أثار صعود تيار الإسلام السياسى لدفة الحكم فى مصر تخوفاً كبيراً لدى ممثلى العديد من القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها القطاع السياحى، حيث تخوف ممثلو هذا القطاع من انهيار السياحة الشاطئية، التى تستحوذ على نحو 80% من إجمالى إيرادات القطاع، من خلال تنظيم تشريعات تحد من حريات الوفود، خاصة فيما يتعلق بملبسهم ومشربهم.
ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير، وحتى الآن تراجعت إيرادات القطاع السياحى بنحو الثلث إلى 9.5 مليار دولار العام الماضى، ووفق بيانات غير رسمية فإن نحو 800 ألف عامل بالقطاع السياحى فقدوا وظائفهم خلال الـ19 شهراً الماضية، وكان المطلب الرئيسى لممثلى القطاع السياحى منذ الانتخابات البرلمانية وحتى الآن، الحصول على وثيقة كتابية من رؤساء الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية بعدم وجود ما يمنع استمرار السياحة الشاطئية المتعارف عليها فى جميع أنحاء العالم بحيث يحصل فيها السائح على جميع حرياته من مأكل وملبس ومشرب، إلى جانب اتخاذ موقف صريح ضد بعض الرموز السلفية التى توعدت بهدم الهرم وأبو الهول.
وطالب الاتحاد العام للغرف السياحية ولجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال الدكتور محمد مرسى فور فوزه برئاسة الجهمورية بتوجيه رسالة سياحية لجميع دول العالم من إحدى المدن الشاطئية، ولتكن مدينة شرم الشيخ على سبيل المثال، غير أنه لم يستجب لمطالب القطاع حتى الآن.
كما أثار تجاهل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور مطالب ممثلى القطاع فى مواد الدستور، الذى تم تمريره مطلع الأسبوع الماضى، الشكوك لدى ممثلى القطاع بأن هناك اتجاهاً واضحاً لدى حزبى الحرية والعدالة والنور السلفى بتهميش القطاع السياحى ووضع قوانين تحد من حريات السائح فى مصر، حيث تصدرت عبارات تحمل فى جوهر النقد والسخرية منها «أم أيمن ستضع فى اعتباراتها القطاع السياحى أثناء صياغة الدستور».
إلهامى الزيات: القطاع ما زال لديه مخاوف بشأن مستقبل السياحة الشاطئية
يقول إلهامى الزيات، رئيس الاتحاد العام للغرف السياحية، إن ممثلى القطاع ما زالت لديهم مخاوف بشأن مستقبل السياحة الشاطئية بعد صعود التيار الإسلامى للحكم، خاصة فى ظل تجاهل مجلس الشعب المنحل، مطالباً الاتحاد بأن يكون هناك ممثل للقطاع الذى تقدر استثماراته بنحو 200 مليار جنيه داخل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
وأضاف أن الاتحاد بالرغم من ذلك طرح تصوره بشأن السياحة للجمعية التأسيسية لوضع الدستور بشأن المواد الواجب وضعها فى مشروع الدستور، لكن الجمعية التأسيسية لم تستجب لتلك المقترحات، سواء من قريب أو بعيد.
وأكد الزيات أن ممثلى القطاع ليست لديهم مصلحة شخصية من صعود أى تيار لسدة الحكم، ولكن ما يهمهم عدم المساس بالمبادئ والقواعد العامة للنشاط السياحى مقتبساً عبارة ونستوتن تشرشل رئيس الوزراء البريطانى خلال الحرب العالمية الثانية «انجلترا ليس لها أصدقاء للأبد وليس لها أعداء للأبد ولكن لها مصالح للأبد».
الفترة الماضية شهدت العديد من الظواهر السلبية
ولفت إلى أن الفترة القليلة الماضية شهدت العديد من الظواهر السلبية منها التصريحات غير المسئولة من بعض الرموز السلفية منها «هدم أبو الهول والأهرامات»، مشيراً إلى أنه تلقى اتصالات للاستفسار عن هذا الحدث من منظمى الرحلات العالمية قائلاً: «بالرغم من خطورة تلك التصريحات فإننا لم نجد أى اعتراض من قوى تيار الإسلام السياسى للرد عليها أو نفيها».
