الترويج الاحترافى للمشروعات القومية خطوة لتشجيع الاستثمار

واجهت الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يناير، حتى اللحظة، عددا من التحديات الاقتصادية، التى لم تنجح حتى الآن فى تخطيها وتصحيح المسار الاقتصادى الذى عانى من تدهور شديد على مدار السنوات الثلاث الماضية، خاصة مع هروب رؤوس الأموال الأجنبية خوفا من الوضع الأمنى والسياسى غير المستقر.

الترويج الاحترافى للمشروعات القومية خطوة لتشجيع الاستثمار
جريدة المال

المال - خاص

1:09 م, الأربعاء, 3 سبتمبر 14

محمد فتحى:

واجهت الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يناير، حتى اللحظة، عددا من التحديات الاقتصادية، التى لم تنجح حتى الآن فى تخطيها وتصحيح المسار الاقتصادى الذى عانى من تدهور شديد على مدار السنوات الثلاث الماضية، خاصة مع هروب رؤوس الأموال الأجنبية خوفا من الوضع الأمنى والسياسى غير المستقر.

وتسعى الحكومة الحالية برئاسة المهندس ابراهيم محلب، إلى إقامة عدد من المشروعات القومية الكبرى، التى من المنتظر أن تدفع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال فى الداخل والخارج، إلى فتح استثمارات جديدة فى مصر، خاصة فى مشروع قناة السويس الجديدة، الذى كشف عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى الخامس من أغسطس الحالى.

الترويج الإعلامى فى الخارج للمشروعات القومية لا يقل أهمية عن هذه المشروعات، بل يجب أن يسير بالتوازى معها، وذلك لطمأنة أصحاب رؤوس الأموال الأجنبية، تجاه المناخ الاستثمارى فى مصر، وتشجيعهم على فتح استثمارات جديدة، مما يستوجب عمل خطة تسويقية متكاملة محددة الأهداف، وبها العوامل الاحترافية اللازمة للترويج للفرص الاستثمارية فى مصر.

فى هذا السياق، قالت دينا هلال، مدير وكالة «A &B » للإعلان، إن التسويق فى أى مكان فى العالم، يتم وفقا لرؤية محددة وواضحة، مؤكدة غياب هذه الرؤية فى مصر.

ولفتت دينا هلال إلى أن قواعد التسويق فى أى مكان فى العالم، تنقسم إلى أربعة عوامل هى المنتج، وسعره، ومكانه، و«الباكدج» الخاص به، وقالت إذا افترضنا أن مصر منتج يتميز بموقع جغرافى متميز لا نستطيع استغلاله ولا نمتلك سياسة طويلة المدى لتسويقه بعد الثورة، فهناك بعض الرسائل التى يجب بثها فى الأسواق المستهدف الوصول إليها، من خلال خطة يشارك فيها رجال أعمال وبنوك ومؤسسات خاصة لمساعدة الحكومة فى جذب الاستثمارات.

وأشارت إلى أنه من غير المنطقى أن نتحدث بشكل مستمر ومتواصل عن وجود إرهاب فى مصر، ومشكلات فى سيناء، ونتوقع أن يأتى مستثمر أجنبى للمخاطرة بأمواله فى ظل هذه الظروف، مما يستوجب العمل من خلال خطة تسويقية طويلة المدى لجذب الاستثمارات، مؤكدة أنه من غير المنطقى أيضاً الحديث عن كيفية الترويج لجذب الاستثمارات فى الوقت الحالى، ولكن الأفضل أن تركز الخطة على المكان الذى نريد أن تكون فيه مصر خلال عامين من الآن.

وتابعت: ليس عيبا أن نؤجل أهدافنا، بينما العيب أن نمتلك أهدافاً متضادة، فى الوقت نفسه تعطى رسائل مشوشة للمستثمر الأجنبى تجاه فرص الاستثمار فى مصر.

وأضافت أن مصر إذا أرادت جذب رؤوس الأموال، فيجب أن يتم ذلك من خلال عمل مؤتمر عالمى فى بداية 2015 أو نهايتها – حسب المدى الزمنى المحدد للخطة – يتم من خلاله الإعلان فى نقاط محددة عن الخطوات التى قررت الحكومة اتخاذها لمساعدة المستثمرين، وذلك بعد إزالة العقبات التى تحدثنا عنها من قبل لخلق مناخ استثمارى جيد، ومحفز على الاستثمار فى مصر.

وأوضحت أنه لا توجد دولة فى العالم، تقوم بعمل إعلان مباشر موجه للاستثمار، فهذا يتم من خلال مؤتمرات وورش عمل ورحلات لدول معينة مهتمة بالاستثمار فى تلك الدولة، ووضع تشريعات وقوانين تحمى أموال المستثمر وتبعث داخله نوعاً من الطمأنينة تجاه الاستثمار فى مصر، وهو ما لا يتم العمل عليه الآن فى مصر نظرا لعدم وضوح الرؤى.

وأكدت وجود أربعة عوامل للتسويق الاحترافى للفرص الاستثمارية، أولها العمل وفق منظومة متكاملة، واضحة، محددة وغير مطاطية.

وهو ما تقوم به وزارة الاستثمار فى الوقت الحالى، ثانيا توفير الأمن والأمان، وثالثا دور الإعلام فى توصيل هذه الأهداف والرؤى للخارج، ورابعا وضع خطة تسويقية استثمارية للبلد تتسم بالوضوح والصراحة لكى تؤدى فى النهاية إلى حركة استثمارية قوية بنهاية عام 2015، واصفة عدم تحقيق هذه العوامل الأربعة بالتهريج.
 
