تعد الدبلوماسية المناخية حقلا دبلوماسيا متناميا يركز على التعاون الدولى لمواجهة تغير المناخ، وتجمع هذه الدبلوماسية بين العلوم والدبلوماسية والاقتصاد، بهدف بناء توافق فى الآراء بين الدول لتبنى سياسات مناخية فعالة.
وتغير المناخ ظاهرة عالمية تتطلب حلولا عالمية، بينما تسعى الدبلوماسية المناخية إلى بناء جسور بين الدول لتقاسم المعرفة والتكنولوجيا والخبرات، وتساهم دبلوماسية المناخ فى بناء الثقة بين الدول، ما يسهل التوصل إلى اتفاقيات دولية ملزمة، إضافة إلى أن الدبلوماسية المناخية تلعب دورا حيويا فى تحفيز الدول والشركات والمجتمع المدنى على اتخاذ إجراءات ملموسة لمكافحة تغير المناخ.
وتواجه دبلوماسية المناخ مجموعة من التحديات، حيث إن لكل دولة مصالحها الخاصة التي قد تتعارض مع الأهداف المناخية العالمية، بينما تختلف الدول فى قدرتها على تحمل تكاليف مكافحة تغير المناخ، وقد تواجه الحكومات ضغوطا من مختلف الجهات المعارضة للسياسات المناخية.
إجمالي الخسائر الاقتصادية المقدرة فى 2022 و2021 والـ10 سنوات السابقة، للكوارث الطبيعية والمناخية، وفق بيانات “سويس رى” العالمية لإعادة التأمين:
“المال” تستعرض دبلوماسية المناخ من خلال دراسات حديثة فيما يلى.
لم تعد دبلوماسية المناخ تقتصر على المجال البيئى فقط
وأوضح الدكتور إيهاب عياد فى دراسته “الدبلوماسية المناخية فى ضوء متغيرات النظام الدولى – نحو سياسات تفعيلية لإدارة مخاطر التغير المناخى فى القارة الأفريقية”، حصلت “المال” على نسخة منها، أن ممارسة دبلوماسية المناخ تتطلب 3 قدرات أساسية، تتمثل فى القدرة على تطوير واتخاذ موقف وطنى واضح يعتمد على فهم موضوعى لكيفية تأثير تغير المناخ على المصالح الوطنية الأساسية، والقدرة على جمع وتحليل المعلومات حول مصالح الجهات الفاعلة الأخرى، وقيودها وقدراتها وكيفية إدراكهم للبيئة المناخية، وأخيرا القدرة على دمج الأولويات الوطنية بشكل فعال فى القنوات السياسية والدبلوماسية والسيطرة على الأدوات الأساسية للدبلوماسية والقدرة على إنشاء إستراتيجية مؤثرة واضحة وتنفيذها من خلال بناء التحالفات والثقة الإستراتيجية.
وأكد أن تطبيق قدرات تغير المناخ إنما تتطلب تغييرات مؤسسية كبيرة، بينما لم تقم بعض الدول بعد بدمج تغير المناخ بشكل كافٍ فى آلية صنع القرار، حتى تتمكن من تقديم دبلوماسية مناخية فعالة، الأمر الذى يتطلب إصلاحات مؤسسية من الدول لتنفيذ دبلوماسية المناخ فى جميع أنحاء العالم، فمسئوليتها تتبع وزارات أخرى بخلاف الخارجية، حيث لم تعد دبلوماسية المناخ تقتصر على المجال البيئى فقط، بل تداخلت مع دوائر جديدة أخرى مثل أمن الطاقة والتوترات الأمنية والقدرة التنافسية.
وأشار إلى أن هناك تحديات كبيرة أمام الحكومات للحد من تأثيرات التغيرات المناخية، حيث بدت ظاهرة التغير المناخى حاضرة فى التحليلات الأمنية والصناعية فى العديد من البلدان، من خلال استخدام مفهوم “الأمن المناخى” فى العديد من اللقاءات الدبلوماسية على مستوى العالم.
واقترح مجموعة من السياسات التى ينصح بتطبيقها للمساعدة فى تجنب آثار التغيرات المناخية، مثل إدارة الموارد الطبيعية بطريقة رشيدة ومستدامة لحمايتها من آثار التغيرات المناخية، و تعزيز العمل المناخى، وتعزيز إدارة المياه العابرة للحدود، وتعزيز البحوث حول أساليب الاستخدام المشترك والاستفادة من الخبرات، وتفعيل مفهوم الأمن المناخى لآثار تغير المناخ والتكيف معه.
