المال ـ خاص:
تعرّض قطاع السيارات منذ عام 2008 لعدة أزمة بدأت بالأزمة الاقتصادية العالمية التى ضربت العديد من الاقتصادات العالمية، ما أدى لانخفاض مبيعات القطاع بشكل كبير، ثم بدأ حركة النمو مرة أخرى خلال 2010، لكن تطورات الأوضاع بعد ثورة 25 يناير تركت بصماتها على أداء القطاع، لتتراجع مبيعاته مرة أخرى بنسبة %29 مسجلة 176.1 ألف وحدة، مقابل 248.9 ألف خلال 2010، ثم بدأت انتعاشة القطاع مرة أخرى خلال 2012 لتسجل نموًّا بنسبة %14، ومبيعات 200.2 ألف وحدة.
وأدت تطورات الأحداث خلال 2013 إلى تراجع المبيعات بنسبة %2، لتسجل 195.9 ألف وحدة، ثم انتعشت المبيعات بنسبة %50 خلال 2014، لتصل إلى 293 ألف وحدة. وقد أسهم فى الانتعاشة انضمام بعض الشركات لمجلس معلومات سوق السيارات، مثل نيسان، ومن ثم أدت إضافة مبيعاتها لتحقيق طفرة غير حقيقية بالكامل فى المبيعات.
غير أن نسبة النمو خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالى، لم تتجاوز %2 فقط، ليسجل قطاع السيارات مبيعات 185.9 ألف وحدة، مقابل 182.3 ألف خلال الفترة المقابلة من العام الماضى، لتزداد شكوك العاملين فى السوق والخبراء، بشأن تحقيق مستهدفات العام الحالى، والمحدَّدة بـ350 ألف وحدة.
وسط هذه الحالة من التغيرات فى أداء السوق ونسب النمو، كان قطاع السيارات يراهن على وصول البلاد لحالة من الاستقرار السياسى، منذ بداية الثورة وحتى الآن، ينعكس إيجابًا على الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، ومن ثم حل مشكلات القطاع والتعجيل بإجراءات واستراتيجيات النهوض.
بعد الثالث من يوليو وموجة الاضطرابات التى شهدتها البلاد، ألقى الوكلاء بثقل أحلامهم وأمنياتهم على الانتهاء من صياغة دستور جديد للبلاد، بعد إلغاء العمل بدستور 2012، ثم راهنوا على إتمام الانتخابات الرئاسية، ثم على استكمال الانتخابات النيابية، للوصول لحالة الاستقرار.
بيد أن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن، فكانت مطرقة تهاوِى العملة المحلية أمام العملات الأجنبية تتساقط بشدة فوق رءوس وكلاء السيارات، الذين أصبحوا غير قادرين على الاستيراد من الخارج؛ لعدم القدرة على فتح الاعتمادات المستندية لسداد مستحقات الشركات العالمية، حتى اضطر البنك المركزى قبيل الانتخابات النيابية بفترة قصيرة لتحريك سعر الدولار الرسمى ليشتعل السعر أيضًا فى السوق السوداء، التى تضطر شركات السيارات لتدبير احتياجاتها من العملة الأجنبية منها.
لم يستبشر عاملون فى السوق المحلية خيرًا بعد الخطوة الأخيرة، بل توقعوا مزيدًا من انفلات سعر الدولار، خلال الفترة المقبلة، حتى إن كثيرًا منهم لا ينتظرون الكثير من مجلس النواب المقبل، مطالبين رئيس البنك المركزى الجديد برؤية واضحة لحل الأزمة.
توقّع خالد سعد، مدير عام شركة بريليانس البافارية للسيارات، استمرار مسيرة ارتفاع سعر الدولار بالسوق المحلية، ليقترب من حاجز 9 جنيهات خلال الفترة المتبقية من 2015، موضحًا أن الشركة لم تعد قادرة على استيراد احتياجاتها من الخارج؛ لعدم القدرة على تدبير العملة الأجنبية، فضلًا عن عدم وضوح الرؤية المستقبلية للعمل فى السوق المحلية.
ولفت إلى أن الدولار كان السبب الرئيسى فى الأداء السلبى للقطاع خلال الفترة الماضية، موضحًا أن الارتفاع الكبير فى مبيعات العام الماضى ليس ارتفاعًا حقيقيًّا؛ لأنه ناتج عن انضمام شركات لمجلس معلومات سوق السيارات، ومن ثم تمت إضافة مبيعاتها إلى نتائج السوق الإجمالية، ومن ثم ارتفعت الأرقام المعلنة على عام 2014.
وأوضح أن الدولار ارتفعت قيمته فى السوق المصرية بنحو %15 خلال عام واحد، وأن كل قطاعات السيارات تعانى من الأزمة، حتى السيارات الأوروبية، رغم التخفيضات السنوية على الرسوم الجمركية، حيث تنخفض الرسوم بنسبة % 10 سنويًّا من إجمالى الرسوم المقررة على السيارات، والمحدَّدة بـ%40، أى أن نسبة الانخفاض السنوى تدور حول %4 فقط من الرسوم.
اللواء حسين مصطفى، المدير التنفيذى السابق لرابطة مصنعى السيارات، قال إن المشكلة الرئيسية لنهوض قطاع السيارات تكمن فى توفير العملة الأجنبية التى أثّرت سلبًا على جميع القطاعات، سواء السيارات الكاملة أو المكونات أو قطع الغيار، لافتًا إلى أن الارتفاعات الأخيرة فى سعر الددولار ستقود حتمًا إلى موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار ونقص المعروض بالسوق المحلية.
وأشار إلى أن بعض الشركات كانت أكثر استجابة لضغوط الدولار، فهبطت مبيعاتها بشكل كبير، خاصة نشاط التجميع المحلى؛ بسبب اللجوء لوسائل أخرى مكلِّفة لتدبير العملات الأجنبية لتحويلها للخارج، ما يؤدى لزيادة الأعباء، ومن ثم نقل جانب منها إلى العميل، عبر زيادة السعر، ما يتسبب فى تأجيل بعض القرارات الشرائية من جانب العملاء وتراجع مبيعات السوق الإجمالية.