الدكتور عادل منير: تأسيس شركة وطنية لإعادة التأمين أكبر من امكانيات السوق

اختيار الدكتور «عادل منير» تحديدًا لطرح عددًا من الملفات أمامه، جاء لعدة أسباب، أولها : أنه ليس طرفًا فاعلًا بشكل مباشر فى سوق التأمين، فهو ليس مديرًا لشركة تأمين أو عضوًا بكيانه التنظيمى، أو على أحد مقاعد الجهاز الرقابى، مما يضمن موضوعية الطرح ودقة الرأى

الدكتور عادل منير: تأسيس شركة وطنية لإعادة التأمين أكبر من امكانيات السوق
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

12:38 م, الأحد, 21 يوليو 19

أجري الحوار- ماهر أبو الفضل :

إرجاء تأسيس شركة إعادة ، ميثاق شرف لسوق التأمين، هل هناك فساد بسوق التأمين؟، ضعف أقساط إعادة التأمين الواردة محليا، كيفية مأسسة نشاط الوساطة، دور معهد تأمين مصر فى المرحلة الحالية، تبسيط شروط التغطيات، ملفات مرتبطة حينًا ومتشابكة أحيانا، كان من الضرورى طرحها أمام الدكتور عادل منير، الأمين العام للاتحاد الأفروآسيوى للتأمين وإعادة التأمين«FAIR».

اختيار «منير» تحديدًا لطرح هذه الملفات أمامه، جاء لعدة أسباب، أولها : أنه ليس طرفًا فاعلًا بشكل مباشر فى سوق التأمين، فهو ليس مديرًا ل أو عضوًا بكيانه التنظيمى، أو على أحد مقاعد الجهاز الرقابى، مما يضمن موضوعية الطرح ودقة الرأى، وثانيها: أن له علاقة بالمواقع التنفيذية التى شغلها، سواء فى الجهاز الرقابى أو حتى فى العمل التنفيذى داخل أكبر صرح تأمينى فى السوق وهى القابضة للتأمين، وثالثها وأهمها: أنه لايزال متشابكا مع الصناعة بحكم خبراته وموقعه كأمين عام لكيان تنظيمى يخص قارتين.

فماذا قال عادل منير عن إرجاء تأسيس إعادة التأمين، وتقييمه لسوق الوساطة وميثاق الشرف ودور معهد تأمين مصر فى دعم السوق ورده على ما يثار حول هذا الدور؟

الإجابة فى الحوار التالي:-

المال : تردد أن الرقابة المالية أرجأت ملف تأسيس، فكيف ترى هذا الملف من منظور حيادى، بمعنى جدواه ومدى قدرة السوق على تدبير رأسماله؟

منير: العاملون فى صناعة التأمين بتعدد أطيافهم وتنوع أطرافهم، بما فيهم الكيان التنظيمى والجهة الرقابية، متفقون على أهمية وجود كيان وطنى لإعادة ، بل سأزيد على الشعر بيتًا، هذا الكيان بمثابة الحلم، لكن للأسف هذا الحلم أكبر من إمكانيات السوق على الأقل خلال الفترة الحالية.

المال: هل تقصد بالإمكانيات التى لاتملكها السوق، الأموال اللازمة لتدبير رأس المال، أم الإرادة؟

منير: كلاهما، دون انفصال أحدهما عن الآخر.

المال: نقص الإمكانات المادية معروف ومعلوم، لكن عن أى إرادة تتحدث؟ ومن هم المخاطبون بها؟

منير: كل أطراف ، وفى المقدمة منهم الشركات، بالإضافة إلى الجهات الحكومية ذات العلاقة بالصناعة، وإرادة الشركات مهمة لأنها صاحبة مصلحة فى وجود كيان وطنى لإعادة التأمين، أما الرقابة المالية، فليس مستساغًا أن تتحمل أعباء تأسيس هذا الكيان، ومن غير المقبول أن تُمسك الجهة الرقابية أيدى الأطراف الفاعلة فى السوق وإعداد إستراتيجية تدعم تحقيق أهداف هذه الأطراف، وفى النهاية لابد أن نبدأ بخطوة.

