«الفائدة» و«التضخم» يحدثان تأثيرات متباينة على الأنشطة المالية غير المصرفية خلال 2022

«خبراء»: تأخرات السداد أبرز المخاوف الحالية

«الفائدة» و«التضخم» يحدثان تأثيرات متباينة على الأنشطة المالية غير المصرفية خلال 2022
أسماء السيد

أسماء السيد

9:31 ص, الأحد, 29 مايو 22

ما بين متضرر ومستفيد، تباينت آراء شريحة من العاملين بالأنشطة المالية غير المصرفية بشأن تأثيرات الأحداث الراهنة من ارتفاع أسعار الفائدة الواقع مؤخرًا، ومعدلات التضخم المتزايدة على سير العمليات الخاصة بهم.

وعلى الرغم من التوقعات باستفادة بعض المجالات كأنشطة التمويل الاستهلاكى على سبيل المثال، فإن مسئولى التأجير التمويلى أبدوا مخاوف محدودة من تراجع معدل الطلبات وحدوث تعثرات فى السداد بسبب ضعف الملاءة المالية لدى العملاء.

وفيما يتعلق بسعر الفائدة فرجحوا تأثيرات محدودة أيضًا على الأنشطة وعلى التكلفة الخاصة بهم، وخاصة إذ تم تمريرها للعميل، وذلك وفقًا لشريحة أراء رصدتها «المال».

وكان البنك المركزى المصرى أعلن مؤخرًا رفع سعر الفائدة بواقع %2 لتصبح نسبة الرفع الإجمالية منذ بداية العام الجارى حوالى %3 وخلال القرار الأول تلاه حينها انخفاض حوالى %20 من سعر قيمة العملة المحلية، هذا وتشهد السوق المصرية معدلات مرتفعة من التضخم بسبب التأثيرات على الصعيدين المحلى والعالمي.

بول أنطاكي: شهادات الـ%18 ستدفع لتحجيم توجهات العملاء الشرائية وتُزيد الرغبة فى الادخار

بداية قال بول أنطاكي، رئيس مجلس الإدارة بشركة “بريميوم كارد إنترناشيونال” لخدمات الائتمان، إن أيًّا من الأحداث التى تشهدها الساحة المحلية مؤخرًا، وخاصة ارتفاع أسعار الفائدة، سيكون لها تأثير سلبى على أداء شركته.

وأوضح أن رفع أسعار الفائدة يضغط عادة على هوامش ربحية الشركة، خاصة أنها عادة ما تتحمل هى الزيادة فى معدل الفائدة دون تحميلها للعميل أو التاجر محل التعاقد، وهذا على صعيد حاملى بطاقة “بريميوم”.

وأضاف أنطاكي، أن ارتفاع أسعار الفائدة سيضر بالعملاء أيضًا، وخاصة إذ قررت الشركات العاملة بالمجال المالى غير المصرفى أيًّا كان نشاطها تمرير الزيادة لهم.

ولفت إلى أن الظروف الراهنة تدفع بشركة “بريميوم لخدمات الائتمان” لدراسة رفع الحدود الائتمانية لحاملى بطاقة “20 – 30”، وذلك لمساعدة المتعاملين فى مواجهة ظروف الغلاء الحالية.

وفيما يتعلق بشركة التمويل الاستهلاكى التابعة، فتوقع أن يحدث إحجام محدود من جانب العملاء على النشاط أو عمليات شراء كثيرة، وخاصة فى ظل زيادات الأسعار التى تشهدها كافة السلع والخدمات.

وعلى جانب آخر، قال إن شهادات الاستثمار التى طرحتها البنوك الحكومية مؤخرًا بفائدة %18 ستدفع أيضًا إلى تحجيم توجهات العملاء الشرائية، وتُزيد الرغبة فى الادخار.

