ماهر أبو الفضل يكتب: العِّلية الأرسطية.. فى التأمينات البحرية

لا وجود للتأمين أو التغطية التأمينية ما لم يكن هناك خطر

ماهر أبو الفضل يكتب: العِّلية الأرسطية.. فى التأمينات البحرية
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

12:43 م, الأحد, 16 مارس 14

يخطئ من يظن – وإن بعض الظن إثم – أن النظريات الفلسفية درب من الخيال ومحض بحث فى الميتافيزيقا، ربما لأننا لم نجهد أنفسنا فى محاولة تطبيق تلك النظريات على ارض الواقع،وها هى شركات التأمين تضطرنا مجبرين الى استعادة تلك النظريات خصوصا نظرية العلة او العلية فى المنطق الارسطى لصاحبها أرسطو، والتى تقوم على أن لكل معلول علة أو أن لكل سبب مسببا.

ما تردد عن القرار شبه الجماعى الذى اتخذته شركات التأمين خلال الايام الماضية احالنى مضطرا لنظرية العلية الارسطية، ويتضمن هذا القرار تفويض – اه والنعمة تفويض- الهيئة العامة للرقابة المالية للتدخل لدى مصلحة الجمارك للاعتراض على قرار الزام المستوردين بشراء وثائق التأمين على البضائع المستوردة قبل الشحن وليس بعد وصولها للميناء، خصوصا أن هذا القرار مرتبط بعقوبة (ليست عقوبة بلا جريمة) تنص على تحمل المستورد المخالف للقرار سداد %2.5 من قيمة البضاعة للجمارك.

مبدئيا اذا طبقنا نظرية العلية على التأمين نصل الى نتيجة مفادها أنه لا وجود للتأمين أو التغطية التأمينية ما لم يكن هناك خطر ، والخطر هو حادث محتمل الحدوث ليس مؤكدا وليس مستحيلا ايضا، لأنه فى حالة تغطية خطر مؤكد فذلك يعد جنونا أو انتحارا وفى حال تغطية خطر مستحيل حدوثه فإن ذلك يعنى النصب بعينه ولتبسيط ذلك نضرب مثلا بالخطر مستحيل الحدوث فهل يمكن أن تؤمن على منزلك ضد السرقة وانت لا تملك منزلا من الاساس؟ وبالنسبة للخطر مؤكد الحدوث هل يمكن ان يؤمن شخص على حياة والده ضد خطر الوفاة ثم يقتله بالرصاص ويطلب التعويض من شركة التأمين.

خلافى مع اعتراض شركات التأمين على قرار مصلحة الجمارك يكمن فى أن الاعتراض نفسه لا محل له من الاعراب لأنه إذا لم يكن قادة الشركات على علم بقاعدة الخطر المؤكد والمستحيل علم اليقين فإن تلك مصيبة وإن كانوا على علم بها فالمصيبة أكبر، وثانيا: كيف تسوق شركات التأمين نفسها على أنها الضحية والمعذبة فى الارض وانها تعانى من مشكلة ضعف الوعى التأمينى لدى عموم الناس وفى الوقت نفسه تتاجر بهذا الضعف وتستثمره لصالحها بهدف جنى مكاسب ضيقة من خلال موافقتها على اصدار وثيقة تأمين للمستوردين كمستند مطلوب للإفراج عن الشحنة أو البضاعة من الميناء مقابل الحصول على قسط زهيد وإصدار وثيقة بأقل الشروط وهو شرط الفقد الكلى؟ هل يعقل ان تصدر وثيقة تأمين ضد خطر الفقد الكلى أو الغرق على الرغم أن البضاعة نفسها وصلت للميناء ومع ذلك يتساءل مسئولو القطاع عن سبب اتهام عوام الناس لهم باتهامات سيئة السمعة.

ثالثا: اذا قبلت الهيئة تفويض شركات التأمين لها بالتدخل للاعتراض على قرار الجمارك ستكون قد ارتكبت جريمة فى حق صناعة التأمين،قد أتفهم سبب لجوء المستوردين لشركات للتأمين لاستصدار وثيقة نقل البضائع ربما لارتفاع الغرامة التى تصل لـ%2.5 من قيمة البضاعة كاملة(وبالمناسبة هذه العقوبة ليست جديدة) لكن ما لا يمكن فهمه وادراكه هو قبول شركات التأمين ذلك رغم أن جميع الناس عوامهم قبل نخبتهم لديهم يقين بأن المستوردين سبب من اسباب اوجاعهم فى مصر.

يا قادة التأمين فى مصر كفى ممارسات أضرت بصناعة التأمين، كفى نحيبا وشجبا لأى قرارات قد تساهم فى ضبط ايقاع هذه السوق، كفى وألف كفى أسلوب المضاربات السعرية واستمراء أى وسيلة حتى إن كانت مخالفة لتحقيق غاية وحيدة وهى جلب الأقساط وتعظيم الأرباح، فهل هذا حلم أم أنكم تتعاملون مع صناعة التأمين بمنطق إذا كان الواقع مرا فالحلم أمر من المر!! وهل صدق شوبنهاور حينما قال: «من النادر أن نفكر فيما نملك، بل نحن نفكر فيما ينقصنا»..الله يسامحك يا ارسطو فلولا نظرية العلية ما اصابتنا العلة. 

ماهر أبو الفضل

[email protected]

ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

12:43 م, الأحد, 16 مارس 14