الدول الأفريقية تأمل في مبادرة عالمية جديدة للإعفاء من الديون وسط مخاوف (جراف)

بفضل مبادرة سابقة هبطت ديون موزمبيق من 200% كنسبة من إجمالي ناتجها المحلي إلى 20% فقط

الدول الأفريقية تأمل في مبادرة عالمية جديدة للإعفاء من الديون وسط مخاوف (جراف)
أيمن عزام

أيمن عزام

9:43 م, السبت, 8 فبراير 20

عادت ديون الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى للارتفاع مجددا الديون بعد استفادتها مطلع القرن الواحد والعشرين من مبادرة عالمية أعفتها من ديونها، لكن تكرار ذلك يصطدم بملكية مستثمري القطاع الخاص لهذه الديون.

وحسب وكالة بلومبرج، صدرت تحذيرات من البنوك المركزية في الدول الأفريقية جنوب الصحراء ومنها تحذيرات صدرت من صندوق النقد الدولي الذي عبر عن قلقه من تصاعد مستويات الدين العام في القارة.

مبادرة عالمية

واستفادت الدول الأفريقية من مبادرة عالمية برعاية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعفاء الدول الفقيرة من ديونها خلال السنوات العشر الأولى من القرن الواحد والعشرين.

وبفضل هذه المبادرة تراجعت ديون غانا مثلا من 120% من إجمالي ناتجها المحلي عام 2000 إلى 12% فقط في 2006.

وهبطت ديون موزمبيق من 200% من إجمالي ناتجها المحلي إلى أقل من 20% خلال ذات الفترة.

ويوضح الجراف التالي متوسط الدين الحكومي كنسبة من إجمالي الناتج المحلي للدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى:

وحذر رئيس البنك المركزي النيجيري جودون اميفيلي الشهر الماضي من الصعود المتسارع في المديونية داخل بلاده ونقص المصدات المالية مما يهدد النمو الاقتصادي.

وتزامن هذا مع حديث محافظ البنك المركزي الكيني عن اتجاه بلاده إلى فقدان  القدرة على زيادة الاقتراض.

ودأب صندوق النقد الدولي ومؤسسات التصنيف الائتماني خلال العامين الماضيين على تحذير للحكومات الأفريقية بشأن مخاطر مراكمة الديون مقابل انحسار الإيرادات.  

صعوبة تحفيز النمو الاقتصادي

وتقول وكالة بلومبرج في تقرير لها إن تزايد إلتزامات سداد الديون تؤدي إلى تقليص قدرة حكومات القارة على حماية النمو الاقتصادي.

وبسبب هذا تتدخل البنوك المركزية بتدابير تستهدف تحفيز النمو في القارة التي تشكل ثلثي أعداد الفقراء في العالم، وفق التقرير.

ويسبب التضخم وضغوط العملة تقييد لقدرة بعض الاقتصاديات على اتخاذ تدابير نقدية تستهدف تحفيز النمو.

وقال كولن كولمان المدير التنفيذي السابق لدى مؤسسة جولدمان ساكس جروب: “ترسل البنوك المركزية الأفريقية تنبيهات إلى الساسة لإبلاغهم بأن مستويات المديونية أصبحت غير مستدامة”.

وأضاف: “يعني هذا أنها أصبحت كبيرة لحد إعاقتها النمو وتهديدها البيئة المالية بما يمثله هذا من تزايد المخاطر النقدية.”

سداد رواتب العاملين

تقترض الحكومات الأفريقية من أسواق الديون بوتيرة غير مسبوقة لسداد رواتب العاملين في الجهاز الحكومي وفي مشروعات البنية التحتية.

وهي تحاول بذلك الاستفادة من شهية المستثمرين المفتوحة لشراء الديون ذات العوائد المرتفعة.

وتضاعف الدين العام كنسبة من إجمالي الناتج المحلي في الدول الأفريقية جنوب الصحراء إلى أكثر من 50% منذ عام 2008، حسب بيانات صندوق النقد الدولي.

