«الحرب الأوكرانية» و«تراجع القوة الشرائية» و«الطاقة» تدفع أسعار الشحن للهبوط

فى استطلاع أجرته «المال» مع عدد من العاملين بالقطاع

«الحرب الأوكرانية» و«تراجع القوة الشرائية» و«الطاقة» تدفع أسعار الشحن للهبوط
نادية سلام

نادية سلام

10:36 ص, الأحد, 16 أكتوبر 22

بعد مرور عامين استمرت فيهما أسعار الشحن محلقة فى الارتفاعات بشكل مبالغ، إذ صعدت تكلفة النقل البحرى بنهاية عام 2021 خمسة أضعاف مقارنة بأسعار ما قبل كورونا، لتعود مرة أخرى خلال الربع الثانى من العام الجارى للانخفاض بشكل تدريجى، بالتزامن مع الحديث المستمر من جانب محللين اقتصاد بأن العالم على مشارف أزمة ركود.

وأرجع العاملون فى القطاع أسباب تراجع  الشحن البحرى لـ3 أسباب رئيسية، هى التداعيات الكبيرة التى حلت على كافة لقطاع بجميع دول العالم نتيجة اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعد نسبة التضخم فى عدد كبير من الدول، ومن ثم تراجع القوة الشرائية لجميع المنتجات، وتأثر المستودرين والمصدرين، وأخيرًا تفاقم أزمة الطاقة خاصة على المستوى العالمى المرتبط بالدول الأوربية.

فى البداية، قال المهندس مصطفى إبراهيم، استشارى تطوير الأداء المؤسسى لسلاسل الإمداد فى شركة «impact insights»  أن أسعار شحن البضائع القادمة من أوروبا وأمريكا شهدت تراجعًا مفاجئًا، بلغت نسبته ما بين 20 و%30 مقارنة ببداية العام الجارى. 

وأضاف أن التراجع سببه الأساسى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وما خلف عنها من ركود العالمى، وارتفاع معدلات التضخم، ورفع البنوك لأسعار الفائدة، الأمر الذى دفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الاستثمار الآمن فى البنوك، وتقليل العمل فى التجارية والصناعية فى ظل تزايد الاضطرابات العالمية حاليًّا.

ولفت إلى أن الحرب أدت إلى تباطؤ حركة التجارة، وخلقت تحديات صناعية بسبب نقص الخامات على مستوى العالم، وبالتالى تراجع التصنيع الذى انعكس على نقل التجارة المنقولة بحرًا بصفتها تنقل نحو %90 من التجارة العالمية. 

وأشار استشارى سلاسل الإمداد، إلى أن عمليات الإغلاق الأولية لـ COVID-19 فى أوروبا والولايات المتحدة أدت إلى رفع  أسعار الشحن بشكل مبالغ فيه، وما تبعه من تكدس  كبير فى الموانئ الكبرى، لاسيما بعد الاستقرار النسبى فى أزمة “كورونا”، وتراجع التكدس ورفع القيود الاحترازية بعد مرور العامين الماضيين، انعكس على هدوء نوالين الشحن –على حد وصفه-.

وأضاف أن أسعار البترول وارتفاعها إلى 122 دولار للبرميل مع بداية العام كان له تأثير آخر فى رفع أسعار الشحن، والتى تأخذ حاليًّا منحنى التراجع، متوقعًا أن تشهد الشهور القادمة مزيدًا من الانخفاض فى نوالين الشحن، خاصة أن كل المؤشرات تؤكد استمرار البنك الأمريكى الفيدرالى فى رفع الفائدة بنسبة كبيرة قبل انتهاء 2022.

وتوقع «إبراهيم» استمرار أزمة الطاقة فى أوروبا، نتيجة قرار أوبك+ بخفض الإنتاج يوميا بمقدار 2 مليون برميل، فضلًا عن رغبة تلك الدول الاستغناء عن إمدادات الطاقة الواصلة إليها من روسيا. 

