السيولة النقدية فى أسواق الخليج تقفز 112 % فى عام «كورونا»

إجمالى القيمة السوقية للبورصات ترتفع 2% فقط

السيولة  النقدية فى أسواق الخليج تقفز 112 % فى عام «كورونا»
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

6:51 ص, الثلاثاء, 19 يناير 21

قفزت السيولة  النقدية فى الأسواق الخليجية %112 خلال العام الماضى الذى انتشر فيه وباء فيروس كورونا لتتجاوز 670 مليار دولار بالمقارنة بعام 2019، بينما ارتفع إجمالى القيمة السوقية للبورصات الخليجية بنسبة %2 فقط أو ما يعادل 59 مليار دولار من 3.003 تريليون دولار الى 3.062 تريليون دولار خلال نفس الفترة.

وصعد إجمالى القيمة السوقية للبورصات الخليجية خلال شهر ديسمبر الماضى بنسبة %28 أو حوالى 683 مليار دولار ليصل إلى أكثر من 3 تريليونات دولار خلال، مقارنة مع المستوى المتدنى الذى انحدر إليه خلال ذروة أزمة كوفيد 19.

وأظهر مسح قام به المحللون فى شبكة  CNBC أن فيروس كورونا الذى انتشر منذ مارس 2020، تسبب فى خسائر قدرها 8000 نقطة نتيجة تداعيات الأزمة الصحية، ورغم ذلك استطاعت مؤشرات الأسواق الخليجية أن تتعافى وتحقق مكاسب بنسبة %98 تصعد 7900 نقطة نهاية العام الماضى.

أسهم الشركات الخليجية تهبط  بين 13 % و36 % فى الربع الأول

هبطت أسعار أسهم الشركات فى منطقة الخليج بنسبة تتراوح بين 13 % و36 % فى الربع الأول من العام الماضى بعدما اعترفت منظمة الصحة العالمية بفيروس كورونا وباءا عالميا،مما زاد المخاوف من ركود عالمى نتيجة انتشار المرض المميت، تلاها حرب أسعار البترول بين المنتجين الكبيرين السعودية وروسيا لتهوى أسعار النفط لمستويات متدنية قبل أن تنتعش مع نهاية العام الماضى .

وفى المقابل عوضت الأسواق الخليجية بعض الخسائر بمجموعة من المحفزات الاقتصادية من الحكومات فى دول الخليج، إضافة لتعافى أسعار البترول متجاوزة  50 دولارا للبرميل، وإحراز تقدم ملحوظ على صعيد تطوير لقاحات ضد كورونا

كما قدم المستثمرون من الأفراد والمؤسسات المحلية للأسواق ولاسيما السعودية سيولة كانت فى حاجة شديدة إليها ساعدتها على التعافى لدرجة أن الأسواق المالية الخليجية شهدت  6 إدراجات جديدة بقيمة سوقية تقارب 13 مليار دولار منذ بداية عام 2020 حتى نهايته.

بورصة الرياض الأفضل عربيا

أنهت الأسهم السعودية عام 2020 على ارتفاع ومكاسب، لتحق أفضل أداء بين بورصات المنطقة العربية وسط عام عصفت به الجائحة، بدعم من تعافى أسعار البترول وقوة التدفقات المالية ليرتفع مؤشر تداول لأسهم جميع الشركات السعودية المدرجة بأكثر من 3.6 % خلال العام الماضى مسجلا خامس مكسب سنوى له على التوالى لتزداد ثقة المستثمرين به، ولاسيما مع استمرار التوزيع العالمى للقاحات فى أكثر من 50 دولة حتى الآن .

 ونشرت مجموعة سامبا المالية السعودية تقريرا اقتصاديا عن ديسمبر الماضى جاء فيه أن الاقتصاد السعودى غير النفطى سيشهد انتعاشاً بنسبة 3.7 % خلال العام الجديد مع توفر فرص استثمارية خلال العشر سنوات القادمة تصل إلى 6 تريليونات دولار ليتجاوز الانكماش الذى تكبده فى 2020 والذى بلغت فيه تدفقات الاستثمار الأجنبى إلى المملكة العربية السعودية نحو 2.6 مليار دولار فقط بالنصف الأول من العام الماضى.

انتعاش الاقتصاد السعودى فى شهر ديسمبر

شهد الاقتصاد السعودى فى شهر ديسمبر الماضى انتعاشا مع ارتفاع مؤشر مديرى المشتريات PMI  الصادر عن مؤسسة IHS ماركيت البحثية إلى 57 نقطة مقابل54.7 نقطة فى نوفمبرالماضى، ليشير إلى تحسن حاد فى ظروف التشغيل حيث أرجعت الشركات هذه الزيادة إلى تحسن الطلب والسعر فى السوق بالإضافة لنمو المبيعات بدعم من الطلبات المحلية.

كما تقدم مؤشر مديرى المشتريات PMI  الصادر عن مؤسسة  IHS  فى دولة الإمارات العربية لشهر ديسمبر إلى 51.2 نقطة مقابل 49.5 نقطة من نوفمبر2020، مشيرا لتحسن متجدد فى أداء القطاع، ورغم ارتفاعه إلى أعلى مستوى له خلال 16 شهرًا  إلا أن معدل النمو الذى أشار إليه المؤشر كان معتدلاً.

 وربطت الشركات الزيادة فى الإنتاج إلى تحسين ظروف السوق والارتفاع المستمر للطلب، مشيرة إلى زيادة الأعمال الجديدة فى ديسمبر بوتيرة أكثر وضوحًا مقارنة بمعدل التوسع الطفيف فى نوفمبر.