ولفت بول أنطاكى إلى أن الشركات العاملة بمجال التمويل الاستهلاكى من الممكن أن تلجأ لطرح حلول جديدة لعملائها بغرض التسهيل عليهم، وأيضًا للحفاظ على معدلات النمو فى حجم العمليات الخاص بها دون تراجع.

وتابع: أنه يمكن مد فترات التقسيط بغرض الخروج من عامل الضغط المتعلق بزيادة سعر العملة أو معدل الفائدة على العميل.

طلال العياط: نستبعد حدوث أى حالة من الانكماش فى «التأجير» و «التخصيم»

من جانبه، قال طلال العياط، الرئيس التنفيذى للمجموعة المالية “هيرميس للحلول التمويلية”، إنه فى فترات التعويم ارتفعت أسعار الفائدة على فترات متتالية بنسب وصلت أكثر من %7 حينها، وظلت كافة الأنشطة المالية غير المصرفية فى نموها الطبيعي.

وتوقع عدم وجود تأثيرات جراء ارتفاع الفائدة على أنشطة التأجير التمويلى والتخصيم، أو حدوث حالة من الانكماش فى النشاطين خلال الفترة المقبلة.

فيما لفت العياط إلى أن التخوف الحالى بخصوص إمكانية حدوث أى تعثرات فى العملاء، بضغط من ارتفاع تكاليف المعيشة عليهم بشكل عام، ما يؤدى للتخلف عن سداد الأقساط أو تأجيلها.

وأضاف، أن هذا السيناريو متوقع خلال فترة زمنية معينة إذ استمرت حالة التضخم الحالية وارتفاع أسعار الخدمات وكافة السلع بأنواعها المختلفة.

وأشار على سبيل المثال فيما يتعلق بالنشاط العقارى والذى يُمثل الجزء الأكبر من محفظة الشركة، إلى أن تكلفة الإنشاء زادت على الشركات بشكل واضح خلال الفترة الماضية، ما يؤدى لتعثرات محتملة من جانب عملائه.

يُذكر أن هيئة الرقابة المالية كانت كشفت مؤخرًا عن نمو حجم الأوراق المخصمة خلال عام 2021 بنسبة %80 على أساس سنوى.

وأظهرت المؤشرات أن حجم الأوراق المخصمة خلال العام الماضى ككل سجلت 20 مليار جنيه مقابل 11 مليار جنيه خلال عام 2020، محققًا زيادة قدرها %80.

عمرو أبو العزم: الإدارة الجيدة أبرز سبل التعامل مع الأوضاع الحالية

وفيما يتعلق بنشاط التمويل متناهى الصغر قال عمرو أبو العزم الخبير بالنشاط، إن زيادة معدلات التضخم عادة ما تؤثر سلبًا على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل عام، خاصة أنها ترفع التكلفة عليهم.

وأضاف أن التأثيرات الخاصة بزيادة الأسعار عادة تمتد وتؤدى إلى ارتفاع متوسطات التمويل، خاصة فى ظل ارتفاع الفائدة أيضًا.

وأوضح أبو العزم، أن ارتفاع أسعار الفائدة على الشركات إما سيدفعها لتمرير هذه الزيادة للعميل، وبالتالى يحدث هدوء فى منح التمويلات نتيجة لضعف إقبال العملاء، أو تتحملها هى فى إطار سعيها بالحفاظ على ميزة تنافسية لها عن الكيانات الأخرى.

وتابع: إنه فى الحالة الأخيرة سيؤدى ذلك لانخفاض هامش الربح الخاص بها، خاصة أنها تعتمد فى تدبير تمويلاتها على جانب البنوك.

وأشار إلى أنه فى هذه الحالات يظهر حسن إدارة الشركة، كمحاولة منها للحفاظ على العميل، وأن تكون التأثيرات محدودة عليها.

ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية، فقد بلغ عدد المستفيدين من نشاط التمويلات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر خلال العام الماضى 2021 حوالى 3.5 مليون مستفيد، مقارنة بـ 3.2 مليون مستفيد بنهاية عام 2020، بمعدل نمو بلغ %9.4.

