من المؤكد أن المنتخب الذي يمثل دولة مكونة من “10 جزر صغيرة”، على بعد حوالي 700 كم وسط المحيط، قبالة ساحل أفريقيا الغربي، ليس الأفضل في العالم، ولكنه جاء إلى بطولة أمم أفريقيا ليهز الجبال العالية.
منتخب الرأس الأخضر، أو “كيب فيردي”، هو واحد من أكثر المنتخبات تطورًا في القارة الأفريقية، ولعل انتصاره المستحق على منتخب غانا العريق ثم الفوز على موزمبيق والتعادل مع مصر، واعتلاء صدارة المجموعة في إعلان واضح وصريح بأنه ليس للتاريخ مكانًا هُنا.. نحن نصنع تاريخًا جديدًا.
يشارك منتخب الرأس الأخضر في أمم أفريقيا للمرة الرابعة، وفي مشاركاته السابقة لم يكن خصمًا سهلًا، بل أظهر نفسه كمولود ينضج رويدًا رويدًا من أجل إحداث تغيير حقيقي في عالم كرة القدم.
تنوع غير مسبوق في التاريخ
ولعل ما يميز هذا المنتخب هو “التنوع” غير المسبوق في قائمة منتخب عبر التاريخ، نحن نتحدث عن 25 لاعبًا من 25 ناديًا مختلفًا، يلعبون في 16 دولة مختلفة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أذربيجان وقبرص وروسيا والولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وأيرلندا.
ويكفي القول إن هناك لاعبا واحدا فقط يلعب كرة القدم في ناديه داخل الرأس الأخضر.
ليس هذا فحسب، بل أن القائمة المستدعاة لخوض تلك المنافسات المقامة حاليًا في كوت ديفوار، تضم 25 لاعبا ولدوا في 6 بلدان مختلفة: 11 من جزر الرأس الأخضر نفسها، وخمسة في فرنسا، وأربعة في هولندا، وثلاثة في البرتغال، وواحد في كل من أيرلندا وسويسرا.
وقد يبدو هذا الوضع أقرب إلى المنطق، ولم لا، نحن نتحدث عن دولة لديها جالية كبيرة في الشتات، إذ يغادر الناس بحثًا عن فرص وظيفية أفضل أو مجرد فرص حياة أفضل. فستجدهم بكل تأكيد منتشرين في جميع أنحاء العالم.
جغرافيًا، منتخب الرأس الأخضر، يمثل الدولة الأصغر المشاركة في البطولة، حيث تبلغ مساحة مجموع الجزر الصغيرة التي تكون البلاد، 4 آلاف كم مربع فقط، أي ما يقارب حجم محافظة الفيوم ، أو ولاية بنزرت في تونس.
“ناقوس خطر” لم ينتبه إليه أحد
في نسخة 2013 بجنوب إفريقيا، أخرج الرأس الأخضر منتخب المغرب من دور المجموعات، بل وخطف المركز الثاني خلف جنوب أفريقيا، قبل أن يخرج أمام غانا في ربع النهائي، وفي نسخة 2015 بغينيا الاستوائية، خرج الرأس الأخضر بالرغم من عدم هزيمته، ولكن تحقيقه التعادل 3 مرات لم يكن كافيًا، وفي نسخة 2021 في الكاميرون، تأهل منتخب الرأس الأخضر للأدوار الإقصائية، لكنه خسر أمام بطل البطولة السنغال 0-2.
كل هذا كان ناقوس خطر يدق طبول الحرب ويبرز مدى تطور هذه الدولة في إعلان بدء عهد كروي جديد غير مسبوق في تاريخ تلك البلاد.
لأن التطور شامل
منتخب الرأس الأخضر لم يكتف بكرة القدم فقط فيما يتعلق بعملية التطوير، بل وأن التغيير شمل كل شئ تقريبًا حتى على مستوى اللعبات الأخرى، إذ أنه نجح في بلوغ نهائي أمم إفريقيا 2022 لكرة اليد، كما أن منتخب بلادها في كرة السلة استطاعوا للمرة الأولى في المشاركة بنهائيات كأس العالم 2023.
نعم نحن هنا أمام بلد استطاعت تغيير خريطة العالم في ظل صعود وتطور ملحوظ لهذه البلاد.
ولكن كيف هو اقتصاد الرأس الأخضر؟
يعتبر اقتصاد الرأس الأخضر من بين أصغر الاقتصادات في العالم من حيث الناتج المحلي، والبالغ في سنة 2021 حوالي 2.0 مليار دولار أمريكي، وهو سادس أصغر اقتصاد في القارة.
وبطبيعة الحال، فإن الرأس الأخضر تُعاني من نقص شديد في الموارد الطبيعية، وهي تستورد أكثر من 70% من غذائها من الخارج.
وتُعد أهم موارد الرأس الأخضر الطبيعية هي الثروة السمكية التي تشكل أزيد من 60% من صادرتها السنوية، إضافة إلى ثروتها السمكية، تعتمد الرأس الأخضر أيضًا على القطاع السياحي والاستثمار الأجنبي والمساعدات الدولية.