فى ظل معاناة قطاع الإنشاءات من تداعيات موجة الركود التى تعصف بالأسواق المحلية، جاءت زيارة الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية إلى الصين، والتى ضمت ممثلين عن قطاع المقاولات لتمنح بصيصًا من الضوء أمام النتائج الإيجابية التى قد تأتى من وراء الزيارة، ومدى قدرة الاتفاقيات الاقتصادية التى تبرمها مصر مع الدول الأخرى، على إنعاش قطاع المقاولات من خلال جذب الاستثمارات والتى ستحتاج بالتبعية إلى أصول وبنى تحتية مؤهلة لاستقطاب هذه الاستثمارات
.«
![]() |
المهندس نهاد رجب |
المال» حاورت المهندس نهاد رجب، رئيس مجلس إدارة الشركة الهندسية للصناعات والتشييد «سياك»، عضو مجلس إدارة لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال، أحد المشاركين فى وفد رجال الأعمال إلى الصين، للتعرف على مكاسب قطاع المقاولات من الزيارة، وما درجة اهتمام مؤسسات الدولة وعلى رأسها الرئاسة بقطاع الإنشاءات، وأفضل السبل للخروج من الأزمة التى تمر بها السوق حاليًا.
وشدد المهندس نهاد رجب على الانعكاسات الإيجابية لزيارة الرئيس محمد مرسى إلى الصين على الاقتصاد المصرى بصفة عامة وقطاع الإنشاءات والبنية التحتية بصفة خاصة، سواء كانت نتائج مباشرة أو غير مباشرة، لافتًا إلى أن الزيارة تناولت الاستعانة بالخبرات الصينية في بعض المشروعات القومية التي ستفتح آفاق عمل جديدة أمام شركات المقاولات وعلى رأسها مشروع شرق بورسعيد ومشروع تنمية الصعيد، وبعض مشروعات الطاقة، لا سيما فى ظل العجز الواضح، والذى يصل إلى 6 آلاف ميجا وات حاليًا ويصل إلى 12 ألفًا خلال 5 سنوات، علاوة على إمكانية استقطاب بعض التمويل الصينى لهذه المشروعات من خلال جذب نسبة جيدة من صندوق الصين للاستثمار فى أفريقيا، الذى يبلغ رأسماله 20 مليار دولار.
وأوضح أن الزيارة تناولت بحث مجالات التعاون فى مجال مواد البناء، لا سيما على صعيد شركات الأسمنت والتى تمتلك فيها الصين خبرات عريضة، وتجارب سابقة بالسوق المصرية، كما تطرقت الزيارة لحل المشكلات التى تعوق عمل بعض الشركات الصينية بالسوق المصرية، ولفت إلى أن الدكتور أسامة صالح، وزير الاستثمار والمناطق الحرة، يعمل بصورة مستمرة، لحل المشكلات التى تواجه الشركات.
ويرى أن أكبر المكاسب المترتبة على زيارة الصين هى الرسالة الإيجابية للعالم الخارجى عن استقرار السوق المصرية واستمرار جاذبيتها للاستثمارات الخارجية، ملمحًا إلى أن اندماج السياسة مع الاقتصاد وإشراف رجال السياسة والدبلوماسية على الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية يضفى مزيدًا من الثقة والجدية على بروتوكولات التعاون.
وقال إن هذه المشروعات القومية ستعمل على تشغيل العمالة وخفض نسبة البطالة وهو ما سينعكس بصورة مباشرة على حياة الجماهير واتجاهات الرأى العام من خلال رفع مستوى المعيشة وتوفير الخدمات العامة، علاوة على مساعدة ذلك على عودة الروح لقطاع التصدير، موضحًا أن الحالة الاقتصادية العامة للدولة بدأت فى التحسن الملحوظ وانعكس ذلك بوضوح على مؤشرات البورصة التى استعادت جزءًا كبيرًا من أرباحها.
ونوه بأن الرئاسة والفريق الاستشارى لديهم رؤية واضحة لجذب الاستثمارات، ولكن القطاع الخاص يلعب دورًا محوريًا فى نجاح هذه الرؤى والمخططات، فالمستثمر الأجنبى لن يأتى للسوق المحلية، إلا إذا استشعر باستقرار وربحية المستثمر المحلى، داعيًا إلى ضرورة تقليل الإضرابات العمالية والاعتصامات الفئوية والتى تعطل عجلة الإنتاج والاستثمار، موضحًا أن ذلك يعنى ضياع حقوق العاملين، وطالب رجال الأعمال بضرورة الوفاء بتعهداتهم للعاملين.
وقلل من خطورة اقتحام شركات المقاولات الصينية السوق المحلية، موضحًا أن شركات المقاولات المحلية أعلى تنافسية من نظيرتها الصينية، وكذلك العمالة المصرية التى ما زالت الأكفأ من الصينية، إلا أن الأخيرة أقل تكلفة، وأكثر إنتاجًا والتزامًا بالعمل.
وعلى صعيد قطاع المقاولات المحلى قال المهندس نهاد رجب، إن السوق تعانى ندرة واضحة فى الأعمال المطروحة على شركات المقاولات أدت بالتبعية إلى تزايد المنافسة، لا سيما فى شريحة المشروعات التى لا تحتاج لمستويات تنفيذ مثالية، خاصة مع تغير أولويات وأهداف الشركات خلال الفترة الانتقالية التى نمر بها، فبعد أن كانت الشركات تضع تعظيم هامش الربح على رأس أولوياتها أصبحت تهدف بشكل رئيسى إلى الحفاظ على حجم العمالة عندها وسمعتها فى القطاع حتى لو تطلب الأمر التنازل عن نسبة كبيرة من الأرباح.
