تتوقع مؤسسة «جلوبال داتا دوت كوم» العالمية لأبحاث أسواق المعادن النفيسة ارتفاع إنتاج الذهب بنسبة 5.5 % خلال العام الجارى ليصل إلى 113.9 مليون أوقية، بعد انخفاضه خلال 2020 بأكثر من 5.2 % لينزل إلى 108 ملايين أوقية بسبب انتشار وباء فيروس كورونا الذى ساهم فى انكماش الإنتاج مع إغلاق العديد من المناجم لأسابيع طويلة.
ويشيرالمحللون فى «جلوبال داتا» إلى أن إنتاج الذهب الذى تجاوز 114 مليون أوقية فى 2019 قبل عام الوباء ، يمكن أن يقفز إلى أكثر من 124 مليون أوقية بحلول 2024 بمعدل نمو سنوى يبلغ 2.9 % بقيادة كبرى الدول المنتجة ومنها كندا وإندونيسيا وبيرو والولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن ينتعش إجمالى إنتاج الدول الأربع من الذهب من 20.1 مليون أوقية مع نهاية العام الحالى إلى 25.3 مليون أوقية بنهاية عام 2024 ، عندما يتم تطعيم السكان باللقاحات اللازمة لمكافحة فيروس كورونا وانحسار العدوى من الوباء.
مشروعات مناجم كبرى يبدأ تشغيلها
قال فينيث باجاج مدير الأبحاث فى مؤسسة جلوبال داتا إن هناك مشروعات كبرى يتوقع تشغيلها خلال السنوات الأربعة القادمة منها مشروع التوسع فى مناجم تيركواز ريدج بالولايات المتحدة والذى يتم تنفيذه حاليا ليبدأ تشغيله أواخر 2022 بطاقة إنتاجية متوقعة 500 ألف أوقية.
وأوضح أنه من بين المشروعات الأخرى التى يجرى العمل فيها حاليا مشروع سالاريس نورت الذى تمتلكه شركة جولد فيلدز فى شيلى حيث يتوقع أن تصل طاقة إنتاجه السنوى إلى 450 ألف أوقية، بعد إنفاق 860 مليون دولار على عملية تطويره ليبدأ الإنتاج فى عام 2023.
كورونا تقلص الانتاج
ويرى المراقبون أن وباء كورونا أثر سلبا على إنتاج الذهب خلال النصف الأول من العام الماضى عندما انتشرت العدوى فى العديد من دول العالم، وإعلان منظمة الصحة العالمية فى مارس الماضى أن كوفيد 19 بات وباء عالميا لدرجة أن 6 من أكبر 10 منتجين فى العالم أعلنوا عن انكماش إنتاجهم بمعدل سنوى قدره 8.4 %، ولاسيما فى كندا والمكسيك التى اضطرت إلى تعليق تشغيل معظم مناجمها مع انتشار العدوى بين عمالها.
الذهب الصينى يتراجع
أما الصين التى ارتفع إنتاجها إلى 16.7 مليون أوقية من الذهب فى عام 2014 ليسجل أعلى مستوى فى تاريخها ، بدأ ت تعانى من منحنى النزول فى إنتاجها بعد 2014 بسبب تغيرات سياسية واستنفاد الاحتياطى من الخامات ، بعدها جاء وباء كورونا الذى ظهر أولا فى مدينة ووهان الصينية ليزيد من متاعب إنتاج الذهب الذى هبط بحوالى 7 % ليصل إلى 12.4 مليون أوقية فى الصين خلال العام الماضى.
تجمد عمليات التشغيل فى «القارة السمراء»
أكد باجاج أن وباء كورونا كان له تداعيات سلبية خطيرة على تشغيل المناجم فى أفريقيا أثناء الربع الثانى من العام الماضى ،عنما تحول الإنتاج تدريجيا نحو دول غرب أفريقيا ، وجرى تعليق التشغيل فى مناجم دول كبرى منتجة مثل غانا ومالى وبوركينا فازو وجنوب أفريقيا التى كانت الأولى فى القارة السمراء من حيث عدد الإصابات والوفيات من كوفيد 19 ، ليصل معدل الإصابات لأكثر من 1.5 مليون حالة ، وأكثر من 46 ألف ضحية حتى الآن.
ولم تعلن الدول الأفريقية عن إنتاجها السنوى بشكل دقيق من الذهب حتى الآن ، وسط توقعات بانخفاضه فى جنوب أفريقيا بحوالى 10.9 % ، و7.5 % فى غانا ، و5.6 % فى مالى خلال 2020 ، بينما يتوقع المحللون هبوط الإنتاج فى أندونيسيا بما يقرب من 29 % بسبب تعديلات فى نظام تشغيل منجم جراسبيرج أكبر منجم فى البلاد.