المال : ما الخطوة المطلوب البدء بها؟

منير: نحن لانخترع العجلة، فلابد من استنباط الدروس من التجارب السابقة، فهناك تجربة ناجحة قامت بها الهند من خلال معادلة بسيطة، تكمن فى إلزام جهة كل الشركات بعدم إسناد أى عمليات إعادة تأمين للأسواق الخارجية قبل استكمال الطاقة الاستيعابية الموجودة فى السوق، من خلال ما يسمى بإعادة التأمين الداخلى أو Co-Insurance.

ضعف الإعادة الداخلى بسبب تخوف الشركات من بعضها

المال : الأرقام الواردة فى الإحصاءات الرسمية الصادرة من، والمرتبطة بإجمالى أقساط إعادة التأمين الواردة محليا، هزيلة حينا وتكاد تكون مثيرة للسخرية أحيانا، على الأقل للمتابعين للقطاع، فما السبب فى ضعف تلك الأرقام؟

منير: فتش عن السبب، والسبب الحقيقى لضعف أقساط الوارد محليا، مرتبط بالمنافسة بين الشركات وما يستتبعه من تخوف خطف العميل فى حالة إعادة مخاطره داخليًا.

المال: ألهذه الدرجة باتت زيادة التعاون بين الشركات داخليا من خلال الإعادة الداخلية صعبة؟

منير: ليس صعبًا، لكن المهم أن تكون هناك إرادة من بكل أطرافه.

«الرقابة المالية» تطبق ميثاق شرف التأمين قبل إعداده

المال: إذا انتقلت لنقطة أخرى، لها علاقة بميثاق شرف أخلاق ، إلى أى مدى يمكن تفعيل هذا الميثاق الذى أعده الاتحاد ضمن نظامه الأساسى، لا سيما مع تشكك البعض فى ذلك كونه «أخلاقيًا»، ولا يوجد ما يدعمه تشريعيًا؟

منير: مطبق قبل أن يتم إعداده، بمعنى أن الرقابة المالية تنفذ مضامينه، حتى أن الأمر تجاوز ذلك إلى مغادرة مسئولين مواقعهم بسبب مخالفة هذا الميثاق، لأنه مرتبط بسلوكيات مهنية داخل الصناعة نفسها.

 الاتحاد مسئول عن تبسيط شروط الوثائق وعلى الهيئة التدخل

المال: بنود الميثاق تطرقت إلى ضرورة تبسيط شروط ، وكذا مصطلحاتها ليفهمه العملاء ممن تختلف ثقافاتهم وتوجهاتهم ونسبة الوعى لديهم؟

منير: الدور فى هذه الحالة، هو دور ، وعليها تحرير المخالفة للشركات التى لاتلتزم بهذا، فعلى الرغم من مراجعة جهة الرقابة لتغطيات التأمين، فإنها لاتضع الشكل الجمالى لها، بمعنى تبسيط شروطها ومصطلحاتها.

المال: ولماذا تتحمل الرقابة المالية هذا العبء، أليس من الأولى أن يقوم بها الكيان التنظيمى، فهو المنوط بإعداد النماذج الإرشادية للتغطيات؟

منير: لاينفصل دور الاتحاد عن الهيئة، وتبسيط شروط التأمين مشروع كان يجب البدء فيه منذ عشرات السنين، وهو دور أصيل للاتحاد، فبدلًا من إرسال وثائق تأمين عامة للهيئة، عليه تبسيط شروطها لفهم مصطلحاتها.

 الفساد مصطلح قانونى وإطلاقه دون دليل مادى يٌضر بالصناعة

المال : عَدّد أحد خبراء فى مقاله بجريدة «المال»، صور الفساد فى سوق التأمين، واعِترضت على هذا الوصف –أى الفساد- وقلت إنه قد يكون هناك غِش أو تزوير لكن لايصل إلى درجة الفساد، فهل التزوير والغش ليس فسادًا؟

منير: مصطلح قانونى، وقنوات الإبلاغ عنه لابد أن تكون قانونية لأنها جريمة يُعاقب عليها القانون، وبالطبع الغش والتزوير، لكن كان من الضرورى عنونة المقال بأخطاء مهنية أو سلوكية والممارسات الضارة، ولايوجد خبير فى القطاع المصرفى على سبيل المثال تناول الفساد فى قطاعه ولكن قد يتعرضون للسلوكيات الخاطئة، هذه نقطة.

