حل التضخم مؤخرًا كضيف ثقيل على الساحة العالمية، وسط تخوفات كل الاقتصادات من التضرر بشكل ما أو بأخر، وجاء كنتيجة طبيعية لحالة ركود الأسواق فى فترات الجائحة التى لا تزال مستمرة خلال الوقت الراهن بظهور سلالات وتحورات جديدة لفيروس كورونا.
لم تقف التخوفات عند محاولات الحكومات للتحوط، ولكنها حتمًا قد تطال المستثمرين الأفراد فى السوق المحلية وتحركاتهم نحو الاستثمار، خاصة فى ظل استمرار تداعيات الجائحة السلبية.
حاولت “المال” معرفة آراء شريحة من الخبراء، حول كيفية تأثير الوضع الراهن على حركة الأفراد الاستثمارية خلال 2022؟ وهل سيكون لها دور فى توجههم نحو وعاء ادخارى عن غيره؟، هذا إلى جانب ما أفضل وعاء من وجهة نظرهم بالعام الجديد؟
واتفق الخبراء على أن الأوضاع المقبلة مثيرة للتخوفات وتسودها الضبابية إلى حد ما، مؤكدين على أن التضخم وما يتبعه من عوامل أخرى سيؤثر على حركة الأفراد الاستثمارية إلى جانب استمرار ظهور سلالات جديدة من الفيروس ولجوء بعض الدول للإغلاق.
واتفقوا على أن الأوعية صاحبة العائد الثابت منخفضة المخاطر وعلى رأسها الودائع والشهادات البنكية هى الأفضل خلال الوقت الحالى ولحين اتضاح الرؤية،هذا بالنسبة للمستثمر منخفض ومتوسط الملاءة المالية، أما المستثمرين مرتفعى الملاءة المالية فقد يكون تنويع المحفظة هو الحل الأمثل لهم مع إمكانية اللجوء للعقار أو الذهب كاستثمارات طويلة الأجل.
فيما تباينت آراؤهم حول الاستثمار فى البورصة المصرية، مشيرين إلى أنه مرتبط بمدى رغبة الفرد وقدرته على تحمل المخاطر وذلك لأصحاب الملاءة المالية الصغيرة والمتوسطة والمرتفعة.
البورصة المصرية تحقق ارتفاعا بنحو %10 فقط خلال 2021.. والجنيه الذهب يهبط %3
ورصدت “المال” نسب عوائد بعض الأوعية الاستثمارية خلال العام الماضى، فقد حقق مؤشر البورصة المصرية الرئيسى “EGX30” صعودًا بنسبة %10 هذا بخلاف المكاسب التى حققتها بعض أسهم المضاربات خلال العام.
وعلى صعيد الذهب فقد حقق الجنية تراجعًا بنسبة %3.2 وأختتم تعاملات العام الماضى عند 6368 جنيهًا، فيما تختلف عوائد الشهادات البنكية بالوقت الراهن وفقًا للآجال بمعدل فائدة ببعض البنوك قد يصل إلى %13.
خليل البواب: ننصح بالاستثمار قصير الأجل حاليًا لحين اتضاح الرؤية.. والتنويع حل أمثل
بداية نصح خليل البواب الرئيس التنفيذى بشركة “مصر كابيتال” الذراع الاستثمارية لبنك مصر، أن يركز المستثمرين الأفراد خلال عام 2022، على الاستثمار قصير الأجل بشكل عام فى أيا من الاوعية المفضلة بالنسبة له لحين اتضاح الرؤية.
وقال إن الأسواق تشهد الوقت الراهن حالة من التذبذب الواضح، موضحًا أنه على الرغم من صعوبة تحديد أفضل الأوعية الاستثمارية، إلا أن الأوعية صاحبة العائد الثابت قد تكون هى الافضل.
وقسم البواب الأوعية الاستثمارية من وجهة نظره وفقا للآجال، إذ رجح أن يتجه المستثمرين الأفراد للصناديق النقدية على سبيل المثال وذلك للاستثمار فى وعاء بعائد ثابت قصير الأجل، أما حال الرغبة بالاستثمار فى وعاء متوسط الأجل فقال إن أدوات الدين هى الوجه الافضل فى هذه الحالة.
