قالت منظمة التجارة العالمية إن حرب روسيا في أوكرانيا ستُبطئ وتيرة انتعاش الاقتصاد العالمي المُتعافي للتو من آثار الجائحة، وتُقلص تجارة السلع، وربما تؤدي إلى تفكّك أوسع للتجارة على المستوى العالمي.
خفضت المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، توقعاتها بشأن نمو تجارة البضائع هذا العام إلى 3%، بتراجع عن توقعاتها السابقة البالغة 4.7%. كما قالت المنظمة، الثلاثاء، إنها تتوقع نمو التجارة بـ3.4% خلال عام 2023، واستشهدت بعددٍ من المخاطر السلبية في تقييمها، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي واحتمال عودة ظهور الفيروس.
إبطاء انتعاش الاقتصاد العالمي
صرحت نجوزي أوكونجو-إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، قائلة: “يعلّمنا التاريخ أن تقسيم الاقتصاد العالمي إلى كتل متنافسة وإدارة ظهورنا عن أفقر الدول، لن يؤدي إلى الازدهار ولا إلى السلام..بوسع منظمة التجارة العالمية أن تلعب دورا محوريا من خلال توفير منتدى يتيح للدول التباحث حول خلافاتهم دون اللجوء إلى القوة، وهي تستحق الدعم في هذا المسعى”.
تتوقع منظمة التجارة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بـ2.8% هذا العام، بانخفاض 1.3% عن التوقعات السابقة البالغة 4.1%. وقالت المنظمة إن نمو الناتج المحلي الإجمالي لابد أنه سيزيد إلى 3.2% في عام 2023، وهو قريب من معدل متوسط يبلغ 3% في العقد السابق للوباء.
على الرغم من أن الحرب في أوكرانيا، وما ترتب عليها من فرض عقوبات ضد روسيا سيكون لها تأثير ملموس على النمو العالمي هذا العام، إلا أن التدفقات التجارية تستقر بالفعل مرة أخرى في شكل أحدث تاريخيا.
على مدى العامين الماضيين، كانت التجارة العابرة للحدود بمثابة رياح مواتية مفاجئة للاقتصاد العالمي، مدفوعة إلى حد كبير بواردات السلع الأمريكية القياسية المرتفعة من آسيا.
ومع ذلك، فإذا صدقت التوقعات الأخيرة لمنظمة التجارة العالمية، فإن مسار نمو التجارة يعني أنها ستنخفض مرة أخرى إلى نطاق 1% -3%، والذي استمر خلال العقد الذي تلا الأزمة المالية العالمية.
على الرغم من أن مثل هذه العودة إلى المسار ليست النتيجة المثالية بالنسبة إلى مسؤولي منظمة التجارة العالمية، لكنها تظل بعيدة كل البُعد عن توقعاتهم الأولية الكارثية في عام 2020، والتي كانت تشير إلى أن الوباء قد يتسبب في أكبر انهيار للتدفقات التجارية الدولية في فترة ما بعد الحرب. وللحيلولة دون حدوث ذلك، بادرت الحكومات بسنّ حِزم إنفاق مالي ضخمة وسياسات تيسير نقدية ساعدت في تخفيف الصدمة.
اضطرابات الإمداد
تراجعت تجارة البضائع عالميا بـ5% فقط في عام 2020، أي أقل بكثير من توقعات منظمة التجارة العالمية الأولية بشأن أسوأ حالة انخفاض بـ32%، والتي كانت من الممكن أن تُنافس الكساد الكبير، قبل أن تعاود النمو بـ9.8% في عام 2021.
ساهم استهلاك السلع المادية، المدعوم بالتحفيز العام الماضي، في تحقيق انتعاش قوي للواردات خلال عام 2021، لكن اضطرابات الإمدادات وعودة ظهور متحورات للفيروس أدّت إلى فرض حالات إغلاق متدرجة، والتي عرقلت بدورها الاقتصادات من العودة إلى سرعتها القصوى.
ستظل الاضطرابات التجارية هذا العام تُشكل عبئاً على الإنتاج، نظراً لأن الغزو الروسي تسبب في اضطراب أسواق السلع الأساسية، مثل النفط والصلب والألمنيوم والأسمدة والحبوب.
وفقا لمديرة المنظمة “إيويالا” فإن: “ضعف الإمدادات وارتفاع أسعار المواد الغذائية يعنيان أن فقراء العالم قد يُضطرون إلى الاستغناء عنها. يجب ألا يُسمح لهذا الوضع أن يحدث. هذا ليس وقت الانغلاق على الذات”.
تزامنا مع ذلك، فإن التعامل الصارم من قبل بكين ضد تفشي فيروس “كوفيد” يهدّد بإبطاء النمو والصادرات من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأضافت منظمة التجارة العالمية: “عمليات الإغلاق في الصين لمنع انتشار كوفيد – 19 تُعطّل التجارة المنقولة بحرا مرة أخرى، في وقت بدا فيه أن ضغوط سلسلة التوريد تتراجع.. يمكن أن يؤدي هذا إلى نقص متجدّد في مُدخلات التصنيع وارتفاع التضخم”.