التوعية وحصار الفساد سبل الحماية من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب

تزايدت حدة العقوبات والغرامات المالية من الهيئات الرقابية العالمية على المؤسسات المالية والبنوك مؤخرًا، بالتزامن مع التطورات التى يشهدها العالم فى العمليات المحظورة منها غسيل الاموال وتمويل الارهاب والتسلح النووى، وغيرها من العمليات التى قد تتورط بها البنوك بشكل مباشر وغير مباشر، وما يصاحبها من تطورات متلاحقة فى مستوى الضوابط والتشريعات لمنع تلك الممارسات وأبرزها ضوابط الامتثال الضريبى «FATCA »، وتطور مفاهيم اعرف عميلك.

التوعية وحصار الفساد سبل الحماية من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب
جريدة المال

المال - خاص

10:30 ص, الثلاثاء, 11 نوفمبر 14

تغطية ـ نشوى عبد الوهاب

تزايدت حدة العقوبات والغرامات المالية من الهيئات الرقابية العالمية على المؤسسات المالية والبنوك مؤخرًا، بالتزامن مع التطورات التى يشهدها العالم فى العمليات المحظورة منها غسيل الاموال وتمويل الارهاب والتسلح النووى، وغيرها من العمليات التى قد تتورط بها البنوك بشكل مباشر وغير مباشر، وما يصاحبها من تطورات متلاحقة فى مستوى الضوابط والتشريعات لمنع تلك الممارسات وأبرزها ضوابط الامتثال الضريبى «FATCA »، وتطور مفاهيم اعرف عميلك.

وناقشت الجمعية المصرية للائتمان وادارة المخاطر «ECRA » فى ندوة مؤخراً التأثير المباشر وغير المباشر للضوابط والتشريعات الدولية على أداء البنوك المحلية والعالمية، حيث قال محمود السقا، رئيس مجلس ادارة الجمعية انه فى الوقت الذى تسعى فيه البنوك لنمو حجم اعمالها واجتذاب المزيد من العملاء، تتنامى التحذيرات والمخاوف بشأن طبيعة العملاء والعمليات التى تمولها البنوك مع التشديد على مفهوم اعرف عميلك وتنامى عمليات غسيل الاموال وتمويل الارهاب، مما أدى إلى احتدام المنافسة بين جهات إدارات الالتزام بالبنوك وحجم الاعمال والقائمين عليه.

وأشار «السقا» إلى ان الخطوات التى اتخذها البنك المركزى على مدار السنوات الماضية بشأن تطبيق المفاهيم الجديدة منها اعرف عميلك، ساهمت فى حماية البنوك المحلية ووضعها فى مرتبة متقدمة على مستوى العالم فى حماية اعمالها، مؤكداً ان الاساس للبنوك تحقيق جميع المعايير المصرفية والتأكد من طبيعة بيزنس عميل البنك بعيداً عن الاعمال المخالفة بما يسمح بنمو حجم عمال البنك وتحقيق ارباح مستدامة.

وتعتبر الجمعية المصرية للائتمان وإدارة المخاطر «ECRA » منظمة غير هادفة للربح، تسعى إلى بناء شبكة مهنية نشطة لتطوير البيئة الائتمانية بالسوق المصرية، وبحث تطوير الخدمات المصرفية للعديد من القطاعات التى تشارك فى النشاط التجارى بمصر مثل البنوك وشركات التأجير التمويلى والتمويل العقارى، وشركات التخصيم وشركات التأمين والتجزئة.

وقال أيمن خطاب، الأمين العام للجمعية المصرية للائتمان وادارة المخاطر، الذى تولى ادارة الجلسة ان مجال ادارة الالتزام داخل البنوك بدأ منذ 10 سنوات وشهد اهتماماً متزايداً على مدار السنوات الخمس الماضية بعد احداث 11 سبتمبر وما تبعها من تزايد اهتمام الجهات الرقابية العالمية بعمليات تمويل الارهاب وغسيل الاموال، موجهاً تساؤلاً للمشاركين حول ابرز التطورات الاخيرة التى طرأت على القطاع المصرفى واحدث التشريعات القانونية.

وأوضح عمرو العنتبلى، رئيس مجموعة الالتزام فى بنك الكويت الوطنى ان مفهوم «اعرف عميلك» داخل البنوك شهد مؤخراً تطوراً شاملاً ليتضمن تعرف البنوك على «اعرف عميل عميلك» والتعرف على المتعامل وهو من له حق التوقيع فى البنك، والتعرف على هوية كل من يتعامل على الحساب سواء بموجب توقيع او عن طريق غير مباشر وذلك ليتواكب مع التغيرات العالمية التى شهدها القطاع المصرفى والازمات المالية التى يمر بها مؤخراً.

واضاف ان المفهوم لم يقتصر على العملاء الافراد فحسب، بل امتد ليشمل الشركات بمفهوم «entities not company »، حيث تلزم الضوابط المحلية والعالمية البنوك بالتعرف فى الشركات المساهمة على من يملك %10 أو أكثر من رأسمال الشركة او الشركات التابعة للشركة، مشيراً إلى ان هناك اشكالية بشأن معرفة حصص المساهمين فى الشركات الكبيرة، بالاعتماد على السجل التجارى وحده وإنما يمتد الامر للبحث عن صحيفة الشركات، بشرط ألا يمر على تاريخ اصدارها 3 شهور لتعكس الوضع الحالى للمساهمين فى الشركة، إلى جانب الاستعانة بآخر محضر جمعية عمومية للشركة.

