التفاؤل الحذر يسيطر على خطط الاستثمار المباشر

تحديات العملة وخروج الأموال وصعوبات التخارج ألقت بظلالها السلبية على الاستثمار  القطاعات الدفاعية مازالت على قمة اهتمام المستثمرين  FEP CAPITAL: مستثمرون أجانب راغبون فى اختراق الصحة والتعليم  أرقام: منافسة الدولة للقطاع الخاص أمر يجب إنهاؤه سريعًا  كارتل كابيتال: الصناديق الأجنب

التفاؤل الحذر يسيطر على خطط الاستثمار المباشر
جريدة المال

المال - خاص

9:56 ص, الأحد, 7 مايو 17

تحديات العملة وخروج الأموال وصعوبات التخارج ألقت بظلالها السلبية على الاستثمار 
القطاعات الدفاعية مازالت على قمة اهتمام المستثمرين
 FEP CAPITAL: مستثمرون أجانب راغبون فى اختراق الصحة والتعليم
 أرقام: منافسة الدولة للقطاع الخاص أمر يجب إنهاؤه سريعًا
 كارتل كابيتال: الصناديق الأجنبية تنتظر تشريعات «الاستثمار» و«الإفلاس»

أحمد على _ منى عبدالبارى

أبدى خبراء ومسئولو شركات الاستثمار المباشر العاملة فى السوق المحلية، تفاؤلهم الحذر بشأن مستقبل القطاع خلال الفترة المقبلة، فى ظل التغيرات التى طرأت على السوق منذ قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016.

وأعلن البنك المركزى المصرى فى 3 نوفمبر 2016 عن قراره بشأن تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ليرتفع الأخير ليسجل مستويات قياسية استقرت عند 18 جنيه للدولار فى الفترة الراهنة، بجانب رفع الفائدة بواقع 300 نقطة أساس.

ورغم التوقعات التى تشير إلى نمو متواصل مستقبلا، فإن الخبراء أكدوا وجود عدة تحديات تواجه قطاع الاستثمار المباشر خلال الفترة الراهنة، أبرزها أزمة التحويلات الخارجية للأموال، إضافة إلى ضعف حجم سوق التخارج محليا، وعدم وضوح القوانين المتعلقة بالعملية الاستثمارية.

وأكد الخبراء أن توقعاتهم بمصير ناجح لقطاع الاستثمار المباشر لن تأتى عبر الأمل فقط، إلا أن هناك فرصا استثمارية فى السوق المحلية تحتاج إلى بعض من الجهد والدراسة التفصيلية لتحويلها إلى واقع ملموس يدر أرباحا على الجميع.

وأضافوا أن القطاعات التى ترتبط بالتعداد السكنى البالغ 90 مليون مواطن، تأتى فى المرتبة الأولى سواء كانت قطاعات «الأغذية»، و«التعليم» و«الصحة»، وتلك المرتبطة بالمشروعات العقارية المزمع إنشاؤها وهى «البنية التحتية».

وطالبوا الحكومة بالتركيز على تفعيل قانون الاستثمار وإصدار تشريعات الإفلاس والشركات، مؤكدين ضرورة ابتعاد الدولة عن منافسة القطاع الخاص فى كافة المشروعات مع اكتفائها بدور المنظم وترك الفرصة للقطاع الخاص لقيادة حركة الاستثمار.

وقال محمود خليفة، نائب رئيس مجلس إدارة شركة FEP كابيتال، إن السوق المحلية فى كافة الأوقات دائمة التواجد تحت منظار المستثمرين الأجانب والمحليين الراغبين فى الاستثمار المباشر.

وأضاف أن السوق المصرية شهدت تغييرا عقب ثورة يناير 2011؛ إذ تعاظمت الفرص الاستثمارية بشكل كبير إلا أن ظهور وتفاقم أزمة العملة الأجنبية ونقص الدولار بالسوق أدى إلى هدوء فى حجم الاستثمارات المباشرة خلال السنوات القليلة الماضية.

وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة شركة FEP كابيتال، أن قرار تحرير سعر الصرف ساهم فى ظهور مؤشرات إيجابية مرة أخرى عن الاستثمار المباشر، وزيادة جاذبية السوق لدى المستثمرين الأجانب والمحليين.

وتابع قائلًا: « تغيير وجه الاقتصاد المحلى الذى بدء عقب «تعويم الجنيه» أدى إلى تركيز المستثمرين على التواجد بالصناعات التى تمتلك فرصا تصديرية والتوسع فى المصانع القائمة من أجل استغلال انخفاض الواردات عقب ارتفاع أسعارها».

وشدد خليفة، على ضرورة تفعيل قانون الاستثمار بأسرع وقت ممكن؛ لأنه أحد المحددات المؤثرة بنسبة كبيرة للغاية فى تدفقات الاستثمارات المباشرة وعمليات الاستحواذ.

