خلصت التصفيات التمهيدية للانتخابات الرئاسية الأميركية نوفمبر المقبل.. لتكون المنافسة بين كل من الرئيس الحالى «دونالد ترامب» الذى حقق رغم شخصيته المزاجية ومن خارج الـ «Establishment» إنجازات اقتصادية مشهودة قد لا ينتقص من إيجابيتها سوى عدم نجاح إدارته فى التصدى لفيروس كورونا، وبين منافسه من الحزب الديمقراطى السيناتور المخضرم «جون بايدن» نائب الرئيس السابق «أوباما» الداعم لحملته الانتخابية، ومع أن السباق الرئاسى الأميركى شأن داخلى فى المقام الأول.. يشوبه منذ العام 2016 تشوهات غير مسبوقة فى الحياة السياسية الأميركية، يتبادلها مرشحا الحزبين الكبيرين، من المتوقع امتداد تدنيها إلى المعركة الانتخابية الحالية بينهما ، والتى سيتحدد على أساس نتائجها السياسة الخارجية الأميركية فى السنوات المقبلة، ما بين «بايدن» المحسوب على الجناح الأوبامى فى الحزب الديمقراطى الذى تدور عنه الشكوك حول غموض مواقفه من مصر فى العقد الأخير، وبين «ترامب» الذى شهدت العلاقات المصرية الأميركية فى عهده تقدما ملحوظا بالمقارنة مع إدارة سلفه.. ومؤسساتها المعنية بصناعة القرارات الأميركية طوال حقبة الربيع العربى.. حتى المئة يوم الأولى من بداية حكم «ترامب».. حين أصدر قراراً ينفى عن المستوطنات الإسرائيلية فى الأراضى العربية المحتلة.. أنها غير شرعية ضد القانون الدولى ، ذلك قبل أن يلحق بقرارين عن ضم القدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية للسيادة الإسرائيلية، الأمر الذى يجهض الجهود الساعية نحو «حل الدولتين»، ما يمثل خطوة بالغة الخطورة يمكن أن تقوض المستقبل فى شرق أوسط آمن ومستقر.. يحقق التعايش السلمى بين شعوب المنطقة ، ذلك فيما يحوط الغموض مستقبل النظام الدولى الليبرالى ، ما يعجل بالانتقال من الأحادية القطبية الأميركية.. للعودة إلى عصر الثنائية أو التعددية القطبية ، ربما إلى الحلول اللاليبرالى «روسيا والصين»، نظرًا لعدد من الأخطاء التى اقترفتها واشنطن على الصعيد الخارجى.. إبان تولى الرئيس «ترامب» سدة الحكم يناير 2017.. من حيث تخليه عن الكثير من التزامات الولايات المتحدة ممن تأسس على قواعدها النظام الدولى.. الذى أصبح مفتوحا على كل الاحتمالات غير المعهودة من قبل، منها – على سبيل المثال – توقعات إخفاق خطة «ترامب» «صفقة القرن» للسلام فى الشرق الأوسط.
فى هذا السياق العالمى، يتواجه على الصعيد الداخلى الأميركى كل من الحزبين الجمهورى والديمقراطي، وحيث يرى المراقبون، أن الحزب الجمهورى يتبنى تاريخياً فكرة خفض الضرائب كوسيلة رئيسية لدعم الاقتصاد، ما قد يدفع الإدارة الجمهورية الحالية إلى المجازفة بشيوع جائحة كورونا ، مقابل إعادة فتح سوق العمل الاقتصادى مايو المقبل، ذلك فيما يباشر الحزب الديمقراطى فتح الملفات لإثبات تهاون الإدارة الجمهورية فى التصدى لفيروس كورونا ، بينما يشهد الحزب الديمقراطى من جانب آخر انشقاقات كبيرة تحت السطح تؤثر بخاصة فى تمويل الحزب.. لحملة المرشح الرئاسى «بايدن» فى مواجهة «ترامب» على المقعد الرئاسى فى البيت الأبيض ، وليكون فى حال نجاحه أكبر الرؤساء الأميركيين عمراً (77 عاماً) وهو أمر لا يخشاه «بايدن» قائلاً: إن إحدى الطرق للتعاطى مع كبر السن هو بناء أساسات مؤلفة من شباب مؤهلين قد لا يتمتعون بخبرة كبيرة.. لكنهم قادرون على تأدية دور قيادى فى الأعوام الأربعة أو الثمانية المقبلة فى البلاد، ما يعكس تقييمه لاختيار فريقه فى البيت الأبيض لو قدر له دخوله كرئيس، بما فى ذلك اختياره امرأة ..لأول مرة .. لمنصب نائب الرئيس، إلا أن مهمة «بايدن» للفوز بمنصب الرئيس ستكون صعبة فى ظل عام انتخابى غير عادى (….) يترافق معه تحديات كبيرة.. أهمها الصراع لاستعادة روح البلاد من الرئيس الحالى «ترامب» المفتقر إلى التعاطف – بحسب حملة «بايدن» – خاصة وقد أثبت خلال أزمة كورونا فقدانه الكفاءة والحكمة لقيادة البلاد فى الأزمات ، وعلى عكس «بايدن» الذى له سجل مهم فى القيادة وقت الأزمات (…) سوف تساعده على استقطاب تعاطف الناخبين.. فى مواجهة حملة «ترامب» التى تباشر حملات دعائية مكثفة للإشادة بدور الرئيس فى مكافحة الفيروس «كورونا»، وهى المعركة التى سيتوقف على نتائجها .. الفائز .. فى السباق نحو البيت الأبيض.