البورصات العربية بين الاستقرار والتذبذب مع توقعات بتحسن تدريجى

الطاقة تواصل تصدر القطاعات وفقا لقيم التداول.. والاستثمارات تتجه نحو الصحة والخدمات المالية

البورصات العربية بين الاستقرار والتذبذب مع توقعات بتحسن تدريجى
ياسين محمد

ياسين محمد

12:20 م, الأثنين, 30 سبتمبر 24

شهدت البورصات العربية خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2024 أداءً متباينًا يعكس الظروف الاقتصادية والجيوسياسية التى تمر بها المنطقة، بينما حققت بعض الأسواق مكاسب كبيرة، مثل بورصة دمشق التى تصدرت الأداء بارتفاع ملحوظ بلغ %34.7، و«المصرية» التى سجلت مكاسب بلغت %23.6، وتراجعت بورصات أخرى بشكل لافت، مثل بورصة فلسطين التى خسرت %15.3 نتيجة التوترات السياسية.

ويأتى هذا التفاوت فى الأداء وسط تحديات اقتصادية عالمية، مثل ارتفاع معدلات التضخم، تقلبات أسعار النفط، والتأثيرات المباشرة للسياسات النقدية الدولية.

ورغم ذلك أظهرت بعض الأسواق استقرارًا نسبيًا بفضل الإصلاحات الاقتصادية المحلية، مثل بورصتى دبى وأبوظبى، مما ساعد على تعزيز ثقة المستثمرين وجذب المزيد من الأموال.

وقال إيهاب رشاد نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية إن البورصات العربية شهدت أداءً متباينًا خلال الفترة من يناير حتى أغسطس 2024، متأثرة بعدة عوامل محلية وإقليمية وعالمية، مضيفًا أن هذه العوامل كان لها تأثير كبير على توجهات الأسواق واستثماراتها.

وأشار رشاد إلى أن أسعار النفط تُعد من المحركات الرئيسية لأداء بورصات الخليج، حيث تؤثر بشكل مباشر على أداء الشركات النفطية والقطاعات المرتبطة بها.

كما أوضح أن السياسات النقدية العالمية، وخاصة قرارات البنوك المركزية مثل الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بشأن أسعار الفائدة، أثرت على تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى المنطقة.

وأضاف رشاد أن الأحداث الجيوسياسية المتوترة فى المنطقة والعالم زادت من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين، مما انعكس على الأداء العام للبورصات، موضحًا أن الأداء الاقتصادى المحلى كان له دور كبير فى تحديد مسار الأسواق، حيث لعب نمو الناتج المحلى الإجمالى ومعدلات التضخم فى الدول العربية دورًا محوريًا فى هذا الصدد.

وأشار إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التى تبنتها العديد من الدول العربية ساهمت فى زيادة جاذبية هذه الأسواق للمستثمرين.

وأوضح رشاد أن بورصات الدول العربية سجلت أداءً متفاوتًا خلال هذه الفترة، حيث شهدت بورصة السعودية أداء متذبذبًا نتيجة لتأثير أسعار النفط والجهود الحكومية لتنويع الاقتصاد، أما بورصتى دبى وأبوظبى فقد حققتا أداءً قويًا بدعم من قطاعى العقارات والسياحة، فى حين شهدت بورصة قطر أداء ضعيفًا نتيجة لانخفاض قيم التداولات.

وأشار إلى أن بورصة مسقط سجلت أداء معتدلًا نتيجة للإصلاحات الاقتصادية مقارنة ببقية البورصات الخليجية، أما بورصة الكويت فقد شهدت أداءً متباينًا متأثرة بأسعار النفط والتطورات السياسية، وقال رشاد إن بورصة مصر تأثرت بالأوضاع الاقتصادية والسياسية وشهدت تذبذبًا واضحًا خلال الفترة الماضية.

وتوقع رشاد استمرار التعافى التدريجى فى بورصات الخليج مدعومة بتوقعات خفض الفائدة، والذى سيدعم النمو الاقتصادى العالمى، مضيفًا أن التنوع الاقتصادى سيظل على رأس أولويات الحكومات العربية، مما يفتح فرصًا جديدة فى قطاعات مثل التكنولوجيا والخدمات المالية، وذلك حتى نهاية العام.

قال حسام إبراهيم خبير أسواق المال إن أسواق الخليج تشهد حاليًا حالة من التذبذب والتحرك العرضى، حيث يجد المستثمرون صعوبة فى تحديد اتجاه واضح،مضيفًا أن هناك بعض الاختلافات فى الأداء بين الأسواق، ولكن السمة العامة الحركة الجانبية.