وقال إن مؤسسة الرئاسة والحكومة عليهما، أن يكونا أكثر مسئولية فى التعامل مع الأزمات السياسية والتى تعتبر المتحكم الرئيسى فى القطاع السياحى، فلا يعقل أن يصدر الرئيس إعلاناً دستورياً دون التوافق مع التيارات السياسية الموجودة بل إنه لم يأخذ رأى نائبه ومستشاريه، الأمر الذى ترتب عليه عودة العنف مرة أخرى للشارع المصرى فى الوقت الذى كان ينتظر فيه القطاع أن يتعافى بعد عامين من الخسائر.
وفيما يتعلق برؤية الأحزاب ذات المرجعية الدينية للقطاع السياحى، أوضح الزيات أنه درس بدقة برامج حزبى «الحرية والعدالة» و«النور» السلفى، مشيراً إلى أن كلا البرنامجين لا يتناسبان مع المقصد السياحى المصرى فى الوقت الراهن، خاصة أنه يركز على السياحة العلاجية التى تتطلب استثمارات تتجاوز مليارات الدولارات وأهمل جزءاً كبيراً من السياحة الشاطئية التى تتجاوز استثماراتها القائمة 200 مليار جنيه.
ومن جانبه قال ناجى عريان، نائب رئيس غرفة المنشآت الفندقية باتحاد العام للغرف السياحية إن صعود الإخوان للسلطة كان لها مردود سلبى على القطاع السياحى، مشيراًً إلى أنه تلقى اتصالات من منظمى الرحلات السياحية من مختلف الدول المصدرة للسياحة المصرية أكدوا فيها عدم القيام بأى رحلات جديدة لحين وضوح القوانين المنظمة للقطاع السياحى، خاصة بعد تجاهل الدستور لمطالب القطاع.
وأضاف أن الدول الغربية تنظر لمصر حالياً على أنها “أفغانستان” الثانية فى ظل التصريحات غير المسئولة الصادرة عن عدد كبير من قيادات تيار الإسلام السياسى.
عمرو صدقى: أخطاء حزب «الحرية والعدالة» كلفت القطاع المزيد من الخسائر
وقال عمرو صدقى، نائب رئيس غرفة شركات السياحة، رئيس لجنة التشريعات والقوانين بالغرفة، إن أخطاء حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين فى إدارة الحكم كلفت القطاع السياحى المزيد من الخسائر، ولفت إلى أن جانباً ليس بالقليل من شركات القطاع السياحى أوشكت على أن تعجز عن دفع أجور للعاملين فيها.
وتساءل صدقى لماذا يواصل تيار الإسلام السياسى حصار المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى أثار انتباه جميع دول العالم، كما دعا نحو 60 محكمة من الدول المصدرة للسياحة المصرية بتعليق عملها تضامناً مع المحكمة المصرية قائلاً: «لو استجابت 10 دول فقط لمحاكمها الدستورية وحذرت مواطنيها من السفر إلى مصر لأدى ذلك لانهيار القطاع بالكامل».
وقال حسام الشاعر، رئيس غرفة الشركات السياحية باتحاد الغرف السياحية إن خسائر القطاع السياحى تجاوزت 300 مليون دولار فى الشهر الواحد بعد الأزمة السياسية الناتجة عن الاعلان الدستورى الأخير ناهيك عن التجاهل التام للسياحة فى بنود الدستور.
وأوضح محمد أيوب، عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت الفندية، أن القطاع كان متفائلا بوجود رئيس للجمهورية منتخباً بعد مرور فترة تجاوزت الـ 16 شهراً من الثورة فى ظل تخبط فى السياسات، إلا أن فشل مؤسسة الرئاسة فى إدارة أمور الدولة أصاب القطاع بالإحباط الشديد مشيراً إلى أن القطاع فقد الكثير من جاذبيته بسبب تضارب القرارات السيادية.
وقال: علينا إن نعترف بأن سيطرة عناصر الإسلام السياسى على الحكم أثارت تخوف العديد من منظمى الرحلات من مختلف أنحاء العالم خاصة المهتمين بالسياحة الشاطئية، حيث يرى الكثيرون أن مصر فى طريقها إلى تأسيس دولة الفقيه على غرار النظام الإيرانى.
