تنظر الجهات الرقابية الأمريكية المعنية بمكافحة الاحتكار طلبين للدمج بين أربعة شركات في مجال السلاح والاتصالات.
ويتعين على واشنطن الاختيار بين أمرين أحلاهما مر في مجال الاتصالات؛ حيث يجب أن تحسم اختيارها بسرعة قبل أن تفقد الكثير في سباق التفوق التكنولوجي.
التفوق التكنولوجي هو الجائزة التي ستنالها واشنطن في مجال الاتصالات عندما يتم تمرير صفقة الدمج بين سبرنت وتي-موبيل؛ لأنها ستساعدها على إنشاء شركة أمريكية جديدة قادرة على تركيب شبكة اتصالات الجيل الخامس والتمكن بالتالي من مواجهة تفوق شركة هواوي الصينية في هذا المجال، حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
والمشكلة تكمن في أن التصديق على الصفقة سيعد بمثابة إجهاض لجهود مكافحة الاحتكار، والتسبب بالتالي في فقدان ميزة إتاحة الفرصة أمام الشركات الأخرى لدخول المجال وتعزيز المنافسة وتخفيض الأسعار.
أما تمرير صفقة الدمج بين عملاقي تصنيع السلاح رايثون ويونتيد تكنولوجيز فسوف يؤدي إلى إنشاء شركة جديدة قادرة على منافسة شركة بيونج، والى رفع فاتورة مشتريات سلاح الحكومة الأمريكية، حسب موقع فليت جلوبال المتخصص في شئون الطيران.
اندماج سبرنت مع تي-موبيل يعزز اتصالات الجيل الخامس
يؤيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفقة إندماج شركتي الاتصالات سبرنت و تي- موبيل استنادا الى أن الاندماج سيساعد على تمكين بلاده من امتلاك التقنية التكنولوجية اللازمة لإنشاء شبكات الجيل الخامس عالية السرعة دون الحاجة الى التكنولوجيا الصينية التي يتهمها ترامب بممارسة أنشطة تجسسية تشكلا تهديدا للأمن القومي الأمريكي، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
صفقة الاندماج المقدرة بنحو 26 مليار دولار كانت تسير على ما يرام خلال الأسابيع القليلة الماضية بدعم من مباركة هيئة الاتصالات الفيدرالية. لكن الأمور تعقدت يوم الثلاثاء الماضي عندما قامت عدة ولايات أمريكية برفع دعاوى قضائية لمنع إبرام الصفقة.
رفع الدعاوي القضائية عشرة مسئوليين منتمين للحزب الديمقراطي، حيث اشتكوا يوم الثلاثاء الماضي من تسبب الصفقة في رفع الأسعار التي يدفعها المستهلكون لشراء الأجهزة المحمولة، استنادا إلى أن الصفقة ستؤدي الى تقليص عدد شركات الاتصالات اللاسلكية الكبرى الى ثلاثة بدلا من أربعة.
وردت الشركتان على هذه الدعاوى القضائية بالتأكيد على أن إتمام صفقة الاندماج ستجعلهما أكثر قدرة على خدمة المستهلكين بضخ استثمارات أكبر في شبكات الجيل الخامس، بجانب أنها ستعزز المنافسة مع شركة أ تي& تي وشركة فيرايزون، اللتان تحتفظان – كلا على حدة – بثلث السوق.
وأعلنت شركتي سبرنت و تي-موبيل في أبريل من العام الماضي أنهما قد اتفقتا على بنود الاندماج، كما أكدا استهدافهما إبرام الصفقة بحلول يوليو من العام الجاري، مشددين على أن اندماجهما سيعزز قدرتهما على توفير الانترنت بسرعة عالية الى سكان المناطق الريفية التي تعاني من تجاهل شركات الاتصالات الأخرى.
وقالت الولايات الشاكية أن صفقة الاندماج ستفرض على مشتركي شركة سبرنت و تي- موبيل تكاليف اضافية تصل الى 4 مليار و 5 مليون دولار سنويأ، مما يزيد الضغوط على محدودي الدخل والأقليات.
ومن المتوقع أن تقوم وزارة العدل الأمريكية بإصدار قرار في القضية خلال الأسابيع القليلة القادمة، وربما تفرض عليهما التخلص من شركات تابعة لهما لضمان المنافسة.
وتسعى الولايات الأمريكية الشاكية عبر نواب العموم التابعين لها الى استصدار حكم أولى من المحكمة حتى يمكنها تعطيل تفعيل الصفقة حال تصديق وزارة العدل الأمريكية عليها.
وقال دينس ترينور نائب رئيس القسم المحلي من اتحاد عمال الاتصالات الأمريكي أن الصفقة ستؤدي الى فقدان نحو 30 ألف وظيفة.