أما النقطة الثانية، فمرتبطة بكيفية مكافحة والتزوير من خلال دقة الاستدلال عبر بطاقة الهوية، كما أود أن أنوه إلى أن استخدام لفظ غير دقيق قد يضر بصناعة كاملة، أقصد التأمين، فهل إذا أخطأ مسئول اكتتاب نتهمه بالفساد؟، أو إذا عُين شخص غير مناسب فى مكان ما هل ذلك فساد؟ إذا قلت إن هذا فساد، فذلك سينسحب على القائمين على الرقابة الداخلية للكيان الذى نوصمه بأنه يواجه صورًا من الفساد.

 إهدار ملايين الجنيهات فى إجبارى السيارات احتيال وغش وإهمال من الكيانات

المال: تزوير وثائق علي السيارات، وإعلان القائمين على صناعة التأمين عن هذا التزوير، مما أدى إلى إهدار مليار جنيه من فرع السيارات، ألا يسمى ذلك فسادًا أم أنه تزوير، هذا مع خلافى على وجود فارق بينهما، فالتزوير والغش أحد صور الفساد ؟

منير: إهدار ملايين الجنيهات من بسبب التزوير، يمكن أن يطلق عليه البعض فسادًا وتزويرًا فى الوقت نفسه، ففيما يتعلق بالتزوير فهو مرتبط بإهمال شركات التأمين نفسها، أقصد عدم وجود رقابة داخلية ومتابعة للقائمين على هذا الفرع من التأمين، ناهيك عن عدم توافر الكفاءة التى يمكن من خلالها التعامل مع هذه النوعية من المشكلات، خاصة فى منافذ المرور البعيدة عنهم، وقد يكون الغش من شركة التأمين أو الوسيط أو العميل، لكن أن نصف هذه الممارسات بالفساد فذلك يضر بالصناعة، وإذا كان هناك فساد فلابد وأن يكون هناك دليل عليه، وإذا توافر الدليل ولم يتم تقديمه للجهات المختصة، فهذا تستر على الفساد ويمثل فسادًا فى حد ذاته.

المال : الرقابة المالية فى تقريرها السنوى عن الاستدامة الصادر قبل أيام، أشارت بوضوح إلى مكافحة الفساد وتوسيع دور الرقابة الداخلية للشركات، مما يعنى اعترافًا من الجهة الرقابية بوجوده، ألا يتعارض ذلك مع إنكارك لوجود فساد فى سوق التأمين؟

منير: لم أنكر وجوده، لكن مكافحة للفساد هو أحد أدوارها الأصيلة، من خلال الرقابة والوقاية، لكن حديث الرقابة المالية عن الفساد يختلف كليا عن حديث أحد خبراء الصناعة عن هذا الفساد، ومكافحة الفساد له مساراته داخل الشركات وكذا الجهة الرقابية.

 تجميل الميزانيات فى بعض الأحيان لأهداف نبيلة وليس تحايلًا على القانون

المال: تردد أن هناك تجميلًا فى ميزانيات بعض ، لإظهار نمو على غير الحقيقية، ألا يعد ذلك فسادًا؟

منير: قبل الحكم على تجميل الميزانيات بأنه فساد من عدمه، لابد من معرفة أهدافه ومقاصده، بمعنى هل تجميل الميزانية مؤقت، أى فى فترة مؤقتة تمر خلالها شركة التأمين بموقف حرج، أم أن الغرض من التجميل التهرب من الضرائب أو تحقيق مصلحة للمساهمين لدعم العضو المنتدب؟.

من وجهة نظرى، أنه فى حال وجود تجميل للميزانيات، فجزء كبير منه تم بمقاصد نبيلة، وهو فى النهاية خطأ، لكن لايمكن وصمه بالفساد.

