تعيش شركات السياحة المقيدة فى البورصة المصرية منذ عام 2011 أزمات متتالية، كان آخرها ما حل بها من خسائر فادحة جراء جائحة كورونا، وما أن تفاءلت الكيانات العاملة فى القطاع بالتعافى مع بداية 2022 حتى تلقت ضربة جديدة بفعل الحرب الروسية الأوكرانية .
وقال عدد من رؤساء الشركات المقيدة وخبراء فى السوق المحلية، إنه على الرغم من التأثيرات فلا تزال فى بدايتها وقد تخضع الحرب الخارجية لحلول دبلوماسية فتهدأ حدتها، إلا أن هناك أضرارا قد يتلقاها القطاع السياحى فى مصر خاصة أن السُياح الروس يمثلون نسبة جيدة من حجم السياحة المصرية ككل .
وبدأت العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا برا وجوا وبحرا يوم 24 فبراير الماضى، ومنذ الاندلاع ظهرت التأثيرات على أسعار النفط والذهب وأخرى على أسواق المال .
ولفتوا إلى أن الآمال كانت مُعلقة خلال العام الجارى على عودة السياحة الروسية، والتى توقفت لفترة من أزمة الطائرة الروسية بسيناء، لافتين إلى أن الحرب جاءت بمثابة ضيف ثقيل بدد هذه النظرة المتفائلة، متوقعين أن تكون الشركات التى تمتلك فنادق فى الغردقة وشرم الشيخ كونهما الوجه الأولى للسياح الروس والأوكران هى الأكثر تضررًا عن غيرها.
وتضم البورصة المصرية مجموعة من الشركات العاملة بالقطاع السياحى، على رأسها «أوراسكوم للفنادق مصر» و«مصر للفنادق» وتمتلك فندق ريزورت بمدينة دهب بسيناء، وأيضًا شركة رمكو وتمتلك حوالى 4 فنادق بالغردقة وشرم الشيخ .
وهناك أيضًا شركة «بيراميزا للفنادق» وتمتلك مجموعة من القرى والفنادق بالغردقة وشرم الشيخ أيضًا، إلى جانب شركة «جولدن كوست» وتمتلك قرية سياحية بالعين السخنة، وشركة «شارم دريمز».
عمرو عطية: الآثار تشمل إشغالات فندق «دهب ريزورت»التابع
بدايةً، قال عمرو عطية رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بشركة “مصر للفنادق”، إن التأثيرات محدودة حاليًا على القطاع السياحى المصرى جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا .
وأضاف أن استمرار الأزمة بين البلدين وتفاقهما ستؤثر سلبًا بشكل كبير على شركات السياحة فى مصر، نتيجة قلة النزلاء من البلدين، وقد يتم اللجوء لفرض حدود على الطيران وغيرها .
وأشار إلى أن الآمال كانت معلقة خلال العام الجارى على بدء عودة السياحة الروسية بشكل كامل لمصر، وذلك عقب انتهاء أزمة انفجار الطائرة فى سيناء، لافتًا إلى أن وجود الحرب سيكون له تأثير كبير على عودتهم .
يُذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس روسيا فلاديمير بوتين اتفقا خلال شهر مايو لعام 2021 على عودة الرحلات الروسية الجوية إلى مصر بشكل كامل، وسيشمل ذلك مطارى الغردقة وشرم الشيخ.
وكانت روسيا حظرت السفر إلى منتجعات البحر الأحمر المصرية فى أعقاب حادث تحطم طائرة روسية فى سيناء بعام 2015 كانت تقل أكثر من 224 شخصا متوجهة من شرم الشيخ إلى مدينة سان بطرسبرج الروسية.
وقال «عطية» إن مدينتى الغردقة وشرم الشيخ هى الوجهة الأولى للسياح الروس والأوكرانيين، لافتًا إلى أن هذا سيجعل الشركات التى تمتلك فنادق هناك هى الأكثر تضررًا عن فنادق القاهرة التى تعتمد غالبًا على السياحة الداخلية أو السياح من دول الخليج .
على صعيد شركته، توقع أن يلحق الضرر بفندق «دهب ريزورت» التابع لهم والذى كان من المقرر بدء تشغيله خلال الوقت الحالى، أما على صعيد فندق «النيل ريتزكارلتون» فقال إن إشغالاته لا تزال جيدة حتى نهاية شهر فبراير من العام الجارى .
وأوضح «عطية» أن قطاع السياحة دائمًا ما يكون هو على رأس القطاعات الأكثر تضررًا بأى من الأزمات التى تقع سواء على الصعيد المحلى أو الخارجى.
وتابع إن هذا يحتم أن يكون الدعم الحكومى للقطاع أكثر عن غيره من القطاعات الأخرى وخاصة فى ظل الأزمات بتقديم مبادرات مخفضة الدعم أو إعفاءات من أى من الضرائب المفروضة أو غيرها .
عادل مراد: فنادق القاهرة بمنأى عن التبعات السلبية.. و شرم الشيخ والغردقة الأكثر تضرراً
وقال عادل مراد، مدير علاقات المستثمرين فى شركة الوادى العالمية للاستثمار والتنمية، إن قطاع السياحة لم يتعافى حتى الوقت الراهن من تأثيرات أزمة «كورونا» السلبية التى حلت بهِ مع بداية عام 2020.
وأضاف أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا بمثابة ضربة جديدة يتلقاها القطاع على الرغم من النظرة المتفائلة له سابقًا بأن يكون عام 2022 هو عام التعافى .
