Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

العباسية .. تم تنظيفها فى دقائق؟

العباسية .. تم تنظيفها فى دقائق؟
جريدة المال

المال - خاص

1:07 م, الأثنين, 25 يونيو 12

فى الأمثلة المصرية القديمة يقال إن «رزق الهبل .. على المجانين » ، وهو ما تحققه الآن مليونيات ميدان التحرير التى تكاد تكون أسبوعية، دون أن تحقق للوطن شيئاً أكثر من تأزيم المرور – الذى هو بغيرها فى أزمة دائمة – فى الميدان والشوارع المؤدية إليه، وتعطيل حياة الناس الذين كرهوا تلك المليونيات التى لم يعودوا يعلمون من قام بها، ولماذا قام، حيث لا يسع الميدان – حتى لو امتلأ عن آخره – لأكثر من مائتى ألف متظاهر قدموا إلى مكان سيقوا إليه بأفكار وشعارات لم يفهموا منها شيئاً .. ولكنهم أتوا فى نوع من توسيع أرزاق باعة الكشرى، والبليلة، والبطاطا المسلوقة مع الكثير من الشباشب الصينية والملابس المستعملة التى غالباً ما تصيب لابسها بـ «الجرب » ، وفى أحيان كثيرة يكون عدد هؤلاء الباعة الجائلين أكبر كثيراً من عدد المتظاهرين !

ويعلم منظمو تلك المليونيات أن الإفراط فيها يقلل القيمة، ويقلل حماس الناس لها وإحساسهم بها، وكثيراً ما نسمع عن الدعوة لمليونيات من أحزاب كذا، وتيارات كيت لنفاجأ بأن أحدا لم يذهب حتى الذين دعوا إليها، حيث يبدو الأمر بتكرار تلك المليونيات وكأنها تحولت إلى «سبوبة إزعاجية » لشعب يريد أن يستريح – ولو قليلاً – ليفكر فى خطوته القادمة، بينما تكتفى الدعوات لتلك المليونيات الكريهة التى لم تعد تحقق شيئاً يذكر أكثر من إعادة إنتاج فوضى الشوارع التى يقل – حتى نباحها – كثيراً هذه الأيام بعد أن انتهى «عمرها الافتراضى » ، وانصرف عنها كل الذين خدعوا بها سابقاً بحثاً عن فرصة عمل جاد، أو لقمة عيش شريفة !

وعندما تعجز تلك المليونيات عن طرح مطلوبات جديدة أو شعارات تخرج بها، فإن الشعار الوحيد الباقى لكل مظاهرة هو الافراج عن المعتقلين بعد أن همدت انشودة تعويضات الثوار، والأخذ بالثأر، دون أن يقول لنا أحد : معتقلو ماذا : محمد محمود، ماسبيرو، مجلس الوزراء، بلطجة ميدان العباسية الأخيرة التى قُتل فيها بعض المجندين، ثم كيف يطالب هؤلاء بالافراج عمن اعتقلهم الأمن للتحقيق فى جرائم مصورة ارتكبوها فى تدخل وقح وسافر فى مهام للأمن والنيابة ثم المحاكم، وينبع ذلك الطلب الغريب من احساس لدى هؤلاء بأنهم من نفس نوعية المقبوض عليهم الذين كانوا يتصورون استمرار «السلاح مداح » الذى كان موجوداً وأن قلم اظافره الأمن الذى يتجمع الآن رجاله لإعادة تأمين شوارع المواطنين مثلما كانت، ولكن بغير عدوان على المواطنين المسالمين، وهؤلاء المطالبون بالافراج عن البلطجية انما يعملون حسابا لبكره، حيث يأتى دورهم فى الاعتقال للمحاسبة عن جرائم هم وحدهم الذين يعلمون توقيت خروجها للتنفيذ !

ورغم اعتقاد دعاة المليونيات هؤلاء بأن مليونياتهم تلك قد حققت شيئاً إلا أن الحقيقة هى أن شيئاً يذكر لم تحققه مليونياتهم، ويؤكد ذلك انصراف كل العاقلين عنها فور اكتشافهم بأن كل خطوة لهم فيها مدفوعة الثمن، وأن مقاولى السياسة هم «القابض الأصلى » لدولارات كل خروج بالملايين، بينما ينوب مقاولو التنفيذ بضعة ألوف، ثم ينوب بعض قادة تلك المظاهرات بضع مئات ما لم تكن ورقة بمائة دولار .. بالكثير، يسوقون بها أعداداً من البسطاء الذين خرجوا بحسن نية ليشاركوا فى مظاهرات خالية تماماً من حُسن النية؟

والغريب، والمدهش هو ما يقال – قبل كل مليونية – بأن الثوار مستمرون فى مسيرتهم، وأنهم مصرّون على تحقيق أهداف الثورة حتى لو قدموا حياتهم – ليس حياة من يقول – مقابل تحقيق تلك الأهداف، وأن العودة إلى منطقة العباسية ضرورة للرد على ما قامت به الشرطة العسكرية ضد أنصار أبوإسماعيل، ناسين تماماً أن هؤلاء البلطجية المستأجرين كانوا مصرّين على حصار مقر وزارة الدفاع ومهاجمته بما يسقط القيمة والوجود عما يعتبره الشعب المصرى كله «قدس الأقداس » ، وأن الجهد الذى بذله أبطال الشرطة العسكرية لم يكن أكثر من تنظيف المنطقة من كل الزبالة التى امتلأت بها، وأن ذلك كله لم يستغرق سوى دقائق عادت بعدها المنطقة نظيفة تماماً، حيث انسابت حركة المواطنين إلى أرزاقهم .. ومصالحهم بغير تعطيل؟ !

جريدة المال

المال - خاص

1:07 م, الأثنين, 25 يونيو 12