تشهد السوق ارتباكًا ملحوظًا فى تنفيذ بنود اتفاقية المنظمة البحرية الدولية 2020، الخاصة بتقليل انبعاثات الكبريت، التى تستهدف تقليل الكبريت من 3.5 إلى %0.5 الناتج عن محركات السفن.
بدأت الخطوط الملاحية البحث عن حلول للتوافق مع التطور الجديد، بينها تحديث محركات أسطولها أو الاعتماد على الغاز الطبيعى، وبين استخدام وقود جديد مخفف فى ظل توقعات بارتفاع نوالين الشحن، وبالتالى ارتفاع أسعار البضائع المستوردة والمصدرة.
قال شريف صلاح، مدير عملاء المبيعات بالخط الملاحى ميرسيك إيجيبت، إن تلك الاتفاقية تم إقرارها منذ أكثر من 10 أعوام، وهدفها تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة من محروقات المحركات الخاصة بالسفن، من معدلها الحالى %3.5 ليصل إلى %0.5 بشكل تدريجى ليبدأ تنفيذها فى يناير 2020 .
قال إن الوقود الحالى المستخدم فى الملاحة هو HSFO ويعتبر وقود مرتفع الانبعاثات الكربونية، ويصل معدل الاستهلاك الحالى إلى 3.5 مليون برميل شهريا، مشيرا إلى أن هناك MGO وهو الوقود المعتمد على الغاز الطبيعى، ويعد بديلا للوقود الأول، ويتميز أن الانبعاثات الكربونية أقل بكثير، لكنه يحتاج إلى تعديل فى محركات السفن للتناسب مع استخدام الغاز الطبيعى، موضحا أنه أقل أمانا وصفها بـ «قنابل موقوتة» تسير فى البحار.
أضاف أن الوقود المستهدف استخدامه حاليا من الخطوط الملاحية هو LSFO لكن تكلفته باهظة، لكنه يتمتع بدرجة أمان عالية، لكنه يتطلب تعديل محركات السفن للتتناسب مع النوع الجديد فقط.
قال مدير مبيعات ميرسيك، إن الاتفاقية تستهدف تقليل استهلاك الوقود عالى الانبعاثات، من 3.5 مليون إلى 1.5 مليون برميل على الأقل، فى المرحلة الأولى بجانب رفع استهلاك الوقود الجديد من صفر إلى أقصى حد لتقليل الانبعاثات، وصولا للهدف النهائى، وهو الوصول إلى %0.5 من تلك الانبعاثات فى 2050.
عن أثار ذلك على حركة النقل البحرى، قال إن إنتاج الوقود الجديد منخفض مقارنة بحجم الطلب عليه فى السوق بحلول 2020، بجانب أن معظم الخطوط تبدأ فى تحديث محركات أسطولها من النصف الثانى من العام الجارى، ما يتوقع خروج عددا من الوحدات العاملة فى كل أسطول لحين تجهيزها لتكون مؤهلة للعمل بالوقود الجديد .
أوضح أن تكلفة الوجود الجديد LSFO أعلى من تكلفة الوقود الحالى، ما يؤدى فى النهاية لارتفاع القيمة الإجمالية للشحن، لا سيما النقل البحرى عامة، واستعداد بعض الخطوط لدفع غرامات لعدم التزامها بتحديث أساطليها ما يؤثر على إمكانات بعض الخطوط فى الفترة القليلة المقبلة .
قال إنه بشكل عام تلك الاتفاقية تأثر بشكل جزئى على المساحات المعروضة من الخطوط الملاحية، لحين تحديث الأسطول للتواكب مع الوقود الجديد، وارتفاع فى أسعار الوقود لمحدودية المعروض منه .
لفت إلى أن ظهور الولايات المتحدة كأكبر منتج للوقود الجديد، وأن لديها الإمكانية لإنتاج 2.5 مليون برميل يوميا خلال 2020، مشيرا إلى أن تلك العوامل مجتمعة تؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع، بهدف تغطية تكاليف الشحن الجديدة، وبالتالى تؤثر على المستهلكين، بجانب ارتفاع أسعار تذاكر سفن الركاب «الكروز» لأنها تستعمل الوقود الجديد.
