التأمينات الاجتماعية...القنبلة الموقوتة

التأمينات الاجتماعية...القنبلة الموقوتة
جريدة المال

المال - خاص

2:37 م, الأحد, 25 أغسطس 13

هشام توفيق

المال – خاص :

بعد ثورة 25 يناير 2011
بشهور قليلة تم فصل حقيبة التأمينات الاجتماعية عن وزارة المالية، كما تم
تجميد قانون التأمينات الاجتماعية الجديد رقم 135 لعام 2010 والذى كان
يفترض بدء تطبيقه فى يناير 2012. وقد تم بعد أيام قليلة من تشكيل وزارة
الدكتور الببلاوى اعتماد مجلس الوزراء اقتراح وزير التضامن الاجتماعى
بإلغاء القانون الذى تمت تسميته « قانون يوسف بطرس غالى» وهو ما كان، فى
اعتقادى، سببا كافيا جداً لاتخاذ هذا القرار فى المجلس بعد الحملة
الإعلامية التى تم شنها على مدى عامين، والتى روجت زورا قيام وزارة المالية
بقيادة الوزير الأسبق بـ«أكل فلوس الغلابة». ولكونى مراقبا لمشكلة
التأمينات منذ 1999 والمسئول الرئيسى عن إعداد مشروع القانون 135 لعام 2010
خلال الأعوام 2005-2007 حيث تشرفت بالعمل كمستشار لوزير المالية العظيم
د.يوسف بطرس غالى، فقد رأيت لزاما علىّ شرح خطورة إلغاء القانون واستمرار
العمل بالقوانين الحالية آملا فى تدارك الأمر قبل اعتماد السيد رئيس
الجمهورية لإلغاء القانون.

وكنت قد قمت بعمل دراسة بسيطة فى عام
2012 عن موقف المالية العامة للدولة فى حال إلغاء القانون الجديد واستمرار
العمل بالنظام الحالى، وأضع تلك الدراسة تحت تصرف كل من رئيس الوزراء
ونائبه للمجموعة الاقتصادية ووزير المالية، وإذ أعتذر عن عدم تحديث الدراسة
لعام 2012، إلا أن الوضع إن تغير فهو بالتأكيد للأسوأ.

الوضع الحالى (فى 30/6/2011):

بلغ
إجمالى أصول الصندوقين (صندوق العاملين بالجهاز الحكومى وصندوق العاملين
فى القطاعين العام والخاص) فى 30 يونيو 2011 مبلغ 463 مليار جم موزعة
كالتالى:

212 مليار جم فى سندات خزانة تغل عائدا قدره %8 سنويا (يعاد التسعير 2012)

25 مليار جم فى أذون خزانة تغل عائدا متغيرا (حاليا بين 10-%12).

71 مليار جم فى ودائع مصرفية معظمها فى بنك الاستثمار القومى.

10 مليار جم فى أسهم وصناديق استثمار محلية.

145 مليار جم مديونية طرف وزارة المالية وهى ليست مدرجة فى الدين المحلى لوزارة المالية، وبالتالى لا تدفع عنها الوزارة عائدا.

على
جانب الإيرادات السنوية، بلغ إجمالى اشتراكات المؤمن عليهم فى الصندوقين
خلال العام 2010/2011 حوالى 30.8 مليار جم، كما بلغ إجمالى عوائد الاستثمار
للصندوقين 25.4 مليار جم، أى أن إجمالى إيرادات الصندوقين بلغ 56.24 مليار
جم، بالنسبة للاستخدامات فقد بلغ إجمالى المزايا (معاشات وتعويضات)
المصروفة فى العام نفسه للمستفيدين فى الدولة (متضمنة المعاشات العسكرية
والمعاشات الخاصة) والمصروفات الإدارية مبلغ 52.6 مليار جم، معنى هذا أن
هناك فائضا جاريا للعام 2010/2011 قدره 3.6 مليار جم وهذا للأسف فائض نظرى
تحقق فقط بسبب قيام الصندوقين بتسجيل مديونية على وزارة المالية فى هذا
العام قدرها 24 مليار جم.

المستقبل:

لتخيل الموقف المالى للصندوقين فى حال استمرار النظام الحالى، تم الأخذ ببعض الافتراضات الرئيسية نلخصها فيما يلي:

الاعتراف بدين وزارة المالية وقدره 145 مليار جم، وبدء دفع عوائد عليه بدءا من 2011/2012.

تحقيق متوسط عائد %8 سنويا على أصول الصندوقين.

إغلاق الصندوقين على المشتركين الحاليين وثبات الحد الأقصى للأجر التأمينى الحالى (1925 جم شهريا).

زيادة كل من الأجور(مع الأخذ فى الاعتبار الحد الأقصى المذكور عاليه) والمزايا بواقع %10 سنويا.

تؤكد
نتائج الدراسة أنه على الرغم من تحصيل الصندوقين كامل مديونياتهما طرف
وزارة المالية وتحقيقهما عائدا معقولا على كل أصول الصندوق (475 مليارا
متوقعة فى 2011/2012)، فإن الفوائض السنوية الجارية للصندوقين لن تدوم إلا
لسنوات قليلة حيث سيبدأ النظام لأول مرة تحقيق عجز يتوقع أن يبلغ 5 مليارات
جم فى 2015 ينمو بسرعة ليصل إلى 94 مليار جم عام 2021 و341 مليار جم فى
2031. كما يتوقع أن يفقد الصندوقان كل أصولهما بحلول عام 2023 لينتقل عبء
سداد التزاماتهما المتنامية لوزارة المالية.

فإذا تطلعنا أربعين سنة
فى المستقبل (وهذا ليس ببعيد عند الحديث عن نظم تأمينات) وافترضنا استمرار
العمل بالقانون الحالى، نجد أن العجز المتوقع المطلوب من المالية العامة
للدولة تحمله حينئذ سيكون فى حدود 1431 مليار جم أو ما يمثل %10.6 من
الناتج القومى الإجمالى عام 2050/2051 وذلك بافتراض معدل نمو اقتصادى قدره
%6 سنويا.

وأخيرا للقراء غير القادرين على هضم تلك الأرقام (و العذر
لهم) أؤكد ببساطة أن الاستمرار بالقانون الحالى هو ليس خيارا قائما، كما
أن أى محاولة لإصلاحه لن تفيد وستؤدى قطعا إلى انهيار المالية العامة فى
سنوات قليلة، حيث إن نسبة العجز فى المالية العامة تتعدى حاليا الـ%10 من
الناتج القومى، كما أن إجمالى الدين على الدولة (حتى دون الـ145 مليار جم)
يقترب من نسبة %100 وهما نسبتان تشيران إلى قربنا من حافة الهاوية.

اللهم قد بلغت اللهم فاشهد

جريدة المال

المال - خاص

2:37 م, الأحد, 25 أغسطس 13