قال أسامة صالح وزير الاستثمار، إن الوزارة تعمل حالياً من خلال 5 محاور رئيسية تتمثل فى تيسير إدارة الأعمال وازالة معوقات الاستثمار والعمل على إتاحة الفرص الاستثمارية والمشروعات القومية لضمان التنمية المستدامة، فضلاً عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحول القطاع غير الرسمى إلى نظيره الرسمى، إلى جانب تبنى استراتيجية لتطوير وتنمية قطاع الأعمال العام.
واعترف صالح فى دراسة لوزارة الاستثمار، حصلت «المال» على نسخة منها، بوجود معوقات فى الحصول على الأراضى اللازمة لإقامة مشروعات استثمارية نتيجة تعدد التشريعات الحاكمة لهذه الأراضى، والتى تصل فى بعض الأحيان إلى 37 قانوناً وقراراً، إلى جانب تعدد جهات الولاية على الأراضى تتمثل فى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وهيئة المجتمعات العمرانية والهيئة العامة للتنمية الصناعية والهيئة العامة للتنمية السياحية وأجهزة المحافظات.
وأشار أسامة صالح إلى أن الحكومة فى سبيلها لتطبيق نظام الشباك الواحد للتعامل على أراضى الدولة، فضلاً عن إعادة تنقيح القوانين المنظمة لهذه الأراضى.
وأوضح وزير الاستثمار أن من ضمن معوقات الاستثمار عدم وجود آلية واضحة ومحددة للتسعير حيث تقوم بعض الجهات صاحبة الولاية بفرض علاوات سعرية على أصحاب الأراضى قد تصل إلى أكثر من 500% من سعر التعاقد إلى جانب ارتفاع أسعار الأراضى الزراعية غير المستصلحة، بالإضافة إلى التزايد المستمر فى أسعار الأراضى الواقعة داخل المناطق الصناعية.
وفيما يتعلق بصعوبات الحصول على التراخيص، قال أسامة صالح إن إجراءات الحصول على تراخيص البناء تستغرق 218 يوماً للانتهاء من 25 إجراء فى حين أن القانون ينص على عدم تجاوزها 30 يوماً.
الحكومة فى سبيلها لوضع سياسة سعرية للخدمات
وأشار إلى أن الحكومة فى سبيلها لوضع سياسة سعرية للخدمات مثل أسعار الطاقة «الكهرباء والمازوت والغاز الطبيعي» لفترة زمنية لا تتجاوز 3 سنوات إلى جانب مراجعة خريطة الطرق البرية للتأكد من تكاملها مع خريطة الفرص الاستثمارية، والعمل على زيادة مساهمة السكك الحديدية فى نقل البضائع عبر التوسع فى إقامة الموانئ الجافة وربطها بالمدن الجديدة وزيادة عدد القطارات الفاخرة إلى الصعيد وتحسين حالتها.
وأوضح أن الوزارة تعمل خلال الفترة المقبلة على إعادة النظر فى حزمة القوانين الاقتصادية المختصة بالعمالة وسير العمل وتنظيم العلاقة بين العاملين وأصحاب الأعمال وإصدار وتفعيل قانون الإفلاس والصلح الواقى منه وإعادة إحياء المبادرة المصرية لإصلاح مناخ الأعمال «إرادة».
وأشار أسامة صالح إلى أن الوزارة تعمل على تحسين عملية صنع القرار الاقتصادى للحد من مخاوف المستثمرين والتصدى مباشرة للإحساس السائد بالقلق الذى يواجه المستثمرين والعمل على خلق حوار دائم مع مجتمع الأعمال عند مراجعة أى تشريعات مستقبلية لدعم مزيد من الاستقرار فى مناخ الأعمال.
ولفت إلى أن القطاع الخاص يعانى صعوبات فى الحصول على التمويل، حيث تحتل مصر المركز 88 من بين 144 دولة فى توافر الخدمات المالية والمركز 84 من حيث سهولة الحصول على الائتمان، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل حالياً على إصدار القانون الخاص بالضمانات المنقولة بما يضمن إنشاء سجل للمنقولات والعمل على الانتهاء من قانون الإفلاس والصلح الواقى منه أو معالجة حالات التعثر، إلى جانب إصدار قانون لتمويل المشروعات متناهية الصغر واللوائح ذات الصلة بإنشاء مؤسسات تجارية للتمويل متناهى الصغر والعمل على تحسين منظومة التمويل العقارى لتشجيع النمو فى سوق العقارات.
