القاهرة/ موسكو.. عود على بدء

شريف عطية

10:28 ص, الأحد, 8 فبراير 15

شريف عطية

شريف عطية

10:28 ص, الأحد, 8 فبراير 15

شريف عطية

يصل غدا إلى القاهرة.. الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين».. فى توقيت يتزامن مع مرور خمسين عاماً على بدء العلاقة الإستراتيجية المصرية مع موسكو.. التى سارعت آنئذ، لأسبابها، إلى مساندة مصر- تسليحاً وتصنيعاً- لتسعة عشر عاماً تالية، عاث خلالها الخصوم فى جنباتها حرباً ودماراً، ذلك قبل أن تنحسر علاقتهما- دراماتيكياً- لأسباب غير مبررة، دفعت إليها- ربما- تعقيدات الحرب والسلام فى السبعينيات، لتصل إلى ذرى من الإساءات لم يكن يليق توجيهها إلى صديق دولى مبدئى.. وقف إلى جانب المصريين وقت المحن، الأمر الذى استهجنه حتى الأمريكيون، الصديق البديل، لينعكس ذلك من ثمَّ على طبيعة تعامل واشنطن الخشن واللا متوازن مع القاهرة التى لم تراعِ فى علاقاتها الدولية.. المقتضيات الدبلوماسية والأخلاقية عند التخلى عن تعاون وثيق مع موسكو دام لعقدين من الزمان.

مع بداية عهد جديد فى مصر مطلع الثمانينيات، التزم بنقاط حمراء negative points من جانب الولايات المتحدة، كان من أهمها «تجنب العلاقات الوثيقة مع الاتحاد السوفيتى (السابق) والقوى الراديكالية فى المنطقة» الذى، وإن أعادت مصر العلاقات الدبلوماسية معه فى نهاية الثمانينيات، إلا أنها لم تتعجل الاندفاع لتنشيطها على النحو السابق، لعقدين تاليين- شهدا انتهاء الحرب الباردة.. إلى تفكك الاتحاد السوفيتى مطلع 1992، وانفراد الولايات المتحدة بزعامة العالم، ولتتعرض روسيا «يلتسين» طوال التسعينيات- من الغرب- إلى ما يحط من كرامتها القومية، ذلك قبل أن يسعى الرئيس الجديد «بوتين»  منذ مطلع القرن الجديد إلى استعادة وضعيتها- وما يزال- إلى مصاف الدول العظمى مجدداً.

إلى ذلك، ربما يكون من اللافت تواكب التراجعات الروسية خلال العقود السابقة بشكل أو بآخر.. مع ما تعرضت له مصر فى نفس الحقبة من تطورات أقل ما توصف به أنها سلبية، وكأنهما- القاهرة وموسكو- كانتا بصدد «لعبة سياسية» آن لها الأوان- بفارق زمنى- أن تنتهى توابعها، سواء فى الداخل أو بالنسبة لسياستيهما الخارجية أو فيما يتصل بعلاقتهما الثنائية، لصالح وجه جديد لمكانتهما الإقليمية والدولية، إذ تواجهان، كل لأسبابه، إجراءات تطويقية أميركية- غربية.. على الصعد الأيديولوجية والاقتصادية والعسكرية.. فضلاً عن الإثارة الإعلامية ضد نظاميهما، ما يجعل من اصطفافهما جنباً إلى جنب.. لمواجهة المحاولات المماثلة لعزلهما عن العالم.. ضرورة جيوسياسية ومعنوية فى آن، قد يساعدهما فى ذلك اندماج روسيا «النفطية» فى الأعوام الماضية فى الاقتصاد العالمى من ناحية، وتلقى مصر من ناحيتها- ولأسباب إقليمية أمنية- تدفقات استثمارية خليجية ودولية، ما قد يحول دون أن تؤدى المتاعب الاقتصادية التى تعانيان منها حالياً.. إلى كارثة سياسية- ليست غير محتملة- إلا حال أن تقوم أيديولوجية نظاميهما بتحويل هذه الكارثة المحتملة إلى طاقة تعبئ المشاعر القومية لبلديهما فى مواجهة محاولات الغرب تركيعهما فى القرم أو الشرق الأوسط بسيان.

فى هذا السياق، يسبق وصول «بوتين» إلى القاهرة.. إعلان نائب رئيس الوزراء الروسى عن استعداد بلاده قريباً للمشاركة فى إقامة محطة نووية لتوليد الطاقة فى منطقة «الضبعة»، علاوة على ما سبق إحرازه من تقدم ملموس فى محادثات التسليح وما إلى ذلك من ترتيب سبل التعاون فى الإمداد والمعلومات ومكافحة الإرهاب، ناهيك عن التبادلات الأفقية لتسوية الأزمة السورية وتوابعها داخل الإقليم، كما يمكن التنسيق بينهما فيما تعتزمه روسيا إطلاق «حرب مضادة على كل الجبهات»، ليس فقط بالنسبة لكل أشكال «العضلات العسكرية»، بل أيضاً على مستوى الفكر والوعى الحضارى والثقافة والتقنيات الحديثة، بما يعزز الصف الداخلى عبر «استنهاض الوعى القومى التاريخى» بين أجيال فى سبات لا تعرف كثيراً عن الحقائق التاريخية، ذلك فيما يخوض البلدان مواجهة صعبة تستلزم تلاحم الجميع.

إلى ذلك، من الجائز للمخيّلة وللفكر السياسى.. التفاؤل بزيارة الرئيس الروسى التى سوف تدشن مجدداً صفحة جديدة بين روسيا «المنفتحة».. ومصر «الصاعدة»، عوداً على بدء. 

شريف عطية

شريف عطية

10:28 ص, الأحد, 8 فبراير 15