منذ عام 2011 وتعيش شركات السياحة المقيدة فى البورصة المصرية أزمات متتالية، كان آخرها ما حل بها من خسائر فادحة جراء جائحة الفيروس، وما إن تفاءلت الكيانات العاملة بالقطاع بالتعافى مع بداية 2022، لتتلقى ضربة جديدة بفعل الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال عدد من رؤساء الشركات المقيدة وخبراء بالسوق المحلية، إن هناك أضرارًا قد يتلقاها القطاع السياحى فى مصر، خاصة أن السُياح الروس يمثلون نسبة جيدة من حجم السياحة المصرية ككل.
ولفتوا إلى أن الآمال كانت مُعلقة خلال 2022 على عودة السياحة الروسية التى توقفت لفترة من أزمة الطائرة الروسية بسيناء، لافتين إلى أن الحرب جاءت بمثابة ضيف ثقيل بدد هذه النظرة المتفائلة، متوقعين أن تكون الشركات التى تمتلك فنادق فى الغردقة وشرم الشيخ -كونهما الوجه الأولى للسياح الروس والأوكران- هى الأكثر تضررًا عن غيرها.
وتضم البورصة المصرية مجموعة من الشركات العاملة بالقطاع السياحى، على رأسها «أوراسكوم للفنادق مصر» و»مصر للفنادق»، وتمتلك فندق ريزورت بمدينة دهب بسيناء، وأيضًا شركة رمكو، وحوالى 4 فنادق بالغردقة وشرم الشيخ.
وهناك أيضًا شركة «بيراميزا للفنادق» التى تمتلك مجموعة من القرى والفنادق بالغردقة وشرم الشيخ أيضًا، إلى جانب شركتى «جولدن كوست» «شارم دريمز»، وقرية سياحية بالعين السخنة.
عمرو عطية: التداعيات ستنال إشغالات فندق «دهب ريزورت»
بدايةً، قال عمرو عطية رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب بشركة «مصر للفنادق»، إن التأثيرات محدودة حاليًا على القطاع السياحى المصرى جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وأضاف، أن استمرار الأزمة بين البلدين وتفاقهما ستؤثر سلبًا بشكل كبير على شركات السياحة فى مصر، نتيجة قلة النزلاء من البلدين، وقد يتم اللجوء لفرض حدود على الطيران وغيرها.
وأشار «عطية»، إلى أن الآمال كانت معلقة خلال العام الحالى على بدء عودة السياحة الروسية بشكل كامل لمصر، وذلك عقب انتهاء أزمة انفجار الطائرة فى سيناء، لافتًا إلى أن وجود الحرب سيكون له تأثير كبير على عودتهم.
يُذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين اتفقا خلال شهر مايو لعام 2021 على عودة الرحلات الروسية الجوية إلى مصر بشكل كامل.
وكانت روسيا حظرت السفر إلى منتجعات البحر الأحمر المصرية فى أعقاب حادث تحطم طائرة روسية فى سيناء بعام 2015 كانت تقل أكثر من 224 شخصًا متوجهًا من شرم الشيخ إلى مدينة سان بطرسبرغ.
وقال «عطية» إن مدينتى الغردقة وشرم الشيخ هما الوجهة الأولى للسياح الروس والأوكران، لافتًا إلى أن هذا سيجعل الشركات التى تمتلك فنادق هناك هى الأكثر تضررًا عن فنادق القاهرة التى تعتمد غالبًا على السياحة الداخلية أو السياح من دول الخليج .
وعلى صعيد شركته، توقع أن يلحق الضرر بفندق «دهب ريزورت» التابع لها، والذى كان من المقرر بدء تشغيله خلال الوقت الحالى.
إما على صعيد فندق «النيل ريتزكارلتون» فقال إن إشغالاته لا تزال جيدة حتى نهاية شهر فبراير من العام الحالى.
وأوضح «عطية»، أن قطاع السياحة دائمًا ما يكون هو على رأس القطاعات الأكثر تضررًا بأى أزمات، سواء على الصعيد المحلى أو الخارجى.
وتابع أن هذا يُحتم أن يكون الدعم الحكومى للقطاع أكثر عن غيره من القطاعات الأخرى، خاصة فى ظل الأزمات بتقديم مبادرات مخفضة الدعم أو إعفاءات من أى من الضرائب المفروضة أو غيرها.
عادل مراد: فنادق القاهرة بمنأى عن التبعات
وقال عادل مراد، مدير علاقات المستثمرين بشركة الوادى العالمية للاستثمار والتنمية، إن قطاع السياحة لم يتعافَ حتى الوقت الراهن من تأثيرات أزمة «كورونا» السلبية التى حلت بهِ مع بداية عام 2020.
وأضاف، أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا بمثابة ضربة جديدة يتلقاها القطاع، على الرغم من النظرة المتفائلة لهُ سابقًا بأن يكون 2022 هو عام التعافى.
وأشار «مراد»، إلى أن فندق جراند بيراميدز التابع لها بمنطقة الهرم يعتمد بشكل أساسى على السياحة الداخلية والعربية، وبالتالى فانحسار السياحة الروسية لن يضره فى شىء، موضحًا أن الشركات العاملة بالقاهرة ستكون بمنأى عن التأثيرات السلبية، لكنها ستنال الشركات العاملة بالغردقة وشرم الشيخ.