 معهد تأمين مصر يمر بمرحلة تاريخية لتحويله إلى شخصية اعتبارية كاملة الأهلية

المال: بصفتك عضوًا فى مجلس إدارة، تردد أن هناك بعض المشكلات التى تواجهه بعضها له علاقة بعدم عقد جمعيته العمومية حتى الآن والآخر مرتبط بنظامه الأساسي؟

منير: ليس كل ما يُردد يُصدق، معهد التأمين بمصر «IIE»، لا توجد به مشكلات، ولكنه يمر بمرحلة تأهيل تاريخى كخطوة استباقية تستهدف تحويله إلى شخصية اعتبارية مصرية كاملة، بدلًا من أن يكون مركزًا لامتحانات معهد عالمى خارجى فى لندن، وباختصار معهد تأمين مصر فى مرحلة تحول من مركز امتحانات إلى معهد كامل الأهلية يقوم بدوره كما يجب أن يكون.

المال: ولماذا يقتصر دور معهد مصر على أن يكون مركزًا لامتحانات معهد التأمين القانونى بلندن«CII»؟

منير: قلت إن المعهد يمر بمرحلة تحول تاريخية، وفى ظل هذا التحول، بدأنا تطويرًا لاينكره إلا جاحد، فبجانب تحويله إلى معهد كامل الأهلية، أصبح مركزًا لامتحانات معاهد عالمية وليس قاصرًا على “CII»، ومنها معهد التأمين الأمريكى «CPCU»، وهيئة برامج التأمين الصحى الأمريكى «AHIP»، ومعهد تأمينات الحياة الأمريكى «LOMA»، ونحن مركز امتحانات لها.

وبجانب ذلك، بدأنا تنفيذ خطة مرتبطة بإعداد البرامج التدريبية، وهذه البرامج كانت تخضع لآلية العرض والطلب «On & Of» منذ عام 2015، والأكثر من ذلك أصبح للمعهد دور فى منح الدبلومات المهنية، أسوة بنظيرتها العالمية، ولكن يتم تدريس تلك الدبلومات باللغة العربية، فليس معنى أن الكادر غير مُلم باللغة الإنجليزية أنه غير مؤهل، بل بالعكس هو مؤهل وسيتم إكسابه مهارات وخبرات إضافية للاستفادة منه فى سوق التأمين.

المال: كم عدد الدبلومات التى يمنحها المعهد وفلسفة اختيارها؟

منير: لدينا 5 دبلومات فى قطاعات نادرة فى الموارد البشرية، وتضم «التأمين الطبي»، و«تأمينات الحياة»، و« التأمين الصحى للدول العربية والإسلامية» بالإضافة إلى «الدبلومة المهنية لإعادة التأمين»، و«دبلومة التأمين التكافلى»، بخلاف «الشهادة المهنية المتخصصة فى التأمين والمعتمدة من معهد التأمين القانونى بلندن».

وهذه المهن تحتاج إلى تأهيل عالمى، وهذه الدبلومات اعترف بها الاتحاد المصرى للتأمين، واعترافه الموثق فى أحد محاضر اجتماعاته يعنى أنه يجوز لأى شركة حسب نظامها المالى أن تضيف ميزة مادية للحاصلين على تلك الدبلومات، أسوة بالدبلومة الأكاديمى –والتى عفا عليها الزمن-.

المال: لماذا عفا الزمن على الشهادات الأكاديمية؟

منير: أهل مكة أدرى بشعابها، بمعنى أن المعاهد المتخصصة هى الأولى بمنح الشهادات لأسباب من بينها أن القائمين عليها أعلم بدروب تخصصاتها سواء على مستوى التحديات أو الاحتياجات، و«تخشنت» أيادى القائمين على تلك المعاهد بالعمل الجاد، وكان هذا مدخلًا لأن يكون لمعهد تأمين مصر دور كرقم على يمين المعادلة، كجهاز معاون ضمن أجهزة السوق مثل الاتحاد المصرى لشركات التأمين، والنص عليه تشريعيًا لتدعيم مساره، لا سيما وأنه وفقًا لقانون التأمين الحالى، يجوز لشركات التأمين إنشاء معاهد تدريبية.

المال: أليس من الأولى أن يُشرف اتحاد التأمين على معهد مصر للتأمين؟

منير : رؤى فى أحد اجتماعات مجلس إدارة معهد تأمين مصر، أن يُشرف اتحاد التأمين عليه، وبهذه المناسبة فجميع أعضاء مجلس إدارة المعهد من شركات التأمين، ويرأسه رئيس الاتحاد السابق.