أستراليا ترفع إنتاجها بحوالى 4.3 %
وتوقع باجاج ارتفاع معدل إنتاج استراليا من الذهب بحوالى 4.3 % خلال عام 2020 ليصل إلى 12 مليون أوقية لأن مناجم الذهب فيها لم تتأثر بفيروس كورونا ، بفضل التدابير المشددة التى نفذتها الحكومة لاحتواء مرض كوفيد 19 فى مناطق الإنتاج ، ومنها غرب وجنوب استراليا وتاسمانيا والمناطق الشمالية التى بدأت تغلق حدودها منذ نهاية مارس الماضى للحد من العدوى.
ويرى أن أسعار المعادن النفيسة قفزت خلال 2020 مع إقبال المستثمرين على شرائها وسط وباء فيروس كورونا الذى أدى إلى تزايد مخاوفهم من إطلاق موجة غير مسبوقة من التحفيزات المالية من البنوك المركزية ، ومن الحكومات الأوروبية والأمريكية الأمر الذى يساهم فى ارتفاع معدلات التضخم وهبوط قيمة العملات القوية ولاسيما الدولار.
ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 25 % خلال عام الوباء
أدى تراجع الإنتاج وقلة المعروض منه إلى صعود أسعار الذهب بأكثر من 25 %خلال عام الوباء لتقترب أوقية الذهب من 1899 دولارا مسجلة أعلى مستوى منذ عام 2010 .
كما حققت أكبر مكسب سنوى منذ أكثر من 10 سنوات نتيجة التقلبات التى اعترت الأسواق المالية بسبب وباء كورونا ، لتزداد بنسبة %6.8 خلال شهر ديسمبر الماضى مع تراجع الدولار إلى أدنى مستوياته فى أكثر من عامين بفضل التحفيز الأمريكى.
الصراع يشتد بين الذهب والدولارللفوز بـ «الملاذ الآمن»
مع هبوط أسعار الذهب بأكثر من %2.7 خلال أول شهر من 2021 لينخفض إلى 1848 دولارا للأوقية ، ازداد إقبال المستثمرين على الدولار بحثا عن الملاذ الآمن فى ظل صعوده المستمر أمام العملات الكبرى العالمية.
وتراجعت أسعار الذهب مع تزايد التفاؤل بخصوص طرح بعض شركات الأدوية العالمية عددا من اللقاحات اللازمة لمكافحة وباء فيروس كورونا والوقاية منه وتوزيعها على عدد كبير من دول العالم لتتجاوز 73 دولة، وتطعيم الأشخاص بأكثر من 125 مليون جرعة حتى الآن.
ويرى المحللون فى بنك مورجان ستانلى الأمريكى أن المعادن النفيسة بما فيها الذهب ستتعرض لضغوط خلال العام الجديد مع عودة الأسواق المالية لطبيعتها وزيادة عوائد السندات، بينما يتوقع بنك HSBC البريطانى استمرار زيادة أسعار الذهب مع وجود شكوك فى جدوى اللقاحات وبقاء وباء كورونا حتى عام 2022.
ويؤكد الخبراء أن ارتفاع أسعار الذهب خلال العام الماضى يرجع لظهور احتمالات قوية لزيادة مدفوعات الحكومة الفيدرالية للمساعدات المالية للتخفيف من تداعيات فيروس كورونا إلى 2000 دولار للفرد برغم شعور المستثمرين بتفاؤل قوى لحدوث انتعاش اقتصادى العام الجارى وانحسار مخاوفهم من وباء فيروس كورونا بعد توزيع اللقاحات ، ومع ذلك يتجه مستثمرون لشراء أصول تقليدية عالية المخاطر للاستفادة من ارتفاع عوائدها أثناء الانتعاش الاقتصادى، وتجنب الذهب الذى لا يدر عائدا.
الدولار المرتفع يبدد بريق المعدن الأصفر
يتوقع بنك جولدمان ساكس الأمريكى ارتفاع أسعار الذهب إلى 2300 دولار للأوقية خلال العام الحالى مع انتعاشه من الركود الذى سببه وباء كورونا للاقتصاد العالمى خلال العام الماضى ، وتزايد الطلب من الهند والصين أكبر مستهلكين للمعدن النفيس فى العالم.
وفى المقابل ترى كابيتال إيكونوميكس البريطانية لأبحاث الأسواق المالية أن أسعار الذهب ستتوقف عند 1900 دولار للأوقية وربما ترتفع فى حدود 60 دولاراً فقط زيادة عن السعر الذى بلغ 1814 دولار للأوقية مع نهاية الأسبوع الماضى.