لجأت الكثير من دول العالم إلى التدابير الاحترازية كوسيلة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، ويرى الخبراء أن التحدي الأساسي الذي يواجه الولايات المتحدة والعالم هو إبطاء وتيرة انتشار المرض.
وسيكون من شأن هذا تمكين أنظمة الرعاية الصحية من التعامل مع الحالات بشكل جيد وتجنب الضغط عليها بشكل يمنعها من تأدية مهمتها.
وهذا هو بالضبط ما تسعى إلى تحقيقه هذه التدابير.
وحسب نانسي موسينر رئيسة مراكز السيطرة على المرض والوقاية منه في الولايات المتحدة، سيصبح الناس في الولايات المتحدة عرضة لفيروس كورونا سواء خلال العام الجاري أو التالي.
إصابة 60% من البالغين
وتقول مارك ليبستش اختصاصية الأمراض المعدية من جامعة هارفارد الأمريكية إنه أصبح من الواضح أن نسبة تترواح بين 20 إلى 60 % من البالغين ستصيبهم عدوى فيروس كورونا.
وأضافت أنه لا زالت نسبة 80% من الحالات عالميا خفيفة.
لكن صعود حالات الوفاة إلى نسبة 1% سيرفع حالات الوفاة إلى عشرات أو مئات الآلاف في الولايات المتحدة وحدها.
وأشار الخبراء إلى أن صعود حالات الوفاة إلى نسبة 1% هو أمر قابل للتحقق.
سرعة انتشار كورونا الهاجس الأساسي
لكن سرعة انتشار العدوى هو أمر مهم للغاية.
الهاجس الأساسي الذي يشغل بال علماء الأوبئة في الوقت الحالي هو أن نظام الرعاية الصحية سيصبح مكتظا بدرجة تتخطى قدرة المستشفيات على استيعاب حالات الإصابة.
ووفقا لهذا السيناريو، سيلقى المزيد من الناس حتفهم لعدم توفر أسرة كافية أو أجهزة تهوية، حسب تقرير لموقع فوكس الأمريكي.
ويمكن تجنب اكتظاظ المستشفيات بالمرضى عبر تطبيق التدابير الاحترازية اللازمة مثل إغلاق المدارس وإلغاء الاجتماعات والعمل من المنزل والعزل الصحي الذاتي لتجنب الزحام.
وذلك بغرض منع الفيروس من الانتشار سريعا.
وحرص علماء الأوبئة على تبني إستراتيجية منع تكدس الحالات المصابة في المستشفيات.
منحنى منع الإصابة من الصعود
وكشف هؤلاء العلماء عن تأييدهم لرسم بياني أنشأته هيئة مراكز السيطرة على المرض والوقاية منه في الولايات المتحدة تحت اسم ” منحنى منع الإصابة من الصعود”.
وحاز هذا الرسم البياني على امتداح كارل بيرجستروم عالم الأحياء لدى جامعة واشنطن وحرصت مجلة الإيكونومست على نشره وترويجه وساعد على انتشاره تحوله إلى هاشتاج.
وكتب بيرجستروم تدوينة على موقع تويتر:” إذا عجزت عن خفض إجمالي الحالات المصابة يصبح إبطاء وتيرة انتشار العدوى أمر حيوي”.
التدابير الاحترازية لا غنى عنها
وكشف العلماء عن أن الإجراءات الاحترازية الجاري تنفيذها في أماكن عديدة من العالم تستهدف منع الإصابة من الصعود بوتيرة متسارعة.
وأقبلت العديد من الدول على تطبيق هذه التدابير الاحترازية مثل إيطاليا وكوريا الجنوبية ومصر.
وتم تطبيق هذه التدابير الاحترازية كذلك على نطاق أصغر في أماكن مثل سياتل وسانتا كلارا بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
لا تستهدف هذه التدابير منع المرض من الانتشار بل إبطاء وتيرة انتقاله حتى يصل إلى مستوى يمكن التعامل معه من قبل أنظمة الرعاية الصحية.