قال إن تلك العواقب لا يمكن تفاديها، لا سيما أن بداية التنفيذ خلال شهور قليلة قادمة، ما يتطلب تجهيز السوق المحلية لتلبية متطلبات السوق العالمية، وتطبيق تلك الاتفاقية تجنبا لما سبق، ولن يمكن تفاديه بسهولة، كما أنه يجب تجهيز السوق المحلية، لتلبية احتياجات السوق العالمية تفاديا للصدمات التدريجية المتوقعة على حد تعبيره.
قال محمد صلاح، أستاذ اللوجستيات وسلاسل الإمداد بكلية الشرق الأوسط فى عمان، إنه فى البداية هناك نوعان من الوقود، أحدهما خفيف، وآخر ثقيل عندما يحترق يتصاعد غاز ثانى أكسيد الكبريت، ويسبب نسبة كبيرة من التلوث، لذلك اتجهت منظمة الملاحة البحرية إلى تقليل نسبة تلك الغازات إلى 0.05% بحلول 2020 بتنفيذ اتفاقية «ماربالو» لمنع التلوث الناجم عن الشحن.
يرى صلاح أن المعروض من الوقود الخفيف أقل من الطلب عليه مع بداية 2020، وتخفيف نسبة الكبريت يتطلب أستثمارات باهظة فى المعامل، ومعدات الفلترة، موضحا أن دولة مثل روسيا تعتمد على الوقود الثقيل، ما تضطر إلى بيع ذلك النوع بأسعار رخيصة، ما يزيد من أسعارالشحن بسبب ارتفاع التكاليف.
أوضح أن السفن غير الجاهزة لاستخدام وقود منخفض الكبريت، هتصنف بسفن غير صالحة للإبحار، مشيرا إلى وجود عدة حلول، وهى أن تحول السفن إلى الوقود المنخفض الكبريت، من خلال الاعتماد على الوقود المخفف من خلال تغير مكينات السفن وفلترة الملوثات، أو تبنى السفن الجديدة على استخدام الوقود المخفف أو الغازالطبيعى.
أشار إلى أن بعض موانيء أوروبا لا تسمح حاليا بدخول السفن، التى لا تملك الوقود المخفف، وبالتالى السفن التى تنفذ الاتفاقية تحتاج لموانئ معينة، ولا تتواجد فى مصر.
قال إن نوالين الشحن تشهد ارتفاع ينعكس على أسعار البضائع المستوردة والمصدرة، وتكاليف التشغيل بسبب أن تكاليف الوقود تمثل بالفعل أكثر من %50 من إجمالى نفقات التشغيل.
قال عمرو قطايا، رئيس مجلس إدارة شركة Landmark Marine، إنه فى ظل التوجه العالمى للحفاظ على البيئة من التلوث الناتج عن السفن، سواء التلوث البحرى أو تلوث الهواء نتيجة الانبعاثات الصادرة من السفن، ومن ثم اتخذت المنظمة البحرية الدولية IMO ودول الاتحاد الأوروبى EU بعض الإجراءات، وأصدرت بعض القواعد للحد من الكميات الهائلة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن احتراق وقود السفن للحد من تلوث الهواء، نتيجة هذه الانبعاثات، وأن كمية ثانى أكسيد الكربون المنبعثة من السفن تقدر سنويا بتريلون طن، ومتوقع زيادة هذا المعدل من %50 إلى %250 حتى 2050، حال استمرت الانبعاثات دون تحكم أو خفض ما يؤدى إلى تأثير ضار للهواء على المستوى العالمى.
أوضح أن هناك 4 طرق لرصد ومتابعة الانبعاثات الكربونية من السفن لتجميع إيصالات استلام أنواع الوقود المختلفة، التى تحتوى على بيانات كاملة لأنواع الوقود، وطريقه متابعة استهلاك الوقود من داخل تنكات السفينة، وأجهزة متابعة احتراق الوقود على متن السفن، بجانب أجهزة حديثة، لا سيما قياس نسبة غاز ثانى أكسيد الكربون، المنبعث من الماكينات والآلات المساعدة.
قال قطايا إنه سيتم تجميع هذه البيانات، وحصرالأرقام من كل سفينة بصفة دورية، وإرسالها لمكاتب متخصصة ومعتمدة عالمياً، لتحليلها والتحقق من مدى صحتها للوصول فى النهاية إلى ماهى كمية ثانى أكسيد الكربون المنبعث من السفينة لكل طن بضاعة، تحملها أثناء رحلتها ليتسنى للمنظمة البحرية الدولية IMO عمل الأبحاث، واتخاذ الإجراءات التى من شأنها الوصول لأقل نسبة لانبعاثات الكربون من السفن على مستوى العالم.
