الترند الحي.. «العجول الهاربة» من حتفها لفضاء منصات التواصل الاجتماعي وإضحاك الناس

أصبح وسم "العجول الهاربة" الأكثر انتشارًا

الترند الحي.. «العجول الهاربة» من حتفها لفضاء منصات التواصل الاجتماعي وإضحاك الناس
إبراهيم الهادي عيسى

إبراهيم الهادي عيسى

9:36 ص, الجمعة, 14 يونيو 24

قبل ساعات، أصبحت واقعة عجل التجمع الخامس الذي كاد يقضي على سيدة، “ترندًا” بعدما حطم لها الحيوان أجزاء عديدة من سيارتها وسبّب تعطلًا بحركة المرور وذعرًا – ربما – بين الناس، بينما أصبح وسم “العجول الهاربة” الأكثر انتشارًا.

ويمكن الاطلاع على فيديو عجل التجمع من هنا:

القصة قديمة

اعتاد متابعو مختلف منصات التواصل الاجتماعي في مثل تلك الأيام (عيد الأضحى) من كل عام، أن تتهاوى عليهم فيديوهات العجول الهاربة بينما يمارسون تمرير حوائط حساباتهم على المواقع الإلكترونية.

وتعتاد العجول الهاربة في كل عام أيضًا أن تمارس نفس الطقوس بإبداع يجعل كل سنة مختلفة عن سابقتها، حتى إن بعض روّاد مواقع التواصل الاجتماعي يبحثون عن تلك الفيديوهات بشغف حار.

عجول تفرّ من القتل.. هذا ما يمكن توصيف المشاهد به حرفيًّا، وليس على المجني عليه أن يُلام فيما يُقدم عليه للنجاة بروحه في ظل تلك الحالة الهيسترية التي يرونها في عيون الناس بالشوارع.

عجول تهرب من مصيرها

عبر مسحٍ أجراه كاتب الموضوع، من خلال مشاهدة كل ما نشره روّاد منصات التواصل الاجتماعي، فإن أكثر من 95% من حالات العجول الهاربة إنما تحدث في الشوارع أو بالبيوت ذات الأفنية، وليس في المجازر المُعدة للذبح.

إضافة إلى أن الجزارين الذين يذبحون الحيوانات بالشوارع لا يراعون مشاعرها، بل يعمدون إلى سفك دمائها أمام بعضها البعض دون عصب أعينها، وعدم إدراكهم أن ذلك يخلق اهتياجًا لدى العجول وعذابًّا نفسيًّا يدفعها للبكاء، لأنها ستلقى المصير نفسه، فتبقى مصرّة على الهرب، ومنها ما ينجح.

أياد ملطخة بدماء من قضوا نحبهم

تواصل كاتب الموضوع مع أحد الجزارين الذين يمارسون الذبح في مكان خاص به (ليس مجهزًا كالمجازر طبعًا)، بينما يبين م.ج أن مجرد رؤية العجول المربّاة لعدد كثير من الناس يدفعها إلى سلوك عدواني تجاههم، حيث إنها لم ترَ أحدًا غير القائمين على تربيتها منذ سنها الصغيرة وحتى ساعة الذبح.

وأضاف أن حالة الفرح العارم التي يُحدثها الأطفال، وربما الكبار، بينما يزفّون العجول إلى مثواها الأخير، تبعث في نفوسها لوثة عداء لا يمكن إخفاؤها، فيبقى الحيوان حريصًا على الهرب من مصيره، حتى وإن أُحكمت قيوده.

وأوضح أنه في بعض الأحيان يضطر إلى ذبح العجول وهي قائمة على أرجلها دون إضجاعها على جُنوبها، نظرًا لما تقوم به من أفعال جنونية – تصل في بعض الأحيان لجرح المحيطين به – فور رؤيتها السكين بيده، مشيرًا إلى ندبات متعددة حديثة وقديمة بأماكن مختلفة من جسده ارتكبتها الحيوانات بحقه.

حرب وحشية على العجول

ويؤكد س.م، الطبيب البيطري، أن ممارسات المصريين في الذبح بأعياد الأضاحي تعد الأكثر وحشية وعذابًا نفسيًّا للحيوان المُساق إلى مصيره المحتوم، بينما ينظر إلى المحيطين به وهم يتبادلون الكفوف الملطخة، بعدما أهرق دم عنصر آخر من جنسه.