أوقفت تلقى التبرعات لمعهد التأمين لأن رسالة التدريب قادرة على تمويل نفسها

المال: ما هى مصادر تمويل المعهد؟

منير: تاريخيًا، أنشئ المعهد من خلال شركات التأمين الحكومية الأربع فى سبعينات القرن الماضى، وتضم مصر للتأمين والشرق والأهلية والمصرية للإعادة، وكان يتم تمويل موارد المعهد من هذه الشركات فى صورة تبرعات، لكنى اتخذت قرارًا فى يناير 2008 بوقف تلقى هذه التبرعات، وكان حينذاك يصل إلي280 ألف جنيه بواقع 70 ألف جنيه لكل شركة، بما يوزاى 3 أو 4 ملايين حاليًا- نتيجة زيادة معدل التضخم-.

المال: ولماذا أوقفت تلقى هذا التبرع لا سيما وأنه يساهم فى تدعيم دور المعهد؟

منير: بصفتى أستاذا جامعيا، بخلاف الخبرة المكتسبة من العمل التنفيذى فى مواقع متعددة سواء رقابية أو غيرها، أؤكد أن رسالة التدريب والتأهيل كافية لتمويل نفسها، وإن لم يحدث غير ذلك، فهذا يعنى أن هناك قصورًا لابد من التوقف أمامه، وسيكون دور المعهد فارغًا من محتواه، إذا كان يقوم على تلقى تبرع دون خدمة مقابلة، وصناعة التعليم أعلم جيدًا كيف يتم تحقيق ربح من خلالها، ونتيجة لذلك وبتكاتف جهود القائمين على المعهد تم تحقيق فائض 1.3 مليون جنيه أثناء دمج المعهد المصرى للتأمين فى معهد الخدمات المصرفية عام 2010.

المال: المعهد المصرى للتأمين ..هل يختلف عن معهد تأمين مصر؟

منير: كان هناك توجيه من وزارة الاستثمار بدمج المعاهد المرتبطة بنشاط التأمين وقصرها على معهد واحد أسوة بالمعهد المصرفى، وبناءً عليه تم إلغاء معهد الدراسات التأمينية، لا سيما وأنه كان يتكبد خسائر متلاحقة، وحينها عام 2009 تحديدًا حصلت الهيئة العامة للرقابة المالية والتى كنت نائبًا لرئيسها على استثناء بإنشاء معهد باسم «معهد التأمين المصري»، وتم بعدها إنشاء معهد الخدمات المالية، وعلى إثره تم تجميد نشاط معهد تأمين مصر خشية إلغاء رخصته، وتم دمج المعهد المصرى للتأمين فى معهد الخدمات المالية.

المال : وكيف عاد معهد تأمين مصر أو بمعنى أدق متى تم إحياؤه؟

منير: فى 2017، عقد عبد الرءوف قطب رئيس الاتحاد المصرى للتأمين جمعية عمومية، ناقشت النظام الأساسى، وكانت جمعية عمومية قانونية وليس صحيحًا ما تردد من أن هناك أزمة فى عقد اجتماع لجمعيته العمومية، لأنها عُقدت بالفعل وتم إعداد نظامه الأساسى، وأُرسل للرقابة المالية، وحاليًا على مكتب رئيس الوزراء لاعتماده.

المال: تردد أن خلود الشافعى، المدير التنفيذى للمعهد استقالت بسبب المشكلات التى يواجهها؟

منير: ليس حقيقيا.

المال : وما هى الحقيقة؟

منير: استقالت لأنها وجدت فرصة أفضل فى مكان آخر.

المال: تردد أن المعهد أخفق فى تحقيق أى فوائض مؤخرًا؟

منير: هذا حقيقي.

