مع الإقرار بالمثاليات اليهودية كرسالة سماوية تنزلت على «موسى النبى» ليجعل من أرقّاء وموالى بنى إسرائيل تاريخًا وشعبًا.. تتنازعه منذ التيه الأول كل من شريعة التوحيد.. والشبق لاكتناز الثروة (عبادة العجل الذهبى)، تطاردهم لعناته على امتداد مسيرة الشتات بـ«اليهودى التائه» فى مختلف بلدان الأرض، ما إن تتعرض إحداها- بحسب التحليل التروتسكي- لتصدّع اقتصادى اجتماعى، إلا سرعان ما يُقذف بفقراء الطائفة من اليهود إلى الشعب الثائر لامتصاص غضبه، فيما يتخلص الحكام فى الوقت نفسه من ديونهم لدى أثرياء الطائفة، وعلى مدى الأزمان إلى أن كانت «الهولوكست» على يد «النازية» أربعينيات القرن الماضى قبل سنوات من زرع إسرائيل فى الأرض الفلسطينية، ليمارس الإسرائيليون مشاعر الفزع والخوف والسيكوباتية المختزنة من عصور الشتات، على العرب؛ فى محاولة صهيونية للتطهير العرقى حيال الفلسطينيين، الأمر الذى يعترف به فى صحوة ضمير بعد نحو سبعين عامًا كل من المؤرخين اليهود الجدد.. ومحاربين قدماء، كما تناولتها دراسات أكاديمية فى الجامعات العبرية عن المذابح التى تعرّض لها الفلسطينيون بدم بارد، قبل أن تتواصل من بعد بشكل أو آخر ضد عرب إسرائيل أو حيال مواطنى الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلّتين، مما يمثل جرائم حرب بكل معنى الكلمة. ورغم صحوة الضمير لآحاد الإسرائيليين فيما سبق من سياق فإن نتائج الانتخابات الإسرائيلية تنبئ منذ العام 1995 على امتداد الانقسام السيكوباتى ما بين الراغبين إلى «حل وسط إقليمى» للمسألة الفلسطينية من ناحية.. وبين المتمسكين من ناحية أخرى بعمليات الهدم والإخلاء فى إطار «ضم الأراضى المحتلة»، لا تختلف حكومة حالية عن سابقتها منذ احتكر اليمين الإسرائيلى المتشدد قبل نحو ربع قرن سُدّة السلطة، إما بوضع السم للعرب عبر قفاز مخادع من الحرير أو عن ممارسة العنف والغطرسة بإطلاق الرصاص، ذلك منذ اغتيال «رابين» ويده الملطخة بالدماء ممسكة بأغنية السلام عن شرق أوسط جديد، بعد خمسة عشر عامًا من اغتيال «السادات»، كلاهما على أيدى أصوليين دينيين، ولتصل رؤيتهما- قبل اغتيالهما -لصناعة تاريخ مغاير للصراع، إلى طريق مسدود، إذ تختال إسرائيل أنها أصبحت قوة إقليمية عظمى، فيما تندفع دول عربية نحو تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال الاسرائيلى، ما يماثل «ذروة التزييف» لمفارقة تاريخية ما بين التفريط العربى فى عناصر قوتهم من ناحية، وبين غياب المرونة الوطنية داخل المجتمع الإسرائيلى المنقسم بين قواه الاجتماعية والسياسية والدينية والطائفية، فيما تتزايد نسبة الهجرة المضادة إلى الخارج، ناهيك عن حالات الانتحار بين العسكريين وضباط المخابرات كمؤشرات على حالة التفكك المجتمعى تتزامن مع تفاقم خطورة عدوانية السيكوباتية الإسرائيلية ذات الجذور التاريخية عبر العصور
شريف عطية
7:27 ص, الأحد, 23 يناير 22
End of current post