توقعات باستمرار الارتفاعات حتى نهاية العام
نقل الحاويات الفارغة قفز بتكاليف التشغيل لدى الخطوط بنسبة %27
تعانى صناعة الشحن البحرى خلال الفترة الأخيرة من أزمة حادة نتيجة نقص الحاويات، مما أدى إلي ارتفاع كبير فى تكلفة الشحن خاصة القادم من الموانيء الصينية، وبلغت أسعار الشحن للحاوية 40 قدما بين الصين وموانئ مصرية على البحر المتوسط مثل الإسكندرية ودمياط وبورسعيد ما يقرب من 14ألف دولار بينما سجلت 9000 دولار لميناء السخنة.
وأكد أحمد بدوي المدير العام للشركة الدولية للملاحة أن الأسواق شهدت تجاوز نوالين شحن للحاوية 40 قدما من الصين إلى الشرق الأوسط وأوروبا نحو 10 آلاف دولار بعد أن كان المعدل الطبيعى لسعر الشحن يقترب من الـ 3000 دولار حيث يشير مقياس «Drawry» إلى أن الزيادة تعدت الـ%300 فى الفترة نفسها من العام السابق.
وأرجع «بدوى» الأزمة إلي إغلاق موانيء الصين فى بداية 2020 مع ظهور جائحة «كورونا» وكذلك إغلاق الأسواق الأمريكية والأوروبية، ولكن عندما قضت الصين على الفيروس، وبدأ الإنتاج الصناعى يتعافى، ارتفع الطلب بوتيرة عالية جدا مع وجود كميات هائلة من البضائع فى حاويات بموانيء العالم لم يفرج عنها بسبب الإغلاقات.
وقال إن مشكلة أسعار الشحن تزايدت فى الشهور الأخيرة بسبب قلة أعداد الحاويات الفارغة، نظرا لتجنب بعض الخطوط الملاحية دخول موانيء الصين الجنوبية لانتشار كورونا فى مقاطعة جوانزو فى شهر يونيو الماضى حيث شملت الموانيء المتضررة ميناء يانتشيان وشيكو ونانشا، كما ألغت شركة ميرسك 64 رحلة إلى يانتياشتيان وشيكو فى يونيو الماضى، بالإضافة إلى إغلاق قناة السويس فى شهر مارس الماضى، لنحو 6 أيام، مما أدى إلى تراكم الطلب المتأخر وزاد من تداعيات الأزمة.
واستكمل «بدوى» أن تزايد الطلب على الحاويات الفارغة وعدم توافرها أدى إلى تفعيل الخطوط الملاحية لخدمة حجز الحاويات قبل قيام وكيل الشحن بعملية الشحن بوقت قد يصل إلى 15 يوما، بالإضافة إلى إغلاقات موانيء جنوب الصين فى «جوانزو» الخطوط لرحلاتها.
من ناحيته، قال أسامة عدلي المدير التجارى لشركة وكالة الخليج إن الأسعار تضاعفت 3 مرات، مرجعا ذلك إلى أن الصين والتى تمثل وحدها %25 من الإنتاج العالمى، أغلقت مصانعها والموانيء خلال أزمة كورونا مما اضطر شركات الخطوط الملاحية إلى تقليل أعداد رحلاتها بنسبة %50 بهدف تخفيض تكاليف التشغيل بجانب إيقاف السفن المستأجرة.
وتابع «عدلى» إنه عندما بدأت بودار الاطمئنان وعودة العمل والتجارة بين الصين وأوروبا وأمريكا اصطدم ذلك بقلة الحاويات الفارغة وانعكس ذلك على زيادة أسعار الشحن البحرى متوقعا استمرار ارتفاع نوالين الشحن حتى نهاية العام الجارى حتى تعود الأسعار إلى طبيعتها مع دخول سفن حاويات جديدة الخدمة ترفع من حجم العرض ويتناسب مع ارتفاع وتيرة الطلب.
يذكر أن بعض الخطوط الملاحية فرضت 75 دولاراً إضافية على مصاريف شحن الحاوية 20 قدما شريطة توفيرها للمصدرين، إذ يلجأ الخط الملاحى لجلبها فارغة من دول مجاورة ليتم ملؤها بالصادرات بعد تراجع أعداد الحاويات الواردة من الصين.