وأصدرت شركة كلاركسون البريطانية للأبحاث فى وقت سابق تقريرًا يشير إلى أن هناك إقبالًا على بناء أعداد كبيرة من سفن نقل الحاويات الجديدة، والطلبات الجديدة على سفن الحاويات، كانت أكبر بنحو %4.2 مرة مقارنة بعام 2020.

وأشار التقرير إلى أن سفن الحاويات الجديدة لن تدخل الخدمة حتى عام 2023، أو ربما بعد ذلك، ولذا فإن هناك احتمالية بعودة الركود إلى الشحن، إذا حدث انخفاض فى الطلب عند دخول عدد كبير من سفن الحاويات الجديدة إلى الخدمة.

وفى السياق نفسه، يتوقع “HSBC” مركز أبحاث النقل فى آسيا أن تنخفض أسعار الشحن بنسبة %58 أخرى فى عام 2023 و%37 فى عام 2024 فى المتوسط قبل أن تصل إلى القاع.

وأعلن الخط الملاحي ميرسك عن طلبات شراء 6 سفن جديدة سعة 17000 حاوية مكافئة  لتصل إلى إجمالى 19 سفينة بحلول عام 2025، لاسيما اقترب الخط الملاحى MSC من صفقة لـ 12 سفينة جديدة، والخط الملاحى Cosco يدرس طلبات شراء ست سفن تعمل بالميثانول سعة 23000 حاوية مكافئة، بالإضافة إلى تسع سفن تقليدية سعة 15000 حاوية مكافئة.

فى سياق متصل، قال هيثم أباظة، مدير المخازن الجمركية لشركة راية لوجستيكس، إن نوالين الشحن البحري تراجعت للشحنات القادمة من آسيا وخاصة الصين، موضحًا أن السوق المصرية تشهد انكماشًا فى الاستيراد.

وقال إن بعض الموانئ المصرية شهدت تكدسًا للحاويات نتيجة عدم الإفراج عن الشحنات، مما أدى إلى دفع غرامات من قبل المستوردين تضاهى نوالين الشحن بالدولار، الأمر الذى دفع المستوردين تقليل نشاطهم انتظارًا لقرارات جديدة من قبل البنك المركزى تتعلق بمنظومة الاعتماد المستندى.

وأشار إلى أن تراجع الاستيراد أدى إلى هبوط الطلب، وبالتالى انخفاض أسعار نوالين الشحن، مشيرًا إلى أن شركات الشحن لن تستفيد كثيرًا من تراجع نوالين الشحن فى ظل توقف عدد من المستثمرين عن الاستيراد.

واستكمل مدير المخازن الجمركية لشركة راية لوجستيكس، أن هناك سببًا رئيسيًّا لتراجع أسعار الشحن، ويتمثل فى أن الصين تعاني حاليا من أزمة طاقة، بجانب ظهور فيروس كورونا مرة أخرى فى بعض المقاطعات.

وعن مدى تأثير  ذلك على شركات، أشار«أباظة» إلى أنه رغم تراجع سعر نقل النوالين ما زالت الشحنات منخفضة، والاستفادة منها مرهون بزيادة حركة الاستيراد.

ولفت الدكتور أحمد الشامى، خبير النقل البحرى واللوجستيات، إلى أن تراجع أسعار نوالين الشحن يرجع لعدة أسباب، وهى أن الشهور الستة الماضية شهدت حركة شحن الحاويات انتعاشًا من بعد التوقف الذى عاصرته خلال فترة جائحة كورونا، فضلًا عن حالة التباطؤ الاقتصادى الذى حل بالدول بسبب الحرب الروسية. 

وعلى المستوى المحلى قال “الشامي” إن الحد من الاستيراد كان له أثر سلبى على حجم البضائع الواردة خلال الأربعة أشهر الماضية، فضلًا عن تكدس الواردات بالموانئ خلال الفترة الماضية، مما أحدث ارتباكًا فى السوق الملاحية.

وأشار إلى أن الركود العالمى الناتج عن ارتفاع نسب التضخم، والأزمات المتلاحقة منذ بداية عام 2022 سواء السياسية، والاقتصادية والارتفاع غير المبرر للدولار، يؤكد أن العالم قادم على فترة ركود قد تمتد لأكثر من عام.