وأشار إلى أن فندق «جراند بيراميدز» التابع لها بمنطقة الهرم يعتمد بشكل أساسى على السياحة الداخلية والعربية، وبالتالى فانحسار السياحة الروسية لن يضره فى شىء، موضحًا أن الشركات العاملة بالقاهرة ستكون بمنأى عن التأثيرات السلبية ولكنها ستنال الشركات العاملة بالغردقة وشرم الشيخ .
وتابع: «كما أن التأثيرات ستكون على القطاع ككل بانخفاض حجم الإيرادات الواردة للسوق نتيجة وجود أزمة الحرب الخارجية».
وعلى صعيد الخطة التوسعية لشركته بتحويل جزء من فندق الهرم التابع لها لمركز طبى، قال إن عمليات الإنشاء توقفت نتيجة ضعف عمليات السيولة .
تجدر الإشارة إلى أن الشركة كانت تُخطط لتأسيس مركز طبى بفندق “جراند بيراميدز” التابع لها بمنطقة الهرم، إلى جانب السعى لإنشاء مركز تجارى بأرض مجاورة، بغرض فتح قنوات جديدة للإيرادات فى ظل عدم استقرار أوضاع السياحة.
وقال «مراد» إن الشركة تبحث بالوقت الحالى سُبل إتاحة سيولة نقدية، لافتًا إلى أنها قد تلجأ للاقتراض البنكى لتمويل تلك التوسعات .
أحمد شمس: الروس يمثلون %30 من حجم «الوافدة» فى مصر
من جانبهُ، قال أحمد شمس، رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية «هيرميس»، إن السياحة الروسية كانت فى الفترات ما قبل 2015 تُمثل حوالى %30 من حجم السياحة الإجمالية فى مصر .
ولفت إلى أنه منذ أزمة الطائرة خلال عام 2015 تضررت تلك النسبة وكان هناك أمل على عودتها مجددًا خلال العام الجارى، خاصة عقب التصالح الذى تم فى عام 2021 .
وأضاف، أن الحرب الواقعة فى البلد خلال الوقت الحالى ستؤثر على حركة السياح الروس إلى الدول الأخرى ومن بينها مصر، لافتًا إلى أن تلك التأثيرات قد تندثر حال هدأت الأزمة خارجيًا ولجأت الدول لأى من الحلول المتاحة .
سارة سعادة: نتوقع أن يحقق القطاع إيرادات بقيمة 8 مليارات دولار بنهاية العام المالى الجارى
فى السياق ذاته، قالت سارة سعادة، محللة الاقتصاد الكُلى ببنك الاستثمار «سى آى كابيتال»، إن التوقعات كانت تُشير بأن يشهد القطاع السياحى حالة من التعافى خلال العام الجارى، بدعم من عدة عوامل .
وأشارت إلى أن عودة السياحة الروسية كان على رأس العوامل المتوقعة للتعافى، إلى جانب هدوء التأثيرات السلبية لجائحة كورونا وتلاشى حالات الإغلاق التى كانت قد أقرتها الدول فى فترات سابقة .
وقالت إن اندلاع الحرب بين بلدين يتم الاعتماد على السياح القادمين منهما لمصر، سيقلل من التوقعات السابقة بالتعافى خلال العام الجارى، لتمتد أزمة القطاع لفترات أطول.
وأضافت «سعادة» أن حدة التأثيرات متوقفة على مدى استمرار وتفاقم الأزمة بين البلدين خلال الفترات المقبلة وموقف الدول الأخرى من الحرب .
وأوضحت أنه حال انتهاء الحرب قد تكون الملاءة المالية غير سامحة للسياح الأوكرانيين على سبيل المثال، مما قد يمثل ذلك أزمة جديدة، فيما على جانب آخر قالت إن السياحة من البلدان الأخرى مستمرة بشكل جيد .
ورجحت أن تسجل إيرادات القطاع السياحى حوالى 8 مليار دولار خلال العام المالى 2022-2021.
ومع اندلاع الأزمة عقد الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار اجتماعًا ضم قيادات الوزارة، لمناقشة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على القطاع السياحى بمصر، بحضور مسئولى الوزارة، وممثلى وزارة الخارجية، ووزارة الطيران المدنى، والأجهزة المعنية، وممثلى القطاع السياحى من الغرف السياحية.
وخلال الاجتماع تمت مناقشة موقف السائحين الموجودين بمصر من الجنسيات التى تأثرت دولهم بالمستجدات فى حركة الطيران الدولى، وتم التأكيد على استمرار إقامتهم بالفنادق التى يقيمون بها بمصر حتى عودتهم بصورة آمنة إلى بلادهم، كما تم التوجيه باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتوفير كل سبل الراحة لضيوفنا من السائحين من مختلف دول العالم.
يُذكر أن القطاع السياحى كان من أكثر القطاعات التى تأثرت سلبًا بأزمة «كورونا» الحالية، إذ وصلت إشغالات الفنادق بفترة الفيروس الأولى لمعدلات الصفرية، واستمرت هذه الأوضاع إلى أن اتخذت الحكومة المصرية قراراها خلال شهر يوليو لعام 2020، بفتح كل الأنشطة الاقتصادية بشكل تدريجى، إلى جانب فتح الباب للسياحة الداخلية ولكن بنسب إشغالات محددة بحوالى %25 فى تلك الفترة إلى أن تم رفعها عقب ذلك لنسب أعلى.