وعلى صعيد المدى طويل الأجل مع القدرة على تحمل مخاطر فقال إن البورصة المصرية هى الأفضل فى هذه الحالة، ويمكن اللجوء لصناديق الأسهم وخاصة إنها تكون مدارة من خلال محترفين للمساعدة فى الاقتناء وتحقيق أكبر استفادة.
ولفت إلى أنه قد يكون الحل الامثل لاصحاب الملاءة المالية المرتفعة هو تنويع المحفظة الاستثمارية ما بين صناديق أدوات الدين وصناديق الأسهم والودائع أيضًا.
وعلى صعيد نظرته للعقار كوعاء استثمارى يمكن اللجوء له خلال العام الجارى 2022، فرشحه خليل البواب لشريحة معينة من المستثمرين لديهم فائض مالى يبدأ من 5 مليون جنيه فأكثر، فيما نوه إن العقار كوعاء ادخار يجب معرفه إنه أصل صعب التسييل كما إنه استثمار طويل الأجل وقد لا يناسب البعض وفقًا لهذه العوامل.
فيما قال إنه لا يفضل للجوء للذهب كوعاء للاستثمار خلال العام الجارى، نظرا لهدوء تحركاته وصعوبة التكهن بها وخاصة فى أوقات الازمات كون الحركة خاضعة للوضع العالمى.
واستبعد الرئيس التنفيذى بـ”مصر كابيتال”، لجوء البنك المركزى المصرى لرفع أسعار الفائدة خلال الفترة الحالية، ولكن قد يلجأ لهذا عقب مرور شهور من العام الحالى، بمعدلات محدودة جدا قد تصل إلى %0.5 أو %1 فقط، وذلك بدافع من الضغوط العالمية، أو البقاء على النسب الراهنة.
وبشكل عام قال إن أسعار الشهادات التى تطرحها البنوك فى الوقت الحالى مناسبة بشكل جيد للاستثمار، فيما أستبعد تحرك البنوك خلال الفترة المقبلة لطرح أيا من الشهادات مرتفعة العائد مقارنة بمعدلات الفائدة المطروحة حاليًا.
كريم هلال: أصحاب المحافظ الكبيرة لديهم القدرة للبحث عن الفرص الانتقائية وشراء الأصول المتعثرة وتحقيق عوائد مرتفعة
من جانبه توقع كريم هلال المدير الإقليمى لمجموعة “كوليرز إنترناشيونال” لخدمات الاستشارات العقارية، أن تؤثر معدلات التضخم المحتملة بشكل كبير على تحركات الأفراد الاستثمارية خلال العام الجارى، وخاصة إنها قد تضغط على سعر العملة المحلية.
وقال إن الجزم بمكاسب أحد الأوعية أو خسارة أخرى هو أمر غير محسوم فى ظل حالة الضبابية الحالية التى يشهدها السوق خلال الوقت الحالى والمتوقع استمرارها لفترة.
وأضاف هلال أن تحركات البنك المركزى وحسمه لأمر الفائدة خلال الفترة المقبلة يلعب دور كبير فى مصير تحركات المستثمرين وتوجهاتهم نحو الودائع والشهادات البنكية، موضحًا أن المركزى المصرى أمام خيارين أما الابقاء على الفائدة عند المعدلات الحالية، وذلك بغرض دعم عمليات الاقتراض من جانب الشركات للتوسع ومواصلة خططهم، أو الرفع بنسب محددة كمحاولة منه لاحتواء معدلات التضخم المحتملة وتخفيف أثارها.
ولفت إلى أن الأوعية محددة العائدة هى الأفضل بالنسبة لصغار المستثمرين، وقد يكون تنويع المحفظة هو أحد الأمور الجيدة المطروحة لأصحاب الملاءة المالية المرتفعة إذ يمكن تقسيم المحفظة بواقع 25% لأدوات الدخل الثابت مضمونة العائد كالودائع والباقى يقسم وفقًا لرغبة الفرد.
ونوه على أن الذهب والعقارات هم المفضلين لشريحة كبيرة من المستثمرين وكالمعتاد إنهم ملاذ أمن فى فترات الازمات والتضخم، ولكنه استثمار طويل الأجل.
