التأمينات الاجتماعية في الحياة العصرية ضمانات تحمي رأس المال البشري (دراسة مدعمة بالبيانات)

ويؤدي إلى آثار إيجابية على الإنتاج الوطني

التأمينات الاجتماعية في الحياة العصرية ضمانات تحمي رأس المال البشري (دراسة مدعمة بالبيانات)
إبراهيم الهادي عيسى

إبراهيم الهادي عيسى

4:59 م, الأربعاء, 3 يوليو 24

تلعب أنشطة التأمين دورا مهما في الحياة الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة، فهي من بين العوامل الأساسية للنظام الاقتصادي وجزء لا غنى عنه في حياة الأفراد والمؤسسات، وعلى المستوى النفسي، يخفف التأمين الصحي من الخوف من فقدان الوظيفة بسبب المرض أو العجز، وعلى الصعيد الاقتصادي، يمكن أن يؤدي فقدان الوظيفة إلى الحرمان والفقر.

وتلعب أنظمة الضمان الاجتماعي دورا جوهريا وفعالا في بناء المجتمع واستقراره ودعمه اقتصاديا، بينما أصبحت ضرورة لا غنى عنها في حياة الأفراد والمجتمعات، ولا يوجد لها بديل، علاوة على ذلك، فهي تمثل ظاهرة صحية وعلاجا اجتماعيا فعالا أثبت نجاحه في بناء مجتمع سليم ومعافى.

تبحث “المال” في تأثير الضمان الاجتماعي على تحقيق الرفاهية الاجتماعية والأمن والطمأنينة لمستفيديه، ويتم ذلك من خلال مراجعة الدراسات التي أجراها باحثون في هذا المجال.

والجراف التالي يبين حقوق حملة الوثائق بشركات التأمين (عام وخاص) للعام المالي 2021/2022، وفق بيانات “الرقابة المالية”:

التأثير الإيجابي للضمان الاجتماعي على حياة الأفراد

كشفت دراسة أجراها عبد الرحمن شداد، حصلت عليها “المال”، أن أنظمة الضمان الاجتماعي تعمل كعلاج نفسي للمخاوف والأمراض التي تصيب العمال وتلحق بهم، ويتحقق ذلك من خلال تعويضات الضمان الاجتماعي أو معاشات التقاعد التي يوفرها الضمان الاجتماعي، سواء لهم أو لأسرهم من بعدهم، بالإضافة إلى تغطية علاجهم في حالة إعاقة العمل.

وأشارت الدراسة إلى أن أسرة العامل قد تتحمل أعباء مالية يحتاجون إليها، خاصة إذا كانت تلك الأسرة فقيرة وغير قادرة على تحمل النفقات، وهذا يضعف الروابط الأسرية بين أفراد الأسرة، وفي هذا السياق، يلعب الضمان الاجتماعي دورا في تعزيز وتقوية الروابط الأسرية بين الآباء والأبناء، حتى لا يدمر الفرد نفسه ومعنوياته أكثر من شعوره بأنه لم يعد مفيدا لأحد.

وتظهر الدراسة أن الضمان الاجتماعي، من خلال دوره كوسيط عادل بين العمال وأصحاب العمل، يعمل على تقوية وتوطيد العلاقات العمالية، من خلال تحصيل الاشتراكات المستحقة من العامل وصاحب العمل، والتي يتم دفعها بعد ذلك للعمال عند استيفاء شروط الاستحقاق، وهذا يمنع الخلافات بين العامل وصاحب العمل.

ويوضح الباحث أن هذا النوع من التأمين يشجع العمال في سوق العمل على الكشف عن أماكن عملهم وأصحاب العمل وطبيعة المهام التي يقومون بها، وهذا يساهم في تكوين صورة أوضح للقطاع الخاص، كما أنه يدفع أصحاب العمل إلى أن يكونوا أكثر ثقة وشفافية بشأن مستويات الأجور، خاصة في ضوء العدد المتزايد من العمال الذين يتعين على أصحاب العمل الكشف عنهم.