وقال أحمد الجابرى، رئيس شركة ايزادورا للسياحة، إن القطاع تضرر بشكل كبير منذ بدء الثورة إلا أن تضارب القرارات وعدم قدرة النظام الحاكم على دراسة الوضع الاقتصادى أديا إلى تعرض القطاع للمزيد من الخسائر، لافتاً إلى أن نسب إشغال المنشآت الفندقية لا تتجاوز الـ5% فى الوقت الحالى.
أحمد الجابرى: الاستقرار لن يتأتى بمجرد وجود رئيس أو دستور ولكن بإدارة رشيدة
وأكد أن الاستقرار لن يتأتى بمجرد وجود رئيس أو دستور ولكن بإدارة رشيدة، لافتاً إلى أن الإعلام الغربى يرصد التخبط فى السياسات الحكومية، كما ينقل كل التصريحات الرسمية وغير الرسمية عن اللاعبين فى الساحة السياسة المصرية وللأسف جميعها تدعم وجهات النظر السلبية، متسائلاً هل الوقت مناسب لإصدار فتاوى لتحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم؟!، مؤكداً أن تلك الفتوى لها تأثير فى غاية الخطورة على القطاع طوال العام بشكل كامل وعلى الاحتفال بـ«الكريسماس» على وجه التحديد، حيث ترى الدول الأجنبية التى يعتنق غالبيتها المسيحية أن الشعب المصرى معاد لهم.
وقال محسن راضى، رئيس لجنة السياحة والإعلام بـ«حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن الحزب ليس لديه أى نية سواء من قريب أو بعيد لإلغاء السياحة الشاطئية، مشيراً إلى أن «الحرية والعدالة» لديه خطة للنهوض بالقطاع من خلال تنويع منتجاته عبر تنشيط السياحة الثقافية.
وأضاف أن الاعلام المصرى، خاصة القنوات الفضائية ساهمت بشكل كبير فى نقل صورة سلبية عن الأحزاب ذات المرجعية الدينية، منها استضافة بعض الشخصيات المتشددة أو التركيز على بعض المواقف الشاذة منها قيام أحد أعضاء مجلس الشعب بإلقاء الأذان داخل قاعة البرلمان قائلاً: «لم يكن هناك داع للتركيز على هذه الواقعة إعلامياً بهذا الشكل».
نادر بكار: الحزب ليس لديه نية فى الوقت الحالى بالقضاء على أى مؤسسة اقتصادية قائمة
وقال نادر بكار، المتحدث باسم حزب النور السلفى، إن الحزب ليس لديه نية فى الوقت الحالى بالقضاء على أى مؤسسة اقتصادية قائمة بما فيها السياحة الشاطئية وإن كانت لدى تحفظات عليها انطلاقاً من المبادئ والقيم التى تحكمنى ولا يمكن أن اتخلى عنها، وفق تعبيره.
وأكد أنه على استعداد للمشاركة فى اللقاء الذى دعا إليه حزب الحرية والعدالة بشأن تنظيم جولة لزيارة جميع المناطق السياحية بهدف ايصال رسالة إيجابية لجميع الدول العالمية.
وأشار إلى أن الحزب دعا الى مبادرة جديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية وهى إقرار هدنة سياسية لمدة محددة قد تكون عاماً تعكف فيها الحكومة والرئاسة والقوى السياسية المختلفة على تنفيذ اجندة تشريعية واقتصادية تتفق على ملامحها الرئيسية من اجل النهوض بالاقتصاد القومى وإنعاشه واستعادة ثقة العالم بالاقتصاد المصرى، لافتاً إلى أن هذه الخطوة كفيلة بإدارة عجلة الاقتصاد مرة أخرى.
وطالب بكار الإعلام بالمهنية وأن يكون تنموياً مدللاً على ذلك التقرير الذى أذاعته قناة روسيا اليوم الخاص بنوع جديد من السياحة وهى السياحة الزراعية، وهو ما بدأ ينتشر فى مصر وكيف أن السائحين مبهورون بهذا النوع وبجمال الطبيعة المصرية فى الوقت الذى استضافت فيه قناة فضائية مصرية أخرى لثلاث مرات شخصاً ليس قياديا فى جماعته وطلع علينا بفتوى هدم الأهرامات وما أعقبها من لغط شديد فى الشارع المصرى بل والعالم لكننا يجب أن نبحث من يتكلم وعمن يعبر.
