قال السفير الصيني بالقاهرة لياو ليتشيانغ إن جائحة كوفيد- 19 اجتاحت العالم بشكل مفاجئ منذ مطلع هذا العام، وعمل الشعب الصيني على مكافحتها بروح الفريق الواحد، وحقق نتائج استراتيجية كبيرة في هذا الصدد.
جاء ذلك خلال حفل الاستقبال الذي نظمته السفارة عبر الإنترنت اليوم احتفالًا بالذكرى السنوية الـ71 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
وأكد أنه قبل أيام قليلة بعث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برقية تهنئة إلى الرئيس الصيني شي جينبينغ، بمناسبة حلول العيد الوطني الصيني، حيث أشاد بالطفرة التي شهدتها علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر خلال السنوات الماضية، متمنيًا أن يتقدم التعاون العملي بين البلدين في شتى المجالات إلى الأمام بخطوات حثيثة.
وأضاف السفير الصيني أنه من خلال الجائحة أدركنا أن الحزب الشيوعي الصيني هو مرشد الطريق للأمة الصينية نحو نهضتها العظيمة، وهو السند الأكثر موثوقية للشعب الصيني أمام عواصف الأزمات.
وتابع: تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، حقق الشعب الصيني التحرير والاستقلال الوطني، وصنع معجزات لا مثيل لها تتمثل في التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي المستمر، سائرًا على طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
واستطرد: خلال العام الحالي سينتهي الشعب الصيني من مهمة بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وسيحقق القضاء التام على الفقر المُدقع، هذا يعني أن الصين ستحقق أهداف الحد من الفقر الواردة في أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة قبل الموعد المحدد بـ10 سنوات.
وأشار إلى أنه في مواجهة الجائحة وضع الحزب الشيوعي الصيني أرواح أبناء الشعب الصيني في المقام الأول، حيث اتخذ إجراءات حازمة وحاسمة لمواجهة الجائحة، وقاد الشعب الصيني بشجاعة وعزيمة نحو السيطرة عليها واستئناف النشاطات والأعمال بمختلف القطاعات.
نتائج ملحوظة
ونوه بأنه أحرزت الصين نتائج ملحوظة في الدفع المتوازي بعجلة تعزيز الوقاية من جائحة كوفيد- 19 والسيطرة عليها وبعجلة تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومنذ الربع الثاني من العام الحالي، عاد الاقتصاد الصيني إلى النمو، لتصبح الصين أول دولة في العالم تستأنف نموها الاقتصادي.
وقال السفير الصيني: من خلال الجائحة أدركنا أن الإصلاح يمثل القوة المحرِّكة الأساسية للتنمية الوطنية، والانفتاح عالي المستوى على الخارج يعد خيارًا استراتيجيًّا لخلق مزايا البلاد الجديدة في التعاون والتنافس الدوليين.
ولفت إلى أن القوة الوطنية القوية المتراكمة بفضل تطبيق الصين سياسة الإصلاح والانفتاح توفر لنا الثقة في القدرة على الانتصار على الجائحة، على خلفية تشابك التغيرات غير المسبوقة التي تشهدها الأوضاع الدولية مع تفشي جائحة كوفيد-19، عملت الصين على توظيف مزايا سوقها الكبيرة وتحفيز الطلب المحلي، بما يشكّل معادلة تنموية جديدة تستند إلى الدورة المحلية كالدعامة الأساسية والتفاعل الإيجابي بين الدورتين المحلية والدولية. وستواصل الصين تعزيز الانفتاح على الخارج بشكل شامل، بما يضفي قوة دافعة على الانتعاش والنمو للاقتصاد العالمي.
من خلال الجائحة أدركنا أن بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية يعد الطريق السليم لمواجهة التحديات المشتركة وبناء عالم أكثر جمالًا وازدهارًا.
وقال إن جائحة كوفيد-19 ذكّرت البشرية بطريقة استثنائية بأنها تعيش في مجتمع ذي مستقبل مشترك وتشترك سويًّا في السراء والضراء.
وأضاف أنه لا يمكن لأي دولة أن تنفرد بالسلامة والأمان أمام الأزمات الكبرى، ولا يمكن للمجتمع الدولي تجاوز هذه الأزمات إلا من خلال التضامن والتعاون.
وتابع إن أي تصرّف أنانيّ يسعى وراء التهرب من المسئولية من خلال إلقائها على عاتق الآخرين وتلفيق وتوجيه اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة ضد الآخرين لا يلحق أضرارًا بصاحب التصرّف نفسه فقط، بل بشعوب العالم جمعاء.
وتابع في كلمته: كما كشف التاريخ والواقع لنا أنه ما دام يلتزم المجتمع الدولي بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ويتمسك بتعددية الأطراف ويتبع طريق التضامن والتعاون، فستكون شعوب العالم قادرةً على معالجة مختلف القضايا العالمية سويًّا.