وبلغت قيمة أرصدة تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر 26.8 مليار جنيه بنهاية عام 2021، مقارنة بـ 19.3 مليار جنيه بنهاية عام 2020، بمعدل نمو بلغ %38.9.

محمد الفقى: التضخم داعم رئيسى لأنشطة التمويل الاستهلاكى ونماذج عمل الشركات مختلفة مع الفائدة

وفيما يتعلق بنشاط التمويل الاستهلاكي، قال محمد الفقي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى بشركة “سيمبل” المتخصصة فى خدمات «الشراء الآن والدفع لاحقًا، إن ارتفاع أسعار الفائدة عادة ما يضغط على هوامش ربحية الشركات العاملة فى التمويل بشكل عام بمختلف أنشطتها.

ولفت إلى تمرير جزء من هذه التكلفة للعميل بحيث تتمكن الشركات من الحفاظ على هوامش ربحيتها، هو أمر مختلف وفقًا لنموذج أعمال كل كيان على حدة.

وأضاف، أن ارتفاع معدلات التضخم الناتج عن زيادة أسعار السلع والخدمات، من المتوقع أن يصب فى مصلحة الشركات العاملة بمجال التقسيط، وفسر أنه فى فترات الضعف المالى للمتعاملين أو حالات ارتفاع الأسعار يكون التقسيط هو المنفذ الوحيد المتاح لتوفير الاحتياجات الدورية دون الضغط على الملاءة المالية للفرد.

وتوقع، الشريك المؤسس لمنصة “سيمبل”، أن تتجه شركات التمويل الاستهلاكى خلال تلك الفترة للتوسع فى نوعية الخدمات وأنواع السلع التى تقدمها للعميل للاستفادة من حالة النمو المُستهدفة.

وتأسست منصة Sympl خلال عام 2021 على أيدى مجموعة من رواد الأعمال المصريين، ممن لديهم خبرات سابقة فى مجال التكنولوجيا المالية، ومنهم محمد الفقى، وياسمين حنة – اللذان شاركا فى تأسيس واحدة من كبرى شركات التمويل الاستهلاكى – “ڤاليو”، وأيضا كريم توفيق، المؤسس المشارك لواحدة من منصات التجارة الإلكترونية فى مصر، “كابيتر”.

وبلغت قيمة التمويل الاستهلاكى الممنوح 17.2 مليار جنيه خلال عام 2021، مقارنة بـ8.4 مليار جنيه خلال عام 2020، محققًا معدل نمو بلغ %104.8 وذلك وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية الصادرة مؤخرًا.

أما على صعيد نشاط العقاري، فتوقع كريم البطوطي، المدير التنفيذى بشركة “تمويل للتمويل العقاري”، أن تستفيد الشركات العاملة بالمجال بشكل إيجابى جراء الأحداث الحالية الخاصة بارتفاع معدلات التضخم.

ولفت إلى أن المتعاملين لاحظوا أن أسعار العقار ترتفع بشكل سنوى بنسب تصل إلى %20 وأكثر ما دفعهم للتوجه له كوعاء استثمار.

وعلى جانب آخر، قال البطوطي، إن زيادة الأسعار فى العقار، والزيادات التى تشهدها مدخلاته من الحديد والأسمنت وغيرها، أحدثت تخوفًا عند المتعاملين من طفرات سعرية بأسعار الوحدات، وبالتالى حدثت مبادرات بالشراء وتحديدًا الخاصة بغرض السكن.

وأضاف، أن “تمويل للتمويل العقاري” لمست هذا التطور وظهر ذلك بحجم القروض العقارية التى منحتها خلال الربع الأول من العام والتى تُعد طفرة بالنسبة لها.

وأشار إلى أنها منحت قروضًا للعملاء خلال الربع الأول من العام الجارى بقيمة 900 مليون جنيه.

