تراجعت قيمة التعهدات المالية الصينية لقارة أفريقيا للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، نتيجة لمحاولة ثاني أكبر اقتصاد في العالم تجنّب الانتقادات بشأن إثقال أفريقيا بالديون التي لا يُمكن تحمّلها.
تعهّد الرئيس شي جين بينغ بتقديم 40 مليار دولار لقارة أفريقيا في خطاب بالفيديو يوم الإثنين أمام المنتدى الثامن للتعاون الصيني الأفريقي المنعقد في السنغال، والذي يتم تنظيمه كل ثلاث سنوات.
سيتم تقسيم الأموال بالتساوي بين الخطوط الائتمانية للمؤسسات المالية الأفريقية، واستثمارات الشركات الصينية، والتمويلات التجارية، وحقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي.
ويمثل ذلك انخفاضاً نسبته 33% عن 60 مليار دولار تم الالتزام بها في القمة نفسها عام 2018، عندما قامت الصين بمطابقة المبلغ بتعهّد الفعالية السابقة فقط.
ضاعفت الصين قبل ذلك التزامها المالي تجاه القارة كل ثلاث سنوات خلال المنتدى، الذي يُعقد لمدة يومين، في عام 2006. ويعتبر المنتدى أداة بكين الرئيسية لإدارة علاقتها مع القارة.
إثقال أفريقيا بالديون
إلى ذلك، ردت بكين على الانتقادات الموجهة لدبلوماسية “فخ الديون” في السنوات الأخيرة، قائلة إنَّه لم يتم الاستيلاء على أي أصول أجنبية لسداد قرض صيني.
كما ذكرت وسائل الإعلام المحلية في وقت سابق من هذا الأسبوع أنَّ الحكومة الأوغندية تسعى لتعديل اتفاقية قرض صيني لتجنّب فقدان السيطرة على المطار الدولي الوحيد في البلاد، وهو ما وصفته بكين بأنَّه “ادعاء مُختلق”.
برزت الصين في العقد الماضي كأكبر دائن دولي غير تجاري في العالم، فقد أقرضت عدة بنوك سياساتها المالية المملوكة للحكومة الدول النامية بأكثر من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. كما خضع هذا الإقراض لتدقيق دولي ازداد حجمه بعدما تسبّب الوباء في تعليق عشرات الدول سداد الديون.
إلى جانب الـ 40 مليار دولار، تعهّد الرئيس الصيني بتقديم مليار جرعة إضافية من اللقاحات التي تحتاج إليها أفقر قارات العالم بشدة، في الوقت الذي تعاني فيه من متغير “أوميكرون” الفيروسي الجديد. وقال شي، إنَّ ذلك سيساعد الاتحاد الأفريقي على تحقيق هدفه المتمثل في تطعيم 60% من سكان القارة بحلول العام المقبل.
التنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات
وأضاف شي في المنتدى: “نحتاج إلى وضع حياة الناس في المقام الأول، وإلى أن يقوم العلم بتوجيهنا. نحتاج إلى دعم التخلّي عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات كوفيد-19، وأن نضمن حقاً إمكانية الحصول على اللقاحات، والقدرة على تحمُّل أفريقيا لتكاليفها بهدف سد الفجوة في التحصين”.
تعهّد شي كذلك بوصول قيمة الواردات الصينية من أفريقيا إلى 300 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو هدف متواضع بالنظر إلى مسار الاستيراد الحالي للبلاد.
أكد شي أنَّ الصين ستفتح ممرات خضراء أمام الصادرات الزراعية الأفريقية، وستسرِّع من إجراءات التفتيش والحجر الصحي، وستزيد حجم المنتجات غير الخاضعة للضرائب الجمركية للمساعدة في تحقيق الهدف.
ستقوم بكين بإعفاء البلدان الأفريقية الأقل نمواً من الديون المستحقة على شكل قروض حكومية صينية دون فوائد بحلول نهاية العام 2021، وهو التعهّد نفسه الذي قطعته الصين في التعهدات المالية لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي خلال العام 2018.
قالت هانا رايدر، الرئيس التنفيذي للشركة الاستشارية “ديفيلوبمنت ري إيماجيند” ، ومقرها بكين، إنَّ التعهّدات المالية لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي لا يعتبر انسحاباً من القارة، مضيفة أنَّ ذلك يعكس أنَّ الصين كانت تستمع إلى طلبات الحكومات الأفريقية بشأن تأسيس نوع مختلف من المشاركة.
وأضافت رايدر أنَّ هذا هو “نوع الالتزام المطلوب من شريك التنمية”.