التأمين الصحى الشامل

التأمين الصحى الشامل
المال - خاص

المال - خاص

7:01 ص, الأربعاء, 2 مارس 22

محمد ناصر*

مما لا شك فيه أن صحة المواطنين ورعايتهم الطبية من أهم عناصر الدولة وأولوياتها فى تلك الفترة، والتى تشهد طفرة ونهضة حقيقية فى جميع المجالات، وقد أوْلت الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا نحو توفير جميع الخدمات الصحية لمواطنيها. وفى سبيل ذلك أصدر المشرع المصرى قانون نظام التأمين الصحى الشامل رقم 2 لسنة 2018 والذى يضمن تقديم جميع الخدمات الصحية والرعاية الطبية بكل مستوياتها بأعلى جودة دون تفرقة أو تمييز بين جميع طبقات المواطنين المقيمين داخل جمهورية مصر العربية طبقًا لمعايير وممارسات منظمة الصحة العالمية، بل يتيح توفير تلك الخدمات كذلك للمصريين العاملين بالخارج والمقيمين مع أُسرهم بالخارج.

ويعدّ نظام التأمين الصحى الشامل من أكبر المشروعات الصحية القومية التى أنشأتها الدولة لتطوير القطاع الصحى وخدمات الرعاية الطبية فى مصر، كما يعد أكبر ضمان لعلاج كل أفراد الأسرة المصرية بخدمة مميزة وجودة عالمية، بالإضافة إلى إعطائهم الحق فى اختيار مقدمى الخدمة الصحية؛ والذى يتصدر أولويات مطالب المواطن فى مصر.

وضمانًا لتطبيق القانون بالشكل الأمثل، فقد نص قانون التأمين الصحى الشامل ولائحته التنفيذية على تأسيس ثلاث هيئات مستقلة تكون مسئوليتها ضمان التطبيق الأمثل للقانون والوصول إلى المراد من إصداره. وهذه الهيئات هي:

1. الهيئة العامة للرعاية الصحية، والتى تخضع للإشراف العام للوزير المختص بالصحة.

2. الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل، والتى تخضع للإشراف العام لرئيس مجلس الوزراء.

3. الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، والتى تخضع للإشراف العام لرئيس جمهورية مصر العربية.

وتمثل هذه الهيئات مثلًا فى مفهوم منظومة العمل المتكاملة والمكملة لبعضها، إذ تختص كل من تلك الهيئات بوظيفة مستقلة، ولكنها مكملة لوظائف الهيئتين الأخريين، حيث تعمل الهيئات الثلاث جاهدةً لضمان الحوكمة الرشيدة والتطوير المستمر لنظام التأمين الصحى الشامل وكفاءة إدارة الموارد وتوفيرها للتأكد من تقديم أفضل الخدمات والرعاية الصحية الشاملة للمواطنين بما يتفق مع أهداف الدولة وتحقيق التنمية المطلوبة لرؤية مصر 2030.

ومن المقرر أن تبلغ تكلفة المشروع الإجمالية ما بين 80 إلى 120 مليار جنيه مصرى، وتعدّ هذه الأموال بمثابة خير استثمار من الدولة المصرية، إذ تتقدم الدول وتنهض بعمل مواطنيها، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تمتع مواطنيها بصحة جيدة تمكِّنهم من العمل والجهد، فضلًا عما تمثله المجهودات المبذولة من الدولة فى هذا الإطار من عنصر جذب للمستثمرين الأجانب والمصريين على حد سواء لضخ استثماراتهم فى الدولة والاعتماد على سوق العمل المصرية، وخاصة الشركات العالمية والتوكيلات وهيئات التصنيع ليقوموا بالاعتماد على الأيدى العاملة المصرية بما تتمتع به من مظلة تأمينية تضمن حسن سير العمل.

وفى ذلك الإطار فقد بدأ تطبيق القانون بالفعل بدايةً من نوفمبر 2019 فى 6 محافظات، ومن المقرر أن يستغرق تطبيقه 15 عامًا حتى إتمام تغطية جميع المحافظات فى مصر طبقًا لما حددته اللائحة التنفيذية للقانون، والمقسَّمة كالآتي:

المرحلة الأولى: بورسعيد، والسويس، وجنوب سيناء، وشمال سيناء، والإسماعيلية.

المرحلة الثانية: أسوان، الأقصر، قنا، مطروح، والبحر الأحمر.

المرحلة الثالثة: الإسكندرية، البحيرة، دمياط، سوهاج، وكفر الشيخ.

المرحلة الرابعة: أسيوط، الوادى الجديد، الفيوم، والمنيا، وبنى سويف.

المرحلة الخامسة: الدقهلية، الشرقية، الغربية، والمنوفية.

المرحلة السادسة: القاهرة، الجيزة، والقليوبية.

وتُولى القيادة السياسية اهتمامًا بالغًا بسرعة ودقة تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، باعتباره إحدى أدوات إصلاح القطاع الصحى فى مصر، حيث أصدر سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى تكليفًا مباشرًا لرئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل لضغط الجدول الزمنى، والانتهاء من تنفيذ المشروع خلال 10 سنوات فقط. لسرعة المساهمة فى توفير حياة كريمة للمواطنين ترتكز على التنمية البشرية بأهم محاورها؛ وهو صحة المواطن المصرى.

ومن منظور آخر فإن هذا المشروع القومى يؤدى بشكل مباشر إلى زيادة الاستثمارات المحلية أو الأجنبية فى قطاع الرعاية الصحية، أو يحثّ المستثمرين الحاليين على ضخ المزيد من رءوس الأموال فى مشروعاتهم القائمة بهدف زيادة الكفاءة ومواكبة التطور الذى تقوم به الدولة تجاه هذا القطاع الهام.

* مؤسس شركة محمد ناصر وشركاه للمحاماه والاستشارات القانونية