وقال إنه تنتمي الصين ومصر كلتاهما إلى أصحاب الحضارات العريقة والباهرة، وإن العزيمة التي لا تلين، والمثابرة التي لا تُقهر تنصهران في الصفات القومية والجينات الحضارية المشتركة التي تجمعنا.
وأضاف أنه تحت رعاية وإرشاد الرئيس الصيني شي جينبينغ و الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتضامن وتتكاتف وتتعاون الصين ومصر في التصدي لجائحة كوفيد- 19، الأمر الذي يزيد الصداقة الصينية المصرية عمقًا والتعاون الصيني المصري قوةً وآفاق العلاقات الصينية المصرية رحابةً.
وأشار إلى أن الصين ومصر أخوان حميمان يكافحان جائحة كوفيد- 19 يدًا بيد.
وأضاف: لن ننسى أنه في الفترة الحرجة لمكافحة الصين ضد الجائحة، بعث الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالة التضامن إلى الرئيس الصيني شي جينبينغ، وكلّف وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد بزيارة الصين حاملةً معها مستلزمات طبية ووقائية، ووجّه بإضاءة ثلاثة معالم أثرية مصرية بألوان العلم الصيني.
وردًّا للجميل، قدمت الحكومة الصينية 4 دفعات من المساعدات الطبية إلى الحكومة المصرية، كما تبرعت مؤسسات المجتمع المدني الصينية والشركات الصينية بكمية كبيرة من المستلزمات الطبية والوقائية لصالح مصر الصديقة.
المساعدات والتبرعات الصينية لمكافحة كورونا
وتابع: لقد تجاوز إجمالي قيمة المساعدات والتبرعات الصينية الخاصة بمكافحة جائحة كوفيد- 19 لمصر 100 مليون جنيه مصري.
وبالإضافة إلى ذلك، قام الجانب الصيني بتزويد الجانب المصري بأحدث نسخة برتوكول التشخيص والعلاج وبرتوكول الوقاية والسيطرة وغيرهما من الوثائق الفنية الخاصة بالجائحة أولًا بأول.
كما تم عقد 6 اجتماعات افتراضية عبر تقنية الفيديوكونفرانس بين خبراء الصحة من البلدين لتبادل الخبرات والتجارب.
وفي مجال التعاون في لقاحات ضد جائحة كوفيد- 19، يتقدم التعاون بين الصين ومصر إلى الأمام بخطوات ثابتة، إذ ستوقع اللجنة الوطنية الصينية للصحة ووزارة الصحة والسكان المصرية على خطاب نوايا بشأن إجراء التعاون في لقاحات ضد جائحة كوفيد- 19.
وإن الصين ستفي بتعهدها الجدي بأن اللقاحات الصينية ستكون منفعة عامة للعالم عندما تنتهي من التطوير وتكون جاهزة، وستكون القارة الإفريقية بما فيها مصر من أوائل المستفيدين منها.
وأكد : نحن على يقين راسخ بأن البشرية ستتغلب على الجائحة في نهاية المطاف، وسيكون النصر حليف شعوب العالم حتمًا.
وقال إن الصين ومصر شريكان عزيزان يعملان على استئناف العمل والإنتاج جنبًا إلى جانب. الجائحة لا تستطيع إيقاف خطوات التعاون الصيني المصري، ويمثل الضغظ على زر “التسريع” للتعاون العملي بين البلدين من أجل تعويض الوقت الضائع، يمثل تطلعنا المشترك.
حجم التجارة المشتركة
وفي النصف الأول من العام الحالي، بلغ إجمالي حجم تجارة الصادرات والواردات بين الصين ومصر 6 مليارات و692 مليون دولار أمريكي، بزيادة قدرها 2.7% على أساس سنوي، رغم تفشي جائحة كوفيد- 19.
كما نجحت الشركات الصينية العاملة بمصر في ضمان التقدم بتنفيذ المشروعات التعاونية النموذجية في إطار مبادرة “الحزام والطريق” مثل مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع القطار المكهرب بمدينة العاشر من رمضان، وذلك من خلال الجهود الحثيثة على مسارين متوازيين؛ مسار الوقاية من فيروس كورونا المستجد ومسار الحفاظ على السير المنتظم لأعمال البناء والتشييد.
وفي النصف الأول من العام الحالي، وصل حجم الاستثمار الصيني المباشر في مصر إلى 71.68 مليون دولار أمريكي، بزيادة قدرها 34.6% على أساس سنوي.
وفي أيام الجائحة تمّت إقامة سلسلة من الفعاليات الثقافية المتنوعة عبر الإنترنت لمواصلة تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين.
