وبالرغم من قدرة شركات التأمين على كشف حالات كثيرة من الغش والاحتيال فإنها رصدت التكلفة الفعلية على الجانبين فحينما تكتشف هذه العمليات تتكبد تكاليف كبيرة للحصول على الأدلة التى تثبت ذلك مما يرفع مصروفاتها الإدارية بشكل كبير ويزيد الإجراءات الاحترازية اللازمة لمكافحتها وفى حالة عدم اكتشاف ذلك يكون الثمن باهظا من خلال دفع تعويضات كبيرة غير مستحقة وزيادة فى معدل الخسائر وتهديد للمركز المالى لها وكذا ضعف اتفاقات الإعادة نتيجة لكل ذلك.
درويش: التكنولوجيا الحديثة تتضمن قواعد بيانات يمكن من خلالها تتبع هذه الحالات
وقال أحمد درويش العضو المنتدب لشركة “رويال “ للتأمين على الممتلكات إن الغش والاحتيال التأمينى موجود فى قطاع التأمين منذ سنوات، لكن شركات التأمين تطبق المبدأ الأساسى فى التعامل مع العميل وهو مبدأ حسن النية، علاوة على أنه يتم تدريب خبراء المعاينة وتقدير الأضرار على أعلى مستوى لكشف أى حالات تحايل.
وأضاف أن شركات التأمين لديها إدراة تحريات تقوم بالحصول على المعلومات من العميل أو من ينوب عنه وتجتهد فى البحث والتدقيق فى صحتها أو العكس مرجعا ذلك إلى قوة قاعدة البيانات التى تخص كل شركة تأمين على حدة.
وأشار إلى أن شركات التأمين التى تتعرض لحالات غش واحتيال تأمينى تتكبد دفع تعويضات غير حقيقية مما يرفع من معدلات خسائرها وبالتالى تضطر إلى رفع السعر التأمينى على عملائها بشكل عام، وليس على المحتالين فقط فى كثير من الأحيان.
وأضح أن شركات التأمين التى تتعرض إلى حالات غش واحتيال تلجأ مع الوقت إلى زيادة عدد الخبراء القانونيين لديها والتحكيم، إضافة إلى وجود خبراء ومدققين فى التحريات مما يرفع تكلفة التعويضات المدفوعة لديها.
ولفت إلى أنه من مميزات التأمين الطبى بشكل عام ارتفاع السعر سنويا من %5 إلى %7 حتى فى حالات ربحية محفظته، أما فى حالة الخسائر فيتم التعامل بطريقتين فى الأولى تكون خسائر منطقية حيث يتم عقد جلسات مع العميل لإرشاده لكيفية السيطرة على تكاليف التعاقد وترشيد الاستهلاك وعدم تجاوز الحد المسموح به، علاوة على تحميل العميل جزء من الخسائر فى السنة الجديدة أما النوع الثانى لو تم إكتشاف عدم حيادية الخسائر المحققة فى التعاقد يتم رفع السعر عليه فى العام الثانى فى التجديد.
وأكد ضرورة استخدام تكنولوجيا المعلومات لتتضمن قواعد بيانات متقدمة يمكن من خلالها متابعة مسار حالات الغش المعروفة أو المشكوك فيها.
صوان: الاتحاد لديه قائمة سوداء ومن ثبت تورطه تم شطبه من المهنة
وبدروه، قال هانى صوان مديرعام قنوات البيع فى شركة “المهندس” لتأمينات الحياة إن الغش والاحتيال التأمينى موجود ويتزايد كلما تقدمت التكنولوجيا فالعميل سيئ النية يحاول أن يطور مهارات الغش لديه ليتواكب مع الطرق الجديدة الأكثر تطورا التى تعمل بها شركات التأمين.
وأكد أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين فهى بقدر ما تعمل على الوصول إلى العميل وشرح المنتج له بشكل مبسط ومفهوم فقد يستغلها المحتال فى تزوير الشهادات الرسمية أو الطبية والأختام المطلوبة.
وأوضح أن الخسارة الأساسية والمباشرة لشركات التأمين من الغش والاحتيال التأمينى تكون مالية نتيجة دفع مطالبات وهمية لا تغطى خطرا حقيقيا حدث بالفعل.
وأشار إلى أن أبرز السلبيات التى تواجه شركات التأمين من تكرار حالات الغش والاحتيال تظهر فى توتر العلاقة مع معيدى التأمين وبالتالى اهتزاز قوة التفاوض مما يهدد شركة التأمين بإلزامها برفع السعر التأمينى على عملائها نتيجة تردى نتائجها.
وأوضح أن الغش والتحايل فى التأمين على الحياة يبدأ من تقدم العميل بطلب التأمين والتزوير فى المعلومات المقدمة مثل الحالة الصحية أو الدخل الشهرى له أو بعض المعلومات الشخصية عن العميل ذاته.
ولفت إلى أن من أهم الأساسيات لدى شركات التأمين فى إتخاذ قرارها وطبقا لمبدأ حسن النية أن المعلومات الواردة من العميل مسلم بها لكن بعد تزايد حالات الغش والاحتيال بدأت الشركات تتشدد فى التدقيق فى المعلومات داخيا وخارجيا مما أثر على العميل الجيد الذى تحمل وز خطأ لم يرتكبه.
