فجر مزاد صالة كريستيز بلندن، أزمة جديدة أمام مسئولي وزارة الدولة لشئون الآثار، وذلك بعد أن رصدت إدارة الآثار المستردة بالوزارة، قيام صالة المزادات الشهيرة بعرض 32 قطعة أثرية تنتمي للحضارة المصرية من ضمنها رأس تمثال من الحجر منسوبة إلى الملك توت عنخ آمون للمزاد العلني لبيعها يومي 3و 4 يوليو المقبل.
وتوقعت صالة كريستيز، أن تتمكن من بيع رأس التمثال بمبلغ لا يقل عن 4 ملايين جنيه إسترليني، بما يعادل 5 ملايين دولار في حال تمت العملية.
وتبذل وزارة الآثار مجهودات كبرى لمحاولة منع تهريب القطع الأثرية إلى خارج البلاد، وذلك عن طريق الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، أو عن طريق تتبع المزادات ومحاولة استرجاع القطع التي خرجت من مصر بطرق غير شرعية.
“الأثار” تتقدم ببلاغ للنائب العام لوقف البيع
ورصدت “المال” التفاصيل الكاملة لمحاولة وقف بيع واسترداد تلك القطع الثمينة، حيث تقدمت وزارة الآثار ببلاغ للنائب العام تطلب إرسال مساعدة قضائية إلى السلطات البريطانية لوقف بيع والتحفظ على هذه القطع واستردادها، وفقا لقوانين حماية الآثار المصرية والإتفاقيات الدولية ذات الصلة.
يشار إلي أن الدكتور خالد العناني وزير الآثار، دعا إلى اجتماع طارئ للجنة القومية للآثار المستردة المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1306 لسنة 2016 برئاسته، وذلك لمناقشة ومتابعة الإجراءات التي تم اتخاذها تجاه ملف وقف بيع واستعادة 32 قطعة أثرية تنتمى للحضارة المصرية.
جاء ذلك بحضور الدكتور نبيل العربي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، والسفير محمود طلعت مساعد وزير الخارجية للعلاقات الثقافية، وممثلو وزارة العدل والنيابة العامة وكل الجهات القضائية والأمنية والرقابية بالدولة.
النيابة العامة ترسل إنابة قضائية لنظيرتها البريطانية
وبناءً على ذلك، قامت النيابة العامة المصرية بدورها بإرسال إنابة قضائية إلى نظيرتها البريطانية لوقف بيع هذه القطع والتحفظ عليها تمهيداً لاتخاذ إجراءات إعادتها إلى مصر.
وأبدت اللجنة الدائمة للآثار المصرية برئاسة الدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار، شديد اعتراضها علي هذا الأمر.
إدارة الآثار المستردة: القطع ليست من مفقودات المتاحف أو المخازن
ومن جانبه، أكد شعبان عبد الجواد، المشرف العام على إدارة الآثار المستردة بالوزارة، أن هذه القطعة ليست من مفقودات متاحف أو مخازن وزارة الآثار، كما أن الإدارة تتابع جميع صالات العرض بالمزادات العالمية، مؤكداً أنه إذا ثبت خروج أى قطعة بشكل غير شرعى يتم اتخاذ كافة الاجراءات القانونية اللازمة مع الإنتربول الدولى وبالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية.
وأضاف أن هناك جهودا لاسترداد وعودة القطع الآثرية المهربة للخارج قائلاً: “نحن لا نتهاون أو نسمح لأحد بأن يبيع أي آثر مصري علي الإطلاق”.
وتحركت كل من وزارتي الآثار والخارجية عبر السفارة المصرية في لندن فور رصد الإعلان عن بيع القطعة الأثرية المشار إليها، حيث قامت وزارة الآثار بمخاطبة صالة المزادات ومنظمة اليونيسكو لوقف إجراءات بيع القطعة الأثرية، وطلب الحصول على المستندات الخاصة بملكية القطعة الأثرية، فضلاً عن المطالبة بأحقية مصر في القطعة في ظل القوانين المصرية الحالية والسابقة.
ومن جهتها، قامت السفارة المصرية في لندن بمخاطبة وزارة الخارجية البريطانية وصالة المزادات لوقف عملية البيع والتحفظ علي رأس التمثال وطلب إعادته إلى مصر، فضلا عن مطالبة الجانب البريطاني بوقف بيع باقي القطع المصرية المزمع بيعها، والتأكيد على أهمية الحصول على كافة مستندات الملكية الخاصة بها.
يوسف خليفه: ليس لنا الحق باسترداد آثار خرجت من مصر قبل عام 1972
وفي سياق متصل، قال الدكتور يوسف خليفة، رئيس قطاع الآثار المصرية السابق، لـ”المال”، إن القطع الأثرية التي خرجت من مصر قبل عام 1972 وقبل صدور قانون حماية الآثار “مالناش حق باستردادها لآن وقتها كان هناك قانون واتفاقيات تسمح بذلك ومصر وقعت عليها” وفق قوله.