وأكد تقرير اقتصادى حديث أن الصادرات الصينية استمرت فى الارتفاع خلال شهر مايو الماضى وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ من الشهر السابق، بسبب الطلب العالمى القوى بعد انفتاح المزيد من الاقتصادات العالمية، فيما زادت الواردات بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
من جانب آخر، قرر الخط الملاحى الألمانى «هاباج لويد» – خامس أكبر خط ملاحى للحاويات عالميا – زيادة معدلات نولون النقل بالحاويات سواء الـ20 أو 40 قدما، وذلك فى المنطقة من شبه القارة الهندية والشرق الأوسط وباكستان إلى شمال أوروبا والبحر الأبيض المتوسط.
وأكدت الشركة فى بيان أن جميع الأسعار الجديدة سارية لجميع أعمال نقل الحاويات اعتبارا من أول أغسطس المقبل لتكون الزيادة بمقدار ألف دولار للحاوية، وأن السوق الملاحية العالمية توجه طلبا غير مسبوق على شحن البضائع، متوقعا أن يمتد هذا الوضع إلى النصف الثانى من العام الجارى.
وتابع الخط فى بيانه أن هناك تأخيرات فى موانئ الشحن البحرى فى أوروبا، مشيرا إلى أن هذا سيؤدى إلى زيادة تباطؤ التدفقات التجارية، وسيكون توافر الحاويات الفارغة صعبا خلال 6 – 8 أسابيع مقبلة، حيث إن السوق الملاحية تحتاج إلى مزيد من الحاويات الجديدة.
وقال محمد صلاح مديرالعمليات السابق فى توكيل الحمامصى مارين، ومحاضر فى إحدى جامعات سلطنة عمان ،إن الميزان التجارى لدى الصين يتميز بالفائض مقارنة مع أمريكا وأوروبا وبالتالى الحاويات التى تحتاجها السلع الصينية كبيرة أكثر من المطلوبة فى أمريكا والتى شهدت تعطل الكثير من الحاويات الفارغة فى الموانئ الأمريكية خلال فترة الإغلاقات أثناء جائحة كورونا.
وأوضح أنه مع وصول الحاويات إلى الموانيء الأمريكية، تراكمت على الأرصفة وزاد ذلك من الاختناقات والتكدس، حيث أبحرت السفن فارغة، مشيرا إلى أن حركة نقل الحاويات الفارغة مكلف جدا للخطوط الملاحية وترفع تكاليف التشغيل لديه إلى %27 ونتيجة للفائض الكبير فى الميزان التجارى للصين، اتجهت خطوط بالحاويات الفارغة إلى الموانيء الآسيوية خاصة الصين لنقل بضاعتها ودون انتظار للطلب.
وقال إن الطلب على السلع الصينية كان كبيرا جدا مما دفع الصين إلى القبول بنوالين شحن مرتفعة لنقل بضائعها،مما ساهم فى رفع الأسعار بدرجة غير مسبوقة.
وأضاف أن ارتفاع النوالين زاد من أسعار السلع والمنتجات بشكل مباشر ومازالت تتصاعد بالإضافة إلى ارتباك فى تخزين قطع الغيار والخامات نتيجة قلة حركة الحاويات ونقصها.
وأوضح أن النقل البحرى يتميز بسهولة نقل البضائع وبكميات هائلة ويساهم فى نقل %90 من تجارة العالم، ونتيجة لذلك اتجه عدد من الصناعات إلى تقليل مخزونها لسهولة الحصول عليه وقت الطلب بينما بعد الاصطدام بتوقف الموانيء نتيجة جائحة كورونا وتأخر وصول الشحنات، ألغى عدد من المستوردين والمصدرين شحناتهم لنقص الحاويات وذلك من أهم تداعيات كورونا المستمرة حتى اليوم.
وأكد أن تقليل المخزون لدى الشركات المصنعة والمستوردة كان يستهدف تقليل التكاليف وبعد أزمة نقص الحاويات وتأثر الشركات سلبيا، أصبح هناك اتجاه كبير إلى زيادة الطلب على المكونات ومواد الخام لعدم اليقين فى وصول الشحنات وعدم الثقة فى نظام النقل مما زاد على مخزون المكونات والمواد الخام.
وأشار إلى أنه من تداعيات نقص الحاويات وارتفاع الأسعار ، هو زيادة الطلب على شراء الحاويات الجديدة لتعويض النقص الحاصل فى السوق العالمية والذى تهيمن عليها أكبر 3 شركات صينية فى العالم.