وقدمت هيئة مراكز السيطرة على المرض والوقاية منه توصية بضرورة تجنيب كبار السن الأعلى من 60 عاما وأصحاب الأمراض المزمنة التعرض للتجمعات بقدر الإمكان.
منع المرض من الانتشار ليس هدفا
وتقول إيميلي لاندون الإخصائية في الأمراض المعدية :” إذا التزم الكثير منا بالتدابير الاحترازية سنتمكن من إبطاء وتيرة انتشار الفيروس. وسيكون من الممكن بفضل هذا توفير سرير بالمستشفى لأمي وأمك عند الاحتياج إليه.”
وحسب تقرير لمركز جونز هوبكنز للتأمين الصحي في 2018، يحتاج نحو 65 ألف شخص في الولايات المتحدة لأنظمة تهوية.
وذلك حال تعرض البلاد لعدوى مماثلة لعدوى الإنفلونزا التي اندلعت عامي 1957-1958 وقتلت 116 ألف شخص في الولايات المتحدة.
وكذلك حال التعرض للعدوى التي اندلعت عام 1968 مما أدى لمقتل 100 ألف أمريكي.
الولايات المتحدة لا تملك سوى 160 ألف جهاز تهوية
ويصل أقصى عدد من أجهزة التهوية المتاحة حاليا في الولايات المتحدة إلى 160 ألف جهاز.
زيادة عدد الإصابات إلى أعلى من هذا الحد الأقصى من الأجهزة يعني الفشل في تلبية احتياجات المرضى.
وربما تتعرض الولايات المتحدة لإصابات مناظرة لتلك التي خلفتها عدوى الإنفلونزا الإسبانية بحيث يصل عدد الوفيات إلى 675 ألف حالة في الولايات المتحدة.
وفي هذه الحالة سيحتاج 742,500 شخص إلى أجهزة تهوية، حسب التقديرات الحكومية.
ولا تمتلك الولايات المتحدة هذا العدد من هذه الأجهزة.
ويوضح الرسم البياني التالي عدد أجهزة التهوية المتاحة في الولايات المتحدة في الوقت الراهن مقارنة بعدد الوفيات خلال فترات سابقة لانتشار وباء الإنفلونزا:
يحتاج المرضى بالتأكيد إلى مستلزمات أخرى بجانب أجهزة التهوية، وهناك مخاوف بشأن القدرة على تلبية الطلب على هذه المستلزمات الأخرى كذلك.
عدد الأسرة في وحدات الرعاية المركزة
وحسب تقرير لجونسون كوهين نشره موقع هافبوست، تحتفظ المستشفيات الأمريكية بنحو 45 ألف سرير في وحدات الرعاية المركزة.
وإذا ضربت الولايات المتحدة عدوى معتدلة فإن أكثر من 200 ألف مريض سيحتاجون لوحدات الرعاية المركزة.
لكن أعداد المرضى الذين سيكونون في حاجة لهذه الوحدات سيرتفع إلى 3 ملايين شخص حال اشتداد العدوى.
وقال كوهين أن عدد الـ3 ملايين مريض بفيروس كورونا ربما لا يحتاجون إلى العلاج في الوقت ذاته.
ويجب من ناحية أخرى مراعاة أن أسرة وحدات الرعاية المركزة في المستشفيات الأمريكية ستكون مستعملة بالفعل من قبل النزلاء المصابين بأمراض أخرى.
الحاجة للانتظار على قوائم الانتظار
وتابع :” لا تتمتع المستشفيات في الأوقات العادية بفائض في الطاقة الاستيعابية حتى قبل تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا”.
وتضطر المستشفيات إلى إجبار المرضى على الانتظار لساعات أو أيام لحين فراغ سرير داخل وحدات الرعاية المركزة”.
ويمكن المساهمة في تحسين أوضاع النظام الصحي وقدرته على استيعاب المرضى وعلاجهم عن طريق البقاء في المنزل.
وذلك خصوصا بالنسبة لمن تبين إصابتهم بالفيروس.
وبفضل هذا، سيكون بمقدور نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة التركيز على المرضى الذين يحتاجون بالفعل إلى العلاج، حسب “كوهين”.