قضايا الفساد والتجاوزات الإدارية والتهريب تمثل عائقاً خطيراً أمام الاستثمار
وأكد أن قضايا الفساد والتجاوزات الإدارية والتهريب تمثل عائقاً خطيراً أمام الاستثمار فى مصر، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الشركات المتضررة من تكلفة التجاوزات الإدارية والمدفوعات غير الرسمية وصلت إلى 43% خلال 2012، مشيراً إلى أن هذه النسبة ترتفع بشكل كبير فيما يتعلق بالمشتريات الحكومية وتوصيل المرافق.
وأضاف أسامة صالح أن الشركات تعانى تعقد إجراءات التفتيش، مشدداً على ضرورة تنظيم هذه العملية من خلال خفض عدد مرات التفتيش على المنشأة ووضع سياسة واضحة لها.
وفيما يتعلق بالمحور الثانى والخاص باتاحة الفرص الاستثمارية والمشروعات القومية لضمان التنمية المستدامة، قال صالح إن الوزارة انتهت من إعداد خريطة تشمل 336 مشروعاً منها 259 مشروعاً تقدمت بها الوزارات المختلفة من بينها 16 مشروعاً سيتم طرحها بنظام الشراكة مع القطاع الخاص و77 مشروعاً تقدمت بها المحافظات المختلفة، ناهيك عن المشروعات القومية الكبرى مثل مشروع قناة السويس ومدينة العلمين المليونية والمشروعات المطروحة بالصعيد والبحر الأحمر.
وأوضح أسامة صالح أن المحور الثالث يتمثل فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر إتاحة التمويل اللازم لها، فضلاً عن توفير الخدمات الاستشارية فى مختلف المجالات الفنية والإدارية وإدراج المشروعات الصغيرة والمتوسطة ضمن سلاسل الإمداد الخاصة بالمشروعات الكبرى والشركات الأجنبية بالإضافة إلى تفعيل قانون المشتريات الحكومية بإعطاء نسبة 10% للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتابعة تنفيذ القانون وإصدار نشرات دورية توضح عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى قامت بالتوريد للحكومة وقيمة ما تم توريده علاوة على إقامة تجمعات عنقودية لهذه المشروعات.
وبخصوص المحور الرابع والمتعلق بتحويل القطاع غير الرسمى لنظيره الرسمى، أوضح وزير الاستثمار أن البيانات تشير إلى أن عدد المنشآت العاملة فى هذا القطاع تقدر بحوالى 1.5 مليون منشأة تتوزع بواقع 20% فى النشاط الصناعى و38.3% القطاع التجارى و30.7% فى القطاع الخدمى و11% أنشطة أخرى لافتاً إلى أن هذا القطاع يستوعب مايقرب من 8 ملايين عامل من غير النشاط الزراعى.
الوزارة تعمل على تبسيط إجراءات التسجيل والحصول على تراخيص التشغيل
وأكد أن الوزارة تعمل حالياً على تيسير وتبسيط إجراءات التسجيل والحصول على تراخيص التشغيل المطلوبة من خلال إنشاء وحدة مختصة تعمل بنظام الشباك الواحد داخل مجمع الاستثمار الرئيسى، إلى جانب العمل على توفير أماكن بديلة بالمناطق الصناعية القريبة للورش القائمة بالمناطق السكنية مع الالتزام بجدول زمنى مقبول يتفق عليه الطرفان.
وذكر أسامة صالح ان الوزارة انتهت خلال نوفمبر الماضى من تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء لمتابعة تحويل القطاع غير الرسمى لنظيره الرسمى وإنشاء أمانة فنية تابعة لها بالهيئة العامة للاستثمار إلى جانب تفعيل مواد قانون 8 لسنة 1997، الذى يتح للهيئة العامة للاستثمار الحق فى إصدار التراخيص المؤقتة، مشيراً إلى أن الوزارة تستهدف خلال فبراير المقبل إصدار عدد من القرارات الوزارية التى من شانها تيسير وتبسيط اشتراطات إصدار التراخيص والموافقات من وزارة البيئة وهيئة التنمية الصناعية والمحليات، إلى جانب تجهيز مكتب لخدمة عملاء مخصص للقطاع غير الرسمى بفروع الهيئة لمساعدة القطاع فى استكمال المستندات المطلوبة من الجهات المختلفة.
وأوضح أن الوزارة ستقوم خلال ال60 يوماً المقبلة بإجراء حملة توعية شاملة توضح فوائد التحول إلى القطاع الرسمى متضمنة ملامح البرنامج والموقع الالكترونى والخط الساخن، إلى جانب التواصل مع منظمات المجتمع المدنى المتصلة بتجمعات الأنشطة غير الرسمية، على أن يتم الإعلان خلال أبريل المقبل عن خطة لإعداد المناطق الصناعية المتخصصة للوحدات المقامة فى مناطق سكنية، والتى سيتم منحها تراخيص مؤقتة حتى الموعد المحدد للتسلم.