محاولة دمج الشركتين ليست الأولى من نوعها بل الثالثة خلال السنوات الخمس الماضية. وفشلت آخر هذه المحاولات عام 2017 بسبب عدم تمكن الشركتين من الاتفاق على بنود الصفقة. وفي عام 2014 اعترضت الجهات الرقابية في ادارة اوباما عليها بدعوى تسببها في تقليص المنافسة.
اندماج رايثون و يونتيد تكنولوجيز يعزز المنافسة مع بيونج
يقول محللون أن صفقة الاندماج بين الشركتين ستنشأ شركة واحدة قادرة على منافسة شركة بيونج الأمريكية بجانب أنها ستحفز شركات تصنيع الطائرات الأصغر حجما على عقد صفقات اندماج مماثلة.
ونقل موقع فليت جلوبل عن مراقبين قولهم أن الصفقة ستنال موافقة الجهات الرقابية المعنية بمكافحة الاحتكار على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أبدى تخوفه منها، لكنه رهن موافقته عليها بانتاج الشركتين أسلحة غير متماثلة.
وقال ريتشارد أبوليفيا محلل الطيران الفضائي لدى مجموعة تيل جروب أن صفقة دمج رايثون مع يونتيد تكنولوجيز ستمكن الأولى من التوسع في قطاع الطيران التجاري سريع النمو بجانب المحفظة القوية التي تمتلكها في مجال الدفاع.
وتابع:” تستطيع رايثون الحصول على ما يوفره السوق التجاري من فرص النمو وجنى مكاسب سعرية.”
وتنص بنود الصفقة التي أعلنت الشركتان التوصل إليها يوم 9 يونيه الجاري على بيع وحدتي اوتس وكارير التابعتين لشركة يونتيد تكنولوجيز وتحويلهما الى شركتين منفصلتين.
ومن المتوقع حصول حملة أسهم شركة رايثون على 43% من الشركة الجديدة وحملة أسهم يونتيد تكنولوجيز على 57%.
ويتوقع المدير التنفيذي الحالي لشركة رايثون توم كنيدي والمدير التنفيذي لشركة يونتيد تكنولوجيز جريج هايز أن يتم تفعيل الصفقة في النصف الأول من 2020 بعد الحصول على موافقة الجهات الرقابية.
وتقول الشركتان أن الصفقة ستضمن توليد 1 مليار دولار سنويا بعد أربع سنوات من التصديق عليها بجانب توفير مبلغ 500 مليون دولار يرد إلى الزبائن.
ترامب يتخوف من زيادة نفقات شراء السلاح بسبب الصفقة
ويتخوف الرئيس ترامب من أن تتسبب الصفقة في رفع فاتورة مشتريات الحكومة الأمريكية من السلاح بسبب نتيجة دورها في إجهاض المنافسة. كما أكد على أن الصفقة ستكون مثيرة للخلاف حال قيام الشركتين بإنتاج أنواع متماثلة من الأسلحة.
ورد هايز وكنيدي على هذه الانتقادات الرئاسية يوم 10 يونيه الجاري بالتشديد على أن إيرادات الصفقة ستؤدي الى تخفيض التكاليف لا زيادتها. كما أكدوا على أن إيرادات الشركتين من الانتاج المتماثل للسلاح لا يزيد عن 1%.
وتابعا قائلين:” سنتمكن بفضل الصفقة من توفير الأموال التي تنفقها الحكومة في شراء السلاح ….. ستؤدي الصفقة الى تعزيز المنافسة ولن تضر بها على الإطلاق… بجانب أننا سننقل المنافسة الى الساحة العالمية.”
وتتخصص شركة رايثون في انتاج أسلحة دفاعية تشمل الصواريخ ومركبات الفضاء والمراقبة والحرب الاليكترونية وأنظمة الدفاع المدمجة. كما تبيع الشركة منتجات إدارة حركة مرور الطائرات التجارية وأجهزة تأمين الطيران وتكنولوجيات الذكاء الصناعي. وتتخصص شركة يونتيد تكنولوجيز في تصنيع العديد من المنتجات التي تحتاجها الطائرات.
إيرادات الشركة الجديدة
ستؤدي الصفقة إلى رفع مبيعاتهما السنوية لتصل الى 74 مليار دولار عام 2019، مما يجعلها تقترب من مبيعات شركة إيرباص الأوربية التي تشغل المرتبة الثانية عالميا من حيث الإيرادات. بينما ستظل شركة بيونج الأمريكية تتصدر القائمة بإيرادات بلغت 101 مليار دولار عام 2018.
ويرى المحللون أن الشركة الجديدة ستصبح في وضع أفضل يمكنها من إحباط جهود بوينج انتزاع تكاليف من الموردين التجاريين، مما يسهم في تحسين وضعها التنافسي.