وشدد على أن مراعاة الحالة النفسية للعجول أثناء الذبح يقلل كثيرًا حالات التوتر التي تصيبها وتدفعها لارتكاب أفعال عدوانية، وأهمها إبعاد الحيوان عن أماكن الذبح إلا بعد إزالة آثار الدماء تمامًا، فضلًا عن إخفاء السكاكين وما يمت لآلات الجزارة، إضافة إلى تخفيض عدد المحيطين بالذبيحة لأقل عدد؛ لأن فعل خلاف ذلك يدفعها للهرب، بينما تُرى آثار الدموع في أعينها، وهناك حوادث مسجلة من ذلك النوع.

عجول لم ترَ النور

وفي تقرير أجراه كاتب الموضوع لقسم صحافة الموبايل بـ”المال”، رأى أثناء التصوير، أن المربين يكدسون العجول بحظائرهم لعلفها فقط، دون أن ترى النور ولو لمرة واحدة في اليوم، ما يجعلها تتقافز وتُجن فور إخراجها من تلك البيئة القاسية إلى الضياء.

ومن خلال حوار جانبي، غير مصوّر، أجراه كاتب الموضوع مع مربٍ للماشية، قال إن الحيوان لا يمكن أن يكون عدوانيًا إلا إذا شعر بخطر الأشخاص من حوله، بينما لا يمكن أن يصير العجل ذا خصومة مع الذين يعاملونه برفق ولا يظهرون له دلائل ذبحه أو الفرح بذلك.

ويمكن الاطلاع على محتوى فيديو صحافة الموبايل الخاص بالأضاحي من هنا:

حل ناجز ومتاح

ومنذ أقل من عام، أشار الدكتور شهاب عبد الحميد، رئيس جمعية الرفق بالحيوان، عبر مداخلة تليفونية لبرنامج “صباح الورد” بقناة “TEN” إلى وجوب التعامل مع الذبائح بشكل صحيح، مع تقرير لوائح ملزمة تقضي بعدم قانونية نحر الحيوانات خارج المجازر المخصصة لذلك، مع ضرورة إدراج وزارة التربية والتعليم لثقافة الرفق بالحيوانات في مناهجها.

وأضاف أن الالتزام بذبح الأضاحي بالأماكن المخصصة لها، كالمجازر، يقي المجتمع والبيئة فاتورة الخسائر التي بمكن أن تشكلها العجول الخائفة فور هربها من الجزارين غير المحترفين.

ويمكن الاطلاع على المداخلة التليفونية كاملة من هنا:

لمحة دينية وقانونية

وباختصار مخلّ، أجمعت كل المذاهب والفرق الإسلامية على ضرورة اتباع نهج النبي محمد في حديثه عن ذبح الحيوانات: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليُرح ذبيحته”.

وقد استفاض الباحث كريم يعقوبي راد ببحثه “دراسة موضوعية حول المسائل المستحدثة في لذبح عند المذهب الإسلامية” المنشور بمجلة كلية الفقه بجامعة الأديان والمذاهب الإسلامية في قم بإيران، في تبيين آراء المذاهب والفرق الإسلامية في كيفية ذبح الحيوانات وآدابه.

وبيّن استحباب أن يحد الذابح شفرته قبل الذبح ويكره الذبح بآلة كالّة لما في ذلك من تعذيب للحيوان، كما يكره شحذ السكين أمام الذبيحة، ويكره ذبح الحيوان أمام آخر، كما يُندب تقديم الماء للحيوان قبل ذبحه، ويندب كذلك إمرار السكين على برفق على رقبته ذهابا وإيابًا.

ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:

وقد حدد القانون المصري، أماكن وآداب وظروف الذبح الصحيحة للحيوانات، ولا يُنتظر فقط إلا إعمال تلك القواعد وتنفيذها، كيلا تتعرض حياة الناس للخطر من جراء العجول الهاربة، وحفاظًا على مشاعر الحيوان قبل ذبحه.

ويمكن الاطلاع على نصوص قرار وزير الزراعة رقم 517 لسنة 1986 في ذلك الشأن من هنا:

ختامًا، على جميع المضحّين أن يراعوا مشاعر الحيوانات وألا ينساقوا وراء فوضى تعذيبها نفسيًا قبل ذبحها، فذلك ما يرجع عليهم وعلى المجتمع بخسائر كثيرة، جسّدها فيلم “بوحة” بمشهد ثمثيلي رائع وفي جملة أثيرة غدت من أساطير البيان الشعبي: “طور هايج في عنبر 7”.