أعلن مجلس الوزراء – خلال المؤتمر الذى عقد الأسبوع الماضى للكشف عن خطة التعامل مع الأزمة الحالية وتداعياتها على الاقتصاد المصرى- أنه سيتم إجراء تعديلات على المشروعات وفقا للأولوية التى تناسب المرحلة الحرجة الحالية.
فى الوقت ذاته، أكد الفريق كامل الوزير وزير النقل، استمرار العمل فى المشروعات التابعة لجميع قطاعات الوزارة باعتبار أن الجزء الأكبر منها بنية تحتية هدفها فى الأساس خدمة المناطق الصناعية والزراعية والسكنية، والجزء الآخر يخدم المواطن بشكل أساسي، فضلا عن أنها توفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
وقال عدد من الأكاديميين وخبراء النقل فى استطلاع أجرته «المال» لتحديد الطريقة الأفضل للتعامل بها مع مشروع القطار السريع باعتباره من المشروعات ذات التكلفة المرتفعة خاصة فى الفترة الحالية، إن شبكة القطار الكهربائى السريع التى تم الشروع فى تنفيذها حاليا تعد من المشروعات ذات الأهمية المتزايدة، لأن خدماته ليست محصورة فى نقل الركاب، فقط ولكنها ستوفر وسيلة نقل بضائع منخفضة التكلفة فى المسافة الواقعة بين البحرين الأبيض والأحمر ، وسيكون له عائد اقتصادى على المدى الطويل.
وأكدوا أن أهمية وسائل المواصلات التى تعمل بالكهرباء فى تزايد مستمر، لاسيما بعد وجود فائض فى الطاقة الكهربائية المصرية، ويمكن الاستفادة منها وتشغيلها فى خطوط سكة حديدية على عكس الفترة السابقة التى كان يصعب فيها تنفيذ مثل هذه المشروعات.
إلى ذلك، أكدت مصادر مطلعة لـ«المال» استمرار العمل فى مشروعات وزارة النقل وفقا للمخطط الزمنى المحدد، وعلى رأسها القطار السريع «العين السخنة – العلمين» لما له من أهمية كبرى فى ربط المناطق السكنية الحالية والمجتمعات العمرانية الجديدة ومناطق التنمية الزراعية والصناعية والسياحية، فضلا عن أنه وسيلة نقل البضائع بين مناطق الإنتاج ومناطق الاستهلاك وموانئ التصدير على البحر الأحمر بالموانئ القائمة على البحر المتوسط، ومن ثم عامل تشجيع زيادة تجارة حمولات الترانزيت.
وأوضحت أن المشروع يستهدف نقل 8 ملايين طن بضائع بداية من تشغيله فى 2023 حتى عام 2025، وتصل لـ 22 مليون طن بضائع فى عام 2040، لافتة إلى أن دراسات الجدوى الاقتصادية أكدت أن إيرادات المشروع ستغطى مصروفاته التشغيلية، فضلا عن تحقيق هامش ربح يمكن فيما بعد من شراء عربات جديدة قبل تقادم الأسطول، ومن ثم فإن الدولة لن تتحمل أى أعباء إضافية.
وأشارت المصادر، إلى أن جميع الشركات – 30 كيان قطاع خاص – عاملة فى المشروع تقدمت للوزارة بطلبات بدراسة فروق الأسعار عن المتفق عليه عند إطلاق العمل، بعدما شهدت الفترة الأخيرة زيادة فى أسعار جميع الخامات ومعدات ومستلزمات الإنشاء.
وأوضحت الوزارة بدورها أنها أرسلت جميع الطلبات مرفق بها تفاصيل العقود المبرمة، للجنة المركزية لتعويضات فروق الأسعار والمشكلة منذ 2016 مشيرة إلى أنها تعكف حاليا على دراسة الأمر للخروج بتعويضات مناسبة لشركات المقاولات والموردين.
وتقدر قيمة قرض خط «العين السخنة- العلمين» بـ 4.4 مليار دولار، تسدد على مدار 14 عامًا، وفترة سماح تصل إلى 5 سنوات، والتى سيتم فيها الانتهاء من التنفيذ واستلام الوحدات المتحركة، وتشغيل المسار لمدة عام بطاقة كاملة.
وتضم الشبكة الكهربائية الجديدة 3 خطوط رئيسية، الأول: تم توقيع عقوده عام 2020 مع شركات «سيمنز العالمية» و«أوراسكوم» و«المقاولون العرب» بحجم أطوال يصل لأكثر من 600 كيلومتر فى المسافة من العين السخنة حتى مطروح، مرورًا بالعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين والإسكندرية، والثانى والثالث، هما خطى «6 أكتوبر- أسوان»، و«الغردقة – سفاجا – قنا – الأقصر»، وتتولى الشركات المذكورة سابقا التنفيذ والتشغيل والإدارة فيما بعد.