وعن أبرز القطاعات الجاذبة للاستثمار، أشار نائب رئيس مجلس ادارة شركة FEP كابيتال، إلى أن الفترة الماضية وتحديدًا منذ نوفمبر 2016 تلقت الشركة استفسارات كثيرة من مستثمرين أجانب حول قطاعات التعليم والصحة بشكل مكثف.

وأكد خليفة، وجود نقص كبير فى الخدمات المقدمة بقطاعى التعليم «مدارس – جامعات» و الصحة «مستشفيات ومعامل»، إضافة إلى قطاع الأغذية، ما يجعلها من ضمن القطاعات الأكثر جذباً.

من جانبه قال عمر رضا، الرئيس التنفيذى لقطاع بنوك الاستثمار بشركة أرقام كابيتال، إن السوق المحلية هى إحدى الأسواق الجاذبة للاستثمار المباشر الأجنبى والعربى.

وأضاف أن المؤشرات والمحادثات مع المستثمرين الأجانب توحى بتدفق جيد للاستثمارات المباشرة خلال الفترة المقبلة، مرجعًا ذلك إلى تنوع الاقتصاد المحلى وتعدد فرصه الاستثمارية، موضحا أن الحكومة مطالبة بتشجيع المستثمرين الأجانب والعرب على التواجد بالسوق المحلية، وتهيئة المناخ من خلال إصدار قانون الاستثمار والتشريعات المتعلقة بذلك المجال وأبرزها «قانون الإفلاس».

وشدد رضا، على ضرورة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية بالبورصة لإرسال رسالة ثقة لمجتمع المستثمرين فى الاقتصاد المحلى، إضافة إلى وضوح المنظومة الضريبية المتعلقة بالاستثمار المباشر.

وطالب بعدم منافسة الدولة للقطاع الخاص فى كافة المشروعات المختلفة، بل حث على تشجيع الحكومة لذلك القطاع الذى يجب أن يكون القاطرة التى تقود الاقتصاد لتحقيق معدلات نمو مناسبة لظروف المجتمع.

وأشار الرئيس التنفيذى لقطاع بنوك الاستثمار بأرقام كابيتال، إلى أن الفترة الراهنة تتميز بوجود فرص فى كافة القطاعات المكونة للاقتصاد المحلى، محددا قطاعات التعليم و الصحة كالأبرز.

وقال أيمن أبو هند، رئيس قطاع الاستثمار الدولى بشركة كارتل كابيتال للاستثمار المباشر، إن حجم الاستثمار المباشر، وغير المباشر ارتفع فى مصر خلال الربع الأول من 2017 إلى حوالى 4 مليارات دولار، إلا أن الرؤية مازالت ضبابية للربع الثانى فى ضوء عدم اعتماد الحكومة قانونى الاستثمار، وإفلاس الشركات، متوقعاً أن يشهد الربع الثالث حالة من التباطؤ الطبيعى بسبب موسم الإجازات.

وأضاف أن قوانين الإفلاس، والاستثمار، والإجراءات المتوقع اتخاذها بصدد وإعادة هيكلة قطاع الطاقة، تمثل عوامل مهمة تعول عليها صناديق الاستثمار المباشر فى اتخاذ قراراها، مشيرا إلى أن «كارتل» ترجئ إطلاق صندوقها للاستثمار فى الشركات المتعثرة لحين إصدار قانون الإفلاس، لتحديد الدراسات النهائية للصندوق.

وأوضح رئيس قطاع الاستثمار الدولى بكارتل كابيتال، أن الاستثمارات المباشرة الفترة المقبلة ستتركز بشكل أساسى على قطاعات الأغذية والمشروبات، والتكنولوجيا، والأدوية، والبنية التحتية، والتعليم، بدءا من النصف الثانى من العام الجارى، فى الوقت نفسه ستشهد الاستثمارات فى القطاع العقارى، والصناعات المتعلقه به كالأسمنت، والحديد تراجعا بضغط من ارتفاع معدلات التضخم.

وأشار أبو هند، إلى أن عمليات التخارج فى الفترة الراهنة تمثل أمرا شديد الصعوبة للصناديق التى بدأت العمل قبل تحرير سعر الصرف، نتيجة تكبدهم خسائر كبيرة فى ضوء الفارق الكبير بين سعر الجنيه قبل وبعد التعويم.

وحول الاتجاه نحو الاستثمار فى الشركات الصغيرة والمتوسطة، قال أبو هند إن إحجام القطاع المصرفى عن توفير التمويل اللازم لهذه الشريحة رغم المبادرات التى يتم إطلاقها بشكل مستمر، خشية تعثر الشركات عن السداد، تخلق حاجة ملحة لتفعيل أدوات تمويلية أخرى كالتأجير التمويلى، ودخول صناديق الاستثمار المباشر للمساعدة فى تغطية هذا القطاع الذى يمثل الشريحة الأكبر بين الشركات المصرية.