ويوضح أن الضمان الاجتماعي يلعب دور الضمان، من خلال توفير تعويض مناسب أو تخصيص معاش تقاعد، وهذا يضمن حياة كريمة للعمال لبقية حياته، من خلال معاش التقاعد الذي يتقاضاه.

وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:

خلق فرص عمل وتنمية اقتصادية

وقد تناولت دراسة محمد جودت الشاعر، الضمان الاجتماعي باعتباره أداة فعالة في دعم الاقتصاد الوطني بسبب ارتباطه بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويتحقق ذلك من خلال زيادة المدخرات الوطنية، حيث تمثل الاشتراكات في هذا النوع من التغطية مصدرا مهما للادخار الوطني يمكن استخدامها لتمويل مشاريع التنمية والاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية، مثل البنية التحتية والصناعة والزراعة، وهذا يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي.

وأشارت أطروحة الدكتوراة للباحث التي قدمت بجامعة المنصورة إلى أن الضمان الاجتماعي يحمي القوة الشرائية للعمال، بينما تساعد استحقاقات الضمان الاجتماعي، مثل معاشات التقاعد الشيخوخة ومعاشات التقاعد المبكر بسبب الإعاقة وتعويضات البطالة، على حماية القوة الشرائية للعمال وأسرهم، خاصة خلال فترات الأزمات الاقتصادية، وهذا يساهم في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والحد من الفقر، كما أنه يحقق العدالة الاجتماعية والمساواة من خلال توفير شبكة أمان للفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، مثل كبار السن والمعاقين والعاطلين عن العمل.

وكشفت الدراسة أن أنظمة الضمان الاجتماعي تساهم في تنمية رأس المال البشري من خلال تحفيز العمال على الاستثمار في تعليمهم وتدريبهم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاجية والتنافسية في الاقتصاد، علاوة على ذلك، يمكن أن يكون بمثابة منصة لتعزيز الحوار الاجتماعي والشراكة الثلاثية بين الحكومات وأصحاب العمل والعمال، وبناء توافق في الآراء حول السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وهذا يساهم في مجتمع أكثر شمولية وديمقراطية.

وأشارت الدراسة إلى أن الضمان الاجتماعي يحمي القطاع الخاص من الأزمات المالية الناجمة عن الالتزام بدفع تعويضات لموظفيه أو تلبية حقوقهم القانونية، بينما يحل الضمان الاجتماعي محل صاحب العمل في الوفاء بالالتزامات التي يضطر إلى دفعها للعمال، ويتم نقل عبء مكافأة نهاية الخدمة وإصابات العمل والأمراض المهنية والإجازة المرضية والعلاج في حالات الإصابة من صاحب العمل ويتحمله الضمان الاجتماعي، وبالتالي، لا مجال للخلافات بين العمال بشأن الحصول على حقوقهم.

وأكدت دراسة الشاعر أن الضمان الاجتماعي يحمي صاحب العمل من الإفلاس في حال اضطراره إلى دفع مكافأة نهاية الخدمة أو تعويض الصرف عن العمل لعدد كبير من العمال أو غيرهم، وفي هذه الحالة، يتشارك مع عماله في صناديق الضمان الاجتماعي، حيث يخفف الضمان الاجتماعي الأعباء المالية والالتزامات الملقاة على عاتق الدولة لتقديم المساعدة للمحتاجين ويرفع مستوى معيشة الأفراد من حولهم.

ويمكن الاطلاع على كامل الإطار النظري لدراسة الشاعر من هنا:

ويحمي الضمان الاجتماعي المجتمع من الفساد والتفكك من خلال توفير التأمين على الشيخوخة والإعاقة والوفاة الطبيعية وإصابات العمل، كما يلعب دورا مهما في الحفاظ على القوى العاملة الماهرة من خلال توفير العلاج للمصابين على نفقته الخاصة، ما يسمح لهم بالعودة إلى سوق العمل بسرعة للقيام بدورهم الوطني في تنمية المجتمع، وهذا يحمي رأس المال البشري ويؤدي إلى آثار إيجابية على الإنتاج الوطني الناشئة عن زيادة قدرة العمل الفردية.