من جهته، أشار عصام سمير، الخبير التسويقى، إلى وجود عدة عوامل يجب أن تستبق التسويق للمشروعات الحكومية الجديدة، أولها تحديد احتياجات كل هيئة حكومية من المشروع ومدى استفادة الدولة ممثلة فى قطاعاتها الحكومية منه، ثانياً كيفية مشاركة كل قطاع – بحسب تخصصه – فى إنجاز المشروع بناء على درجة استفادته، ومن هنا يأتى الدور التسويقى، حيث تبدأ كل جهة حكومية السعى لتسويق دورها لدى الكيانات الداخلية والخارجية، مستغلة إمكاناتها وخبراتها فى إنجازه وبث روح المنافسة للوصول إلى أقل تكلفة مع تحقيق أعلى جودة وسرعة فى التنفيذ، مما سيرفع أسهمها فى الداخل والخارج.

وحول مشروع قناة السويس الجديدة، أشار إلى أن بعض الكيانات الحكومية اكتفت بتنظيم الرحلات للاحتفاء ببدء التنفيذ، بينما كان بالإمكان استغلال هذا الحدث فى إنشاء كيانات جديدة تقوم عليها وزارة الاستثمار بالاشتراك مع وزارتى القوى العاملة والتعليم العالى، وكان من الممكن استغلال أفكار حديثى التخرج والطلاب المتفوقين والمبدعين فى الجامعات فى تحقيق فرص استثمارية تفيد المشروع، وتتيح فرصة أكبر للمستثمرين للمشاركة أو إقامة مشروعات متعلقة به، وكنا مع تلك الخطوات سنجد تفاعلاً إعلامياً يعكس سعى الحكومة لإتاحة فرص استثمارية حقيقية، مستغلة أفكار شبابها الواعد، وهى أحد عوامل التسويق الاحترافى للمشروعات والفرص الاستثمارية.

وأضاف أنه حتى الآن لا يوجد الكيان الإعلامى المتخصص الذى يخاطب الشعب حول أهمية المشروعات الكبرى، مثل مشروع قناة السويس الجديدة، لافتا إلى وجود شريحة كبيرة من الشعب تجهل تفاصيل المشروع ومدى تأثيره الإيجابى على الاقتصاد المصرى وسوق العمل.

وشدد على أن وزارة الاستثمار يجب أن تتعامل مع مثل هذه المشاريع باحترافية القطاع الخاص، من خلال وضع خطة تغطى مراحل تنفيذ المشروع خلال مدة التنفيذ المحددة، مما سيضع المستثمر الأجنبى فى موضع المراقب لجميع مراحل التنفيذ وكل جهة استثمارية ستجد لها فرصة للدخول فى المرحلة المناسبة لها.

وأكد الدكتور محمد عطية، الخبير التسويقى، أن الإعلام يتحمل المسئولية الكبرى تجاه الترويج للمشروعات الحكومية الجديدة للخارج سواء مشروعات استثمارية أو عقارية أو إعلامية، وكذلك مشروعات البنية التحتية، مؤكدا أنها تعتبر بمثابة رسائل طمأنة لرؤوس الأموال الأجنبية للقدوم إلى مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة مع العمل المستمر والجاد للحكومة المصرية لإعادة إنعاش الاقتصاد المصرى مرة أخرى.

وأضاف أن توفير الأمن والأمان أيضا أحد أهم عوامل الترويج للاستثمار الأجنبى فى مصر، مشيرا إلى أن المستثمر له كل الحق فى الاطمئنان على أمواله فى البلد الذى يستثمر به، مؤكدا أن أهمية موقع مصر الجغرافى يجعلها من الدول التى تتمتع بفرص استثمارية كبيرة، إلا أن عامل الأمن والأمان يبقى الأهم الآن فى ظل التوترات التى تشهدها مصر من إرهاب الإخوان والرسائل السلبية التى تحاول الجماعة توصيلها للخارج، على أن الشارع المصرى ما زال يشهد توترات أمنية ومظاهرات واعتصامات واحتجاجات، مما يهدد الفرص الاستثمارية الجديدة، وهو ما تنجح فيه الجماعة حتى الآن مستغلة منابرها الإعلامية التى توجهها ضد مصر منذ ثورة 30 يونيو، والتى نجح الإعلام المصرى فى مواجهتها داخليا بينما ما زال يحاربها على استحياء خارجيا.

وعن إمكانية استعانة الحكومة بالكيانات الإعلانية المتخصصة فى الترويج لمصر استثماريا فى الخارج، أكد أن مثل هذه الحملات الإعلانية لا تؤثر بشكل ملحوظ على قرار المستثمر، بينما ينظر فقط إلى العاملين الأمنى والاقتصادى، اللذين سيشجعانه على الاستثمار فى مصر، إذا توفرا بالشكل المطلوب، مؤكدا أن نجاح الحكومة فى القضاء على الإرهاب واستمرار العمل على تنفيذ المشروعات القومية الجديدة مثل مشروع قناة السويس هو رسالة طمأنه للخارج، بأن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح، مما سيعزز فرصها فى جذب الاستثمارات الخارجية الجديدة. 

جريدة المال

المال - خاص

1:09 م, الأربعاء, 3 سبتمبر 14