شهدت قمة المناخ كوب 27 المنعقدة حاليًّا بشرم الشيخ مشاركة عدد من الشركات المصرية، خاصة فى الجلسة الثانية ليوم إزالة الكربون، التى تناولت إزالة الكربون من صناعة الحديد والصلب، وقد شاركت خلال هذه الجلسة الشركة العربية للسبائك، وشركة مصر للقياس والتحكم “MMC” والتى قامت باستعراض عدد من الأدوات والتقنيات المطبَّقة على أرض الواقع لتخفيض الإنبعاثات الكربونية من صناعة الحديد والصلب.
قال راضى نصر، كبير المسؤلين الفنيين بشركة مصر للقياس والتحكم “MMC”، إنه على الرغم من حقيقة أن الكهرباء والنقل والصناعة هم المساهمون الرئيسيون في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية (أكثر من 75%)، فإننا قلِقون وحريصون على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من صناعة الحديد والصلب.
وأشار راضى إلى أن الدول الخمس الكبرى المسئولة عن أكثر من 60% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية هي الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند وروسيا واليابان،
ويبلغ متوسط نصيب الفرد من الانبعاثات 14 طنًّا في الولايات المتحدة الأمريكية، و8.4 طن في الصين، بينما في البلدان النامية والاقتصادات الناشئة حوالي 2.2 طن.
وقال مدحت نافع، رئيس مجلس إدارة العربية للسبائك، إن ما يقرب من 75% من الطلب العالمي على الفحم كمصدر للطاقة يأتي من قِبل صناعة الصلب،
فمعظمها من الأفران العالية التي تنتج ما لا يقل عن 70% من إنتاج الصلب العالمي، وقد قامت مصر مؤخرًا بإغلاق آخر فرن صهر كبير كان يعمل بالكاد في شركة الحديد والصلب المصرية،
ومن ثم قامت بتصفية الشركة التى تُعدّ الوحيدة المتكاملة رأسيًّا لفحم الكوك في حلوان المنطقة التي كانت في يوم من الأيام وجهة علاجية لعيون المياه الكبريتية.
وأكد رئيس مجلس إدارة العربية للسبائك أن مِن بين ملياري طن من الصلب تُستهلك، كل عام، من قِبل الدول الناشئة والنامية مساهمة مصر تمثل 8 ملايين طن فقط في السنة والتى تُعدّ ضئيلة جدًّا، لذا فإن مصر لديها بصمة كربونية أقلّ من معظم الدول المنافِسة الأخرى.
وتابع نافع أن البلدان النامية مثل مصر في مرحلة الانطلاق بمسار تنميتها، فهي ببساطة لا تزال تتطور، وبحاجة إلى الطاقة من أجل البقاء والوقود لتغذية هذا التطور،
فالفحم والنفط الأحفوري ومشتقاته هي المصدر الرئيسي للطاقة لقطاع التصنيع في هذا العالم، خاصة المستهلكين الثقال للطاقة،
فليس من العدل أن نطلب من هذه الدول النامية التي تعرضت لقرون من القمع والنضال من أجل نيل استقلالها، والذى يُعدّ حقًّا أصيلًا لها نفس القدر من الالتزامات التي وعدت بها دول العالم المتقدمة التي قامت باستنزاف موارد الكوكب وأضرّت المناخ لقرون.
وأشار كبير المسئولين الفنيين بشركة مصر للقياس والتحكم “MMC”، إلى أن صناعة الحديد والصلب حوالي 7% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية (GHG)، و11% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية،
وهنا يجب أن نفرق بين إضافة الكربون في صناعة الفولاذ لتوليد الحرارة وللعملية نفسها كخلائط من الفولاذ، إذ أنها أهم النقاط التى يجب أخذها في الاعتبار حيث سيتم توجيه مناقشتنا بشكل أساسي إلى إضافة الكربون لتوليد الحرارة.
وذكر راضى نصر أن الإنتاج العالمي للصلب تضاعف بين عامي 2000 و2020 حوالي 2 مليار طن في عام 2021، وفي ظل السياسة الحالية ونظم التكنولوجيا من المرجح أن يستمر استخدام الطاقة وانبعاثات الغازات الدفيئة في صناعة الصلب في الزيادة بسبب زيادة الطلب على الصلب،
لذا يمكن استخدام المقارنة المعيارية لتقييم إمكانات تحسين الطاقة والانبعاثات التي يمكن تحقيقها من خلال تنفيذ تدابير كفاءة الطاقة أو تقليل ثاني أكسيد الكربون،
كما يمكن لواضعى السياسات استخدام المعايير لتحديد أولويات خيارات توفير الطاقة وإزالة الكربون ووضع سياسات للحد من انبعاثات الطاقة الغازات الدفيئة،
كما أنه يجب أن تأخذ شدة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بمسارات إنتاج فرن الأوكسجين فى الفرن العالى، وفرن الأوكسجين القاعدى BF-BOF فى الإعتبار عند دراسة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون.
وشدد رئيس مجلس إدارة العربية للسبائك على أن صدمة واحدة فقط في إمدادات الغاز الطبيعي أجبرت الدول الكبرى على إتخاذ تدابير لتأجيل خططها لانتقال الطاقة “ألمانيا مثالًا”،
فالبلدان النامية ليست بعيدة عن تأثير هذه الصدمات فهي في عين العاصفة بين الفقر وآلام تغير المناخ الأخرى، ومع ذلك فإن مصر على سبيل المثال بها 104 ملايين مستهلك، و6% معدل نمو مسئول فقط عن 0.6% من انبعاثات الكربون!