وأكد أنه مؤمن بأهمية السياحة للاقتصاد القومى المصرى، وهو ما دعاه إلى تلبية دعوة الاتحاد، بالرغم من أنها صادفت دعوة مؤسسة الرئاسة نفسها للمشاركة فى جلسات الحوار الوطنى.
وزير السياحة: القطاع تأثر سلباً بالتصريحات التى أدلى بها بعض القوى المحسوبة على التيارات الدينية
وقال هشام زعزوع وزير السياحة، إن القطاع السياحى تأثر سلباً بالتصريحات التى أدلى بها بعض رموز القوى المحسوبة على التيارات الدينية، منها الدعوة بهدم الهرم وأبو الهول، لكن على المستوى الرسمى نجد اهتماماً من الرئاسة والحكومة بالقطاع، مدللاً على ذلك بالزيارة التى قام بها الرئيس محمد مرسى للأقصر فى اليوم الثانى لتشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل والتقى فيها الوفود السياحية ودعاهم لزيارة المدن الشاطئية، مؤكداً أن جميع الخطابات العامة التى ألقاها الرئيس لم تخل من الحديث عن القطاع السياحى وأهميته فى توفير العملة الأجنبية.
زعزوع: جميع خطابات الرئيس مرسي الرسمية تحدث فيها عن أهمية القطاع للاقتصاد
وأضاف: أتعجب من إصرار ممثلى القطاع على قيام الرئيس بزيارة لإحدى المدن الشاطئية، مشيراً إلى أن الوضع الحالى من توترات وانقسامات داخل المجتمع لا يسمح له القيام بذلك كما لا يمكننى أن أطلب مثل هذا الأمر من الرئيس وقد رأيته بنفسى يدعو الأجانب لزيارة تلك المدن، مؤكداً أن جميع خطابات الرئيس الرسمية تحدث فيها عن أهمية القطاع للاقتصاد وكمصدر للعملات الأجنبية.
وأوضح أن الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزارء، قام أيضا بمجموعة من الزيارات للعديد من المناطق السياحية، منها زيارة منطقة أهرامات الجيزة إلى جانب افتتاح منفذ «طابا – هايتس» البحرى الذى كان متوقفاً طوال حكومة النظام السابق، مشيراً إلى أن أعداد الوفود السياحية التى زارت مصر خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر الماضى بلغت نحو 10.5 مليون سائح بزيادة قدرها 17.2% على أعداد الوفود السياحية التى زارت مصر خلال العام الماضى بالكامل، والتى لم تتجاوز الـ9.8 مليون سائح، بما يدلل على أن حجم الطلب على القطاع السياحى، ما زال قوياً، بالرغم من التوترات السياسية والأمنية التى تمر بها مصر حالياً.
ولفت إلى أن حجم إيرادات القطاع السياحى بلغ، خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر نحو 9 مليارات دولار مقارنة بـ7.9 مليار دولار فى العام الماضى، و11 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2010 الذى يمثل عام الذروة، مضيفاً أن متوسط إنفاق السائح عاود الارتفاع مرة أخرى، حيث بلغ 74 دولاراً لليلة الواحدة بدلاً من 69 دولاراً العام الماضى، مؤكداً أنه مجرد استقرار الأوضاع الأمنية السياسية، سيرتفع هذا الانفاق ليصل إلى 85 دولاراً لليلة، كما كان الوضع خلال فترة ما قبل الثورة.
وأكد أن استمرار الاستقطاب والاضرابات السياسية سيقضى على القطاع بالكامل، مشيراً إلى أن الفترة السابقة لعودة التظاهرات مرة أخرى للميادين، تجاوز معدلات الاشغال فيها داخل الفنادق الـ75%، مشيراً إلى أنها تراجعت لدون الـ50% فى مناطق البحر الأحمر بينما لم تتجاوز الـ15% فى فنادق القاهرة والأقصر وأسوان.