أنهت الولايات المتحدة حقبة أيمن الظواهري ثاني زعيم لتنظيم القاعدة إثر تصفيته في ضربة جوية استهدفته في العاصمة الأفغانية كابول.
وتعد هذه أكبر ضربة لتنظيم القاعدة منذ الضربة التي استهدفت زعيمها الأول ومؤسسها أسامة بن لادن في عام 2011.
وأيمن الظواهري أو “الزعيم الممل” كما وصفته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، كان قد انزوى في سنواته الأخيرة مكتفيا بإصدار الكتب والمقالات وبعض مقاطع الفيديو التي كانت تحث على المزيد من الأعمال الإرهابية.
وعمليا، فقد الظواهري – 71 عاما – قدرته على الفعل في ظل افتقاده للكاريزما التي ميزت شخصية أسامة بن لادن، وعجزه عن السيطرة على جماعات إرهابية أخرى على رأسها داعش التي أعلنت خلافها مع “القاعدة” وأفكارها.
من هو أيمن الظواهري؟
أيمن الظواهري كان الطبيب الشخصي لأسامة بن لادن قبل أن يتحول إلى مستشار ونائب له، ثم زعيم للتنظيم.
وللظواهري، بصمة فكرية كبيرة على التنظيم، إذ أنه صاحب رؤية استهداف الولايات المتحدة أولا، قبل العمل على إسقاط الأنظمة العربية التي وصفها بأنها “موالية للغرب وتقف حائلا دون قيام الخلافة الإسلامية”.
والظواهري أيضا هو صاحب أفكار استهداف العسكريين والمدنيين من الأمريكيين “وحلفائهم”.
ومع ذلك، ظل الظواهري رجل “فكر” لا عمل، وكانت كتاباته “ثقيلة” وخطاباته مملة وغير جذابة، الأمر الذي أفقده القدرة على إدارة التنظيم وتسبب في خلافات بينه وبين الإرهابيين الناشئين.
نشأة أيمن الظواهري
ولد الظواهري في يونيو عام 1951 بحي المعادي بالقاهرة، لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة إذ كان والده محمد ربيع الظواهري ، أستاذًا في الفارماكولوجي (علم الأدوية والعقاقير)، وجده لأمه كان رئيسًا لجامعة القاهرة.
تأثر الظواهري مبكرا بعمه محفوظ عزام الذي كان ينتقد “علمانية” الحكومة المصرية، كما تأثر بكتابات سيد قطب المفكر المصري الذي أصبح أحد مؤسسي التطرف الإسلامي في القرن العشرين.
وحسب ما نقلته “واشنطن بوست”، فإن إعدام قطب من قبل الحكومة المصرية في عام 1966 ألهم الظواهري – الذي كان يبلغ من العمر 15 عامًا آنذاك – إلى تأسيس ما سيعرف لاحقا باسم جماعة الجهاد.
حصل الظواهري على شهادة في الطب من جامعة القاهرة وخدم لفترة وجيزة في الجيش كجراح، ثم افتتح عيادته الخاصة، وكان يقوم أحيانًا برعاية المرضى في عيادة بالقاهرة برعاية جماعة الإخوان المسلمين.
تزوج من عزة نوير، وهي ابنة عائلة مصرية ثرية مرتبطة بالسياسة، وأنجب الزوجين ابن وخمس بنات.
أثناء عمله في عيادة الإخوان المسلمين، دُعي الظواهري للقيام بأول زيارة لمخيمات اللاجئين على طول الحدود الأفغانية الباكستانية. وهناك تعرف على أسامة بن لادن.
ندوب الإرهاب في مصر
بدأت جماعة الجهاد التابعة للظواهري سلسلة من المؤامرات في أوائل الثمانينيات لاغتيال قادة مصريين ولعبت دورًا في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، وفقا لواشنطن بوست.
وقد أدت حملة حكومية واسعة تلت الاغتيال إلى سجن الظواهري مع مئات من أتباعه.
تم الإفراج عن الظواهري بعد أن قضى حكماً بالسجن ثلاث سنوات، لكنه ادعى لاحقاً في مذكراته أنه تعرض للتعذيب أثناء سجنه.
بعد السجن، سافر الظواهري بشكل متكرر إلى جنوب آسيا ووجد بشكل متزايد قضية مشتركة مع المجاهدين ومع بن لادن نفسه، الذي اعتمد عليه كطبيب شخصي.
وقد أدى ثبات الظواهري في تقديم المساعدة الطبية للمجاهدين في مواجهة القصف السوفيتي لأفغانستان إلى تعزيز سمعة الطبيب بين المجاهدين، فضلاً عن صداقته الدائمة مع بن لادن.
قام الظواهري بزيارة واحدة على الأقل للولايات المتحدة في التسعينيات، لجمع الأموال للجمعيات الخيرية الإسلامية التي تقدم الدعم للاجئين الأفغان.
في الوقت نفسه، واصل الضغط على أتباعه المصريين نحو هجمات أكبر وأكثر إثارة في الداخل، معتقدًا أن مثل هذه التكتيكات الوحشية المروعة ستجذب انتباه وسائل الإعلام وتطغى على الأصوات الأكثر اعتدالًا التي تدعو إلى الحوار مع الحكومة.
أثناء إقامته في أفغانستان عام 1997، ساعد الظواهري في التخطيط لهجوم وحشي على السائحين الأجانب في الأقصر فيما عرف لاحقا باسم “مذبحة الأقصر”.
أدت المذبحة إلى مقتل 62 شخصًا بينهم سياح يابانيين، وفتاة بريطانية تبلغ من العمر 5 سنوات و4 مرشدين سياحيين مصريين.
وقد أدت المجزرة إلى نبذ الجماعة والظواهري من قبل المصريين العاديين، وتبخر أي تعاطف معهم.
وبعد فترة وجيزة ، أخبر الظواهري أتباعه أن العمليات في مصر لم تعد ممكنة وأن المعركة تتحول إلى إسرائيل وحليفتها الرئيسية، الولايات المتحدة.
ولاحقا اندمجت جماعة الجهاد رسمياً مع تنظيم القاعدة الأكبر حجماً والأفضل تمويلاً.