هذا لا يعني أننا لا نهتم “بأمِّنا الأرض” إنها موطننا الوحيد؛ نحتاج فقط إلى إبراز المسؤوليات وأن نكون عادلين في توزيعها،
مستطردًا أنه تم التصريح بضرورة جمع 5 إلى7 تريليونات دولار أمريكي سنويًّا حتى عام 2030 من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة،
وذكر الخبراء الاقتصاديون مؤخرًا أن تريليون دولار أمريكي التى وُعد بها كل عام ستسهم فى تهدئة الاحتباس الحرارى العالمى أو تحييد انبعاثات الكربون، وهو ليس بالأمر الواقعي، ويجب مضاعفته ثلاث مرات حتى نستطيع تحقيق 1.5 درجة لتهدئة العالم.
وأكد نافع أن إطلاق مثل هذه الاستثمارات الضخمة ليس بالمهمة السهلة ويجب على الدول الغنية (الحكومات وكيانات القطاع الخاص)، جنبًا إلى جنب، مع الكيانات المتعددة الأطراف، أن تعمل جميعًا على إزالة الكربون من التقنيات القديمة باستخدام الوسائل المناسبة،
ففي22 COP بعض المشاركين كانوا يتفاخرون بالتعهد بتقديم 100 مليار دولار أمريكي لوقف الاحتباس الحراري، وتم اتهام الأسواق المالية بالتكاسل عن تقديم هذه الأموال التي تم التعهد بها! ولكن الآن التحديات أشد وطأة ويجب استدعاء كل الجهود لإنقاذ الكوكب.
وتابع كبير المسئولين الفنيين بشركة مصر للقياس والتحكم MMC، أنه من المعروف أن كل 1 كيلووات ساعة يتم استهلاكها في صناعة الصلب ينبعث منها 0.5 كجم من ثاني أكسيد الكربون،
وكل زيادة بمقدار 1 درجة مئوية في صناعة الصلب تعادل 0.22 كيلووات ساعة، أي أن كل 5 درجات مئوية أقل في العملية ستؤدي إلى تقليل 0.55 كجم تقريبًا من ثاني أكسيد الكربون؛
إذا تخيلنا أنه يمكننا خفض درجة حرارة العملية عالميًا بمقدار 5 درجات مئوية فقط، وبناءً على الإنتاج السنوي للفولاذ الذى يبلغ حوالي 2 مليار طن، فسيتم خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار مليار كيلوجرام.
من وجهة النظر هذه، تتحمل شركة MMC من خلال الجهود الداعمة لشركة Heraeus Electronite مسئولية تقديم تقنية قياس درجة الحرارة المستمرة إلى السوق المصري لتقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وهى تعمل بنجاح في شركة عز الدخيلة منذ سنوات واليوم سنقوم بتجربة هذا النظام في شركة المراكبي للصلب.
وأكد راضى أن أهداف Tomeet لاتفاقية باريس، والتخفيضات المستقبلية في الاستخدام المطلق للطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستتطلب ابتكارًا يتجاوز التقنيات المستخدمة على نطاق واسع اليوم،
فمن المحتمل أن تشمل التطورات الجديدة عمليات وأنواع وقود ومواد مختلفة بالإضافة إلى تقنيات يمكن تبنيها واستخدامها لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصناعة،
وتجدر الإشارة إلى أن أعلى الدول المنتجة للصلب الصين والهند واليابان والولايات المتحدة وروسيا تمثل 74% من إنتاج الصلب العالمي،
لذلك هناك حاجة إلى إجراءات جوهرية من قبل هذه البلدان على المدى القريب والمتوسط والطويل من أجل تحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.
وأشار كبير المسئولين الفنيين بشركة مصر للقياس والتحكم MMC، إلى أن تكلفة الحرارة المتولدة من الهيدروجين كوقود تبلغ حوالي 2.25 مرة من حرارة زيت البترول بمعدل 90 دولارًا/ للبرميل،
إذا علمنا أن إنتاج 1 كجم من الهيدروجين يكلف 4 دولارات/ كجم، لذا فلن نصل إلى نقطة التوازن أبدًا حتى تكون تكلفة إنتاج الهيدروجين أقل من 1.7 دولار / كجم.
واقترح كبير المسؤلين الفنيين بشركة مصر للقياس والتحكم MMC، لخفض الإنبعاثات الكربونية، أنه يجب على جميع دول العالم أن تتحمل مسؤوليتها بجدية تجاه التحكم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقليلها في جميع المجالات
وخاصة أكثر الدول المساهمة في هذا التلوث، إدخال الطاقة المتجددة إلى صناعة الصلب كوقود الكتلة الحيوية والهيدروجين،
كما يجب تركيز الاهتمام على خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين كوقود لتلبية هدف صناعة الصلب؛ تكلفة الهيدروجين الآن كوقود تقارب ضعف تكلفة وقود زيت البترول، لذا يجب تخفيض هذه القيمة إلى أقل من النصف للمنافسة.
واقترح رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للسبائك تقديم المنح والقروض الميسرة إلى البلدان النامية لإزالة الكربون من صناعاتها،
كما يجب أن يتم الإكثار من شراء منتجات مثل السندات الخضراء الصادرة لهذا الغرض من قِبل المستثمرين المسئولين كجزء من الواجب الأخلاقي،
ويجب منح ائتمان الكربون مجانًا لمصانع الصلب والسيليكون الحديدية في فترة انتقالية من أجل تحقيق انتقال أكثر استقرارًا وعدالة إلى إنتاج أكثر اخضرارًا،
ويجب إعطاء الأولوية للمنتجات منزوعة الكربون وتلك التي تحتوي على رصيد كربون في السوق، كما يمكن إنشاء صندوق خاص لتحول الطاقة في مصر بمشاركة منتجي الكربون الرئيسيين في العالم.