كشف المهندس أسامة بشاى، الرئيس التنفيذى بشركة «أوراسكوم كونستراكشن» عن أبرز الفرص الاستثمارية التى ستركز عليها الشركة خلال الفترة المقبلة، وعن مراقبتها لقطاعى الصحة والنقل المنتظر أن يشهدا رواجا فى الإنشاءات خلال الفترة المقبلة.
وألقى – فى حوار موسع مع «المال» – الضوء على أبرز المستجدات بالمشروعات الضخمة التى تعمل عليها الشركة خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها المونوريل والمتحف المصرى الكبير ومشروع الزعفرانة ومحطة معالجة المياه فى منقطة بحر البقر وغيرهم.
وطرح رؤيته العامة عن الاقتصاد المصرى، مركزا حديثه على مشكلة عدم تواجد القطاع الخاص بالشكل الكافى فى خريطة الاستثمار والمشروعات وهو أمر اعتبره تحديا رئيسيا للسوق المحلية، وإلى نص الحوار.
فى البداية، تحدث «بشاي» عن خطة الشركة خلال الفترة المقبلة، مركزًا على قطاع المقاولات بشكل خاص، مؤكدا أن شركة أوراسكوم مستمرة فى التركيز على قطاع البنية الأساسية، فى ظل وجود فرص كبيرة فى المجال خلال الفترة الراهنة، موضحا أن كل مرحلة تتسم بالتركيز على نوعيات معينة من المشروعات وفقا لاحتياجات السوق وتحركات الحكومة.
وتابع: «على سبيل المثال خلال فترات سابقة كان التركيز الأكبر على الكهرباء، ثم مشروعات المياه فى أعوام أخرى، إلا أن مشروعات الصحة والنقل هى التى تستحوذ على التركيز الأكبر من الدولة فى الفترة الراهنة».
وأشار إلى أنه مع تركيز الدولة فى مجال الصحة، فإن «أوراسكوم» تسعى إلى اقتناص أعمال المشروعات الجديدة التى سيتم طرحها، موضحًا أنها نفذت العدد الأكبر من بناء المستشفيات التابعة للقطاع الخاص خلال السنوات الأربع الماضية.
وفيما يتعلق بقطاع النقل، توقع أن تتوجه الحكومة إلى تطوير الموانئ والمطارات خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن «أوراسكوم» من أكبر الشركات المصرية التى لديها خبرة فى أعمال السكك الحديدية.
وعلى صعيد آخر، قال إن الجانب الثانى من أعمال شركة أوراسكوم يتعلق بالمبانى التجارية والعقارية، موضحًا أن شركته فى تلك الجزئية تعمل حسب الفرص المتاحة، إذ تتولى خلال الوقت الراهن، أعمال بناء المبنى التجارى بالعاصمة الإدارية الجديدة وبعض أعمال البنوك الأخرى.
وأضاف أنه بشكل عام الأجواء العامة تُشير إلى أن كل المشروعات التى يتم تدشينها خلال الفترة الحالية، تُجريها الدولة، فيما يأخذ القطاع الخاص «هدنة».
وأوضح أن أوراسكوم تركز أيضا على مشروعات الطاقة بنظام «bot» مثلما تم فى مشروع طاقة الرياح بمنطقة الزعفرانة -خليج السويس والذى استمرت أعماله لمدة عامين، لافتا إلى أن الشركة دائمًا ما تتطلع لاقتناص فرص جديدة فى قطاع الطاقة المتجددة.
وأشار إلى أن «أوراسكوم» أسست كيانا بالتعاون مع شركاء فرنسيين لتولى مشروع الزعفرانة وهى شركة «رأس غارب للرياح»، لتطوير وبناء محطة 250 ميجاوات.
ولفت إلى أن عقد تشغيل الشركة يمتد إلى 18 سنة مقبلة من تاريخ التشغيل الفعلى، موضحًا أن شركته ستنتهى من أعمال البناء والتشغيل بنهاية العام الجارى.
وقال إن «أوراسكوم» لديها ذراع متخصصة فى تولى وتطوير أعمال الطاقة المتجددة، وتبحث خلال الوقت الحالى عدة مشروعات ليس فقط بالسوق المحلية ولكن بالمنطقة كلها.
بدأت أعمال تصميم وتجهيز موقع «المونوريل»
وتحدث عن أبرز الأعمال التى تتولى شركته تدشينها خلال الفترة الحالية وعلى رأسها مشروع «المونوريل»، موضحا أن الشركة بدأت حاليًا فى أعمال التصميم والأعمال التجهيزية للموقع، فيما تتولى الهيئة حاليًا تحديد المسارات.
