قال علي محمد الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية، ورئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، بأن أزمة وباء “كورونا” ستـُسرع من ظهور نظام اقتصادي عالمي جديد يعتمد في تشغيله على الرقمنة.
جاء ذلك خلال مشاركته في فعاليات ندوة سيملس السعودية، ومرجحا بأن تولي الحكومات في جميع أنحاء العالم اهتمامًا أكبر للتحول الرقمي كأداة حاسمة للوصول إلى القدرة التنافسية والأهداف الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح أن الاقتصادات التي تعمل بالنظم التقليدية لن تتمكن من البقاء والاستمرارية لفترة طويلة في هذا العالم سريع التغير والتحول نحو تعميق ممارسات الرقمنة.
وأكد أن إجمالي الناتج الاقتصادى العالمي ارتفع بنسبة 255% على مدار 27 عامًا منذ ظهور الإنترنت في عام 1993 ، وهو ما يحتم دور الاقتصاد الرقمي في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للحكومات
كما أشار إلى ضرورة التعامل مع القضايا المتعلقة بالبطالة والنمو الاقتصادي، بعقلية أكثر ابتكارًا واستمرارية وموجهةً نحو التركيز على النتائج، وهو ما يتطلب من الحكومات إعادة تحديد أدوارها، مع اعتماد استراتيجيات وهياكل وأنظمة أكثر ديناميكية ومرونة، من حيث التركيز على تنويع الاقتصاد، ورفع مستويات الإنتاجية، والاستفادة من إمكانات التقنيات المتقدمة من أجل تحويل القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم وتجارة التجزئة والتجارة والصناعات الاقتصادية الكبيرة.
كما تطرق الخوري إلى تأثير بعض السمات التكنولوجية على الاقتصاد العالمي بمقارنة أثر الإنترنت مع الثورة الصناعية، حيث بين أن حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي بعد الثورة الصناعية ارتفع من نحو 2 تريليون دولار إلى 38 تريليون دولار على مدار حوالي 120 عامًا، ليسجل 40 تريليون دولار بنهاية عام 1993. وأنه ومنذ ظهور الإنترنت، نما الاقتصاد العالمي بنحو 102 تريليون دولار ليصل إلى 142 تريليون دولار بنهاية 2019، وذلك في أقل من 27 عامًا بنسبة نمو قدرها 255%.
مؤكداً بأن هذه المؤشرات تحتم جعل عمليات الرقمنة هدف رئيسي للحكومات خلال الفترة المقبلة، لتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.
كما وأوضح أنه مع انتشار وباء Covid-19 وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات عالية، وزيادة معدلات الفقر المدقع حول العالم لأكثر من 80 مليون فرد، أصبح من الأساسي أن تولي الحكومات اهتمامًا جادًا للتحول الرقمي، حيث أثبتت عمليات الإغلاق وإجراءات التباعد الاجتماعي أن الأنظمة التي تدار تقليديًا هي أكثر عرضة للأزمة الحالية، في حين من استثمر في الحلول الرقمية تمكن من التعامل مع هذه الظروف غير المسبوقة والحفاظ على بعض مستويات الاستمرارية والإنتاجية، ليـُثبت عمليًا أن الاقتصاد الرقمي أصبح ضرورة ملحة وليس مجرد طموح.
وأضاف المستشار: “عند قراءة الأرقام، تشير الدراسات الحديثة إلى أن الخسائر المحتملة للاقتصاد العالمي من هذا الوباء – على مدى 5 سنوات – قد تتراوح من حوالي 3 تريليونات دولار في حالة التعافي السريع إلى أكثر من 80 تريليون دولار في حالة حدوث سيناريو التعافي طويل المدى وفق آخر دارسة دولية.”
وشدد الخوري على أن الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي التي أطلقتها جامعة الدول العربية بالتنسيق مع مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لها في نهاية عام 2018 بمدينة أبوظبي، تعمل على نشر نهج الاقتصاد الرقمي بدول المنطقة، مما يحد من آثر التحديات الحالية والمستقبلية، مع تطوير نظام بيئي إقليمي أكثر شمولية وابتكارًا يعزز الإبداع ويسرع من وتيرة التحول الرقمي.
جدير بالذكر أن الندوة الافتراضية “سيملس السعودية” اختتمت أعمالها في الرياض مؤخرًا، حيث سلطت الضوء على أهم المستجدات والتحديات في مجال المدفوعات الإلكترونية بمنطقة الشرق الأوسط، بحضور مجموعة من الخبراء وصناع القرار في مجال المدفوعات الرقمية والتجارة الإلكترونية.
وناقشت الندوة التي عقدت خلال الفترة ما بين 7و9 يوليو 2020، العديد من المواضيع ذات الصلة بالتجارة الإلكترونية، وأهم الإبتكارات الداعمة للبنية التحتية الرقمية لقطاع المدفوعات، وأهم الحلول التي توفرها وسائل التبادل الرقمية، وآليات الإنتقال نحو مجتمع غير نقدي، ودمج البنية التحتية الرقمية، والتشريعات والأنظمة، حيث تكتسب الندوة أهمية خاصة في ظل مساهمة المدفوعات الإلكترونية في تمكين أفراد المجتمع من تلبية احتياجاته الشرائية خلال فترة جائحة “كورونا”، وذلك من خلال الاستفادة من أحدث تقنيات المدفوعات المالية، والمنصات التجارية الإلكترونية.