الحرب على ليبيا.. وزعزعة أضلاع المثلث الذهبي

الحرب على ليبيا.. وزعزعة أضلاع المثلث الذهبي
شريف عطية

شريف عطية

7:08 ص, الخميس, 4 يوليو 19

فيما لم تهدأ بعد حركة الاحتجاجات فى السودان، تهدد مجدداً بعصيان مدنى- تبدو نهايته معلقة فى الأفق دون حسم، لست شهور خلت، بين المكونات والأطياف المختلفة لملء الفراغ السياسى.. الناشئ ما بين تنازع قوى الثورة القاصرة عن بلوغ أهدافها. وبين المجلس العسكرى الذى لولا مساندته المحتجين لما سقط النظام السابق.. وبين استمساك مشروع الإسلام السياسى بعصا السلطة التى انحسرت عنه فى السودان، ذلك فيما تدور الحرب على ليبيا فى هذه الأيام جنوب غربى البلاد بين الجيش الوطنى وميلشيات (جهادية) تؤازرها فضلاً عن حكومة الوفاق المنبثقة عن مؤتمر الصخيرات الدولى ديسمبر 2015، كل من تركيا وقطر بالمال والسلاح والمنصات الإعلامية، ذلك فيما مصر- رأس المثلث الذهبى مع ليبيا والسودان.. – تتخذ من قاعدة «محمد نجيب» العسكرية على الساحل الشمالى، حتى السلوم، مركز قيادة خلفياً لتنسيق الجهود المحلية والإقليمية والدولية.. لمواجهة الصراعات فى مجمل منطقة الدول ما بين الساحل (المتوسطى) والصحراء (الإفريقية)، خاصة لمساعدة كل من السودان وليبيا بشتى السبل، ذلك كحق طبيعى يكفله لها القانون الدولى (المادة 51) من ميثاق الأمم المتحدة.. التى تعطى الحق فى التدخل عسكرياً لبلد مجاور.. إذا كان هناك ما يشكل خطراً على أمنه أو أراضيه، ولما كان الإرهاب قد توسعت عملياته فى 2019 لتشمل دول الساحل وصولاً إلى بحيرة تشاد، فإن الجهود الدولية والإقليمية تنشط لنحو عشرين دولة، بالإضافة إلى نشاط القوات الخاصة الأميركية (فريكوم).. ولبعثة الأمم المتحدة (15 ألف جندي) ضد الجماعات الإرهابية بالمنطقة، ما يخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، بحسب الدراسات والأبحاث فى الشأن الأمنى الإفريقى، ذلك فى المنطقة الممتدة من ليبيا شمالاً إلى الصومال شرقاً مروراً بالسودان، وهو ما دفع قادة دول الساحل «المغاربية» الخمس (من ليبيا حتى موريتانيا بحضور مصر كمراقب) لأن يتضمن بيان قمتهم أبريل 2019، التأكيد على ضرورة إيجاد حل سلمى وسريع للملفين الليبى والسودانى، ولمواجهة الجماعات الإرهابية بالساحل والصحراء الإفريقية، وهى الظاهرة المعاصرة لما يسمى العشرية السوداء فى الجزائر طوال التسعينيات من القرن الماضى، ومن قبل التطور اللافت الذى أعقب انتشار «الأفغان العرب»، فى الشمال الإفريقى ودول الساحل، وصولاً إلى المرحلة الحالية التى تستمد جذورها من غزو أميركا للعراق 2003، التى سرعان ما أنتجت الحراكات العربية (الربيعية) 2011، كموجة جديدة وحشية من الإرهاب.. حيث تشتبك المصالح الاقتصادية المتوفرة فى القارة الإفريقية.. ما يحّول معركة محاربة الإرهاب إلى معركة سياسية استراتيجية تمثل مدخلاً للسيطرة على كامل منطقة الساحل، سواء من مضيق جبل طارق غرب البحر المتوسط إلى بوغاز باب المندب أقصى جنوب البحر الأحمر، وما بين المحيطين الأطلسى والهندى.

إلى ذلك، وفى سياق جمود آفاق التفاوض بشأن الحالة الليبية، كان من الطبيعى للجيش الوطنى مواصلة حملة عملياته الحربية الناجحة لتطهير جنوب غربى البلاد من الميليشيات المسلحة، وصولاً إلى دخول الجيش مدينة «غريان» 80 كم جنوب غربى العاصمة طرابلس، دون إطلاق رصاصة واحدة فى 4 أبريل 2019، إلا أنه سرعان ما استجمعت الميليشيات تضامنها المنفرط، لتستعيد المدينة بمساعدة ضخمة من تركيا فى نهاية يونيو، ولتنتصر «حكومة الوفاق» لصالح تركيا فى مواجهة سياسية وإعلامية ضد الجيش، بينما بدأت السلطات الموازية شرق البلاد حملة لمقاطعة تركيا اقتصادياً، وفى المقابل فقد وصف مجلس النواب «الشرعي» الميليشيات.. بالمارقة والخارجة على القانون بمدينة غريان، والمدعومة من قبل حكومة السراج وتركيا وقطر، مطالباً بتصفيتهم، الأمر الذى سيؤدى بالنزاع الليبى- الليبى إلى مرحلة أخرى أكثر تعقيداً وعنفاً ودموية، ليس من بينها خيار التفاوض، الذى قد لا يكون مستبعداً- برعاية دولية- لكن من غير المتوقع أن يبدو فى الأفق، لأسبابهم البرجماتية، بحيث لا يبقى إزاء تسوية الحالة الليبية سوى الاحتكام إلى قوة السلاح لحسم حالة الحرب على ليبيا، وللحيلولة من ثم دون المزيد من زعزعة بقية أضلاع المثلث الذهبى فى كل من السودان ومصر.