وقال إنه خلال فترات الأزمات يتجه تفكير المستثمرين للوعاء الذى يمكن من خلاله تحقيق عائد مرتفع يفوق نسب معدلات التضخم بالأسواق.
وبشكل عام قال كريم هلال إن التضخم طارد للاستثمار فى ظل التخوف من جانب المستثمرين من حالات فقد رأس المال، نظرًا لصعوبة الأوضاع التى تشهدها الأسواق.
وعلى صعيد سوق الأسهم أشار إلى أن التضخم يؤثر سلبا على أوضاعها كونه يعمل على خفض القدرة الشرائية للمتعاملين، وزيادة التخوفات من الخسارة إلى جانب تأثيره على الأنشطة الاقتصادية المختلفة وبالتالى تأزم أسواق المال.
أخيرًا قال إن اللجوء للاستثمار بالدولار أحد الأوجه الاستثمارية المطروحة خلال 2022 لبعض المستثمرين، موضحًا بشكل عام أن أصحاب الملاءة المالية المرتفعة لديهم قدرة للبحث عن الفرص الانتقائية وشراء الاصول المتعثرة وتحقيق عوائد مرتفعة.
محمد فتح الله: المستثمرون فى حالة تأمل للمشهد الاقتصادى والظروف الراهنة مؤقتة
وقال محمد فتح الله العضو المنتدب بشركة “بلوم مصر لتداول الأوراق المالية”، أن الوضع الذى تشهده الاقتصاديات ككل ومن بينها السوق المحلية من تذبذب وتخوفات جراء الضغوط التضخمية الحالية هى أمر مؤقت وتأثيراتها السلبية قد لا تستمر طويلا.
وأضاف، ضغوط التضخم العالمية ظهرت كنتيجة طبيعية لحالات الركود التى شهدتها الأسواق فى فترات التأجج لفيروس “كورونا”، وتراجع معدلات الطلب فى تلك الفترات.
وتابع إنه مع بدء تحسن معدلات الطلب وهدوء وتيرة تأثيرات الفيروس ظهرت المشكلة الأساسية الخاصة بنقص بعض السلع ومكونات الانتاج الأساسية ثم وقوع الحالة الراهنة للأسواق.
وقال فتح الله أن التوقعات تشير لقدوم البنك المركزى على رفع أسعار الفائدة خلال العام الجارى، لافتا إلى إنه إن تم ذلك فستكون الودائع والشهادات البنكية هى الملاذ الأول للمستثمرين فى السوق المحلية وخاصة إنها تخلو من المخاطرة.
وبشكل عام أوضح أن المستثمرين حاليًا فى حالة تأمل للمشهد الاقتصادى، ولكن الأوعية خالية المخاطر هى الوجهة الأفضل.
وعلى جانب آخر قال إن المعادن تعد أيضا أحد الوجهات الاستثمارية الأمنة فى فترات الأزمات بشكل عام، لافتًا إلى أن وضع الأسواق الحالى فى ظل كافة التخوفات العالمية قد يخلق من الذهب وجه جيدة ومفضلة لدى البعض.
ولفت إلى أن سوق الأسهم هى وجهة جيدة ومطروحة أيضًا ولكن مشروطة بخبرة الفرد ومدى قدرته على تحمل المخاطرة، فيما أكد إنها لا تأتى فى الأولويات فى فترات التضخم تحديدًا، ناصحًا بأن تكون حركة الفرد فى السوق انتقائية للشركات صاحبة الصناعات التحويلية والأخرى المتوقع استفادتها من معدلات التضخم.
وقال محمد فتح الله إن العام الجارى هو عام فاصل فى اقتصاديات الدول بشكل عام على الصعيد العالمى.
وأضاف أن تقلبات الأسواق خلال الوقت الحالى تمر بوتيرة سريعة حاليا وبالتالى فان النظرة للاستثمار متغيرة مشيرا إلى أن قد ينصح باقتناء العقارات خلال الوقت الراهن استغلالاً لحالة هدوء الاسعار حاليًا والتى من المتوقع أن ترتفع بشكل كبير خلال الفترات المقبلة.