كما تم التوقيع على مذكرة التفاهم بشأن إتاحة تدريس اللغة الصينية في مدارس التعليم قبل الجامعي بمصر كلغة أجنبية ثانية اختيارية التي تتيح فرصة جديدة لتقوية التعاون التعليمي بين البلدين.
ونوه بأن الصين ومصر صديقان جيدان يشتركان دائمًا في السراء والضراء كتفًا بكتف.
وكشفت جائحة كوفيد- 19 الضرورة المُلحّة لإصلاح وتحسين منظومة الحوكمة العالمية، وزادت توافق وتلاحم الصين ومصر في رؤيتهما في هذا الشأن، حيث وجدت الدولتان القواسم المشتركة التي تجمعهما في إطار الوعي بأهمية إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، ومن ضمن هذه القواسم المشتركة: بناء العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والعدالة والمكاسب المشتركة ودعم تعددية الأطراف والتجارة الحرة مع نبذ الهيمنة والتنمر والاستبداد.
الجدير بالذكر أنه خلال الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، قررت الصين ومصر وغيرها من الدول العربية عقد قمة صينية عربية من أجل تخطيط خارطة الطريق لإقامة مجتمع المستقبل المشترك فيما بينها.
وقال إن الجانب الصيني على استعداد تام للعمل مع الجانب المصري سويا على مواصلة ترقية العلاقات الصينية المصرية، لتصبح العلاقات الصينية المصرية نموذجًا رائدًا يُحتذى به لإقامة مجتمع المستقبل المشترك فيما بين الصين والدول العربية والإفريقية.
يمر العالم حاليًّا بالتغيرات غير المسبوقة والتي زادت جائحة كوفيد- 19 من سرعتها، وتواجه البشرية الخيارات الحاسمة بين التقدم والتراجع وبين الوحدة والانقسام وبين الانفتاح والانغلاق.
في هذا السياق أوضح الرئيس الصيني شي جينبينغ الرؤية الصينية في هذا الصدد، خلال مشاركة فخامته في الاجتماع رفيع المستوى لإحياء الذكرى السنوية الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة والدورة الـ75 للجمعية العامة الأمم المتحدة، حيث دعا جميع الأطراف إلى التمسك الراسخ بتعددية الأطراف والدعم الثابت لدور الأمم المتحدة المحوري في الشئون الدولية والعمل المشترك على إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وأكد الرئيس الصيني شي جينبينغ قائلًا: إنه يجب علينا تكريس مفهوم مجتمع المستقبل المشترك الذي يربط بعضنا بالبعض، ورفض محاولة بناء كتل لإقصاء الآخرين والانفراد بالمكاسب، وتكريس مفهوم التعاون والتنافع مع نبذ الخلافات الأيديولوجية وتجاوز فخ صراع الحضارات، واحترام الطرق والأنماط التنموية التي تختارها الدول الأخرى بإرادتها المستقلة.
وتابع : يجب علينا العمل بحزم على بناء الاقتصاد العالمي المنفتح، والحفاظ على المنظومة التجارية متعددة الأطراف القائمة على أساس منظمة التجارة العالمية، ورفض بكل وضوح الأحادية والحمائية، وحماية استقرار وسلامة سلاسل الصناعات والإمدادات العالمية.
ويجب علينا التمسك بتعددية الأطراف في الشئون الدولية، والحفاظ على النظام الدولي الذي يتخذ الأمم المتحدة المحور له.
وقال إنه تنتمي الصين ومصر كلتاهما إلى الدول النامية الكبيرة، فتحرص الصين على العمل مع مصر وغيرها من الدول سويا على حسن التعامل مع الصراعات الإقليمية والإرهاب وتغير المناخ والأمن السيبراني والأمن البيولوجي وغيرها من التحديات العالمية، بما يخدم المصالح المشتركة لجميع شعوب العالم وبناء مستقبل أفضل للبشرية.
وذكر أنه يصادف يوم العيد الوطني الصيني من هذا العام أيضًا عيد منتصف الخريف الصيني التقليدي، وبهذه المناسبة أتشرف بالتقدم بأحرّ التهاني إليكم جميعًا نيابة عن جميع أعضاء السفارة الصينية بالقاهرة.
وفي عام 2021، بعد أن تكون الصين قد أتمت مهمة بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، والذي يعتبر هدفها المئوي الأول، ستشرع في رحلة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة بشكل شامل، متجهةً نحو هدفها المئوي الثاني. كما يصادف عام 2021 الذكرى السنوية الـ65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر.
وتمني دوام الازدهار والاستقرار للبلدين العظيمين، وموفور السعادة والرفاهية للشعبين، ومزيدًا من التقدم والثمار للعلاقات الصينية المصرية المتميزة.