وأوضح أن قطاعات البنية التحتية سواء على صعيد المرافق أو المشروعات الصناعية تعد أحسن حالاً من نظيرتها لأنه يصعب انتشار ظاهرة حرق الأسعار فى هذه المشروعات نتيجة محدودية الشركات التى تنافس فى هذا المجال، موضحًا أن هذه النقطة تعد أبرز أسباب رفض الشركة الهبوط بمستوى المشروعات التى تبحث عنها، لأن المشروعات التقليدية ستزيد فيها فرص نجاح شركات مقاولات أخرى نتيجة انخفاض مصروفاتها الإدارية، وهو ما سيجبر «سياك» على حرق الأسعار لضمان الفوز بهذه المشروعات وهو ما ترفضه الشركة، فى ظل استهدافها مستوى جودة معين، وتسليم الأعمال فى المواقيت المتفق عليها.
![]() |
المهندس نهاد رجب لـ المال |
وانتقد رئيس مجلس إدارة سياك، بقوة طريقة طرح المشروعات بنظام الإسناد المباشر، أيًا كانت المبررات، موضحًا أن هذه الظاهرة تضر بالقطاع وتمنح الشركات التابعة للقطاع العام إحساسًا بعدم وجود المنافسة وضمان فوزها بالمشروعات، علاوة على أضرارها المالية، خاصة فى ظل العجز الواضح فى الموازنة العامة للدولة، فنظام المناقصة العامة يضمن تنفيذ المشروع المطروح بأقل سعر وأفضل جودة.
ويرى أنه من الأفضل أن تتجه الدولة لطرح مشروعات البنية التحتية على شركات المقاولات بنظام الـ«P.P.P» لسد العجز الواضح فى الموازنة العامة للدولة، خاصة فى ظل الاحتياج الشديد لبعض المرافق وعلى رأسها محطات الكهرباء، موضحًا أن على الدولة الانتهاء أولاً من تعديل اللائحة التنفيذية المنظمة لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص حتى تضمن الدولة أسعار الخدمة المقدمة، وضمانات الدفع، وكشف فى هذا الإطار عن تنسيق الشركة مع عدد من التحالفات «Consortiums».
يذكر أن وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية أفصحت عن دراسة بالتعاون مع وزارتى البيئة والتعليم العالى والمحافظات لطرح 5 مشروعات جديدة بنظام المشاركة مع القطاع الخاص تزيد تكلفتها الاستثمارية على 12 مليار جنيه تشمل مشروعًا بالتعاون مع وزارة البيئة لتحويل القمامة إلى طاقة كهربائية، وذلك فى أربع محافظات هي: القاهرة، والإسكندرية، ومحافظة فى الدلتا، وأخرى فى الصعيد، تمهيدًا لتعميم المشروع على محافظات الجمهورية الأخرى، وإنشاء الجامعة الإيطالية بمدينة العبور، وتطوير وتوسيع ميناء سفاجا الصناعى، بحيث يضم أنشطة جديدة بخلاف تصدير مادة الفوسفات الخام والفوسفات المصنع وتصدير واستيراد الغلال وصيانة وإصلاح السفن، وطرح مستشفيين بجامعتى عين شمس، وقناة السويس.
وقال إن الأسواق الخارجية فى الوقت الحالى، تمثل خيارًا استراتيجيًا بالنسبة للشركات التى تستطيع المنافسة فى الأسواق العالمية لتعويض تراجع حجم الأعمال المحلى، موضحًا أن على شركات المقاولات عدم انتظار الدعم السياسى والدبلوماسى طويلاً، فأكثر ما يهم شركة المقاولات هو حسن العلاقات السياسية بين البلدين وبعدها تأتى القدرات الفنية للشركات من حيث الكفاءة وقدرتها على المنافسة فى الأسواق الخارجية، ومدى قدرة العمالة على إثبات وجودها هناك، بالإضافة إلى وجود تسهيلات فى خطابات الضمان، وإذا توافرت هذه العناصر فإن عملية اقتحام السوق الخارجية ستكون ناجحة تمامًا، وفى المقابل فإن الزيارات الرسمية لن تستطيع بمفردها حجز حجم أعمال للشركات المصرية إذا لم تثبت الشركات قدرتها على المنافسة.
وأضاف أن موضوع الأسواق الخارجية يؤكد ضرورة الاهتمام بالتدريب والتعليم للعاملين بقطاع الإنشاءات لرفع مستواهم الفنى وتحسين إمكانياتهم، مشيرًا إلى أن هذه الجزئية لن تتحقق إلا إذا اقتنع الجميع بأهمية التدريب وعلى رأسهم العاملون أنفسهم.
وأوضح نهاد رجب أن شركته لا تمتلك أى أعمال مشتركة تدخل فيها الدولة بمؤسساتها وهيئاتها كجهة إسناد، وبالتالى لا توجد أى مستحقات متأخرة لدى الدولة.
وشدد على ضرورة تعديل العقود الهندسية المبرمة بين شركات المقاولات وجهات الإسناد، وإتاحة مساحة من الحوار فى صياغة العقود بين الطرفين للوصول إلى عقد متوازن يخدم مصالح الطرفين ويضمن حقوقهما.
ولفت إلى أن الخروج من الأزمة التى يمر بها القطاع حاليًا، تبدأ بطرح مشروعات بقطاع البنية التحتية والإسكان فى الفترة الحالية، سواء كان بتمويل داخلى أو خارجى، موضحًا أن وجود المشروعات واستمرارية طرح أعمال جديدة يحافظ على المنظومة العقارية بجميع عناصرها.