المال : ألا يتناقض ذلك مع رأيك فى أنك – كأستاذ جامعى وخبير تأمينى- تعلم أدوات تحقيق رسالة العلم والتعليم أرباح؟

منير: عدم تحقيق فائض ليس معناه خسارة المعهد، ولكن مرتبط بقنوات تمويل جُفت، ومنها على سبيل المثال دبلومة التأمين الصحى، كان المعهد يتلقى تمويلًا من شركة «بوبا»، وتمويلًا من «أليانز حياة» لدبلومة تأمين الحياة، مقابل الحصول على بعض المميزات مثل تدريب عدد من كوادرها بدون مقابل، والترويج لتلك الشركات على المطبوعات الخاصة بالمعهد والمرتبطة بالدبلومات المتخصصة كلِ فى مجاله، وأن يتم تمثيل الشركة الراعية للدبلومة فى اللجنة العليا المسئولة عنها.

وعلى كلِ، فيجوز للمعهد قبول التبرعات، ومع ذلك فمعهد تأمين مصر، لايقبلها بل يقوم بتحصيل اشتراكات مقابل تقديم خدمة.

المال : بشكل مباشر، هل تم سحب شهادة معهد التأمين القانونى بلندن «CII» من معهد تأمين مصر، بمعنى عدم موافقة الأول على أن يكون معهد تأمين مصر مركزًا لامتحاناته؟

منير: لم يحدث هذا، ولكن حدث تغيير فى مجلس إدارة معهد لندن خلال السنوات الماضية، ومجلسه الأخير، قرر أن تكون الامتحانات التى يعقدها فى معاهد التدريب على مستوى العالم وليس فى مصر فقط تحت إشراف جهة الرقابة عن سوق التأمين أو بواسطة تلك الجهة الرقابية، ولأن معهد تأمين مصر يُصر على أن يكون رقما فاعلا فى معادلة تطوير كوادر التأمين والمهن المرتبطة به، تواصلنا مع جهة الرقابة ممثلة فى الهيئة العامة للرقابة المالية، ووافقت على أن تكون الامتحانات تحت إشرافها، أما إلغاء شهادة الـ «CII» من مصر، فلم يحدث ولن يحدث بإذن الله.

المال : ملف الوسطاء، سيظل الرقم المهم فى معادلة سوق التأمين، رغم وجود 80 شركة وساطة تأمين، بخلاف الشركات التى تم شطبها، إلا أن البعض يرى أن هناك عزوفًا من الوسطاء الأفراد عن تأسيس شركات، فما دلالة ذلك؟

منير: ضآلة عدد شركات وساطة التأمين، أمر طبيعى، فلا يزال هذا النشاط – أقصد ممارسة السمسرة من خلال كيانات اعتبارية- ناهضًا، ولايجب أن نغفل أن قياس الأعمار تختلف من الإنسان عن الشركات، عن الدول، فالحكم على ديناميكية تأسيس شركات وساطة أو غيرها لايجب أن يكون قبل 20 – 30 عامًا، هذه نقطة.

والنقطة الثانية، أن شركات الوساطة، هى صناعة مرت بدون دعم قانونى لفترة، بمعنى أنه كان مخططًا أن يكون هناك تدرج قانونى، بمعنى البدء فى السماح للوسطاء بممارسة نشاط السمسرة عن طريق كيانات اعتبارية، إنفاذًا للتعديلات التشريعية على قانون التأمين، ثم بعد ذلك تصنيفها، وفى المرحلة الثالثة يتم تحفيزها بقرارات رقابية، لكن للأسف البعض يتعجل الخطوة الثالثة دون المرور على الأولى والثانية.

المال : ماذا تقصد بتعجل الخطوة الثالثة؟

منير : من قام بتأسيس شركات أو حتى لديه الرغبة يطمع فى مزايا نسبية تميزه عن الوسطاء الأفراد على أساس أنها محملة بأعباء إدارية أكبر من الأفراد، وهذا منطق مغلوط.

المال : أليست المطالبة بمزايا نسبية أمر طبيعى إذا كنت تسعى إلى مأسسة نشاط مثل السمسرة فى التأمين؟

منير : طبيعى، لكن ليس مطلوبًا منح المزايا منذ البدء، فيكفى حصول الشركة على رخصة ممارسة السمسرة، وللقائمين على تلك الشركات مهمة البحث عن كفاءات لإدارتها لتعظيم العائد منها، لكن للأسف عددا ليس بقليل من شركات الوساطة تُدار بعقلية الوسيط الفرد، باستثناء الشركات متعددة الجنسيات التى تعمل بفلسفة مختلفة، ومن ثم فمن الطبيعى حدوث ما يسمى بفرز السوق، وبالتالى بطء وتيرة تأسيس الشركات.