وأشار إلى أن أوراسكوم تتعاون أيضا مع وزارتى النقل والتعاون الدولى، للانتهاء من تمويل المشروع.
وكانت «أوراسكوم» قد أعلنت فى أغسطس الماضى، عن أن التحالف المشترك بينها وبين شركة «بومباردييه» للنقل وشركة المقاولون العرب قد وقع عقدًا مع الهيئة القومية للأنفاق فى القاهرة لتصميم وإنشاء خطين للمونوريل، وسيكون التحالف مسئولا عن أعمال التشغيل والصيانة لكلا الخطين لمدة 30 عامًا.
وقالت إن القيمة الإجمالية لعقد التصميم والبناء والتشغيل والصيانة، تتجاوز 4.5 مليار دولار (4.1 مليار يورو)، وتبلغ حصة «بومباردييه» للنقل من العقد 2.85 مليار دولار (2.6 مليار يورو)، وحصة أوراسكوم كونستراكشون حوالى 900 مليون دولار، وتخضع الاتفاقية لتوقيعات الوثائق التكميلية.
تجدر الإشارة إلى أن الخط الأول للمونوريل سيمتد بطول 54 كم من شرق القاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديد، ويبلغ طول الخط الثانى 42 كم والذى يربط مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، وسيكون الخطان قادرين على نقل حوالى 45٫000 راكب فى الساعة فى كل اتجاه عند الوصول إلى السعة القصوى، مع سرعة التشغيل 80 كم لكل ساعة، وستستغرق الرحلة إلى العاصمة الجديدة 60 دقيقة على (خط 54 كم) و42 دقيقة لمدينة 6 أكتوبر على خط 42 كم.
ولفت «بشاى» إلى أن أوراسكوم تولت مجموعة من الأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، منها «فندق الماسة»، والمركز الثقافى والأوبرا والمتحف وغيره، وأيضًا مبنى رئاسة الوزراء، ومبنى الكاتدرائية، وهناك مناقشات لتولى أعمال بعض البنوك، إلى جنب بعض الطرق وأعمال البنية الأساسية.
وكشف عن أن الشركة تتولى أيضًا بعض أعمال «مترو الأنفاق»، وهناك مناقشات أخرى لتولى بعض أعمال القطار المكهرب، الذى تتولى الشركة الصينية تنفيذه.
وأشار إلى أن أعمال النقل فى الشركة لا تقتصر على تلك الأعمال فقط بل تشمل الموانئ والمطارات والسكك الحديدية، وتوقع أن تقوم الحكومة خلال الفترة المقبلة، بطرح مناقصات لتطوير خطوط السكك الحديدية، وأن شركة أوراسكوم ستساهم فى تلك الأعمال حال طرحها.
وعلى جانب آخر، قال إن «أوراسكوم» تقدمت إلى مناقصة القطار السريع «السخنة – العلمين»، والتى يُجرى التقييم فيها حاليًا، بالتحالف مع شركاء فرنسيين وألمان وصينيين، بالإضافة إلى شركة المقاولين العرب.
وتوقع أن يشهد قطاع الصحة تطويرًا خلال الفترة المقبلة، تزامنًا مع التوجه إلى تطبيق مشروع التأمين الصحى الشامل، وما يتبعه من توجه لبناء مستشفيات ومراكز صحية عديدة.
وأكد أن شركة أوراسكوم ستسعى إلى اقتناص تلك الأعمال، حين طرحها، والدخول فى شراكات من عدمه سيتحدد بناء على توجهات الحكومة فى ذلك الإطار، فإن اقتصرت على أعمال البناء والتشييد فقط دون الحاجة إلى التجهيزات فستتولى الشركة تلك الأعمال بمفردها.
وقال إن «أوراسكوم» تولت بناء وتشييد مستشفى دار الفؤاد فى مدينة نصر، بالكامل وهى تُعد من أكبر وأضخم المستشفيات التى تم تشيدها خلال الفترة الماضية.
وعلى صعيد المطارات، كشف عن أن السوق المحلية تشهد زيادة فى أعداد المسافرين والسائحين وهو ما قد يدفع إلى تبنى خطة لتطويرها، وعلى رأسها مطارات شرم الشيخ وغرب القاهرة لزيادة الكفاءة الداخلية.
وعلى صعيد الموانئ، قال إن التوقعات تُشير إلى أن الدولة تسعى إلى تطوير موانئها فى ظل مستويات النمو المُحققة والمرجح استمرارها، لكى تكون جاهزة لاستيعاب هذا التطور.