تضخم أعباء الديون السيادية لدول الخليج

 ومع ذلك ترى وكالة موديز الأمريكية لخدمات المستثمرين أن  عودة الناتج المحلى الخليجى الحقيقى لمستويات ما قبل الوباء يحتاج من 2 إلى 3 سنوات، مشيرة إلى أن انخفاض عائدات البترول يقلص الإنفاق الحكومى ويزيد من تحديات سوق العمل، مؤكدة أن تضخم أعباء الديون السيادية لدول الخليج من بين الأكبر عالمياً حتى الآن.

6 تريليونات دولار استثمارات سعودية فى 10 سنوات

ولكن ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان أعلن أن فرص الاستثمار بالمملكة تصل إلى 6 تريليونات دولار خلال السنوات العشر القادمة، وأن نصفها مشاريع جديدة يتم تمويل 85 % منها من صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص السعودى، والنسبة الباقية من خلال رأس المال الخليجى والعالمى.

 وأدت تداعيات فيروس كورونا إلى تراجع الأرباح الصافية لتسع شركات بتروكيماويات مدرجة بالسوق السعودية بنسبة 75 % لتصل إلى 1.8 مليار ريال مع نهاية العام الماضى، مقارنة مع أرباح بنسبة  7.4 مليارات ريال سجلتها هذه الشركات فى عام 2019.

 القطاع الصناعى المستفيد الأكبر من كورونا

ومع ذلك أكدت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية أن عدد التراخيص الصناعية الجديدة التى أصدرتها الوزارة للمصانع خلال العام الماضى بلغ 903 تراخيص بحجم استثمارات وصل إلى 23.5 مليار ريال، لتؤكد على الاهتمام الشديد بالقطاع الصناعى الذى استفاد من جائحة كورونا من خلال إنتاج المستلزمات اللازمة للوقاية من المرض والمساعدة فى مكافحته، متوقعة مزيدا من التحسن للشركات فى قطاع الأعمال بسبب إطلاق لقاحات فيروس كورونا خلال العام الجارى.

انتعاش القاعدة النقدية فى الدوحة

أما فى قطر فقد تحسنت القاعدة النقدية خلال شهر ديسمبر الماضى بنسبة 6.8 % على أساس شهرى إلى 101.2 مليار ريال، وبنسبة 40.6 % قياساً بنفس الشهر من العام الذى سبقه، برغم انتشار مرض كوفيد 19 وفقا لبيانات مصرف قطر المركزى.

وارتفع النقد المُصدر بنسبة 20.5 % وصولاً الى 26.3 مليار ريال مسجلا أعلى مستوى على الاطلاق، ليدعم النمو الشهرى للنقود الإحتياطية فى الجهاز المصرفى القطرى خلال الشهر الماضى.

ورغم زيادة فائض الأرصدة الإحتياطية إلى 10.3 مليار ريال والاحتياطى الإلزامى الى 40.4 مليار ريال، تراجعت الودائع وفق آلية سوق النقد بنسبة 6 % لتنزل إلى 24.4 مليار ريال، وتشكل النقود الإحتياطية فى قطر ما نسبته 38 % من إجمالى موجودات مصرف قطر المركزى البالغة 263.2 مليار ريال بنهاية شهر ديسمبر أول الماضى.

ساعد وباء كورونا أيضا على انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين فى قطر خلال شهر ديسمبر الماضى بنسبة 3.37 % على أساس سنوى بضغط من عدة قطاعات على رأسها التسلية والترفيه والثقافة، والسكن، والماء والكهرباء، وفقا لبيانات جهاز التخطيط والإحصاء القطرى.

و ما زال مؤشر التضخم فى قطر يتحرك ضمن النطاق السالب فى ديسمبر للشهر 27 على التوالى بتأثير من التراجع المتواصل فى مجموعة السكن والكهرباء والماء والغاز وبعض أنواع الوقود التى تمثل نحو %22 من تركيبة المؤشر، ومن المتوقع أن يخرج مؤشر التضخم من الهامش السالب عام 2020 إلى النطاق الموجب خلال العام الجارى ليرتفع لنسبة 2.1 %.

المصالحة الخليجية وسط وباء كورونا

رغم انتشار وباء كورونا الذى أودى بحياة ما يزيد عن مليونى ضحية وإصابة 96 مليون مريضا منذ بداية العام الماضى حتى الآن، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت انفراجة للأزمة الخليجية التى عصفت بتاريخ مجلس التعاون الخليجى منذ تأسيسيه منذ أكثر من 41 عاماً لتنتهى بعد نحو 3 سنوات ونصف السنة، بفضل المصالحة التى قادتها الكويت ودعمتها واشنطن قبل أيام من خروج ترامب من البيت الأبيض وسط أجواء التفاؤل التى تسود الشارع الخليجى وتؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين الدول الأعضاء فى المجلس .

وأعلنت الرياض عن إعادة فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية مع قطر قبيل ساعات من انطلاق القمة الخليجية فى السعودية، بينما رد عليه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى بإعلانه ترؤس وفد بلاده لقمة العلا التى شهدت التوقيع على بيان المصالحة التى ساندت بورصة قطر كانت أول المحتفلين بالمصالحة الخليجية بتسجيلها ارتفاع قياسى على مستوى المؤشرالعام صعد به إلى أعلى مستوى منذ اكثر من عام.

 ومن المتوقع  أن يشهد قطاع الأعمال الذى تأثر بتبعات الأزمة الخليجية نوعا من الإنتعاشة فى قطاعات السفر والسياحة والتجزئة  النقل الجوى والبرى وعودة حركة الأفراد والبضائع والسلع التى توقفت مع الرياض منذ يونيو عام 2017، مع تعافى اقتصاديات دول المنطقة من تبعات جائحة كورونا وعودة الحياة الى طبيعتها بالتدريج.