المال: إذا كنا لانخترع العجلة، فما التجارب التى يجب النظر إليها للاستفادة منها؟

منير : التجارب عديدة، ومنها مثلًا التجربة الإماراتية، ففى دبى يقتصر ممارسة نشاط الوساطة على الشركات دون الأفراد، وفى دول أخرى مثل مالطا، يعمل فيها الوسطاء الأفراد جنبًا إلى جنب مع شركات السمسرة، لكن يتم تمييز الشركات بزيادة نسبة العمولة 5% مقارنة بما يحصل عليه الوسيط الفرد، لارتفاع تكاليفها، ومن ثم لابد من دراسة تلك التجارب وغيرها وتطبيق الأنسب منها مع طبيعة السوق المصرية.

قصر نشاط الوساطة على الشركات وأجهزة الإنتاج ضرورة لضبط السوق

المال: من وجهة نظرك، أى من النموذجين السالفين يصلح للسوق المصرية، هل النموذج الإماراتى أم المالطى؟

منير: من وجهة نظرى-التى تحتمل الصواب والخطأ- أرى أن يتم إلغاء ما يسمى بالوسيط المستقل، وأن يكون هناك نموذجان، الأول : شركات وساطة، والثانى : أجهزة إنتاجية بشركات التأمين، وأن يكون الوسيط الفرد إما تابعا لشركة وساطة أو أحد أفراد الجهاز الإنتاجى بشركة التأمين، لأسباب عديدة أولها : الحد من استشراء ما يسمى بـ «الوسيط أبو شنطة»، وثانيها : دعم هؤلاء الأفراد، ففى أحيان كثيرة يتبرع الوسيط الفرد بنسبته من العمولة لأسباب تخدم مصالحه، ليس هذا توقيت سردها، وفى النهاية عدد الوسطاء الأفراد «المستقلين» لايتجاوز 1500 إلى 2000.

المال: صدرت قرارات حكومية بزيادة أسعار الوقود، ومن ثم من المتوقع زيادة الأسعار، وفى الوقت نفسه هناك مضاربات سعرية فى سوق التأمين، فكيف تواجه شركات التأمين هذه التحديات، فاستمرار المضاربة السعرية، معناه استمرار نزيف الخسائر الفنية، وزيادة أسعار التغطيات معناه ركود السوق لعدم توافر فوائض لدى العملاء لشراء تغطيات تأمينية؟

منير: هذا تساؤل يحتاج إلى مجلدات لشرح أسبابه وكيفية التعامل مع تحدياته، لكن باختصار، مصر كدولة فى مرحلة تحول تاريخية، وتوقعاتى أن سوق التأمين لم تصل لمرحلة الكساد، فمعدلات نموها لاتزال أكبر من معدلات التضخم حتى وإن كان بنسبة ضئيلة، وفى المقابل زيادة المشروعات القومية ونمو الاقتصاد القومى سينعكس لامحالة على سوق تأمين الممتلكات، وكذلك فى الحياة نتيجة زيادة دخول الأفراد بما يسمح بتوافر فوائض لشراء تغطيات التأمين.

صالون ربع سنوى بالأفروآسيوى لمناقشة مشكلات الصناعة وفرصها

المال : أخيرًا وليس آخرًا لماذا لايعقد الأفروآسيوى ندوات دورية لمناقشة مشكلات الصناعة والفرص المتاحة بهدف مواجهة التحديات واستثمار الفرص؟

منير : سنعقد بالفعل صالونا ثقافيا نهاية أغسطس، وسيكون صالونًا دوريًا كل ثلاثة شهور، وسيناقش الصالون المقبل دور الوساطة فى دعم السوق، بالإضافة إلى دور الاتحادات ككيانات فاعلة فى نمو أسواقها، وسيشارك فى تلك الفعاليات كل الأطراف الفاعلة والعاملة فى السوق.