وللاطلاع على الدراسة كاملة، فيما يلى:
هناك فارق كبير بين دول الشمال والجنوب
وبينت الدكتورة رغدة البهى، مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، فى دراستها “المناخ بين الدبلوماسية والحوكمة: تجارب دولية”، حصلت “المال” على نسخة منها، أن دبلوماسية المناخ تتطلب تجاوز الأطر السياسية والقانونية التقليدية ذات الصلة إلى مستوى من مستويات التنسيق الدولى وحوكمة الخيارات السياسية، مع الموازنة بين الأهداف الاقتصادية المتضاربة والتغيرات المناخية والأهداف الدبلوماسية.
وأشارت إلى أن دبلوماسية المناخ وحوكمته ستصطدمان دائما بالفارق الكبير بين دول الشمال والجنوب على صعيد المسئولية والتكلفة المادية المتكبدة والموارد اللازمة والكفاءات البشرية والقدرة على التأثير فى جداول الأعمال الدبلوماسية الوطنية والدولية وموقعها فى المشهد الجيوسياسى الحالى والقدرة على حشد المعلومات التقنية، وغير ذلك.
ولكنها أضافت أن التغيرات المناخية إنما تتطلب بذل جهود مضنية ومشاركة فعالة فى مختلف المناقشات الوطنية والمفاوضات الدولية، مع توحيد الجهات المسئولة عن مجابهة هذا التحدى فى الداخل، وتضمين تغير فى آليات صنع القرار، وصياغة إستراتيجية للمناخ بشكل كافٍ، على أن يحدث هذا بمساعدة دول الشمال على الصعيد المالى على الأقل، لكونه يتجاوز قدرات كثير من الدول النامية التى قد لا تضع التغيرات المناخية على رأس أجندتها التنموية.
ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة فيما يلى:
لا بد من وجود كفاءات فى مجال التنمية المستدامة
وبينت الدكتورة نيللى كمال الأمير، الباحثة فى الشئون البيئية والتنموية، فى دراستها “دبلوماسية المناخ والتعددية فى إدارة القضايا الدولية”، حصلت “المال” على نسخة منها، أن دبلوماسية المناخ تعد الحلقة الأحدث فى سلسلة تطور مفاهيم الدبلوماسية غير التقليدية، وتحديدا الدبلوماسية البيئية التى ظهرت نتيجة لتحول التدهور البيئى لتهديد أمنى، بعد ما لحق بالبيئة الطبيعية من أضرار، سواء نتيجة لصراعات داخلية (أضرار العمليات العسكرية) أو النزاع دوليا على الموارد الطبيعية من مياه وثروات، وبذلك بدأ البعد البيئى يتخذ مفهوما جديدا لدى صانع القرار بعد أن بات واضحا أنه يرتبط بقضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية.
وأضافت أن التطورات أو المكتسبات الإيجابية لدبلوماسية المناخ، تتمثل فى آلية التنمية النظيفة وأجندة أهداف التنمية المستدامة واتفاقية باريس للمناخ، وتلك الأخيرة هى الأبرز عند الحديث عن دبلوماسية المناخ وتطبيق التعددية الدولية، وإن كان تعامل كل دولة على حدة واستفادتها من تلك الوثائق المطروحة وآلياتها يتباين وفقا لعدة عوامل، منها طبيعة تحركها خارجيا أو ما يمكن أن نطلق عليه معطيات دبلوماسية المناخ.
وأوضحت أن أعمال دبلوماسية المناخ إنما تواجه تحديات ترتبط بعمل المنظمات الإقليمية والدولية، ومنها الافتقار للقدرة على التواصل مع الدول لعدم وجود أهداف محددة وخطط مهيأة على المستوى الوطنى للتنمية المستدامة وضعف نظم الإدارة وآليات اتخاذ القرار على المستويات المؤسسية والاجتماعية وتعقد البيئة التى يتم فيها اتخاذ القرار.
وذكرت أن كثيرا من الحكومات كانت تفتقر، نتيجة عدم وجود كفاءات فى مجال التنمية المستدامة، إلى استيعاب أبعاد هذا مفهوم دبلوماسية المناخ، بينما قد تحسنت تلك الأوضاع خلال العقدين الماضيين مع أجندات الأمم المتحدة الخاصة بالتنمية التى برز فيها البعد البيئى، سواء أجندة أهداف الألفية التى انتهت عام 2015 أو أجندة أهداف التنمية المستدامة التى يمتد تنفيذها دوليا حتى 2030.
ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة فيما يلى: