لم يقبل الأفراد وحدهم على تخزين السلع الغذائية كاستجابة سريعة من جانبهم على فيروس كورونا، وبعض الحكومات تلجأ لتخزين السلع وإمدادات الغذاء أثناء الأزمة الحالية، حسب تقرير لوكالة بلومبرج.
وأقبلت حكومة كازخستان التي تعد واحدة من أكبر مصدري الدقيق في العالم على حظر تصدير هذا المنتج بجانب منتجات غذائية أخرى مثل الجزر والسكر والبطاطس.
وتوقفت صربيا كذلك عن تصدير زيت عباد الشمس وسلع أخرى.
وقررت روسيا ترك الباب مفتوحا لفرض حظر على التصدير وقالت أنها تدرس الأمر بشكل أسبوعي.
ويوضح الجراف التالي حصة الدول المصدرة للقمح في العالم لعام 2018:
وقال تيم بنتون مدير الدراسات لدى مؤسسة كاثيم هاوس في لندن:” بدأنا نرى هذا يحدث فعليا وكل ما يمكننا التأكد منه هو الحكومات ستتوسع في فرض الإغلاق بما يعني انتقال الأضرار من سئ إلى أسوأ.”
وحسب بلومبرج، تزيد العراقيل اللوجيستية من صعوبة توصيل المنتجات إلى بعض الأماكن في ظل فرض تدابير غير مسبوقة.
وبجانب هذا، يتسبب فيروس كورونا في دفع الناس إلى تخزين السلع وفي نقص العمالة، وفرض قيود على التصدير والاستيراد يعني أن العالم يتجه صوب الحمائية التي أضرارها تتخطى منافعها،
الحكومات تلجأ لتخزين السلع
الحمائية في الوقت الراهن ستكون لها تبعات أشد خطورة، لأن وباء فيروس كورونا سيجعلها مدفوعة بالخوف لا بتراجع انتاجية المحصول أو بأي مشكلة أخرى تخص المعروض.
وأقبلت العديد من الحكومات على فرض تدابير صارمة شملت حظر التجوال وتقييد التجمعات.
وتتجه الحكومات كذلك في أوقات الأزمات الحادة مثل الحروب لفرض قيود إضافية.
و تشمل هذه القيود ترشيد استهلاك الموارد الغذائية والتسعيرة الجبرية وتخزين السلع، حسب آن بيرج المستشارة المستقلة.
زيادة المخزون الاستراتيجي
وتقوم بعض الدول بزيادة مخزوناتها الاستراتيجية من السلع الغذائية.
وأقبلت الصين التي تعد أكبر منتج ومستهلك للأرز بشراء كميات أكبر منه من المنتجين المحليين على الرغم من أن الحكومة الصينية تحتفظ بمخزونات ضخمة من الأرز والقمح تكفي عام كامل.
وقامت بلدان رئيسية مستوردة للقمح مثل الجزائر وتركيا بطرح مناقصات جديدة. وقررت المغرب تمديد تعليق فرض جمارك على واردات القمح حتى منتصف يونية القادم.
كازخستان توقف تصدير سلع غذائية
وقررت كازخستان وقف تصدير سلع غذائية أخرى مثل الثوم و والحنطة السوداء قبل أن تقرر وقف تصدير الدقيق خلال الأسبوع الجاري.
ومن المرجح أن تتسب الخطوة الأخيرة في التأثير على الشركات العالمية التي تعتمد على واردات الدقيق القادمة من كازخستان في صناعة الخبز.
وتتولى عدد قليل من الدول إمداد العالم بالسلع الغذائية. وستترتب تداعيات خطيرة جراء تعطيل هذه الإمدادات.
روسيا تصدر القمح إلى شمال أفريقيا
تتولى روسيا على سبيل المثال تصدير القمح إلى دول شمال أفريقيا.
وقال بنتون:” إذا لم تعمل الحكومات بشكل جماعي وتتعاون لضمان توفر معروض عالمي من السلع الغذائية وإذا قررت توفير احتياجات شعوبها على حساب الشعوب الأخرى فسوف ينتهى بنا الأمر لوضع سئ.”
وأضاف أن إقبال الحكومات على تخزين السلع الغذائية وحجب التصدير سيعظم السياسات الحمائية في العالم مما يؤدي إلى رفع الأسعار في نهاية المطاف.
وتابع:” إذا أقبلت على شراء محصول العام القادم بدافع الخوف والهلع فسوف ترتفع الأسعار.
وعندما ترتفع الأسعار سيصاب واضعو السياسات بخوف أكبر مما يدفعهم إلى تعظيم مشترياتهم. بما يعني الدخول في دائرة مفرغة.”
تبعات سياسية خطيرة
وهناك العديد من السوابق التاريخية التي تشير إلى أن زيادة تكاليف الغذاء تكون لها عواقب كبرى وتفرز حالة انعدام استقرار سياسي وفوضى.
وخلال ارتفاع أسعار الغذاء خلال عام 2011 و 2008 تعرضت أكثر من 30 دولة أفريقية وآسيوية وفي الشرق الأوسط لإضطرابات ناتجة عن نقص المعروض من الغذاء، حسب بنتون.
لكن المخزونات العالمية من سلع غذائية مثل الذرة والقمح وفول الصويا والأرز تعد متوفرة حاليا بكثرة، حسب دان كولسكي من كو بنك.
ويستبعد كولسكي لذلك حدوث ارتفاعات كبيرة في الأسعار حاليا.
التغيرات المناخية تتلف القمح
ارتفعت أسعار السلع الغذائية في العقد الماضي بسبب التغيرات المناخية.
وسجلت روسيا في عام 2010 ارتفاع قياسي في درجات الحرارة مما أدى لتلف محصول القمح.
وردت الحكومة الروسية بحظر التصدير للخارج لضمان تلبية الاحتياجات المحلية.
ومقابل هذا، تتجه أسعار بعض السلع الغذائية للصعود في الوقت الراهن بسبب تزايد الإقبال على الشراء.
صعود أسعار العقود الآجلة للقمح
وقفزت أسعار العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاغو بأكثر من 6% في مارس في ظل تزايد إقبال المستهلكين على شراء القمح.
وارتفعت أسعار اللحوم الأمريكية لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ 2015. وارتفعت كذلك أسعار البيض.
وبالإضافة إلى هذا، يتجه الدولار الأمريكي للصعود مقابل عملات العديد من الأسواق الناشئة.
ويؤدي هذا إلى تقليص القوة الشرائية للبلدان المعتمدة على استيراد السلع الغذائية.
ومن المرجح لذلك أن تلحق أكبر الأضرار بالدول صاحبة العملات الضعيفة عند نشوء نقص في المعروض العالمي من السلع الغذائية.