وأكد أن هذه القيمة بمثابة طفرة حقيقية للشركة، خاصة أنها كانت تستهدف منح تمويلات خلال العام الجارى ككل بقيمة 1.2 مليار جنيه، مقارنة مع مليار منحتها بالفعل خلال 2021.

وكشف أن شركته تعتزم عقد مجلس إدارة خلال الفترة القليلة المقبلة لبحث إمكانية رفع مستهدفات العام بناء على الأرقام المحققة خلال الربع الأول منه.

وتُعد “تمويل” للتمويل العقارى إحدى الشركات التابعة لشركة “تمويل القابضة”، وتُركز على شريحة فوق المتوسط والفاخر بنسبة %95 من إجمالى محفظتها، فيما يُمثل العقار السكنى حوالى %70 من التمويلات الممنوحة والنسبة المتبقية لصالح الإدارى والتجاري.

وقامت شركات التمويل العقارى بمنح 8.1 مليار جنيه لعملائها خلال عام 2021 مقارنة بـ 3.4 مليار جنيه خلال عام 2020 بمعدل نمو بلغ %138.2.

وأرجعت الهيئة العامة للرقابة المالية هذا النمو إلى تعافى السوق العقارية بشكل كبير من جراء جائحة كورونا، بالإضافة إلى المبادرات المتعددة التى اتخذتها الدولة لتيسير تملك المصريين للوحدات السكنية، وبصفة خاصة متوسطى ومحدودى الدخل.

محمد نادر: نُرجح تراجع معدلات عقود التأجير التمويلى الجديدة خلال الفترات المقبلة

وقال محمد نادر، العضو المنتدب بشركة “أرشر للتأجير التمويلي”، إن الشركات العاملة بالنشاط عادة ما تعتمد على فكرة تمويل وشراء الآلات والمعدات الصناعية.

ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة ومعدلات التضخم دائمًا ما تؤثران بالسلب على نشاط التأجير التمويلى، إذ تضغطان على التكلفة الخاصة بالشركة، هذا إلى جانب تقليل الطلب من جانب العميل.

وأشار نادر إلى أن أسعار الأصول شهدت خلال الفترة الماضية زيادة واضحة، ومن بينها المنتجات المحلية التى تتعامل معها الشركة، موضحًا أن زيادة التكلفة على العميل عادة تدفعه لتقليل مشترياته أو تأجيلها، وبالتالى تتأثر عقود التأجير التمويلى الجديدة فى السوق.

وأوضح أنه فى فترات التعويم وبداية جائحة “كورونا” تأثرت عمليات التأجير التمويلى فى السوق بعوامل مماثلة.

ونشرت «المال» إن الشركة تستهدف عقودًا جديدة بقيمة 160 مليون جنيه خلال العام الحالى، وكانت أجرت عقودًا خلال أول 3 أشهر من العام، بقيمة 27 مليون جنيه، وتم منحها لصالح عدد من الكيانات الصناعية العاملة فى السوق المحلية.

كانت هيئة الرقابة المالية أعلنت مؤخرًا عن نمو قيمة عقود نشاط التأجير التمويلى خلال عام 2021 بنسبة 36%، على أساس سنوى.

وأظهرت مؤشرات الأنشطة المالية غير المصرفية خلال عام 2021 لنشاط التأجير التمويلى ارتفاع قيمة العقود من 80 مليار جنيه فى 2021، مقارنة بحوالى 60 مليارًا فى 2020.

يُذكر أن جهاز الإحصاء قال مؤخرًا إن معدل التضـخم السنوى لإجمالى الجمهورية سجل %14.9 لشهر أبريل 2022 مقابل %4.4 لنفس الشهـر من العام السابق، فيما بلغ الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين لإجمالى الجمهورية 129 نقطة للشهر ذاته، مسجلًا بذلك ارتفاعا قدره %3.7 عن شهر مارس 2022.