وفيما يتعلق بمشروعات معالجة المياه، أكد أن «أوراسكوم» تتولى حاليًا أعمال معالجة محطة مياه «بحر البقر»، والتى تُعد أكبر محطات معالجة مياه بالسوق المحلية.
وأوضح أن الشركة بدأت فى عمليات تصميم المشروع واستيراد المعدات اللازمة، وتقوم مجموعة من صناديق التنمية العربية بتولى الأعمال التمويلية، وتم مؤخرًا بدء التنفيذ الفعلى على أرض الواقع، علما بأن مدة تنفيذ المشروع عامين فقط.
وأشار إلى أن «أوراسكوم» تتولى بعض الأعمال الأخرى مثل مشروع «أبو رواش» وهو فى حيز التنفيذ الفعلى حاليًا، إضافة إلى قيام الشركة بتنفيذ مجموعة من محطات معالجة المياه ومشروعات بنية تحتية لمواسير مياه عادية وأخرى خاصة بالصرف الصحى، وأخرى تحلية.
وأكد أن مشروعات المياه والنقل تستحوذ على النصيب الأكبر من حجم أعمال الشركة، وهى نسب متغيرة حسب التوجهات والعملية التطويرية المسيطرة بين القطاعات المختلفة وفقًا لتوجهات الدول.
وفيما يخص سياسة الشركة الاستثمارية، أوضح أن الشركة تعمل فى الأغلب كمقاول منفذ للأعمال فقط، ولكن فى الوقت نفسه قد تستثمر الشركة بنفسها حال وجود فرص جيدة، فعلى سبيل المثال لديها استثمارات فى مشروعات طاقة الرياح، مؤكدا أن هذا يتم بناء على دراسات للعائد والمخاطرة وغيره.
وألمح إلى إمكانية الاستثمار فى مشروعات المياه، مشيرا إلى أن أوراسكوم نفذت أول محطة مياه بنظام «PPP» قبل عام 2011، وتعمل منذ 6 سنوات على أكمل وجه.
التخلف عن السداد أبرز مشكلات المقاولين ويجب موازنة أسعار التعاقدات مع التضخم
وانتقل إلى الحديث عن أكبر المشكلات التى تواجه المقاولين فى السوق، والتى تتمثل فى التخلف عن سداد المستحقات فى مواعيدها، مشيرًا إلى أن طبيعية عمل المقاول تستلزم وجود سيولة بشكل دائم حتى لا يتعطل سير العمل.
وقال إن تعطل دفع المستحقات تدفع بالمقاول إلى اللجوء للاقتراض البنكى، وفى ظل أسعار الفائدة المرتفعة يُعد ذلك صعبًا للغاية ويؤثر على هامش الربحية النهائى.
ولفت إلى أن دفع المستحقات والأقساط المتفق عليها فى الميعاد تُعد من أبرز العوامل التى تؤثر على نجاح المشروع من عدمه، موضحًا أن الحل يتمثل فى العقود العادلة وموازنة أسعار التعاقدات مع معدلات التضخم.
العائد في أمريكا أقل من الشرق الأوسط ولكن درجة المخاطرة وطرق التحصيل أفضل
وقال إن شركة أوراسكوم تساعد فى كثير من الأحيان على تدبير التمويل اللازم للمشروع، وترى أن الجهات الخارجية تقدم دعما كبيرا للمشروعات ذات الجدوى الاقتصادية، وصديقة للبيئة، والتى تسهم فى خلق قيمة مضافة للمجتمع، مشيرًا إلى أن تلك العوامل تسهل عملية تدبير التمويل بشكل كبير.
وفيما يتعلق بأعمال الشركة الخارجية، قال إن 25% من الأعمال تحت التنفيذ بالولايات المتحدة، ويتم تنفيذ أعمالها من خلال ذراع تشغيلى تابع، موضحًا أن العائد المالى أقل مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط.
وأوضح أنه على الرغم من قلة العائد، فإن أوضاع التمويل وطرق التحصيل، ووضع المخاطرة أيضا أفضل مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن السوق المصرية تستحوذ على النصيب الأكبر من حجم الأعمال تحت التنفيذ.
وعلى صعيد استثمارات «أوراسكوم» الأخرى، قال إن شركته لديها استثمارات فى أعمال مواد البناء، عبر شركات منفصلة بإداراتها.
أزمة قطاع الأسمنت نتيجة زيادة المعروض في العالم كله وليس في مصر فقط
وتحدث عن أزمة قطاع الأسمنت فى السوق المحلية فى الفترة الراهنة، مشيرًا إلى أنها تتمثل فى زيادة المعروض بالعالم كله وليس فى السوق المصرية فقط، وهو ما يصعب عملية التصدير.