ويشار إلى أن حجم القروض القائمة حاليا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يبلغ 101 مليار جنيه، وفقاً لبيان من البنك المركزى مارس الماضى، تمثل نحو %50 من الهدف النهائى الذى وضعه البنك المركزى قبل عام للقطاع المصرفى بتوجيه 200 مليار جنيه من قروضها للقطاع، تعادل %20 من المحافظ الائتمانية للبنوك.

وبحسب تعريف البنك المركزى، المشروعات الصغيرة يتراوح حجم أعمالها بين مليون و50 مليون جنيه، والشركات المتوسطة هى التى يتراوح حجم أعمالها بين 50 إلى 200 مليون جنيه.

وقال مدير الاستثمار بأحد بنوك الاستثمار العاملة بالسوق المصرية – رفض ذكر اسمه – إنه رغم وجود فرص وقطاعات جاذبة فى مصر، إلا أن هناك معوقات تؤثر سلبا على القرار الاستثمارى، أبرزها صعوبة عمليات تحويل الأموال، و البطء الشديد لإجراءات التقاضى، وعدم ضمان التعاقدات الحكومية.

وأكد وجود حاجة ملحة إلى قانون؛ لتيسير إجراءات التقاضى فى القضايا الاستثمارية، وتقصير أمدها، وذلك لدعم الاستثمار فى مصر، ولضمان المستثمرين حقوقهم، مشيرا إلى أن القطاع الاستهلاكى هو الأكثر جاذبية للاستثمار فى مصر، ومن أبرز قطاعاته الصناعات الغذائية، والتعليم، والرعاية الصحية، والأدوات المنزلية، وذلك بدعم قوى من الزيادة السكانية المستمرة، وما يتبعها من ارتفاع فى معدلات الاستهلاك.

وقال مدير شركة تابعة لأحد الحكومات العربية تستثمر فى مصر، إن البيروقراطية والروتين، وضعف البنية التحتية، وبطئ المنظومة التشريعية، وصعوبة تحويل الأموال، إجراءات تخارج الشركات، جميعها مشكلات ترفض الحكومة المصرية الاعتراف بها، وتقوض الجهود المبذولة لدعم وزيادة الاستثمار المحلى، والأجنبى.

ويرى إن المشكلات السابقة من أبرز الأسباب التى تؤدى لعزوف المستثمرين عن اتخاذ قرار استثمارى سريع.

وأكد المسؤول الذى رفض نشر اسمه، ضرورة قيام الحكومة بوضع حلول طويلة الأمد لهذه المشكلات، لضمان استقرار المنظومة الاستثمارية، لاسيما فى ظل قطاعات جاذبة للاستثمار بقوة متى توفر لها المناخ المناسب.

ومن بين القطاعات الجاذبة، أشار مدير الشركة الذى فضل عدم نشر اسمه، إلى قطاع الصناعات الغذائية، والأدوية، والرعاية الصحية، والتصنيع الزراعى، ويرى إن قرار تحرير سعر الصرف الذى اتخذته الحكومة المصرية فى نوفمبر الماضى، يمثل أحد العوامل الداعمة للاستثمار المباشر وليس العامل الأساسى، مشيرا إلى أنه كان يجب أن يصاحيه عدة إجراءات تشمل تغييرا جذريا فى أسلوب الحكومة لإدارة ملف الاستثمار، وتفعيل منظومة الشباك الواحد لإنجاز المعاملات الاستثمارية والتنسيق بين السياسات الاقتصادية عبر الوزارات الممثلة لها، والسياسة المالية عبر البنك المركزى.

وحذر تقرير حديث صادر مؤخراً عن مركز أبحاث بنك استثمار فاروس من ثلاثة مخاطر رئيسية تواجه مستقبل الاقتصاد المصرى، خلال عام 2018 تتمثل فى تنفيذ السياسات، والمخاطر السياسية، والأحداث الخارجية السلبية.

ورغم  أهمية الاستقرار الاقتصادى، فإن تنفيذ السياسات فى مصر ما زال محل قلق، مع الأخذ فى الاعتبار الانتخابات الرئاسية التى ستعقد فى عام 2018، بحسب التقرير. 

وعلى الصعيد العالمى، أشار التقرير إلى أن سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الاقتصادية حيال الصين، والانتخابات فى فرنسا، وألمانيا، تمثلان تهديدا بحدوث ركود اقتصادى خلال العام الحالى، كما أن تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى، ومعدلات التجارة العالمية سيكون لهما تداعيات سلبية على إيرادات قناة السويس، والاستثمار الأجنبى المباشر.

جريدة المال

المال - خاص

9:56 ص, الأحد, 7 مايو 17