وبرغم أن هذه النسبة تقل عن متوسطات الدين لدى الأسواق الناشئة والاقتصاديات النامية لكنها تسارعت بوتيرة فائقة مقارنة بغيرها من المناطق حول العالم.

التعثر في سداد الديون

وتواجه نسبة 40% من الحكومات في القارة مشاكل متعلقة بعجزها عن سداد إلتزامات سداد الديون، حسب صندوق النقد.

يحتفظ بنك التنمية الأفريقي برأي مختلف، حيث يشعر بقدر أقل من القلق.

وبرز هذا واضحا في تصريحات صدرت عنه الأسبوع الماضي عندما قال إنه لا يتوقع تعرض القارة لأزمة ديون.

لكن الديون تضغط على البنوك المركزية وتفقدها القدرة على تمويل القطاع الخاص بجانب أنها تعيق قدرتها على تبني السياسات النقدية اللازمة لتحفيز الطلب، حسب مدير صندوق النقد الدولي لقارة أفريقيا ابيبي امرو سيلاسي.

هروب المستثمرين

ويؤدي خفض أسعار الفائدة في البلدان صاحبة مستويات المديونية المرتفعة إلى الضغط على العملات المحلية لأنها تدفع المستثمرين الأجانب إلى الهروب إلى بلدان أخرى بحثا عن عوائد أعلى على أدوات الدين.

وقال اندرو روش العضو المنتدب لدى شركة فايناكسم الاستشارية المالية في باريس أن دور المديونية المرتفعة في تحجيم قدرة السياسة النقدية على تحفيز النمو يناظر “قصقصة ريش السياسة النقدية”

وتابع: “إذا أراد محافظ البنك المركزي في نيجيريا تخفيض أسعار الفائدة فسيؤدي هذا إلى إضعاف العملة وزيادة عبء المديونية وهو ما سيخلق نوع آخر من المشاكل أثناء سعيك لإيجاد حلول لمشكلة قائمة.”

خيارات غير شفافة ومكلفة

ولجأت نيجيريا إلى خيارات أخرى بخلاف السياسة النقدية. وقرر البنك المركزي النيجيري تغطية الفجوة التمويلية المتسعة عبر اقتراض سيولة بنسبة 2.5% من إجمالي الناتج المحلي.

وفاقت الفائدة المقررة على هذه الديون  تلك المتاحة في السوق المحلي.

وحذرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني من تبني “خيارات غير شفافة ومكلفة” لتمويل الأعباء التمويلية المتزايدة للحكومة عندما غيرت نظرتها بشأن التصنيف الائتماني للبلاد إلى سالب في ديسمبر.

وقال ابدجي ادينيران الزميل لدى مركز دراسة اقتصاديات أفريقيا:” تزايد المديونية يقود إلى تبني مثل هذه السياسات غير التقليدية”.

إعفاءات ضخمة

وفي تقرير لموقع مركز التنمية العالمية، قال جستن ساندفور إن الدول الأفريقية استفادت من إعفاءات ضخمة لديونها السيادية منذ عشرين عاما.

وكانت تلك الاستفادة عندما قرر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون طرح مبادرة إعفاء الدول الفقيرة من أعباء الديون.

واستفادت من المبادرة 30 دولة أفريقيا، وشملت المبادرة تنفيذ إعفاء بنسبة 100% لديون 36 دولة فقيرة حول العالم.

وكانت هذه الديون مملوكة لنادي باريس أما الآن فهي مملوكة للمستثمرين. وهو ما يزيد من صعوبة تنفيذ مبادرة مماثلة لإعفاء البلدان الأفريقية من ديونها التي تواصل النمو حاليا.

ويهدد هذا النمو بتعرض هذه البلدان لأزمة ديون تجعلها غير قادرة على سداد أقساطها.