والشركة الألمانية تنفذ جميع أعمال الأنظمة للشبكة، والمتمثلة فى الإشارات والاتصالات، وأعمال السكة، والأعمال الكهروميكانيكية، وغيرها، إضافة إلى تصنيع وتوريد الوحدات المتحركة بكل أنواعها، والتى تشمل القطارات السريعة، والجرارات الكهربائية، فضلًا عن تصميم الورشة وتوريد وتركيب معداتها، فيما تتولى الشركتان المصريتان تنفيذ باقى الأعمال، وإدارة وتشغيل القطارات لاحقًا.
وأشارت المصادر إلى أن الخط الأول من القطار السريع ستقام به 7 محطات ستكون بمثابة مجمعات نقل متكاملة الخدمات التجارية والاستثمارية والترفيهية، لتحقيق القيمة المضافة للمرفق باعتباره وسيلة نقل حضارية خضراء.
وتشمل المحطات الجارى إعداد خطة استثمارية لها «العين السخنة، والعاصمة الإدارية، والبدرشين، وحدائق أكتوبر، و 6 أكتوبر، والإسكندرية، ومرسى مطروح».
من جانبه، أكد الدكتور حسن مهدى أستاذ النقل والطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أن القطارات الكهربائية تعد من وسائل النقل الخضراء، لافتا إلى أهمية تلك المرافق فى ظل توافر فائض من الكهرباء، ويمكن الاستفادة به فى التشغيل، على عكس فترات سابقة كان يصعب فيها التنفيذ.
وأضاف أنه خلال الفترات الماضية كان هناك نقص فى الطاقة الكهربائية المتاحة وهو ما كان يحول دون البدء فى تنفيذ أى مشروعات ستعتمد على الطاقة النظيفة، ومن ثم تم الاكتفاء باستخدام وسائل النقل عبر السكك الحديدية العاملة بالوقود، مشيرًا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت توسعا كبيرا فى البنية التحتية لإنتاج الكهرباء فى مصر عبر إنشاء عدد من المحطات.
وأشار إلى أن منافع إنشاء شبكة القطار السريع الكهربائى كثيرة، موضحا أن البعض قد يرى أنها ليست ضرورية فى الوقت الحالى نتيجة الاضطرابات العالمية والارتفاع الشديد فى أسعار الخدمات وغيرها، لكن فى النهاية هذه الشبكة مهمة لأنها شرايين التنمية للمناطق الجديدة والتأخر فى تنفيذها يضاعف من التكلفة فى نهاية المطاف.
ولفت إلى أن بعض المناطق التى سيمر بها بالتأكيد سترتفع قيمتها، إلى جانب أنها ستكون بديلاً ذو كفاءة لنقل البضائع للحد من تأثيرات الحمولات الزائدة على شبكة الطرق، و التى ستؤدى إلى تهالك البنية التحتية.
من جانبه، أكد المهندس رمزى لاشين رئيس هيئة الأنفاق الأسبق، أن مشروع القطار الكهربائى السريع ليس وليد اليوم، وإنما مخطط له منذ سنوات وإطلاق التنفيذ الفعلى جاء فى الوقت المناسب.
وأضاف أن المخطط الماضى كان يتضمن إنشاء خط جديد للسكك الحديدية مواز لشبكة السكة الحديد الحالية، فى مناطق غرب النيل حتى يتخلل المجتمعات العمرانية الجديدة، بما يساهم فى إحداث تنمية وزيادة الرقعة السكانية، مؤكدا على ضرورة استكمال أعمال القطار نظرا لتهالك خطوط السكك الحديدية والتى يبلغ طولها 9500 كيلومتر.
وتابع: «الخط الذى سيشمل العين السخنة والعاصمة الإدارية والعلمين، مهم جدا، لأن خدماته لن تنحصر فى نقل الركاب فقط، إذ سيكون وسيلة نقل بضائع رئيسية الموانئ المطلة على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، ومن ثم فإنه مشروع خدمى فى الأساس لكن به جانب اقتصادى بالدرجة الأولى.
وحول آليات التسعير، أشار إلى أن فلسفة التشغيل تغيرت، و التذكرة ستكون على قدر تكلفة التشغيل، مشيرا إلى الدعاية والإعلان عن الخدمات الرئيسية التى تدر دخلا لوسائل النقل.