وفيما يتعلق بالمحور الأخير والخاص ببرنامج تطوير وتنمية قطاع الأعمال العام أشار أسامة صالح وزير الاستثمار إلى أن الوزارة لديها 3 بدائل لتطوير شركات قطاع الأعمال العام وأن البديل الأول يتمثل فى الإبقاء على الوضع كما هو عليه بما يساعد على الحفاظ على ما تحقق من أعمال فى محفظة القطاع، إلا أنه لا يسمح بالاستفادة من الفوائض المالية المتاحة لدى شركة قابضة لإعادة هيكلة الشركات المتعثرة التى تتبع شركة قابضة أخرى.
صافى ربح القابضة الكيماوية بلغ 1.1 مليار جنيه خلال العام المالى المنتهى
وذكر أن الشركة القابضة الكيماوية حققت صافى ربح يصل إلى 1.1 مليار جنيه خلال العام المالى المنتهى إلا أنه لا يمكن استغلال هذه الأموال لدعم شركات الغزل والنسيج المتعثرة التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس الجاهزة، التى تكبدت خسائر تقدر بحوالى 856 مليون جنيه خلال الفترة نفسها.
وأضاف أسامة صالح أن البديل الثانى يتمثل فى توزيع الشركات القابضة وشركاتها التابعة على الوزارات المعنية مما يسهل من العمليات الاشرافية على هذه الشركات إلا أنه قد يؤدى إلى تفتيت محفظة القطاع الأمر الذى يصعب معه إعادة هيكلتها على غرار المبادرة التى قام بها الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار فى حكومة النظام السابق بشأن إنهاء المديونية التاريخية المستحقة على الشركات والبالغة 32,5 مليار جنيه.
وأضاف صالح أن هذا البديل يواجه العديد من التحديات، خاصة أن الشركة الواحدة يعمل تحت مظلتها عدد من القطاعات، فعلى سبيل المثال تتبع الشركة القابضة للسياحة 5 شركات عاملة فى مجال السياحة و4 شركات عاملة فى قطاع التجارة الداخلية، وبالتالى فإن توزيع الشركات يتطلب استصدار قرارات من رئيس مجلس الوزراء لتأسيس شركات قابضة جديدة وإعادة توزيع الشركات التابعة تمهيداً لنقلها للوزارات المعنية مما يستلزم الكثير من الجهد والمال ، وفق تعبيره.
العديد من الشركات القابضة تتبعها شركات متعثرة
وأوضح أسامة صالح أن العديد من الشركات القابضة تتبعها شركات متعثرة وفى حاجة لمخصصات مالية مرتفعة لإعادة هيكلتها مرة أخرى، كما أن بعض الشركات فى حاجة إلى دعم أجور العاملين بها، الأمر الذى يصعب تحقيقه فى بعض الوزارات، كما أن هذا البديل قد يؤدى إلى تكبد المزيد من الخسائر.
وقال وزير الاستثمار أن البديل الثالث يتمثل فى إنشاء كيان لإدارة أصول الدولة عبر تأسيس شركة قابضة عامة تهدف إلى تحديث وتطوير شركات قطاع الأعمال، على أن تؤول ملكية رؤوس أموال الشركات القابضة التابعة لوزارة الاستثمار الحالية، فضلاً عن الشركات التى يصدر بشأنها قرار من رئيس الوزراء.
وأضاف أسامة صالح أن هذا البديل قامت به العديد من دول العالم حيث اتجهت لإنشاء كيان مستقل يمثل الدولة فى مراقبة أداء شركات قطاع الأعمال على أسس عملية مالية واقتصادية وليس على أساس خدمة البعد الاجتماعى على أن يعمل هذا الكيان على أساس أنه شركة تهدف إلى تعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة وله الحق فى القيام بجميع الأعمال التى تؤدى إلى تحقيق ذلك من خلال دمج أو استحواذ أو بيع أو ضخ استثمارات جديدة سواء فى الداخل أو الخارج.
وأضاف أن هذا الكيان يمثل الذراع الاستثمارية للدولة فيما يتعلق بالأصول العامة المملوكة لها، ومن أمثلة تلك التجارب تجربة سنغافورة «Temasek» وماليزيا «Khazanah» ونيوزلندا «CCMAU» وكوريا الجنوبية «GIES» واستراليا «OIAG» والصين «SASAC» وغيرهم من الدول، مضيفاً أن دولة فيتنام تعتبر أحدث الدول التى أنشأت كياناً مستقلاً متخصصاً لإدارة الأصول المملوكة للدولة، وهو ما يطلق عليه «state capital investment corporation» وقد تم تأسيسه بعد الأخذ فى الاعتبار نموذج دولة سنغافورة، مشيراً إلى ان الوزارة تتبنى هذه التجربة.