وأشار إبراهيم إلى أن السوق السعودى “مؤشر تاسي” يتحرك بشكل عرضى منذ بداية العام، متوقعًا وجود ضغوط بيعية قد تدفع المؤشر نحو مستويات أدنى عند 11713 ثم 11560 نقطة، مضيفًا أن السيناريو السلبى سيظل قائمًا طالما ظل المؤشر يتداول دون مستوى 12040.

وأوضح إبراهيم أن “سوق أبوظبي” ومؤشر فوتسى العام تتحرك بين قمة العام عند 9858 نقطة وقاع مايو عند 8709 ، مشيرًا إلى أن الاختراق لأى من هذين المستويين سيكون مفتاح الحركة المقبلة فى السوق.

وأشار إلى أن سوق دبى تعتبر الأفضل أداءً بين أسواق الخليج، لافتًا إلى وجود فرصة صعود للمؤشر إذا تمكن من اختراق مستوى 4406 نقطة بحجم تداول مرتفع.

وأوضح أن هذا الاختراق قد يؤدى إلى صعود المؤشر نحو 4500 و4600 نقطة، ونصح المستثمرين فى هذه الحالة برفع مستويات حماية الأرباح إلى 4340 نقطة.

وأضاف إبراهيم أن التذبذبات العالمية المتوقعة فى الفترة القادمة ستؤثر بشكل كبير على أسواق المال الخليجية.

وقال إبراهيم إنه ينبغى على المستثمرين الحاليين رفع مستويات إيقاف الخسارة لحماية الأرباح المحققة، بينما ينصح الجدد بالانتظار وعدم الدخول فى صفقات شراء جديدة حتى تظهر إشارات فنية إيجابية تؤكد تحول الاتجاه إلى صاعد.

حركة المؤشرات الرئيسية من يناير إلى أغسطس 2024

شهدت البورصات العربية منذ بداية العام وحتى أغسطس 2024 تفاوتاً ملحوظاً فى الأداء، حيث تأرجحت بين مكاسب كبيرة لبعض الأسواق وخسائر ملحوظة فى أخرى، وذلك وفقا للبيانات التراكمية الصادرة عن اتحاد أسواق المال العربية.

ووفقاً لحركة المؤشرات الرئيسية ، فإن السوق المالية العربية ككل حققت ارتفاعاً طفيفاً بمعدل %0.1 خلال الأشهر الثمانية من يناير إلى أغسطس 2024، بما يدل على استقرار نسبى رغم التحديات التى تواجه الاقتصاد العالمى.

وبرزت سوق دمشق للأوراق المالية كأكثر الأسواق العربية ربحية خلال الأشهر الثمانية، مسجلة ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة %34.7.

وفى المرتبة الثانية، جاءت البورصة المصرية بارتفاع بلغ %23.6، وهذا الأداء يعكس عودة الثقة للمستثمرين بعد الإجراءات الحكومية لتحفيز السوق وتحسين البنية التحتية الاقتصادية.

أما بورصة الدار البيضاء فقد سجلت مكاسب كبيرة أيضاً بنسبة %15.2، ما يؤكد استقرار الاقتصاد المغربى وزيادة الثقة فى السوق المحلية.

وبورصة تونس شهدت هى الأخرى تحسناً جيداً، إذ ارتفعت بنسبة %12.1، فيما سجلت سوق دبى المالى وبورصة الكويت مكاسب بنسبة %6.5 و%5.3 على التوالى، وكانت سوق مسقط قد ارتفع بنسبة %5.1، وعن تداول السعودية فقد ارتفع %1.5.

وعلى الجانب الآخر شهدت بعض الأسواق العربية تراجعات ملحوظة، حيث كانت بورصة فلسطين الأكثر خسارة بمعدل %15.3، و التراجع الكبير بسبب التوترات الجيوسياسية والاقتصادية التى تشهدها المنطقة.

أما بورصة بيروت سجلت انخفاضاً بنسبة %6.4، مما يعكس حالة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى المستمر فى لبنان، وتراجعت بورصة قطر بنسبة -%5.8، فيما انخفضت سوق العراق للأوراق المالية بنسبة %3.9.

