها استثماريًا «قطاعات دفاعية».

غالبية صفقات استحواذ 2014 مجرد محاولات للتخارج

وقال حسين عبدالحليم، العضو المنتدب لقطاع ترويج وتغطية الاكتتابات بشركة سيجما القابضة للاستثمار، إن 2014 يشبه إلى حد كبير الأعوام التالية لثورة يناير، من حيث انتظار وترقب المستثمرين الأجانب والمحليين، لحين إجراء الانتخابات البرلمانية، باعتباره مطلباً مهماً لاتخاذ رؤوس الأموال قرارها بالتوجه للاستثمار فى أى بلد ما.

ورأى أن أغلبية صفقات الاستحواذ والبيع، التى تمت فى سوق المال أو خارجها ما هى إلا محاولة من الملاك الحقيقيين لتلك الشركات فى التخارج منها، مستشهدًا بأن مستشفى القاهرة التخصصى، الذى نجحت شركة أبراج فى شرائه خلال العام الحالى كان معروضًا للبيع، قبل 2011، وأوضح أن شركات الاستثمار المهتمة بمصر لجأت للبحث فى أغلبية الشركات المحلية عن أى مستثمر يرغب فى التخارج لشراء حصته.

واعتبر أن اقتصار عمليات الاستحواذ فى البورصة خلال العام الحالى، على الشركات التى تعمل فى مجال الأغذية أو الأدوية، دليل إدانة يؤكد أن السوق المحلية مازالت تتسم بدرجات مرتفعة للمخاطر الاقتصادية والسياسية، وهو ما يدفع المستثمرين ورجال الأعمال لرفض تحمل أى مخاطر بالاستثمار مرتفع رأس المال.

وأضاف أن نجاح الحكومة فى إصدار قانون موحد للاستثمار يضمن توفير الوقت للمستثمرين، ويجيب عن تساؤلاتهم، وبالتزامن مع إجراء الانتخابات البرلمانية يمكن اعتبارهما بمثابة فرس الرهان لضمان عودة مصر لمكانتها السابقة فى خريطة الاستثمارات الأجنبية الواردة لمصر خلال 2015.

جريدة المال

المال - خاص

3:24 م, الأحد, 11 يناير 15