يذكر أن أوراسكوم تخارجت من صناعة الأسمنت منذ عام 2007 إذ كانت لديها استثمارات متنوعة ومتفرقة فى عدد من الدول منها الجزائر والسعودية والإمارات وباكستان بما يمثل 30 مليون طن.
ثم عاد للحديث حول مستقبل «أوراسكوم» خلال السنوات المقبلة، موضحًا أن الشركة طوال الوقت تبحث عن الأسواق التى يتعاظم فيها الطلب على أعمال المقاولات وتتحرك بناء على ذلك، بالتزامن مع السعى إلى المحافظة على الأداء المالى والعمالة الجيدة، مشددا على أن قوام شركة المقاولات العمالة الجيدة.
■ 4.6 مليار دولار قيمة المشروعات تحت التنفيذ تؤمن أعمال لمدة 20 شهرا
وكشف عن أن حجم عقود المشروعات تحت التنفيذ لأوراسكوم يبلغ 4.6 مليار دولار خلال الوقت الراهن، وبمقارنته بالأعوام الماضية فهو جيد، كما يؤمن أعمال الشركة لفترة 18 – 20 شهرا.
وأشار إلى أن «أوراسكوم» تمتلك ذراعا للتنمية الصناعية «السويس للتنمية الصناعية»، وتمتلك 12 مليون متر واستغلت 80% من تلك المساحة تم بيعها بالفعل، ويتبقى الجزء الآخر، لافتًا إلى أن شركته لا تمانع فى محاولة اقتناص بعض المناطق الصناعية الأخرى.
ولفت إلى تولى «أوراسكوم» أعمال المتحف المصرى الكبير، متوقعًا أن تستكمل الأعمال الأساسية بنهاية الربع الرابع من العام الجارى، وتبلغ استثمارات المشروع 18 مليار جنيه.
المتحف المصري الكبير أهم مشروع في مصر
وقال إننى أعتقد أن مشروع المتحف المصرى الجديد هو أهم مشروع فى السوق المصرية خلال الفترة الراهنة، فهذا هو المبنى الوحيد فى العالم الذى سيحتوى حضارة ضخمة، بحجم استثمارات كبير جدا، متابعا أن المتحف المصرى تم بناؤه منذ 125 عاما، وبالتالى يجب أن يتصدر أولويات كل القطاعات المختلفة.
وعن الوضع الاقتصادى، بالسوق المحلية رأى «بشاى» أن الدولة نفذت مجموعة من الإجراءات الإصلاحية الصعبة ولكنها إيجابية وضرورية أيضا، بدأت منذ نوفمبر 2016 بتعويم عملتها المحلية ثم رفع الدعم وغيره.
وتابع أنه ضمن التحديات الحقيقية للاقتصاد فى الوقت الحالى هو الضعف الملحوظ لاستثمارات القطاع الخاص، لافتا إلى أن أسباب الإحجام غير واضحة، ولكن يجب أن تضع الدولة خطة استثمارية طويلة الأجل توضح احتياجات السوق بكل القطاعات لتكون بوصلة التحرك للمستثمر المحلي. وأشار إلى أن الجميع يتحدث عن ضرورة جذب الاستثمارات الأجنبية والتى ينحصر أغلبها فى قطاعى الغاز والبترول، مؤكدا أن وجود استثمارات من السوق المحلية سيشجع الأجانب بقوة على الدخول إلى السوق المحلية، لذا يجب تقديم دعم للمستثمر المحلى.
وأوضح أن البيروقراطية وعدم وضوح الخطة الاستثمارية للدولة بالتفصيل، من أهم معوقات الاستثمار فى السوق المحلية.
وشدد على أن السياحة هى المجال الأهم الذى يحتاج إلى دعم كبير ليقود قاطرة النمو الاقتصادى خلال الفترة المقبلة، نظرًا لما يميز مصر من عوامل مناخية وسواحل وشواطئ وغيرها، لافتا إلى أنه لم يتم إنشاء أى فندق جديد بالقاهرة التى تعج بالأعمال منذ فترات طويلة جدا.
ولفت إلى أن القطاع يمكنه أن يدفع عجلة النمو، بالتركيز على تقديم خدمات جيدة للوافدين، وتوفير مرونة فى دخول وخروج المطارات، وتقديم تسهيلات بشكل أكبر مما عليه حاليًا.
وأوضح أن الفترة الحالية هى توقيت التنمية المستدامة وتشجيع الاستثمارات بكل القطاعات، مؤكدا أن مصر يجب أن تكون قبلة الاستثمار كونها من أرخص البلاد فى المنطقة العربية كافة سواء كتكلفة استثمار أو عمالة أو غيرها.
إيمان القاضي أسماء السيد