وشهدت بعض الأسواق استقراراً نسبياً، مثل سوق أبو ظبى للأوراق المالية التى سجلت تراجعاً طفيفاً بنسبة -%1.2، وبورصتى عمان و البحرين اللتين شهدتا تراجعاً طفيفاً بنسبة %0.7 لكل منهما.

وتشهد الأوضاع السياسية والاقتصادية فى المنطقة العربية تبايناً ملحوظاً يعكس تأثيرات متعددة على الأسواق المالية، فى بعض البلدان مثل سوريا ومصر، وانعكست التحسينات السياسية والإجراءات الاقتصادية على الأداء الإيجابى للبورصات، مما يعكس جهود الدول فى تعزيز الثقة والاستثمار.

ومن جهة أخرى، تعانى بعض الأسواق من تأثيرات سلبية كبيرة نتيجة التوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار السياسى، كما هو الحال فى فلسطين ولبنان، حيث تسببت الظروف الراهنة فى تراجع ملحوظ فى أدائهما.

ويعكس التباين بين الاستقرار والنمو فى بعض الأسواق مقابل التحديات فى أخرى الصورة المعقدة للاقتصادات العربية وتفاعلها مع المتغيرات الإقليمية والدولية.

الطاقة تواصل تصدر القطاعات وفقا لقيم التداول.. والاستثمارات تتجه نحو الصحة والخدمات المالية

شهد توزيع القيمة السوقية بحسب القطاعات الاقتصادية تغيرات ملحوظة بين أغسطس 2023 والشهر ذاته من 2024، مما يعكس التحولات فى الطلب العالمى على الموارد، والتغيرات فى الأولويات الاستثمارية والاقتصادية.

ففى عام 2023، كان قطاع الطاقة هو المسيطر بشكل كبير على السوق، حيث استحوذ على نسبة %52.8 من إجمالى القيمة السوقية، وظل فى نفس المركز فى أغسطس 2024 ولكن بانخفاض ملحوظ إذ تراجعت حصته إلى %46.9، ويأتى الانخفاض بالتزامن مع التوجهات العالمية نحو مصادر الطاقة المتجددة وتراجع الاعتماد على الوقود الأحفورى، بالإضافة إلى تأثير السياسات الحكومية الجديدة التى تدعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة وتوصيات الـ COPS.

على الجانب الآخر، ارتفعت حصة القطاع المالى من %15.9 فى 2023 إلى %18.1 فى 2024، ويعكس هذا التوسع الاستثمار فى الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية التى أصبحت أكثر جاذبية خلال هذه الفترة.

وحافظ قطاع المنتجات الاستهلاكية غير الدورية على استقراره النسبى، حيث ارتفعت حصته قليلاً من %8.8 فى 2023 إلى %9.0 فى 2024، مما يعكس استمرار الطلب على السلع الأساسية التى لا تتأثر بالتقلبات الاقتصادية.

يذكر أن “المنتجات الاستهلاكية غير الدورية” هى فئة من الأسهم التى تعتمد بشكل كبير على دورة الأعمال والظروف الاقتصادية، مثل صناعات السيارات والإسكان والترفيه والتجزئة.

وشهد قطاع المرافق العامة ارتفاعاً طفيفاً إلى %5.8 وكان فى أغسطس 2023 قد سجل %5.1، وحقق «الموارد الأساسية» ثباتًا حيث سجل %5.9، بينما القطاع العقارى شهد نموًا طفيفًا، حيث ارتفعت حصته من %2.6 إلى %3.2، مما يشير إلى تحسن فى السوق نتيجة لزيادة الاستثمارات فى البنية التحتية والمدن الجديدة، وارتفعت حصة «الصناعات» إلى %2.5 وكانت فى أغسطس من عام 2023 %1.7.

من جهة أخرى، شهدت القطاعات الصغيرة مثل الخدمات الأكاديمية والتعليمية والمواد الاستهلاكية الدورية زيادة طفيفة %1.3 و%0.3، وكانتا قد سجلتا فى أغسطس العام السابق 1.2 و%0.2 على التوالى ، وهو ما يشير إلى استثمارات جديدة وارتفاع الطلب.

أما قطاع الرعاية الصحية فقد شهد ارتفاعًا من %1.3 إلى %1.9، وهو ما يعكس التوسع فى الاستثمار فى الصحة والخدمات الطبية نظرا لما شهدته من إقبال.

وتعكس هذه التغيرات الاقتصادية والتوجهات الاستثمارية الجديدة استراتيجيات متنوعة لتخفيف المخاطر وزيادة العوائد.