أبرزت نتائج المزايدات الأخيرة التى طرحها قطاع البترول للبحث والتنقيب عن الخام عودة «الصحراء الغربية » لتحتل قائمة أكثر المناطق الجاذبة لاستثمارات البحث والتنقيب الأجنبية، حيث أسفرت المزايدة عن فوز شركات أجنبية عاملة فى مصر وأخرى لم يسبق لها العمل، بنحو 5 قطاعات جديدة لصالح شركات إتش بى إس آى التونسية، وترانس جلوب الكندية، وأيوك وأديسون الإيطاليتين .
وبلغ إجمالى الاستثمارات المنفذة للشركات الأجنبية العاملة فى مصر فى أنشطة البحث والاستكشاف والتنمية حوالى 8 مليارات دولار، فى حين يبلغ متوسط إنتاج مصر من الزيت الخام والمتكثفات حوالى 670 ألف برميل يومياً .
وأكد مسئول بالهيئة العامة للبترول، أن الهيئة تتبنى مخططاً طموحاً لزيادة معدلات نشاط البحث والاستكشاف عن البترول والغاز من خلال طرح المزايدات العالمية، وعقد الاتفاقيات البترولية من أجل دعم الاحتياطيات وزيادة معدلات الإنتاج من الثروة البترولية .
وقال إن المزايدة الأخيرة ونتائجها نفت ما يحاول البعض تأكيده من احتلال الصحراء الغربية قائمة المناطق الجاذبة لاستثمارات البترول، مؤكداً أن تلك المنطقة مازالت تحوى داخلها احتياطيات مبشرة من الزيت الخام .
وتميزت بعض الاكتشافات الجديدة بالصحراء الغربية باختراقها طبقات عميقة لم تكتشف من قبل، مما يفتح المجال إلى مزيد من الاكتشافات .
ولفت المسئول إلى أنه رغم صغر حجم حقول الصحراء الغربية وانخفاض حجم إنتاج تلك الحقول مقارنة بالحقول البحرية أو بحقول مناطق الدلتا والسويس، لكن «الغربية » مازالت من أقوى الأماكن جذباً للاستثمارات الأجنبية، نظراً لأن الخام لم يعد الجاذب الرئيسى للمستثمر، بل توفير التسهيلات وانخفاض تكلفة الإنتاج وأسعار الخام المتوقعة أصبحت عوامل رئيسية تتحكم فى قرار المستثمرين .
وأكد الدكتور حمدى البنبى، وزير البترول الأسبق، أن الصحراء الغربية مازالت بقائمة المناطق الجاذبة لاستثمارات التنقيب البرية خاصة للشركات الصغيرة، حيث إن منطقة البحر المتوسط على سبيل المثال، تجذب الشركات الكبرى التى تستهدف ضخ استثمارات ضخمة لاستخراج الغاز الطبيعى، مثل شركات شل وبى بى وآردبليو إى أى وبى جى وغيرها .
وأوضح أن البحث عن الغاز لابد أن ترافقه قدرة الشركات على إنشاء مصانع الإسالة التى تتكلف المليارات، وبالتالى التوجه إلى الصحراء الغربية وزيادة الإقبال عليها، وهذا يرتبط بحجم الشركة المستثمرة ونوعية الإنتاج التى ترغب باستخراجه .
وقال «البنبي » إن شركات البترول الصغيرة تفضل العمل فى مناطق البترول منخفضة المخاطرة، مقارنة بمثيلاتها البحرية، لذلك يتم الإقبال على الصحراء الغربية والشرقية وجنوب الوادى لإنتاج الخام، الذى من الممكن أن تصاحبه كميات من الغاز الطبيعى .
وأضاف أن الصحراء الغربية تتمتع بمزايا جعلتها تجذب الاستثمارات حتى الآن، أولاها قاعدة البيانات الضخمة عن المنطقة وإنتاجها الضخم الذى يؤكد امكانية وجود حقول ملاصقة للحقول القديمة التى أعطت إنتاجاً لفترات طويلة .
وقال إن تكثيف عمليات البحث والتنقيب بالصحراء الغربية لم يفقدها رونقها كما يتصور البعض، ولكنه خلق قاعدة بيانات متكاملة تتحكم فى قرار المستثمر النهائى، موضحاً أن الصحراء الغربية تأتى على قائمة المناطق الجاذبة للاستثمار، تليها جنوب الوادى ثم الصحراء الشرقية .
وقال الدكتور إبراهيم لطيف، أستاذ اقتصادات البترول والطاقة، إن الصحراء الغربية لم تفتح للبحث والاستكشاف الجدى إلا فى الثمانينيات، لكن تلك المنطقة حقولها صغيرة ولم يتم اكتشاف حقول ضخمة فيها حتى الآن، لكن الخام وارتفاع حجمه لم يعد عامل الجذب الأكبر للمستثمر، فيوجد العديد من المقومات التى تغرى المستثمر، ومنها ارتفاع نقاوة وجودة الخام المستخرج من المنطقة .
وأشار إلى أن الصحراء الغربية منطقة حديثة الاستكشاف نسبياً مقارنة بمناطق أخرى، موضحاً أن قرار البحث والتنقيب بمنطقة محددة يتم اتخاذه بناءً على الأسعار العالمية للبترول والتوقعات المستقبلية لتلك الأسعار، حيث إن التوقعات الإيجابية لارتفاع تلك الأسعار تجعل من المجدى تكثيف عمليات الحفر والتنقيب فى الصحراء الغربية .
وقال إن الحفر فى مناطق تحققت فيها اكتشافات مسبقاً مثل الصحراء الغربية أفضل من المخاطرة فى حفر مناطق جديدة، رغم امكانية احتواء الأخيرة لاحتياطيات ضخمة، والقرار الأول والأخير بيد المستثمر، موضحاً أن خليج السويس وسيناء تأتيان على قائمة المناطق الثرية بالخام والجاذبة للاستثمار تليهما الغربية ثم جنوب الوادى .
ونوه بأن مناطق الفيوم وبنى سويف وغيرهما من المناطق الأخرى بالصحراء الغربية مناطق واعدة، رغم توقعات صغر حجم إنتاجها مقارنة بمناطق أخرى، موضحاً أن الصحراء الغربية من كبرى المناطق مساحة حيث تبلغ 266 ألف كيلو متر .
وقال إن زيادة مساحة الصحراء الغربية تزيد فرص التنقيب والبحث وترفع من احتمال وجود الزيت الخام، مما يمكن الشركات من تحقيق اكتشافات جديدة، بالإضافة إلى ذلك فإن الصحراء الغربية تحدها العديد من الدول الغنية بالخام مثل الجزائر وموريتانيا وغيرهما، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تضخ الصحراء الغربية أكبر إنتاج بترولى لمصر خلال عام 2020.
وأوضح أن العائق الوحيد الذى يمكن مواجهته فى الاتفاقيات الجديدة، هو انخفاض أسعار البترول العالمية، بشكل لا يعوض التكاليف الاستثمارية، خاصة مع انخفاض أسعار خام برنت دون مستوى 80 دولاراً للبرميل .