ولفت الانتباه إلى ان الضوابط الجديدة تتزايد حدتها مع انتشار عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والانتشار النووى لتراقب على التعاملات المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بتلك العمليات، عبرالاعتمادات المستندية او التحويلات التجارية والتى يتم اغلبها عبر السفن، لافتاً إلى ان البنوك اصبحت مطالبة بالتأكد من اغراض العملية من خلال التعرف على هوية السفن التى تنقل البضائع محل العملية التجارية والتأكد من اسم السفن والشركة المالكة حتى يتجنب البنك الوقوع فى مخالفات.

من جانبها أكدت ميرفت سلطان، نائب رئيس مجلس ادارة بنك «HSBC » سابقاً، أن التعديلات الاخيرة على قواعد قانون الامتثال الضريبى الـ«FACTA » ألزمت جميع المؤسسات المالية غير الأمريكية والبنوك فى كل الدول بالإبلاغ عن حسابات الأشخاص الأمريكيين لديها، بما يمكن الجهات الرقابية الامريكية من التعرف على جميع التعاملات التى تتم بها وتفصيلاتها.

وأشارت إلى انه مع التطورات العالمية تزايدت العقوبات المالية من قبل الجهات الرقابية الدولية على البنوك العالمية، حيث تم فرضها فى البداية على مخالفات بعض البنوك للبنود المتفق عليها بعد تأكدها من وجود اخطاء بالمؤسسات المالية ومنحها مدة زمنية لتصحيح الخطأ، وتتزايد قيمة الغرامات لتتخطى حاجز المليارات مع استمرار وقوع المؤسسة فى الخطأ نفسه.

ولفتت نائب الرئيس السابق لبنك «HSBC » إلى أن العقوبات لم تعد تقتصر على غرامات مالية فحسب بل امتدت إلى مقاضاة المؤسسة المالية جنائياً خلال فترة زمنية محددة، من خلال اتفاقيات مع الجهات الرقابية التى تتيح لها مقاضاة المؤسسة فى حال عدم تصحيح الخطأ بعد مهلة محددة ومخالفة الضوابط الموضوعة، مشيرة إلى انه لم يتم تفعيل المقاضاة الجنائية حتى الوقت الحالى الا انها بند يمكن تفعيله فى المستقبل القريب.

وشددت على انه لا بديل امام المؤسسات المالية ذات المصالح مع الولايات المتحدة عن الالتزام بالضوابط الجديدة، والا ستتعرض لمخاطر مرتفعة وغرامات متشددة، لافتة إلى ان اغلب المؤسسات اصبحت تجنب جزءًا من مخصصاتها احتياطياً لمواجهة خطر الغرامات.

ولفتت إلى ان الغرامات والعقوبات اثرت سلباً على حجم التعاملات البنكية واصبح القطاع يشهد استبعاد البنوك عددًا من الآليات والادوات المصرفية المستخدمة مثل «Cash Letter » وتصدير البنكنوت، تجنباً لشبهات غسيل الاموال، فيما قرر البعض الاخر التخارج من اسواق بعينها منها سوريا واليمن، ولجأت بعض البنوك لتغيير استراتيجيتها بالكامل.

وتوقعت ان تعانى المؤسسات المالية والمتوسطة والصغيرة من صعوبات فى التعامل مع البنوك الدولية والحصول على المنتجات التقليدية منها مع تشدد الضوابط وتزايد مخاوف البنوك الكبيرة.

وطالبت بضرورة تضافر جهود جميع الجهات المسئولة فى مصر بداية من البنك المركزى والبنوك المحلية، لاتباع الاجراءات اللازمة لمحاصرة الفساد والتصدى للمخاطر المحيطة، كما شددت على دور البنوك فى توعية العملاء بالضوابط الجديدة ايضاً.

فيما أشار محسن رشاد، رئيس قسم الاستثمار بالبنك العربى الافريقى الدولى، إلى أن أغلب البنوك العاملة سواء فى السوق المحلية او العالمية، لا تدرك تأثير الضوابط الجديدة على فرص النمو فى الاسواق، كما تعانى من عدم ادراك كامل للأبعاد والغرامات، والتى قد تصل إلى حظر لمؤسسات من مزاولة النشاط، لافتاً إلى ان الاشكاليات الاخيرة تؤثر سلباً على فرص النمو للمؤسسات المالية محلياً وعالمياً.

وأوضح ان هناك تأثيرًا مباشرًا وواضحًا على البنوك نتيجة المتطلبات الرقابية المتجددة التى نتجت عنها زيادة التحريات وبطرق مكثفة على جميع اوامر الدفع سواء اوامر لأغراض تمويل التجارة او دفع لأوامر خزانة او غيرها، كما ادت إلى تأخر تنفيذ عدد كبير من العمليات وتباطؤ اداء الاعمال بما انعكس على تراجع معدلات النمو كلما تم تحديث الضوابط واضافة مصطلحات جديدة، فيما اتجهت البنوك لتغيير خريطة اداء اعمالها بالكامل.

وأوضح ان الوضع الحالى يتطلب خلق درجة عالية من الوعى لدى اغلب البنوك والمؤسسات المالية بشكل دورى ومستمر وبذل المزيد من الجهد لفهم وادراك القواعد الجديدة والتواصل مع المؤسسات الدولية لتفادى التعرض للغرامات والمخالفات، متسائلاً عن المعايير والأسس التى تعتمد عليها المؤسسات لاحتساب الغرامات المالية.

وأضاف ان البنوك مطالبة بتطوير انظمتها بالكامل لتتناسب مع الاجراءات والمستندات المطلوبة لاكتشاف عمليات غسيل الاموال واغراض تمويل الارهاب بشكل واضح ومتجدد دورياً. 

جريدة المال

المال - خاص

10:30 ص, الثلاثاء, 11 نوفمبر 14