برلمانيون: الهوية المصرية ليست للبيع
وعلي صعيد البرلمان، دعت سحر طلعت مصطفي عضو مجلس النواب، رموز المجتمع المصرى إلى مساندة المطالب المشروعة لمصر في حق استرداد القطع الأثرية المصرية من الخارج، خاصة بعد عرض رأس تمثال منسوب إلى الملك توت عنخ آمون للبيع بلندن، مؤكدة أن تلك القطع جزء أصيل من هويتنا المصرية، التى لا يجب أن نقبل التفريط فيها بأى شكل.
وطالبت النائبة عشاق الحضارة المصرية من مختلف دول العالم بالتدوين على شبكات التواصل الاجتماعى باللغات الأجنبية، بهدف الضغط من أجل استعادة القطع الأثرية المصرية المعروضة حاليًا بصالة كريستيز، وإيقاف عملية البيع غير القانونية.
وأكدت النائبة دعمها للخطوات التي اتخذتها وزارتي الخارجية والآثار في مخاطبة الخارجية البريطانية ومنظمة اليونسكو لمواجهة هذه المهزلة، مشددة فى الوقت نفسه على أن التشريعات المصرية تحظر ذلك، قائلة : “هويتنا المصرية ليست للبيع”.
وفي السياق ذاته، أدان أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس النواب، قيام صالة مزادات كريستيز البريطانية بالإعلان عن بيع قطع أثرية مصرية.
وقال هيكل إن القطع خرجت بالفعل من مصر منذ عدة عقود، ولكن هذا لا ينفى هويتها الفرعونية وأن الدولة المصرية هي المالك الوحيد لها.
وأشار إلى أن تبريرات القائمين على صالة المزادات الشهيرة بأنها اشترت هذه القطع من أشخاص أوربيين حددتهم بالأسماء لايعنى شرعية البيع بأي حال من الأحوال، مضيفاً أنه يظل الإعلان عن بيع آثار مصرية قديمة بهذا الشكل الفج عمل غير أخلاقى مهما كانت التبريرات.
وأكد هيكل أن لجنه الاعلام والثقافة والآثار بالبرلمان المصري ترفض هذه الجريمة، موضحا أنه سيتحرك عبر مجموعه الصداقة البرلمانية المصرية البريطانية للاتصال بنواب مجلس العموم البريطانى لإقناعهم بالتدخل لوقف بيع الآثار المصرية بهذا الشكل.
“دار كريستيز” تؤكد حصولها على القطع بطرق شرعية
نفت دار كريستيز للمزادات فى بريطانيا، أنها حصلت على رأس تمثال الملك توت عنخ آمون بطرق غير شرعية، مؤكدة حقها فى عرضه للبيع وذلك وفقاً لصحيفة “الجارديان” البريطانية، والتي أكدت أنها حصلت على هذه القطعة الأثرية بالإضافة إلى تابوت فرعونى خشبى وتمثال لقطة مصرية قديمة، من تاجر الآثار الألمانى هاينز هيرزر عام 1985.
وأوضحت الدار أن هذه القطع الأثرية كانت مملوكة فى السابق لتاجر الآثار النمساوى جوزيف ميسينا، الذى حصل عليها بدوره من الأمير فيلهلم فون ثور أوند تاكسى بين عامى 1973 و1974، مشيرة إلى أنه يعتقد أن الأمير فيلهلم حصل عليها فى ستينيات القرن الماضي.
ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإن التمثال يبلغ طوله 28.5 سم، وعمره أكثر من 3000 عام، وقالت المتحدثة باسم الدار تعقيباً علي عملية البيع، إنه لا يمكن تتبع الأشياء القديمة بطبيعتها عبر آلاف السنين، من المهم للغاية تأسيس ملكية حديثة وحق قانوني في البيع وهو ما فعلناه بوضوح، ولن نعرض للبيع أي شيء قد يكون مصدر قلق بشأن الملكية أو التصدير.
زاهي حواس: التمثال نُهب من معبد الكرنك
وفي المقابل، قال الدكتور زاهي حواس وزير الآثار المصري الأسبق في تصريحات لشبكة “إيه بي سي نيوز” الأمريكية، إن مصر لديها الحق في المطالبة بإعادة نحت حجري للملك توت عنخ آمون قبل طرحه للبيع في المزاد في دار “كريستي” بلندن الشهر المقبل.
وأضاف حواس أن هذا التمثال علي ما يبدو تم نهبه من معبد الكرنك بالأقصر، موضحاً أن الصالة لن يكون لديها أي دليل على الإطلاق على ملكيته.