أكد أنه بناء على ما سبق يتطلب من المسئولين عن قطاع النقل البحرى وشركات الملاحة المصرية، سرعة التوافق مع هذه الإجراءات، وأن الوقت بات حرجا، مطالبا بضرورة معرفة المكاتب العالمية المتخصصة والمعتمدة للتجهيز والتوافق مع قرارات المنظمة الجديدة، والتعاون معها.
فى 2015 أصدرالبرلمان الأوروبى بعض القواعد الجديدة لرصد ومتابعة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون من السفن، التى تأتى إلى موانئ دول الاتحاد.
تبعتها فى 2016 بإرساء قواعد للمتابعة وإصدار شهادة التوافق للسفن، كما أصدرت المنظمة البحرية الدولية IMO القرار رقم 278، 282 لسنة 2016 والخاص بنظام رصد ومتابعة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون من السفن، مشيرا إلى أنه بالفعل الاتحاد الأوروبى بتفعيل قراراته من يوم يناير 2018، ببدء عمليات رصد ومتابعة الانبعاثات الكربونية من السفن حمولات 5000 طن فأكثر، التى تتعامل مع أى ميناء من موانئ الدول الأوروبية، التى رصد عددها بحوالى 13000 سفينة من وإلى الموانئ الأوروبية على أن تكون آخر ميعاد لإصدار وثيقة التوافق للسفن المتعاملة مع الموانئ الأوروبية 30 يونيو المقبل.
قررت المنظمة البحرية الدولية IMO
أقرت المنظمة البحرية الدولية IMO أنها سوف يتم تفعيل قرارتها، بالنسبة لرصد ومتابعة الانبعاثات الكربونية من السفن حمولات 5000 طن فأكثر، لكن فى جميع أنحاء العالم من يوم يناير 2019، التى رصد عددها 50000 سفينة على مستوى العالم، خلال نفس العام يتم إصدار شهادات التوافق للسفن من الإدارات البحرية لدولة السفينة.
أعلنت العديد من التقارير الاقتصادية عن أن هناك إجماع على أن الغاز الطبيعى المسال، هو أفضل حل للخطوط الملاحية ومشغلى السفن حاليا ومستقبلا، بسبب نمو البنية التحتية للغاز الطبيعى المسال فى جميع أنحاء العالم.
كما تصادق الحكومات الآسيوية على الغاز الطبيعى المسال كوقود بحرى، وأعلنت حكومة كوريا الجنوبية عن خطط بقيمة 2.48 مليار دولار، لتطوير منشآت لتزويد السفن بالغاز الطبيعى المسال فى البلاد.
ماذا رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بورسعيد
قال محمد على، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا فرع بورسعيد، إن المنظمه البحرية الدولية منحت السفن مهلة لتوفيق أوضاعها، لاستخدام الطاقة النظيفة (الغاز)، وبعدها فرض عقوبات وحظر للسفن التى تستخدم الطاقة الملوثة للبيئة من البترول والسولار، ولا بد أن تراعى الهيئة الاقتصادية للمنطقة قناة السويس تلك الاعتبارات فى محطات تموين السفن المقرر إقامتها بالمنطقه لتكون مطابقه للمواصفات الدولية.
أضاف أن الطاقة النظيفة هى مستقبل النقل البحرى وإنشاء محطة تموين سفن نظيفة سوف يمنح ميناء شرق بورسعيد ميزة تنافسية بين موانيء البحر المتوسط، لا سيما أن حقل ظهر يقع على مسافه قريبة من محطات تموين السفن المزمع إقامتها بالمنطقة.
طالب مستشار وزير النقل السابق، الهيئة الاقتصادية بضرورة تطبيق قواعد منظمة IMO من خلال بناء محطات تموين السفن بالوقود، مستغلين اكتشافات الغاز الأخيرة بمصر، لا سيما منطقى شمال وجنوب قناة السويس، بما يحقق ميزة تنافسية لمنطقة القناة، لوجود مثل تلك المحطات مع عرض أسعار تنافسية وجودة عالية، موضحا أن تنفيذ الاتفاقية ليس بعيدًا وبالفعل بدأت حيز التنفيذ ولا يمكن التغافل عما يحدث فى النقل البحرى العالمى.