ورأى صوان أن الخسائر التى تتحملها شركات التأمين على الحياة نتيجة الغش فى التأمين لاتتوقف عند التعويضات فقط وإنما تصل إلى ضرورة دعم الاحتياطيات المالية للشركات كجزء من مخاطر التشغيل ومراجعة كفاية رأس المال.
وتابع أن شركات التأمين على الحياة قامت بتدريب المنتجين والوسطاء على دراسة طلب التأمين المقدم من العميل والالتزام بالنسبة المقررة من دخله والتى لاتتجاوز %15 ومحاولة الالتفات إلى بعض التصرفات التى يمكن اعتبارها بداية خيط لمتابعة صحة المعلومات مثل إنكاره التدخين ووجود علبة سجائر على مكتبه أو التظاهر بصحة جيدة ووجود بعض الأدوية والعقاقير التى يتناولها فى مواعيد معينة والتحقق من ذكره هذه الأمراض فى الطلب أم لا.
واعتبر “صوان” أن هناك قوائم سوداء بشركات التأمين يتم فيها إدخال اسم وبيانات العميل، وبالتالى يتم معرفة ما إذا كان عميلا جيدا أم لديه أى ممارسة للتحايل من قبل.
وأكد أن هناك حالات بعينها مسجلة لدى شركات التأمين قامت بالتحايل على أكثر من شركة فى وقت واحد بالإضافة إلى التركيز على أى منتِج وقع فى فخ الغش والتحايل، مشيرا إلى أن الرقابة المالية شطبت من قبل بعض العاملين والمنتجين من الشركات والمهنة تماما بعد ثبوت تورطهم فى حالات غش.
وأضاف أن عمليات الغش فى التأمين بشركات الحياة معقدة لكنها ليست مستحيلة بدليل تكرارها من وقت لآخر.
حمدان: المبيعات خط الدفاع الأول والتعاقد مع مقدمى خدمة لهم سمعة جيدة
ومن ناحيته، قال وائل حمدان رئيس قسم الشئون القانونية ونائب مدير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فى الشركة المصرية الإماراتية لتأمينات الحياة التكافلى إن إدارة المبيعات بشركات التأمين على الحياة هى خط الدفاع الأول عنها ضد الغش والاحتيال التأمينى لكونهم قادرين على الشك بشكل ظاهرى فى العميل المتحايل من خلال تصرفاته المريبة وإدلائه بمعلومات غير واقعية أو لاتتطابق مع بعضها كصغر دخله وقدرته على دفع قسط كبير لذا لابد أن يتم تدريبه بشكل جيد للغاية لصالح شركته مما يعود بالإيجاب على السوق ككل.
وأشار إلى أن حالات الغش والاحتيال التى تم الإمساك بها لم تُكبد الشركة أية تعويضات لكنها استغرقت وقتا وجهدا ومصروفات للبحث والتحقيق فيها لإثبات التحايل بالأدلة الدامغة.
وأضاف أن شركات التأمين تعمل جاهدة على التحرى قبل إصدار الوثيقة من خلال المبيعات والاكتتاب والكشف الطبى بالتعاقد مع مقدمى خدمة ذو سمعة جيدة لإجراء الكشف على العميل دون أدنى شك فى التواطؤ مع أى متحايل.
وأوضح أن شركات التأمين مع تكرار الحالات تجد نفسها مضطرة لتدعيم وتدقيق آليات المتابعة والمراقبة الداخلية والخارجية لمكافحة الغش من ناحية، والكشف بالأدلة عن الحالات الفعلية والتعامل معها، علاوة على أن ذلك يدفع الشركات إلى اللجوء للتحكيم القضائى.
وأكد أن الحد من التعويضات غير المستحقة ينعكس على مؤشر خسائر الشركة وبالتبعية السوق لذا فإن وجود قاعدة بيانات لكل شركة يتم تحديثها باستمرار سيقلص من هذه الحالات مهما كانت تجرى باحترافية.
وأوضح أن التحايل يمكن أن يحدث فى أى مرحلة من مراحل التعاقد فمثلا قبلها بالتزوير فى المعلومات أو فى أثناء التعاقد بمساعدة الوسيط أو المنتج أو بعد الإصدار بمدة من خلال ادعاء حدوث خطر ما وطلب التعويض.
وأكد أن التصدى للاحتيال من أهم مظاهر حماية حملة الوثائق من جانب الشركة خاصة وأنها تبقى على مركزها المالى قويا وتدفع التعويضات الحقيقية والمستحقة فقط ويكون معدل خسائرها جيدا وموقفها من إعادة التأمين قويا فى التفاوض وفى طلب التعويضات أيضا.
عانت شركات التأمين خلال السنوات الأخيرة من تزايد حالات الغش والتزوير فى وثائق عملائها من جانب قلة منهم، بهدف الاحتيال للحصول على تعويضات غير مستحقة وربما تكون هذه النوعية من العمليات فى الممتلكات بالسيارات والطبى لكون استهلاكاتهما مرتفعة مما يقلل من صدى التأثير أما فى نشاط الحياة فمبالغ التأمين كبيرة خاصة على الوثائق طويلة الأجل مما يستلزم بذل مجهودات كبيرة فى إحباطها.