إيهاب السعيد: نرجح خروج جزء كبير من السيولة المتاحة فى أسواق المال وتوجهها للبنوك حال رفع الفائدة
وقال إيهاب السعيد العضو المنتدب بشركة “أصول للوساطة فى الأوراق المالية”، إن الاقتصاديات بشكل عام دائمًا ما تتعرض لدورات متتالية من الانكماش والانتعاش.
وأشار إلى أن”فيروس كورونا” كان هو المتسبب الأول فى ظهور موجة التضخم الشرسة على الساحة العالمية، وما نتج عنه من اضطراب سلاسل الإمداد والطلب الكبير على السلع وذلك عقب حالة الركود التى سادت فى فترات الإغلاق الكلى التى أجرتها الدول فى وقت سابق.
ولفت السعيد إلى أن معدلات التضخم ارتفعت على الصعيد العالمى، لتسجل حوالى %7 للمرة الأولى منذ 40 عام فى السوق الأمريكى والذى يعد واحدًا من أكبر الاقتصاديات على مستوى العالم، وبالتالى فالتأثيرات السلبية له ستطول باقى الدول فى أوروبا والخليج وغيرها وتحديدًا الصغيرة منها.
وقال إن الودائع البنكية ستظل هى الأفضل بالنسبة لشريحة كبيرة من المستثمرين وخاصة الصغار منهم، متوقعًا خروج جزء كبير من السيولة المتاحة فى أسواق المال وتوجهها للبنوك حال إن قرر البنك المركزى المصرى رفع أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أنه فى فترات ارتفاع معدلات التضخم يلجأ المستثمرين للتحوط للاستثمار فى الأصول التضخمية، مثل الذهب والمعادن مثل البترول وغيرها، منوهًا أنه على الرغم من كون الذهب هو أداة التحوط الأولى ضد معدلات التضخم المحتملة على الصعيد المحلى خلال العام الجارى 2022 إلا أنه قد لا يناسب طبيعة الاستثمار بالنسبة للمتعاملين المحليين.
وأضاف، الحالة التى تشهدها السوق المحلية حاليًا وعلى رأسها معدلات التضخم المحتملة إلى جانب استمرار تأثيرات الفيروس السلبية وحالة الضبابية السائدة مع توالى ظهور السلالات الجديدة، سيكون لها دور كبير فى تحركات الأفراد الاستثمارية فى السوق.
وقال إن الحالة التى تشهدها السوق حاليًا يمكن وصفها بالركود التضخمى وسينتج عنها انخفاض فى مستويات الدخل، بضغط من إمكانية لجوء بعض الشركات لخفض المرتبات وتسريح عمالة، وأيضًا ارتفاع اسعار السلع.
وعلى صعيد العقارات كوعاء استثمار قال إيهاب أنه وجهه غير مفضلة من وجة نظره، بسبب الأزمات التى يشهدها السوق الثانوى وصعوبة التسييل بعمليات إعادة البيع، وعلى صعيد سوق الأسهم قال إنها تظل مفضلة لشريحة محددة من المستثمرين.
عمرو الألفى: 5 أوعية مطروحة وفقًا لعامل المخاطرة من بينها السندات والودائع متغيرة العائد
من جانبه قال عمرو الألفى رئيس قسم البحوث بشركة “برايم القابضة للاستثمارات المالية”، إن عامل المخاطر قد يكون الجانب الأساسى عند تحديد أفضل الأوعية الاستثمارية للأفراد خلال العام الجارى 2022.
وقال إن أسواق الأسهم دائمًا ما تصنف أنها الأعلى مخاطرة وتحدد كوعاء استثمار وفقًا لقدرة الفرد على تحمل التقلبات التى تشهدها، موضحًا أن العقار يحتل المرتبة الثانية من حيث عامل المخاطرة، يلية الذهب ثم السندات.
وأشار الألفى إلى أن السندات تأتى فى المركز الرابع مع حيث معدل المخاطر، وأخيرًا الودائع ذات العائد المتغير والتى تصنف أنها منعدمة المخاطر.
وقال إن تنويع المحفظة أحد السيناريوهات المطروحة ويمكن تقسيمها بواقع 5: %10 للذهب، وسندات بنحو %40 والباقى للأسهم أو الودائع البنكية.