يعلق مستثمرو الأسهم الصينية آمالا على التخلي عن سياسة الإغلاق بعد أن شهد المستثمرون الذين ضاربوا على صعود الأسهم في الصين، عاماً كئيباً آخر في 2022، لكن حظوظهم قد تتحسن في 2023، إذا أدى تخلي الدولة عن سياسة الإغلاق والقيود للحد من تفشي فيروس كوفيد، إلى تعافٍ اقتصادي قوي في نهاية المطاف، بحسب وكالة بلومبرج.
أنهى مؤشر “هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزيز”، الذي يقيس أداء أسهم الشركات الصينية المدرجة في بورصة هونج كونج، عاماً ثالثاً من التراجع، مسجلاً أطول موجة خسائر سنوية منذ بدء العمل به في 1994. جاء التراجع في 2022 مصحوباً بزيادة في التقلبات تُعتبر الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية، والأكثر حدة بين مؤشرات البورصات الرئيسية الكبرى على مستوى العالم. وبلغت الخسائر المجمعة للأسهم المتداولة في البر الرئيسي وهونغ كونغ، 3.9 تريليون دولار.
تبعات التخلي عن سياسة الإغلاق
لكن خبراء الأسواق يقولون إنَّ 2023، يبدو أنه سيكون عاماً أفضل، حيث وضعت السلطات إنعاش الاقتصاد على رأس قائمة أولوياتها، وزادت من جهود إنقاذ قطاع العقارات المتعثر، مشيرة كذلك إلى زيادة الدعم للمؤسسات الخاصة. إلا أن العملية لن تكون سلسة، بالنظر إلى التحديات، بدءاً من الفوضى التي يتسم بها التخلي عن سياسة “صفر كوفيد”، وصولاً إلى التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والركود العالمي الذي يلوح في الأفق.
قالت فيفيان لين ثرستون، مديرة المحافظ في “ويليام بلير إنفستمنت مانجمنت”: “على الأسواق أن تكون صبورة”. وأضافت أنَّ هناك مساحة للمزيد من التحسن في المعنويات تجاه الأسهم الصينية، لكن العملية قد تكون تدريجية، “مع انتكاسات وتقلبات محتملة”.
“حان الوقت”
شهدت الأسهم تعافياً ملحمياً في نوفمبر، عندما بدأت بكين تخفيف القيود المفروضة بسبب وباء كوفيد، وزادت من جهود تهدئة مخاطر الديون بين مطوّري العقارات. كذلك، تحسّنت معنويات المستثمرين بفضل مؤشرات على تهدئة التوتر بين بكين وواشنطن.
دفع تجدد التفاؤل الاقتصادي وجاذبية التقييمات عدداً متزايداً من بنوك “وول ستريت” لتُضارب أكثر على صعود الأسهم الصينية. كان “كريدي سويس” من بين أحدث المنضمين إلى المجموعة، إذ قال البنك إنَّ “الوقت قد حان” لأخذ موقف بنّاء من الأسهم الصينية وتحديثها، من تقييم محايد إلى أداء يفوق أداء السوق.
رغم أن التعافي فقد بعض الزخم في ديسمبر بسبب مخاوف من أنَّ ارتفاع الإصابات سيؤثر على النشاط الاقتصادي، إلا أن مديري الأصول، مثل “أموندي إس إيه” ، يرون أنَّ أي انخفاضات هي فرصة للشراء.
توقعات نمو الاقتصاد
قال شيادونغ باو، مدير صندوق “إدموند دي روتشيلد أسيت مانجمنت” في باريس: “بالنسبة إلى كوفيد، فإنه على الرغم من أن التحوّل في سياسة البلاد لاحتوائه يبدو قاسياً، إلا أن مشكلة ستقتصر على الأجل القصير خلال شهر أو شهرين، وستكون هناك مكاسب في الأجل الطويل للاستهلاك والنشاط الاقتصادي”، فيغضون 6 إلى 9 أشهر.
من المتوقع أن ينمو اقتصاد الصين بمعدل 4.8% خلال 2023، في وقت تتصدى فيه الاقتصادات الكبرى الأخرى حول العالم للتهديد المزدوج المتمثل في التضخم المرتفع والنمو المتباطئ. كذلك، فإن سياسة التسهيل النقدي التي تعتمدها بكين، والتي تتعارض مع تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إضافة إلى تراجعها عن حملة القمع ضد القطاع الخاص، قد يتيحان للأسهم الصينية المزيد من الرياح المواتية.
هناك أيضاً التقييمات المنخفضة لأسهم الشركات الصينية. يعتبر مؤشر “إم إس سي آي” للصين أدنى من نظيره للأسواق الناشئة، وأدنى من متوسط قيمته على مدى 5 سنوات، مع مكرر ربحية لفترة الـ12 شهراً المقبلة، عند 10.6.
“لا تتوقع مسيرة سلسة”
رغم ذلك، ستظل التوترات مع الولايات المتحدة مصدراً رئيسياً لتقلبات الأسواق. في الوقت الذي ظهرت فيه مؤشرات على تحسن العلاقات الثنائية خلال الأشهر الأخيرة، بما يشمل انحسار مخاطر شطب الشركات الصينية من البورصات الأميركية، تظل القضايا الشائكة طويلة الأمد قائمة، ومن ضمنها أشباه الموصلات وحقوق الإنسان وتايوان.
تُعد سوق الإسكان الضعيفة مدعاة أخرى للقلق. رغم أنَّ عدداً كبيراً من إجراءات الإنقاذ أدى إلى استقرار معنويات المستثمرين، حذّر المحللون من أنَّ تعافياً كاملاً سيتطلب أشهراً، إن لم يكن سنوات. والسبب هو أنَّه بالإضافة إلى الطلب المحلي الضعيف، يظل الكثير من المطورين مكبلين بكومة ثقيلة من الديون.
قال إنغ شين-ياو، مدير الاستثمار للأصول الآسيوية في شركة “أبردن”: “مع دخول عام 2023، يبدو وضع الأصول الصينية جيداً، مع استمرار وجود احتمالات بمزيد من الصعود، إلا أنني لا أتوقع مسيرة سلسة”.