وتابع أن التأثيرات ستكون على القطاع ككل بانخفاض حجم الإيرادات الواردة للسوق نتيجة وجود أزمة الحرب الخارجية.
وعلى صعيد الخطة التوسعية لشركته بتحويل جزء من فندق الهرم التابع لها لمركز طبى، قال إن عمليات الإنشاء توقفت نتيجة ضعف عمليات السيولة.
تجدر الإشارة إلى أن الشركة كانت تُخطط لتأسيس مركز طبى بفندق جراند بيراميدز التابع لها بمنطقة الهرم، إلى جانب السعى لإنشاء مركز تجارى بأرض مجاورة، بغرض فتح قنوات جديدة للإيرادات، فى ظل عدم استقرار أوضاع السياحة.
وقال إن الشركة تبحث بالوقت الحالى سُبل اتاحة سيولة نقدية، لافتًا إلى أنها قد تلجأ للاقتراض البنكى لتمويل تلك التوسعات.
أحمد شمس: «الروسية» كانت تُمثل حوالى %30 من حجم السياحة فى مصر
من جانبه، قال أحمد شمس، رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية «هيرميس»، إن السياحة الروسية كانت فى الفترات ما قبل 2015 تُمثل حوالى %30 من حجم السياحة الإجمالية فى مصر، لافتا إلى أنه منذ أزمة الطائرة عام 2015 تضررت تلك النسبة، وكان هناك أمل على عودتها مجددًا خلال العام الحالى، خاصة عقب التصالح الذى تم بعام 2021.
وأضاف، أن الحرب الواقعة فى البلد خلال الوقت الحالى ستؤثر على حركة السياح الروس فى العديد من الدول الأخرى ومن بينها مصر، لافتًا إلى أن تلك التأثيرات قد تندثر حال هدأت الأزمة خارجيًا، ولجأت الدول لأى من الحلول المتاحة.
سارة سعادة: نتوقع أن يُحقق القطاع إيرادات بقيمة 8 مليارات جنيه بنهاية العام المالى الحالي
وفى السياق ذاته، قالت سارة سعادة، محلل الاقتصاد الكُلى ببنك الاستثمار «سى آى كابيتال»، إن التوقعات كانت تُشير إلى أن القطاع السياحى سيشهد حالة من التعافى خلال العام الحالى، بدعم من عدة عوامل.
ولفتت إلى أن عودة السياحة الروسية كان على رأس العوامل المتوقعة للتعافى، هذا إلى جانب هدوء التأثيرات السلبية لجائحة الفيروس وتلاشى حالات الإغلاق التى كانت قد أقرتها الدول فى فترات سابقة.
وقالت إن وجود الحرب بين بلدين يتم الاعتماد على السياح القادمين منهم لمصر، سيقلل من التوقعات السابقة بالتعافى خلال العام الحالى، لتمتد أزمة القطاع لفترات أطول.
وأضافت أن حدة التأثيرات متوقفة على مدى استمرار وتفاقم الأزمة بين البلدين خلال الفترات المقبلة وموقف الدول الأخرى من الحرب.
وأوضحت أنه حال انتهاء الحرب قد تكون الملاءة المالية غير سامحة للسياح الأوكران على سبيل المثال، ما قد يمثل ذلك أزمة جديدة، فيما على جانب آخر قالت إن السياحة من البلدان الأخرى مستمرة بشكل جيد.
فيما رجحت سارة سعادة، أن تسجل إيرادات القطاع السياحى حوالى 8 مليارات دولار خلال العام المالى 2022-2021.
ومع اندلاع الأزمة عقد الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار اجتماعًا ضم قيادات الوزارة، لمناقشة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على القطاع السياحى بمصر، وذلك بحضور مسئولى الوزارة، وممثلى وزارتى الخارجية، والطيران المدنى، والأجهزة المعنية، والقطاع السياحى من الغرف السياحية.
وخلال الاجتماع تمت مناقشة موقف السائحين الموجودين بمصر من الجنسيات التى تأثرت دولهم بالمستجدات فى حركة الطيران الدولى، وتم التأكيد على استمرار إقامتهم بالفنادق حتى عودتهم بصورة آمنة إلى بلادهم.
كما تم التوجيه باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتوفير كل سبل الراحة لضيوفنا من السائحين من مختلف دول العالم.
يُذكر أن القطاع السياحى كان من أكثر القطاعات التى تأثرت سلبًا بأزمة «كورونا» الحالية، إذ وصلت إشغالات الفنادق بفترة الفيروس الأولى لمعدلات الصفرية، واستمرت هذه الأوضاع إلى أن اتخذت الحكومة المصرية قراراها خلال شهر يوليو لعام 2020، بفتح الأنشطة الاقتصادية بشكل تدريجى، هذا إلى جانب فتح الباب للسياحة الداخلية ولكن بنسب اشغالات محددة بحوالى %25 فى تلك الفترة إلى أن تم رفعها عقب ذلك لنسب أعلى.